تنبَّهوا واستفيقوا أيها العرب
في حرم الجامعات وفي شوارع المدن المكتظَّة، وعلى صفحات الجرائد وفي وقائع جلسات النوادي الأدبية، كانت الفكرة تتعمق رويدًا رويدًا. كانت الأمة العربية موجودة دائمًا، ومن خلال مزيج من الثورات الداخلية والدبلوماسية الدولية، أكَّدت هذه الأمة ذاتها مرةً أخرى في شكل دولة موحَّدة مستقلة. وعلينا ألا ننسى في هذا السياق أن مفهومَ القومية العربية نشأ أصلًا في الأيديولوجيات القومية والوطنية للغرب، واخترق الشرق الأوسط بمساعدة مدارس الإرساليات وكلياتها، التي كان الكثير منها أمريكيًّا. وبَّخ جمال باشا، والي سوريا، القنصلَ الأمريكي في دمشق قائلًا: «أنا أدري لماذا الأتراك مكروهون في هذا البلد. الكلية السورية البروتستانتية تسبِّب الاحتقار للأتراك … والكتب التي تدرِّسها تلك المؤسسات … تبثُّ تلك الروح». وقد كان من الطبيعي أن يصبح العرب المسيحيون، الذين كان عدد كبير منهم قد انتظم في الدراسة في تلك المدارس، مناصرين للقومية العربية، وعملوا على تكوين روابطَ وأواصرَ مشتركة مع الغالبية المسلمة المحيطة بهم.
ظلَّ الوضع على ما هو عليه حتى قام شباب الأتراك بثورتهم في عام ١٩٠٨. إذ تحولت فجأةً الإمبراطورية العثمانية التي ظلت قرونًا طويلة هي حصن الإسلام وحامية اللغة العربية وثقافتها إلى أداةٍ لفرض هوية تركية علمانية. قوَّت الثورة الميول الوطنية للعرب المسيحيِّين، وأجبرت العرب المسلمين لأول مرة على التساؤل عن ولائهم وإخلاصهم لإسطنبول. ففي الجمعيات السرية في القاهرة ودمشق وبغداد قام فلاسفةٌ مسلمون، من أمثال عبد ﷲ النديم والضابط الشاب نوري السعيد، بالانضمام إلى مواطنيهم المسيحيِّين، وناقشوا احتمالات استقلال العرب عن الباب العالي. وشهد نفس ذلك العام مظاهراتٍ شعبية ضد الحكم البريطاني في مصر، وفي فلسطين ظهرت أولى بوادر المقاومة العربية للصهيونية.
ورغم أنهم كانوا قد استفادوا من الفرص المتزايدة للتجارة والعمل التي أتاحتها لهم المستوطنات اليهودية الجديدة، فإن قلق العرب الفلسطينيِّين بشأن ازدياد الهجرة اليهودية وشراء أراضي العرب كان قد تصاعد. وظهر الاستياء على السطح في مارس ١٩٠٨، عندما أدى احتفالٌ لليهود بعيد بوريم إلى نشوب شجار مع متفرِّجين عرب في يافا. وفي نفس الوقت في حيفا، أسَّس المحرِّر الأدبي نجيب نصار جريدةً جديدة باسم «الكرمل»، وكرَّسها لكشف التهديد الصهيوني. ومثل نصار، الذي كان متحولًا حديثًا من الطائفة اليونانية الأرثوذكسية إلى البروتستانتية، كان معظم المعارضين الأوائل للصهيونية من المسيحيِّين. وكان عدد كبير منهم قد اكتسب حسَّه بالقومية في المدارس الأمريكية والكلية السورية البروتستانتية. وقد حذَّروا من أن مخاطر الصهيونية لا تهدِّد العرب الفلسطينيِّين فقط، بل الأمةَ العربية بأسرِها.
