أين صوتك؟
صوتك الطبيعي الحُر
حينما نستنشق الهواء، نكتسب الطاقة. وحين نُطلق زفيرًا، نُرسل هذه الطاقة إلى العالم من حولنا. هذا يشمل صوتنا وكلامنا. يجب إطلاق قوة صوتنا الكاملة من دون عرقلتها أو إخفائها عن طريق كبت الصوت. يصدر الصوت الطبيعي من دون عائق يمنعه. يتحرك لأعلى ثم يخرج منَّا في مسارٍ قوسيٍّ، وحينما يكون الحلق مفتوحًا، يخرج الصوت دون الشعور بإجهادٍ في حلقك. يجب ألا يُدفع الصوت على الخروج من الصدر؛ إذ إن ذلك يكبته ويُقيده. وكذلك يجب ألا يُرغم الصوت على الخروج مُسبِّبًا إجهادًا في الحلق: فهذا لا يُعد قوةً. ويجب ألا يخرج الصوت بنصف قوَّته لدرجة أن يبدوَ غير واضح وشبيهًا ببداية الصوت الهامس. ولا أن يكون مقيدًا في الفم ولا عالقًا وراء الفكَّين. هذا لا يقف حائلًا فحسب دون سماع الصوت، إنما يُخفي ما نقوله بفعل التوتر. يتسبَّب هذا التوتر في فلترة الصوت وبذلك يصعب سماع الكلام بصورة واضحة، بل ويُفسَّر من خلال مصفاة صوتية. من الصعب الاستماع إلى صوتٍ مُقيد؛ لأنه لا يتحرك بحرية ويُعمِّم المعنى ويُسطِّح الأفكار والمشاعر.
إنَّ الصوت الحر لا يُشعَر به في داخلك، إنما يعيش في المحيط خارجك. أخبرني ذات يوم مغنِّي سوبرانو عظيم قائلًا: «أتخيَّل أن ليس لديَّ حلْق. أشعر بقوة نَفَسي تتحرك لأعلى في جسدي وبذلك يحيا الصوت خارجي.» وبهذه الطريقة، يخرج منك الصوت والكلام ويبقى في الفضاء المحيط بك. ثمة قناعة لدى الإغريق أنه عندما تتحدَّث بهذه الطريقة، تخلق الكلمات تأثيرًا ملموسًا وعليك أن تُصِرَّ على ما تقوله، وهو أمر كان يمثل مشكلة للنساء على مرِّ التاريخ؛ لأننا حين نفعل ذلك، نلتزم بما نقوله، ولا يُمكننا التراجُع عنه. لذا عوقب أغلبنا على التزامنا بما صرَّحنا به.
حتى عندما تتحلى النساء بالروح والقوة لتعبِّر عن رأيها وتلتزم به، تظهر حينها العادات التاريخية متمثلةً في الصوت الهادئ الذي يصعب سماعُه ولا يعكس الحرية الجسدية وقوة التنفُّس المناسبتَين، فيظهر صوتٌ قاسٍ ومندفع وغاضب. صوتٌ مُتذمر. تُسمَع نغمات صوتية لا تتناسب مع المضمون، لذلك حتى لو كان الصوت مرتفعًا والكلمات واضحة، يظل المعنى غير واضح.
لا تزال النساء القائدات يواجهنَ صعوبات في التعبير عما يشعرن به تمامًا، خاصة إذا كن قد دَرَّبن أنفسهن على العقلانية المُفرطة كتحدٍّ لفكرة الرجال بأن النساء عاطفيات أكثر مما ينبغي. هن يكنَّ أقلَّ تعرضًا لمخاطبة مَن هم أكثر سنًّا، وعندما يفعلن ذلك، يمكن أن يطغى عليهن الموقف فيفقدنَ صوتهن الحقيقي ويتراجعن إلى تبنِّي سلوكيات لا تمثل تهديدًا.
ينعقد لسان النساء! لا يقلنَ شيئًا مُهمًّا، أو يقُلنه في الوقت غير المناسب.
