إلى القارئ
لا أكون مُهديًا إلا لأكون هاديًا إلى ما أعتقد أنَّ فيه شيئًا من الخدمة النَّصُوح العائدة، ولو بالتافه من الفائدة، على أبناء وَطَني، وفي نشري تاريخ هنيبال على عِلَّاته دليلٌ على الغاية التي أرمي إليها.
أصل التاريخ هو لجاكوب أبُّوت، كتَبه بالروح الغربية «القائمة» على الأثَرة والتفوُّق، وقد بذلت بعض المال والعناية لترجَمته، ثم أعَدت النظر فيه غيرَ متعرِّض للروايات والآراء التاريخية التي أعلم كما يعلم العالمون أنَّ في الكثير منها شَططًا وتزييفًا، فعلى علماء التاريخ وغُواته من أبناء الوطن أن ينشطوا لسدِّ الخَلَل وإصلاح الخطَل، ويجمعوا تواريخَ بلادهم وتراجم أبطالهم وغُزاتهم ونوابغهم ودهاتهم، كما توجب الحقيقة لا كما يكيِّفُها المكيفون.
أنا مستعيض بالتاريخ عن الأقاصيص والروايات في الهدى، ثم أجمع ما أنشره في كتب مستقلة، أرجو أن يستعين بها قارئُوها على حفظ وصون الدروس التي يلقيها الأقدمون عليهم من أصدقاء وأضداد، وليس كالتاريخ أستاذًا مهذِّبًا ومُرشدًا مدربًا.
إلى أحفاد أكبر قائد فينيقي، بل أكبر قائد في التاريخ عند المجردين، أُهدي هذا السِّفر الذي أرجو أن يقوم من أبناء أمتي من يقوِّم مُنآدَه، ويزيل فساده، عادلًا عن الشَّكوى وهو قاعد، وناظرًا إلى لهَب الأفكار وهو جامِد.