ولكنَّ المسلمين العرب أيضًا كانوا قد أصبحوا متيقظين للتحدي الصهيوني. وفي فلسطين خاصة، خشيت الجالية المسلمة التي عاشت هناك قرونًا طويلة من الانفصال عن الأمة الإسلامية أن تجِد نفسها أقليةً من الدرجة الثانية في دولة يهودية. فكتب أحدهم من القدس وهو خليل السكاكيني في عام ١٩١٤: «لقد انتهى حقُّ اليهود في فلسطين بمرور الزمن. أما حقُّنا فقائم ولا جدال فيه. فماذا سيفعل اليهود إذا ثار الحسُّ القومي للعرب؟ وكيف سيتمكنون من مقاومتهم؟»
وظلَّت القومية العربية غير ناضجة خلال السنوات السابقة على الحرب العالمية الأولى رغم أنه قُدِّر لها أن تصبح قوةً بناءة في الشرق الأوسط. واقتصرت الحركة بصورة كبيرة على هوامش المجتمع العربي، وقام الأتراك بقمعها بكل عنف. ولكن الحرب ساعدت على تمهيد الطريق لازدهار القومية العربية. وفي حين تمَّت معظم تلك الاستعدادات في الشرق الأوسط، كان عددٌ لا يُستهان به منها يتم في الولايات المتحدة، من خلال مجموعات ملهَمة من العرب الأمريكيِّين.
عن الرُّسل والقضاة
بين عامي ١٨٨٠ و١٩١٤، وصل ما يقرب من ١٠٠٠٠٠ شخص يتحدث العربية إلى الولايات المتحدة، وأقاموا بصفة أساسية في الشمال الشرقي، لكنهم كوَّنوا أيضًا جاليات صغيرة في كل ولايات الاتحاد. هاجر معظمهم من سوريا، وجاء آخرون من جنوب الأناضول وفلسطين ومصر، بحثًا عن التحرُّر من الاضطهاد الديني وهروبًا من المجاعات. كان ما يقرُب من ٩٠٪ منهم مسيحيون، وعمل عددٌ منهم باعةً جائلين، يحملون مستلزمات منزلية مثل الخيط والكبريت والشمع والأدوات المنزلية إلى المنازل والمدن الأمريكية. كانوا يسافرون مسافاتٍ بعيدة، مكوِّنين أفكارًا وانطباعات عن وطنهم الجديد تتسم بالرومانسية إلى حد بعيد، تمامًا كالتي كان يحملها الأمريكيون عن الشرق الأوسط. قال أحدهم، وهو سلوم رزق متذكرًا: «بلد الأمل … بلد الرضا … بلد الحرية … حيث تتحقَّق أحلام المرء. بإمكاني أن أرى أمريكا … تنير ظلمات جهلي، تندفع شواطئها الكبيرة من بين الضباب الذي كان بداخلي».
ربما كان المهاجرون سعداء لمغادرتهم الشرق الأوسط المضطرب من أجل السلام والفرص المتاحة في أمريكا، لكنهم ظلوا موالين للغتهم وثقافتهم الأصلية. كان العديد من هؤلاء العرب الأمريكيِّين قد تلقَّوا تعليمهم في مدارس الإرساليات، التي ركَّزت على التدريس باللغة العربية، أو استفادوا بأي شكل آخر من الكتب الدراسية المكتوبة باللغة العربية والقواميس التي كان المبشِّرون ينتجونها. ومنذ عام ١٨٩٢ صدرت في نيويورك أولُ جريدة عربية باسم «كوكب أمريكا»، وبنهاية الحرب العالمية الأولى كانت تسع جرائد عربية تُوزَّع هناك. كما تأسَّست جمعياتٌ أدبية في العديد من المدن الأمريكية، وكانت بمثابة المختبَرات لطلائع الشعراء وكتَّاب المقالات والمسرحيات العرب.