ما زلنا نعتمد اعتمادًا كبيرًا على المُستمعين المتعاطفين. لا تزال أصواتنا تتأرجح بين عالمي الدائرة الأولى والثالثة، وهذا واضح في نبرة صوتنا، حتى لو عملنا على صقل أجسادنا وأنفاسنا.
نتأرجح من الصوت الهامس إلى المندفع.
من صوت فتاة صغيرة إلى صوت مُتعجِّل.
من كوننا دقيقاتٍ بشدة إلى كوننا سطحيات.
نُصبح مُجهَدات بشدة أو معرَّضات لإجهاد نفسي.
من الملل إلى المبالَغة في الأداء الصوتي.
يمكن معالجة كل تلك المشكلات وموازنتها حينما نكتشف من جديد صوتنا الطبيعي الحر.
يُمكننا البدء في تحسينه من الآن.
تهيئة الصوت
طوال تلك التمرينات، حافظي على الجسد متزنًا والنفَس هادئًا ومرتبطًا بالصوت.
دلِّكي وجهكِ وابتسمي ابتسامةً لطيفة ثم افتحي فكَّكِ مع الحفاظ على الابتسامة. هذا يسهم في فتح الحلْق.
اقبضي عضلات وجهك ثم دعيها تسترخي. دعي العضلات تجد الوضعَ الذي تريد أن تصبح عليه. الوضع الطبيعي هو أن تتلامس الشفتان من دون إطباق الأسنان.
تساعد الابتسامة في فتح الحلْق ويمكن لمسُ هذا التأثير حتى عندما تتخيلين الابتسامة.
يجب ألا يُشعر بالصوت الحُر في الحلْق. يجب أن تبقى المساحة في الحلق مفتوحةً من دون أدنى احتكاك. أثناء الشهيق، إذا كان بإمكانك سماعُ أي لغطٍ في الفم ثم في الحلْق، فإن الحلْق بذلك ليس مفتوحًا بشكلٍ كامل.
إن إجهاد عضلات الحلْق يُعيق الصوت ويمنحك نبرة أو طبيعة صوت مقيدة. حتى أبسط آلامها تكبت صوتك. يتسبَّب شدُّ عضلات الحلق بدرجة كبيرة في إجهاد الصوت أو تلفِه في أسوأ الأحوال. إذا شعرت بأي درجة من الإجهاد في الرقبة والصوت، ففكِّري في التثاؤب. سينفتح الحلْق حينها.
ينطلق الصوت منَّا في مسارٍ قوسي. فيصعد لأعلى ثم إلى الخارج.
قفي وتنفَّسي.
اعثري على نقطة فوق مستوى نظركِ وتنفسي في اتجاهها.
خذي نفسًا عميقًا ثم أخرجي الهواء برفقٍ على الشفتَين مصحوبًا بهمهمة. حاولي أن تشعري بالطنين فيهما. هذا دليل على أن الصوت يتحرك إلى الأمام. يجب ألا يُوجَد شدٌّ في عضلات الحلْق.
كرِّري الهمهمة واجعليها تأخذ صوت «أووه» مع مد الشفتَين إلى الأمام وتوجيههما إلى نقطةٍ أعلى مستوى النظر.
كرِّري الخطوة إلى أن تشعري بأن صوتك يتحرك إلى الأمام بحرية.
والآن أضيفي الصوت «آآآه».
تنفَّسي ثم أطلقي «آآآه» بدلًا من «أووه».
إنَّ إخراج الصوت عدةَ مرات بهذه الطريقة سيبدأ في تقوية صوتك ويجعله أكثرَ وضوحًا.
قد يتضمَّن تجسيد هذا التمرين استخدامَ الذراع واليد للإشارة إلى المسار القوسي الذي يتبعه الصوت وهو يصعد من خلال الرأس ويخرج نحو تلك النقطة فوق مستوى النظر.
سيُصبح صوتك مهيَّأً مع تلك التمرينات.
