ميمون … عضو جديد!
كان الشياطين جميعًا مُتحمِّسين للمهمة … فإن إقدام «عوني» على التضحية بحياته، في سبيل منظمة الشياطين، جعل من إنقاذه مهمة مقدسة … وقد تم تركيز البحث حول وسيلة الوصول إلى قلب أفريقيا بطريقة خفية … ثم البحث المكثَّف في هذه المناطق الاستوائية الحارة، عن شيء، أو خيط يدلُّهم على مكان أستاذهم «عوني».
وكانت «الضفدعة» … وهي الطائرة التي ذهبوا بها إلى «أيسلندا»، قد عادت … ونظرًا لأن ركوبها يختصر وقت انتظار الطيران التجاري العادي، فإن «أحمد» قرَّر الاستعانة بها مرة أخرى، في رحلة أفريقيا … ولكن الخبراء في منظمة الشياطين قالوا إن طائرة «هليكوبتر»، ستكون أفضل بكثير، لأنها لا تحتاج إلى مطار، ومن السهل التنقُّل بها بين الأحراش، والغابات.
ولكن المشكلة أن الطائرة «الهليكوبتر» لا تقطع مسافات طويلة، نظرًا لأن سرعتها هي نصف سرعة الطائرة العادية، وتحتاج إلى وقود في أماكن متقاربة … وقد حلَّ الخبراء هذه المشكلة، بعد أن قاموا باتصالات كثيرة مع عملاء رقم «صفر» في أفريقيا، وثم الاتفاق على إعداد طائرة «هليكوبتر»، تكون قريبة من منطقة بحيرة «نياسا» لاستخدامها في التنقُّل في قلب القارة الخضراء.
وتم اختيار فريق السفر، من «أحمد» و«عثمان» و«بو عمير» و«خالد» فقط … وحدث لأول مرة، أن تم اختيار قرد، مُدرَّب تدريبًا جيدًا يُدعى «ميمون» … وذلك بعد نجاح تجربة اختيار الكلاب في المغامرة السابقة.
وقد اجتمع الشياطين الأربعة مع «ميمون»، وأخذوا في التدريب على التعامل معه، ثم أخذه «عثمان» إلى غرفته، ليتعوَّد على النوم قريبًا منه.
كان «ميمون» قردًا ذكيًّا … فأخذ «عثمان» يطلب منه طلبات محدَّدة … هاتِ هذا القميص يا «ميمون» … افتح هذه الحقيبة … اجلس هادئًا ولا تتحرك … ادخل في هذا الدولاب ولا تُحدِث صوتًا.
وشعر «عثمان» بأنه لا يكاد يصدِّق نفسه … فقد كان القرد ينفِّذ التعليمات، وكأنه يعرف اللغة العربية … ومن المؤكَّد أن خبراء التدريب في «ش. ك. س»، قد درَّبوه جيدًا.
فتح «عثمان» دفتر التعليمات الصغير الذي أرسلوه خاصًّا بالقرد … وأخذ يقرأ ما فيه متعجِّبًا … فقد تدرَّب هذا القرد على اتباع التعليمات بدقة، بما في ذلك دخول الأماكن المظلمة … والتدخل في المشاجرات … وإطلاق النار من المسدس!
وضحك «عثمان» كثيرًا … ولكنه أحب «ميمون»، واعتبره صديقه … واتصل ﺑ «أحمد» وقال له: إننا لسنا أربعة فقط … إننا خمسة … إن هذا القرد «ميمون» شخصية في غاية الروعة!
«أحمد»: لا تنسَ أن تأخذ معك كُرَتك الجهنمية «بطة»، فسوف تحتاج إليها في الغابات!
«عثمان»: لقد أعددتُ ثلاثًا منها … فمن المؤكد أننا سنضرب عشرات المرات!
وفي صباح اليوم التالي، كان الشياطين الأربعة، ومعهم «ميمون»، قد استعدوا للرحلة، فتسلموا الخرائط الجوية والمساحية … ووضعوا الأسلحة … وقفز «ميمون» إلى الطائرة ببساطة، واختار مقعدًا كأي راكب، ثم ربط الحزام.
ولم يصدق «خالد» ما يرى وقال: غير معقول … إنه قرد طائر … شيء مدهش!
وسارت الطائرة داخل المدرَّج السري في المطار في قلب الجبل … وعندما وصلت إلى الخلاء، كانت قد استجمعت سرعتها، ثم قفزت إلى الجو، وأخذت تصعد تدريجيًّا بقيادة «عثمان» و«خالد» … بينما جلس «أحمد» و«بو عمير» يدرسان الخرائط.
بعد أربع ساعات من الطيران المتصل، تجاوزت الطائرة حدود الصحراء، وبدأت النباتات السوداء تظهر على بُعد سحيق … وبدَت الأنهار كأنها ثعابين من فضة تتلوى بين الأشجار.
وقال «عثمان»: يجب أن نقترب من أحد المطارات للتزوُّد بالوقود … إن كمية الوقود التي نحملها تكفينا خمس ساعات فقط!
«خالد»: إن أقرب مطار لنا الآن هو مطار «أديس أبابا»!
«بو عمير»: إذَن سنتجه إليه!