وربما كان صديق جبران المقرَّب وشريكه الأدبي أحيانًا أمين الريحاني أقلَّ شهرة على الصعيد الفني، لكنه أثبت أن له تأثيرًا سياسيًّا يفوق تأثير جبران بكثير. ومثل جبران كان الريحاني مارونيًّا لبنانيًّا انتقل مع عائلته وهو في الثانية عشرة من عمره إلى الولايات المتحدة، لكنه عاد فترةً قصيرة إلى بيروت لاستكمال تعليمه العربي. وبتأثُّره كثيرًا بكِتاب واشنطن إيرفنج «حكايات الحمراء»، بكلِّ ما حمله من صور صوفية عن إسبانيا المسلمة، طمح الريحاني إلى تكوين مزيج أدبي من الثقافتين العربية والغربية. كان يوصي السفن الداخلة والمغادرة ميناء نيويورك: «احملوا للشرق بعضَ نشاط الغرب، واحملوا للغرب بعضَ سكون الشرق. أوصِلوا لمصر وسوريا الكثيرَ من علومكم الهندسية، واجلبوا من عندكم كومةً من الصفات العربية النبيلة». ومثل جبران أيضًا، كان الريحاني شغوفًا بالحرية، خاصة «روح الحرية الأمريكية» المطبوعة عليه من خلال الكلية السورية البروتستانتية، فقال: «من بين كل المؤسسات التعليمية في سوريا التي تشجِّع على هذه الرؤية الروحية السامية، تأتي الكلية الأمريكية بيروت في المقام الأول».
كان الريحاني داكنَ البشرة أنيقًا ونشيطًا، كما كان خطيبًا جذابًا ساحرًا، وقد أعلن عشقه لحريات «العالم الجديد» أمام جمهور من العرب الأمريكيِّين، حاثًّا إياهم على المساعدة في تحقيق تلك الحريات لأوطانهم في الشرق الأوسط. وشرح ذلك بقوله: «في بلد لم تتحقَّق فيه حرية المواطن بعد، يمكن للإنسان أن يخدم بلده بطريقة أفضل من مسافة آمنة». ولكن الريحاني لم يكن يسعى للأمان؛ لأنه بدخول أمريكا الحربَ العالمية الأولى، نادى الريحاني في كل مهاجري الشرق الأوسط أن يتطوعوا للقتال. وصرَّح في خطاب لتيدي روزفلت: «واجبنا الأول هو نحو مهجرنا المختار، الذي ستصبح مُثله السياسية هي مُثل كل أمة في العالم. أنا لم أكن فخورًا يومًا بكوني مواطنًا أمريكيًّا كما أنا اليوم». ولكن هذا الفخر كثيرًا ما أثبت أنه مُبالَغ فيه وخطر أيضًا. فأثناء محاولته استقطاب مهاجرين سوريِّين ولبنانيِّين في المكسيك للانضمام إلى الجيش الأمريكي، اعتُقِل الكاتب وطُرِد من البلاد.
كان حبُّ الريحاني للولايات المتحدة لا ينفصل عن إعجابه بالعالم العربي، ورغم ذلك كان قاسيًا في نقده لقصور هذا العالم. فالجهل والانقسام الطائفي والتعصُّب الديني كانت كلها — من وجهة نظره — فقط بعض الأمراض المتوطنة في الشرق الأوسط. وقال هوارد بليس، بعد الاستماع إلى أحد انتقادات الريحاني، معاتبًا: «من المؤسف أن تلمِّح إلى بعض العلل أو المآخذ في الإسلام، في وقتٍ يحاول فيه أفضل الناس أن يتحدوا من أجل صالح … الإمبراطورية». ولكن انتقادات الريحاني كانت موجهةً في الحقيقة فقط إلى تلك الزوايا من المجتمع العربي التي شعر أنها بحاجة إلى تعديل جذري. ستتم مثل هذه التغييرات من خلال حركات وطنية — من بينها الحركة الوهابية، الأمر الذي يُعَد غير مألوف، حيث كان الريحاني يرى أنها «دليلٌ على قدرة روح العربي وطموحه نحو الحرية، والطبيعة المرنة لنسيجه الديني» — وكذلك من خلال الولايات المتحدة المحسِنة الخيِّرة. «مقدَّر لصوت أمريكا أن يصبح صوتَ العالم».