تهيئة التجاويف الرنانة
ينتج الصوت عن اهتزاز الطيَّات الصوتية، لكن من دون جسم الإنسان والتجاويف الرنانة التي بداخله، سيبدو صوت الإنسان مثل نحلة طنانة مُغطاة بمنديل.
يكتسب الصوت عُمقه ونغمته وضخامته في تجاويف الجسد بأكمله وهي التي تُعرف بالتجاويف الرنانة التي تُشبه صندوق الجيتار.
إن التجاويف الرنانة الرئيسية لصوت الإنسان هي الصدر والحلْق والوجه والأنف والرأس.
يؤثر حجم كل تجويف وحالة العضلات حوله في صفات الصوت وعمقه.
همهِمي في رأسك مع التنفس وحاولي أن تشعري بالطنين فيه. همهمي في الأنف وحاولي أن تشعري بالطنين فيه.
همهمي في الفم وعلى الشفتَين.
اشعري طوال الوقت بالمسار القوسي، ولا تتوقفي عن التنفس، اشعري بتدفق النفَس الذي يدعم الصوت.
اشرعي في إحماء تجويف الصدر الرنَّان عن طريق الهمهمة في الجزء العلوي من الصدر، لكن تجنَّبي الضغط على الصوت عن طريق دفع الحنجرة لأسفل وتقييد الحلق. إن تخيُّل صعود الهواء وخروجه يرخي هذا الضغط.
يُعد هذا الضغط على الصوت بدفع الحنجرة لأسفل أكثرَ العادات الشائعة بين النساء اللاتي يسعين إلى إظهار القوة عبْر أصواتهن. فينتج عن ذلك ضغطٌ صوتي وتصبح نغمة الصوت مضغوطة. وقد يؤذي ذلك الصوت بل ويُتلفه.
يمكنك توسيعُ مدى صوتك وتعميقه من دون الضغط عليه وذلك عن طريق ممارسة التمرينات السابقة وإخراج الصوت في مسارٍ قوسي.
يتطلب هذا الأمر استنشاقَ كمية أكبر من الهواء، لكنه يُعد أحد تمرينات التقوية التي تدعم نغمة صوتك.
جرِّبي تحويل الصوت من «أووه» إلى «آآه» وأنت تشعُرين بالصوت يتحرك خلال جميع التجاويف الرنانة في جسمك.
إذا كنتِ تدفعين الصوت إلى الحلْق، أو تسحبينه إلى الفم، أو تفقدِين قوة صوتك، فعليك بالذهاب إلى حائطٍ ودفعه لتُركِّزي على التنفس ثم تُعبِّري بالصوت، ثم استمري في الدفع مع تحويل الصوت «أووه» إلى «آآه». ابتعدي عن الحائط واقضي وقتًا مرحًا في توجيه تلك الأصوات إلى أماكنَ مختلفة من الغرفة.
تهيئة المدى الصوتي
يستلزم تغييرُ حدة الصوت جهازًا صوتيًّا وحلْقًا يتمتعان بالحرية والمرونة. يجب أن يتحرك الصوت بسهولة عبر نبرات صوتية متنوعة من أجل التعبير عن الشغف والأفكار والمشاعر. إن المدى الصوتي المحدود سيُصيب مُستمعيك بالملل. تحدُث التغييرات في حدة الصوت من خلال إطالة الطيات الصوتية وزيادة سماكتها، لكن يُمكننا تهيئة تلك الطيات الصوتية وإطالتها بممارسة بعض التمرينات البسيطة.
تذكَّري التمرين الذي طبَّقناه للتوِّ على الجسم والحضور والتنفُّس والتجاويف الرنانة. وسِّعي المدى الصوتي عن طريق الهمهمة لأسفل، ثم لأعلى عبر مداكِ الصوتي. تخيَّلي مسار الصوت لأعلى ثم للخارج، لا سيما في النغمات الأكثر انخفاضًا.
ابدئي بحدةِ صوتٍ منخفضة، مع الحفاظ على التنفُّس والجسم في وضعٍ متزن من دون تحريك الرأس لأعلى أو لأسفل. ثم ارفعي من حدة الصوت من خلال مداكِ الصوتي.