وبدأت الطائرة تتجه شرقًا … وأخذت تهبط تدريجيًّا من ارتفاع ٢٨ ألف قدم إلى ٢٠ ألف قدم … ثم ظلَّت تطير في خط مستقيم حتى اقتربت من العاصمة الإثيوبية، وأخذت الاتصالات تجري بين «بو عمير» وبين المطار … وسرعان ما أخذ الإذن بالنزول … وبدأ يهبط مرة أخرى تدريجيًّا، حتى لامست العجلات أرض المطار، وأخذت تجري مسرعة حتى توقفت.
أسرعت سيارة الوقود إلى الطائرة … كما صعد إليها بعض مهندسي الصيانة ونزل الشياطين الأربعة ومعهم «ميمون».
كانت درجة الحرارة مرتفعة للغاية … ووقفوا على أرض المطار في انتظار تموين الطائرة، ولكن «بو عمير» اقترح أن يدخلوا إلى مبنى المطار، لتناول بعض الأطعمة والمرطبات … فاتجهوا جميعًا إلى «كافيتريا» المطار.
لم يلفت «ميمون» أنظار العاملين في المطار … فالقرود كثيرة جدًّا في إثيوبيا … وهكذا جلس الأربعة ومعهم القرد وقد طلبوا له بضع أصابع من الموز، وعصير المانجو … وقد أقبل عليها بسعادة بالغة.
فجأةً نظر «أحمد» إلى شخص يَعْبر «الكافيتريا»، خارجًا بسرعة … ولم يكن هناك شك في أن «أحمد» قد رأى هذا الشخص في مبنى «ع. س. ع» في مدينة «تاكوما» … وأسرع «أحمد» خلف الرجل … واستطاع أن يلمحه يقف مع شخص كان في انتظاره … ثم غادرا مبنى الكافيتريا مُسرعين، بعد أن نظر الرجل إلى «أحمد» نظرة شاملة.
فكَّر «أحمد» لحظات … هل يتبعهما؟ إن ترتيب الرحلة سوف يضطرب، إذا فعل هذا … ثم إن الخروج من المطار والعودة إليه، سوف يستغرق بعض الوقت … فعاد إلى زملائه وروى لهم ما حدث.
انتهوا من تناول الطعام والمرطبات … وعادوا إلى الطائرة … كان «أحمد» مشغول البال … فقد وضعتهم المصادفة في طريق العصابة … ونظر من زجاج النافذة إلى أرض المطار وكم كانت دهشته عندما شاهد ثلاثة رجال يجرون على أرض المطار متجهين إلى طائرة خاصة كانت في انتظارهم، وعرف في أحد الرجال الثلاثة، ذلك الشخص الذي رآه في «الكافيتريا»، فقد كانت ملابسه البيضاء بالكامل، بما في ذلك حذاؤه، لافتة للنظر.
قرَّر «أحمد» أن يقود الطائرة بنفسه، بمساعدة «بو عمير» وقال له: إن الرجل، ومعه رجلان آخران، يركبون الآن طائرة خاصة … إنها من طراز «دوجلاس»، وهي أقوى من طائرتنا، وأقدر على المناورة!
بو عمير: هل تتصور معركة جوية؟
أحمد: مع هؤلاء، أتصوَّر أي شيء.
غادرت الطائرة المدرج … وكانت الرياح تهب بشدة على أرض المدرج، وتعاكس مثل هذه الطائرة الصغيرة … ولكن «أحمد» استطاع ببراعة، أن يصعد بالطائرة سريعًا، ثم يدفعها إلى فوق، حتى استطاع أن يصعد بها فوق السحاب.
مرَّت نصف ساعة هادئة، وبدأت مخاوف «أحمد» تهدأ، وعاد للاتجاه غربًا في طريقه إلى دار السلام في «تنزانيا»، وهي المحطة الأخيرة للطائرة الضفدعة، قبل أن يجدوا الطائرة «الهليكوبتر».
ولكن … لحظات وانتهى الهدوء … ففجأة برز من الجانب الأيمن شبح طائرة كنقطة صغيرة في الأفق … أخذت تتجه سريعًا إلى «الضفدعة»، ثم انحرفت يسارًا، وارتفعت إلى فوق.
كان «أحمد» طيَّارًا مُدرَّبًا … أدرك على الفور ما يحدث … إن الطائرة المعادية تريد أن تصعد فوقه، أو «تركبه» بلغة الطيران، ليسهل عليها ضربه من فوق … ولم يكن في استطاعة طائرته الصغيرة أن تصعد إلى أكثر من ٣٠ ألف قدم … وهكذا هبط سريعًا إلى السحاب، واختفى فيه.
كانت مخاطرة … فهو لا يرى إلا على بُعد أمتار قليلة أمامه … ومن الممكن في هذه المنطقة الجبلية الوعرة، أن يصطدم بأحد الجبال الشاهقة. ولهذا قرَّر أن ينزل ثم يصعد … وهكذا فعل … وأخذ الشياطين جميعًا يراقبون محاولاته للفرار.
ولكن فجأة، في إحدى مرات الصعود ظهرت الطائرة المعادية … ودار «أحمد» دورة واسعة سريعة، ثم صعد في خط عمودي، واستطاع بهذه المناورة أن «يركب» الطائرة المعادية، ثم فتح نيران مدفعه الرشاش الأيمن على الطائرة التي أصيبت عدة إصابات، ولكنها استطاعت أن ترتفع بسرعة رغم ذلك، في محاولة ركوب الضفدعة.