واجه تحوُّل الشعب العربي الذي استشرفه الريحاني عقباتٍ عديدة. وكان أشدها إصدار وعد أو تصريح بلفور في نوفمبر ١٩١٧. إذ قال الريحاني ساخرًا: «بالفعل أصبحت أرض الميعاد أرضًا موعودة أكثر من اللازم». وفرَّق الريحاني بين «اليهود الأصليِّين» في فلسطين، الذين اعتبرهم عربًا، وبين الصهاينة الأوروبيِّين، الذين اعتبرهم في الأساس رجعيِّين «يريدون العودة إلى زمنِ ما قبل الرومان». واقترح أن يقوم اللاجئون اليهود الروس بالانتقال إلى تكساس بدلًا من فلسطين؛ فهي منطقة شاسعة غير مأهولة بالسكان، حيث يمكن إعادة توطينهم — حسب رأي الريحاني — «دون التجنِّي على الحقوق الدينية والمدنية للجاليات والمجتمعات غير اليهودية المقيمة هناك».
كان الريحاني هو المرادف العربي لبرانديس؛ فقد كان مثقفًا نشيطًا، وجَّه قوة أمريكا المعنوية وضميرها لخدمة دعوته القومية. ولأن نظرته كانت علمانية أيضًا مثل برانديس، فقد التزم كلا الرجلان بنشر عقيدة أمريكا المدنية في الشرق الأوسط. ولم يرَ أيٌّ منهما تناقضًا بين ولائه للولايات المتحدة والدعوة لاستقلال شعبه. ولكن على عكس برانديس، الذي كان يمتلك قاعدة تنظيمية قوية وصلات سياسية ونحو عدة ملايين من اليهود الأمريكيِّين التابعين له والمؤيدين لفكره، لم يكن الريحاني يمتلك وصولًا للسلطة، كما كان عدد أتباعه قليلًا، سواء كانوا فعليِّين أو محتمَلين. ورغم ذلك كانت القومية العربية قد بدأت في جذب مناصرين ومتعاطفين من ذوي نفوذ في الولايات المتحدة، سواء داخل أو خارج الحكومة.
فقد اعترف الكولونيل هاوس في مذكراته بأنه «يكنُّ مشاعر طيبة للعرب وسيضع نفوذه في خدمتهم كلما كانوا على حق». ولكن مستشار الرئيس لم يكن وحدَه المتعاطف مع أهداف العرب السياسية. فقد كانت هناك مجموعة صغيرة، لكنها ذات نفوذ سياسي، من رجال الصناعة — من العاملين في مجال البترول بوجه خاص — متخوِّفة من المنافسة البريطانية الفرنسية، فكانت تسعى إلى تحالف مربحٍ للطرفين، بين الولايات المتحدة والقومية العربية. وكان بعض العاملين في وزارة الخارجية الأمريكية، الذين كان العديد منهم من أبناء المبشِّرين الأمريكيِّين الذين كانوا قد صاغوا مفهوم القومية العربية، قد انضموا إلى المبشِّرين العاملين في الشرق الأوسط لتصوير القومية العربية باعتبارها من مصالح أمريكا على المدى الطويل. وظهر هذا المزيج الجديد ذو التأثير المتنامي بين مصالح عالم الأعمال والدبلوماسية والدِّين في مثال تشارلز كرين، رجل الأعمال والخيِّر الذي أصبح من أكبر مناصري العرب في أمريكا.