والآن من دون تحريك الرأس، حاولي في نقطةٍ ما من المكان العدَّ تنازليًّا عبر مداكِ الصوتي الكامل ثم العد تصاعديًّا عبر مداكِ الصوتي الكامل. كرِّري هذا التمرين أربع مرات على الأقل مع التأكُّد من الحفاظ على استمرار التنفُّس. ابدئي في إصدار صوت «ما-ما-ما» عبر المدى الصوتي الكامل لك بطريقة مرحة.
من المُفترَض أن تشعري الآن بأن صوتك أكثر قوةً ومرونة.
الكلام
يتطلب الكلام نشاطًا أكثرَ تعقيدًا. فعندما نتحدث، نصوغ طاقة الصوت إلى كلمات عبر الشفتَين واللسان وسقف الفم الرخو والأسنان. إذا لم يكن مكان الصوت أمامًا في الفم ثم يخرج، فلا يمكن للعديد من عضلات الكلام أن تشعر بالقوة، ومن ثَم لا يمكنها العمل بكفاءة. لهذا السبب يعتبر التدريب على الكلام هو آخرَ نشاط في سلسلة التواصل.
يعتمد الوضوح في الحديث على النطق الواضح والقوي.
تتطلَّب عضلات الكلام عملًا وإعدادًا مُستمريْن: فالنطق الواضح للكلام عبارة عن حركة معقَّدة ومتناغمة للعضلات في الفم مع اللسان والشفتَين والفك وسقف الفم الرخو.
لتحقيق النجاح في هذا الأمر، تحتاجين إلى فتح فمك ونطق كل مقطعٍ صوتي. ننسى عادةً نُطق نهايات الكلمات وجميع المقاطع الصوتية في الكلمات المُتعددة المقاطع. نسمع هذه العادة عند الرجال وكذلك النساء، لكنني لاحظتُ في كثيرٍ من الأحيان أنَّ هذا الافتقار إلى الوضوح يلقى تجاهلًا أكبر عندما يقع فيه الرجال.
يُسهم عدم وضوح الكلام أيضًا في تسرُّع النساء عند الحديث. على الرغم من أن عُمق النفَس وهدوءه ضروريان لضبط سرعة الحديث، إلا أنَّ وضوح الكلام مُهم أيضًا.
ببساطة، يُمكنكِ التحدث ويبدو كلامك واضحًا طالما يُمكنكِ نطقُ جميع الحروف الساكنة في الكلمة.
إذا لم تنطقي الحروف نطقًا واضحًا، فلن يمكن فهمكِ.
تذكَّري الراحة التي نشعر بها عند سماع كل كلمة! فهذا يدل على صفاء الذهن والقصد. إذا فاتتني بعض الكلمات أثناء حديثك، فسوف أفقد أجزاءً كاملة مما تقولينه وفي النهاية أيأس من المحاولة. أما إذا كانت العناصر الأخرى تعمل بكفاءة، فسيُصبح من السهل تحسين مستوى الوضوح.
بينما تعمَلين على تقوية عضلات الكلام، يتحسن النطق لديكِ. ستحتاجين إلى إعطاء القدْرِ نفسِه من الاهتمام لكل مقطعٍ صوتي في كل كلمة، والاجتهاد في إنهاء الكلمات دون تخطِّي أي جزءٍ منها.
تَقْوَى عضلات الكلام بسرعة عند تمرينها، وقد تمُرِّين بفترة تشعرين فيها أن الجهد المبذول لتوضيح الكلام مبالَغ فيه. لكنك ستتجاوزين تلك الفترة وسرعان ما ستلاحظين فائدة أن يظل الناس مُستمعين إليك، دون أن يطلبوا منك مرارًا وتكرارًا إعادةَ ما تقولينه.
