حكاية تحتوي على لمحةٍ من الحقيقة
«حكاية؟ حسنًا. سأحكي لكِ حكاية. لكنكِ لن تُحبيها. وستجعلكِ تبكين.
كان يا مكان، في سالف العصر والزمان، كان سحرة وساحرات طيبون يعيشون في قلعة في منتصف الغابة.
حسنًا، لم تكن الغابة خطيرة في تلك الأيام بالطبع. نحن نعلم من المسئول عن اللعنة التي حلَّت على الغابة. إنه الشخص نفسه الذي يسرق أطفالنا ويُسمم المياه. في تلك الأيام البعيدة، كانت «المحمية» تنعم بالحكمة والازدهار. لم يحتج أحدٌ «الطريق» لعبور الغابة. كانت الغابة صديقة للجميع. وأي شخصٍ كان يمكنه الذهاب إلى قلعة السحرة للحصول على العلاج أو الحصول على نصائح أو للقيل والقال.
لكن في أحد الأيام، عَبَرَت ساحرة شريرة السماء فوق ظهر تنين. كانت ترتدي زوجًا من الأحذية السوداء العالية الرقبة وقبعةً سوداء وثوبًا بلون الدماء. أطلقت صرخاتها الغاضبة نحو السماء.
نعم يا صغيرتي. هذه قصة حقيقية. هل تُوجَد قصص من نوع آخر؟
بينما كانت تطير مُمتطيةً تنِّينها الملعون، اهتزت الأرض وانشقت. تأجَّجت مياه الأنهار وتشكلت فقاعات من الوحل وتحولت بحيرات كاملة إلى بخار. أما «المستنقع» — مُستنقعنا الحبيب — فقد أصبح سامًّا ونتنًا، مات الناس لأنهم لم يتمكنوا من استنشاق الهواء. انتفخت الأرض الموجودة أسفل القلعة، وظلت ترتفع وترتفع وتدفقت أعمدة صهارية ضخمة من الدخان والرماد من وسطها.
صرخ الناس: «إنها نهاية العالم.» وكان من الممكن أن تكون كذلك، لو لم يجرؤ رجل طيب على التصدي للساحرة.
رأى أحد السحرة الطيبين — لا أحد يتذكَّر اسمه — الساحرة على تنِّينها المُرعب يُحلقان فوق الأرض المنشقَّة. كان يعلم ما تُحاول الساحرة فعله: كانت تريد استخراج النيران من النتوء في الأرض ونشْرَها في كل مكانٍ على سطح الأرض، كبسط مفرش على طاولة. كانت تريد أن تُغطينا جميعًا بالرماد والنار والدخان.
حسنًا، بالتأكيد هذا ما أرادته. لا أحد يعلم السبب. كيف يمكننا أن نعلم؟ إنها ساحرة. لا تريد نظامًا ولا منطقًا.
بالطبع هذه قصة حقيقية. ألم تكوني مُصغية؟
وهكذا ركض الساحر الضئيل الشجاع نحو الدخان والنيران، متجاهلًا الخطر الهائل؛ وقفز في الهواء وجذب الساحرة من فوق ظهر تنِّينها. وألقى بالتنين في الحفرة المشتعِلة في الأرض، فسدَّها كما تفعل السدادة في فوهة الزجاجة.
لكنه لم يقتُل الساحرة. بل هي من قتلتْه.
لهذا فالشجاعة لا تُفيد. الشجاعة لا تصنع شيئًا، ولا تحمي ولا تسفر عن شيء. هي فقط تؤدي بك إلى حتفك. ولهذا السبب لم نتصدَّ للساحرة. لأنه حتى الساحر القوى الكبير المُسنِّ لم يكن ندًّا لها.
لقد أخبرتكِ بالفعل أن هذه القصة حقيقية. أنا لا أحكي سوى قصصٍ حقيقية. هذا يكفي. هيا اذهبي، ولا تدَعِيني أُمسك بكِ مُتغافلةً عن مهامكِ. فحينئذٍ قد أرسلكِ إلى الساحرة وأدعها تتصرَّف معكِ.»