وُلد كرين في شيكاجو في عام ١٨٨٨ وهو ابنُ أحد أقطاب مجال تجهيزات المراحيض، وسرعان ما ملَّ كرين من العمل في نفس هذا المجال، وبدلًا من ذلك وقع أسيرًا لهوى وانبهار بآسيا، امتد معه طوال حياته. وكان أيضًا رجلًا متدينًا، وعضوًا مخلصًا تابعًا للكنيسة المشيخية. وامتزج هذان الاهتمامان بالنسبة إلى كرين في الشرق الأوسط، حيث خدم في مجالس إدارات كلية روبرت وكلية القسطنطينية النسائية، كما ساعد في تمويل بعثات إرسالية جديدة. كان وجهه طفوليًّا ومنطويًا، وقد صوَّره غلافٌ لمجلة «تايم» وهو مستغرق تمامًا في التفكير خلال لعبة «سوليتير»، ولكن كان كرين في الحقيقة يمتلك ذكاءً ودهاءً سياسيًّا كبيرين. كان يساند المرشح الجمهوري تافت للرئاسة في عام ١٩٠٩، وبعد ذلك بأربع سنوات أصبح أحد أكثر المساهمين سخاءً في حملة ويلسون. وقد شغَل ابنه ريتشارد منصب السكرتير الشخصي لروبرت لانسينج.
كان كرين أيضًا من أوائل الدعاة إلى استقلال العرب. وفي عام ١٩١٤ رعى سلسلة من المحاضرات حول تاريخ العرب وثقافتهم في نخبة الجامعات الأمريكية. وإذا كان برانديس قد نظر للصهاينة باعتبارهم تجسيدًا للمستوطنين الأوائل المجتهدين، فإن كرين كان مؤمنًا بالصورة الشعبية الأمريكية عن العرب باعتبارهم محبِّين للحرية ونابذين للتطرف، أي إنهم كانوا بمثابة «الموحِّدين في الصحراء». وقد رعى عددًا من المفكرين والمثقفين العرب، من المسلمين والمسيحيِّين على السواء، منهم جورج أنطونيوس، المؤرخ الشهير. وأهدى أنطونيوس دراسته عن الحركة القومية العربية باسم «يقظة العرب» إلى «تشارلز كرين، الذي أطلق عليه «هارون الرشيد»»، في إشارة إلى الخليفة الشهير في قصة «ألف ليلة وليلة».
ولكن معاداة السامية لم تظهر بوضوح في الفكر القومي العربي خلال تلك الفترة. بل على العكس، كان النشطاء في تلك الحركة كثيرًا ما يتعمَّدون التعبير عن الأخوَّة مع يهود الشرق الأوسط. حتى إنهم أعلنوا في إحدى المرات قبولَهم لفكرة التعايش مع الصهيونية. وقد حارب على الأقل مائة يهودي من بغداد مع العرب في ثورتهم، وشاركوا في الاحتفالات عندما استسلم الأتراك أخيرًا في ٣٠ أكتوبر ١٩١٨.
وبعد ذلك بشهر واحد انتهت الحرب العالمية الأولى، تاركةً واضعي السياسات الأمريكيِّين في اضطراباتٍ بسبب معضلاتِ ما بعد الحرب. ومن بين أكثر المشكلات تعقيدًا كانت المسائل المتعلِّقة بالشرق الأوسط. ولم يكن بالإمكان الاستمرار في تجاهل القومية العربية، التي كانت يومًا ما قوةً سياسية يُستهان بها. ولكن نفس الشيء كان ينطبق على الصهيونية أيضًا. وكان لحلفاء أمريكا — بريطانيا وفرنسا — اللذين كان تعاونهما ضروريًّا وحيويًّا لتأسيس النظام العالمي الجديد، مطالبُ أيضًا في الشرق الأوسط، بل مطالب بعيدة المدى والأثر. وكان التحدي الضخم الذي ينتظر الرئيس ويلسون خلال مؤتمر السلام الدولي بباريس هو كيفية التواؤم مع كل تلك الطموحات المتزامنة والمتناقضة في آنٍ واحد مع الحفاظ على مبادئ أمريكا ومصالحها. وانضم إليه هناك أمريكيون آخرون: برانديس وفرانكفورتر والريحاني وكرين، وكانوا يمثلون قافلةً من القضاة والرسل، يهدُف كلٌّ منهم إلى إعادة تشكيل المنطقة حسب أهداف فريقه. ولكن القرارات النهائية بقيت في يد ويلسون، الرئيس الذي كان يرى نفسه أيضًا من خلال منظار العهد القديم للتوراة: محقِّق العدالة وكيَّال العِقاب.