إذا أصغيتِ إلى امرأة تتحدَّث على عَجَلٍ، فستشعرين بحذف أو تخطِّي حروف متحركة ومقاطع. ثمة تمرين سريع يساعد في معالجة التسرُّع في الحديث وهو التركيز على تمييز الكلام كلمةً كلمة. بهذه الطريقة يمكنك التحدث بسرعة ووضوح، ولكن تذكَّري أنه لا يمكن اتباع وتيرة الكلام السريعة إلا من حينٍ لآخر لأن المُستمع لا يمكنه أن يتقبَّل الحديث السريع فترةً طويلة. إن الإلقاء بوتيرة سريعة يمنح الحديث قوامه، ويُصبح فعالًا بشدة إذا كان متناسبًا مع المحتوى ويستخدم في أضيق الحدود.
إن وضوح الكلام يساعدك على أن تشهدي اللحظة الحاضرة ويُمهلك الوقت للتفكير. وهذا هو أكثر تأثير مطلوب يسعى إليه أيُّ متحدثٍ محترف: أن يكون حاضرًا، وأن يعني ما يقوله حينما يقوله. يجتمع العقل والقلب وقوة الكلمة معًا لخلق جسرٍ مباشر وحقيقي للتواصل. تواصل دقيق وليس عشوائيًّا. فيؤثر تأثيرًا حقيقيًّا. ولا مجال فيه لأن يُساء فهمُك.
عندما تحتاجين إلى قول كلامٍ مباشر، يُصبح لكل كلمة وزنها، وما دام صوتك ينطلق بحرية من داخلك في الدائرة الثانية، سيُسمع حديثك، حتى لو لم يرغب المُستمعون في ذلك. سيشعرون بأنهم مُجبرون على الاستماع.
هذه هي اللحظة التي إذا استطعتِ فيها توظيفَ جسدك وتنفُّسك وصوتك والآن كلامك، إلى جانب الحضور الكامل، يمكنك بذلك إيصال صوتك وتُصبحين متحدثة محترفة.
قفي أو اجلسي وأنتِ في حالة حضور وتتنفَّسين بهدوء. همهمي لتشعري بالوضع الأمامي للصوت وتخيَّلي المسار القوسي يُرسِل الصوت عبر المكان. استخدمي صوت «أووه» لتحريك صوتك للأمام حتى تستطيع طاقة صوتك صياغةَ الكلمات عن طريق عضلات الكلام.
أثناء الشهيق، كوِّني سلسلة أصوات «ما-ما-ما-ما»، «با-با-با-با»، والفكَّان مرخيَّان والشفتان تتلامسان بقوةٍ ثم تفترقان سريعًا.
ردِّدي الصوت «وا-وا-وا» الذي يجعل شفتَيك مُمتدتَين إلى الأمام.
الآن ردِّدي مجموعة «دا-دا-دا-دا-دا»، ومجموعة «تا-تا-تا-تا-تا». اشعري بقوة اللسان على الحافة أسفل الثنايا العليا.
الآن مجموعة «نا». ثم مجموعة «لا». «نا-نا-نا-نا» — «لا-لا-لا-لا- لا».
الآن مرِّني الجزء الخلفي من اللسان مع سقف اللسان الرخو، وذلك بدفع اللسان إلى أدنى الفم عند لثةِ الثنايا السُّفلى.
ردِّدي مجموعات «كا»، «جا»، «نجا». «كا-كا-كا-كا» — «جا-جا-جا-جا» — «نجا-نجا-نجا-نجا». زيدي من سرعتك.
يمكن ممارسة هذه المجموعة من التمرينات سريعًا في غضون دقيقتَين، وستُحسِّن سريعًا من نطقك.
مارسي تلك التمرينات بانتظامٍ وسيُصبح كلامك واضحًا وطبيعيًّا.
حتى لو طبقتِ تلك التعديلات ومارستِ التمرينات مدة ١٠ دقائق في اليوم، سيشهد صوتك تحسنًا وقوةً وسيكون له تأثير ملحوظ. والأفضل من ذلك، اختاري قصيدةً أو نصًّا، ثم اقرئيه بصوتٍ عالٍ، مع التفكير في كلِّ ما قُمنا به في الأعلى.
النقطة المُهمة الأخرى هي ما إذا كانت جميع الكلمات التي تقولينها مهمةً حقًّا، أم إنك تتحدَّثين بكلماتٍ كثيرة عشوائية. لا داعيَ لأن تكوني واضحة مع كلمات الحشو أو التعبيرات التي تُبسِّط من أفكارك أو تُمهلك وقتًا للتفكير. إذا أردتِ أن يُؤخَذ كلامك على محمل الجِد بصفتك مُتحدثة مؤثرة، فعليك أن تتقبلي أنكِ بحاجةٍ إلى إجادة ضبط النفس والاقتصاد في الكلام. ليس مطلوبًا أن تكون المحادثات غير الرسمية والعابرة، أو الدردشات أو القيل والقال دقيقةً أو مُصاغة صياغةً جيدة، لكن التواصل الفعال مطلوب.
إنَّ استغراق لحظة توقف للتفكير يُعد ممارسةً فعالة ما دمتِ لا تتوقَّفين عن التنفس وتتمسكين بالفكرة التي تسعَين إليها. وإذا ملأتِ تلك الفترة بعبارات عشوائية، فأنتِ تُضعفين رسالتك. يجب التدرُّب على هذا المستوى من الدقة؛ إذ يتحسن وضوح لغتك سريعًا إذا تجرأتِ على الانتظار والعثور على الكلمة التي تحتاجين إليها حقًّا.
إحدى العلامات الدالة على القوة الحقيقية هي التوقُّف المقصود. نادرًا ما يلاحظ ذلك في النساء، لكن مَن يفعلنَ ذلك يُنظر إليهن على أنهن ذوات ثقة ونفوذ.
تأكيدًا على النقطة التي طرحتها سابقًا، فإنها عادةٌ نسائية شائعة جدًّا أن يتحدثن سريعًا ويُثرثِرن.
غالبًا ما تكون هذه محاولة لإظهار مدى معرفتك، أو لإنهاء الحديث، أو لتجنُّب المقاطعة. لكنها طريقة غير مُجدية. لا تستطيع عقولنا مواكبةَ هذه الوتيرة وربما يسبق تفكيرك كلامك، وبهذا فأنت تُسرعين والمخاطر تحدوك وقد تتعثَّرين في أي لحظة. وسيشعر الجمهور بذلك. المتعاطفون منهم سيشعرون بالقلق حيالك، أما الأقل عطفًا سيتربصون لتَعثُّرك.
تجتهد النساء أكثرَ من الرجال في تطبيق هذه الأساليب. ربما يُعزى السبب في ذلك إلى تلقِّيهن ردودَ فعل سلبية أكثر من الرجال. قد تدفع الأخلاقيات المِهنية النساءَ إلى ارتكاب بعض الأخطاء بحُسن نية.
إنهنَّ يردن أن تكون عروضهن التقديمية مثالية.
بدلًا من تدوين الملاحظات أو النقاط، يكتبنَ العرض التقديمي بأكمله كلمةً كلمة، وهذا غير مجدٍ. فالكلام المكتوب يختلف عن المنطوق، ويبدو الوصول إليه أقلَّ سهولة، وكذلك يغلب عليه الطابع الرسمي ما لم يُصَغ بمهارة.
ثم يحفظن الكلام عن ظهر قلب، وهو ما يُعد كارثيًّا.
حضِّري عرْضك التقديمي أو اجتماعك بصوتٍ مرتفع مع تحديد نقاط واضحة لمسار حديثك. اتركي المجال حرًّا بما يكفي لكِ حتى ترتجلي، ما دام مسار حديثك دقيقًا. (إذا كان لا بد من كتابة الكلام بأكمله، لأسبابٍ قانونية على سبيل المثال، فاعرفيه جيدًا وتدربي عليه بصوت مرتفع.) ولكن احتفظي بالكلام مكتوبًا معك. إذا احتجتِ إلى النظر إليه، فألقي نظرةً سريعة، ثم أبعدي نظرك عن الصفحة، وانظري إلى الجمهور وواصلي حديثك.
إذا كنتِ تتحدثين في أي مكانٍ رسمي، فاعلمي أنكِ محطُّ الأنظار وكلُّ ما تفعلينه سيُلاحَظ. لا يمكنكِ الاختباء، ويبدو بعيدًا عن المنطق في حال أنكِ تصرفتِ وكأنك تعتقدين أنك غير مرئية. فالتخفِّي يُعطي انطباعًا بالمراوغة.
عندما تقعِين في خطأ، واصلي حديثك إذا كان الخطأ صغيرًا، لكن في حال كان الخطأ كبيرًا قد تحتاجين حينها إلى الإقرار به. الرجال الأقوياء هم أيضًا يفعلون ذلك.
إنَّ الفائدة العظيمة التي تعود من الدخول إلى مكانٍ ما وأنتِ في حالة حضور كامل والتواصل بالعينَين مع الجمهور هي أنكِ تكسرين الحاجز بينكِ وبينهم. هذا من شأنه أن يسمح لكِ بالتواصل معهم، وذلك قد يعني التخلِّي عن النص المكتوب والتحدُّث إليهم. هذا يُعزِّز الطابع الإنساني فيكِ وفي المكان والجمهور.
هذا التفاعل وإقامة حوار مع الجمهور هو من أكبر العلامات الدالة على القيادة والقوة المتزنة؛ وهو ما تمثله الدائرة الثانية.
لقد جعلتكِ تفكرين في جميع العناصر الضرورية لصوتك، وهو ما قد يبدو مزعجًا للغاية! لكني لا أريدكِ أبدًا أن تشغلي بالك بصوتك عندما يكون التواصل مستمرًّا. مع المواظبة على التدريب، سيُصبح صوتك الحُر طبيعيًّا وسيظل رفيقًا لك طوال الوقت.
حينما يحدث هذا، تنصهر نغمة الصوت مع المعنى فيتغلغل في المُستمع التأثيرُ القوي للمعنى الذي تريدين إيصاله.
إذا كانت نغمة الصوت مناقضةً للمعنى، فستُثير حينها حالةً من الإرباك. فنغمة الصوت تسير في اتجاهٍ بينما المعني يسير في اتجاه آخر. على سبيل المثال، تنشأ السخرية من هذا التباعُد والتضارب بين الصوت والكلام. يشتقُّ أصل كلمة «سركاسم» من اللغة اليونانية وتعني «نهش اللحم». عندما يبدو شخصٌ ما أنه ساخر، فإن الكلمات قد تبدو لطيفة، لكن نغمة الصوت لا توحي بذلك.
إنَّ التواصل المباشر والواضح يقضي بأن يسير الصوت والكلام معًا في تناغم.
حينما كنتُ أدرِّس القيادةَ والتواصل الرسمي، كانت الصراحة المباشرة أمرًا غيرَ قابل للتفاوض من الناحية الأخلاقية إذا أراد قائد أن يستخدِم سلطته بمسئولية.
عليكِ أن تفهمي أنه لا مجال لأن يشوب تواصُلك تلاعبٌ صوتيٌّ أو غموض.
لمن هم ليسوا في موضع سُلطة، من المفهوم أن الصوت والمعنى قد لا يتماشيان. إنها طريقةٌ للتصريح بأمرٍ مُثير للجدال دون أن تعرِّض نفسك للسَّجن. ومثالٌ على هذا، الهِجاء والتأثير السياسي في أغاني الأطفال.
يبدو منطقيًّا أن النساء — اللاتي لم يتمتعن بالقوة على مرِّ التاريخ — قد اكتسبن كافة أشكال العادات الصوتية ليقُلْنَ ما يُردن قوله من دون أن يسلكنَ أسلوبًا مباشرًا. وبينما اكتسبت النساء القوةَ الكاملة، صار لزامًا عليهنَّ التخلي عن تلك العادات والحِيَل.
قد تُضطرِّين إلى التضحية ببعض الأصوات المرحة وأشكال التواصُل التي اعتدتِ عليها.