المرأة على قَدَم المساواة مع الرجل
هاكم المرأةَ التي تتمتَّع بحضورٍ كامل ولا يرهبها أن تتطلع بلا تردُّد أو أن يُنظر إليها بوقاحة.
إنها المرأة في أي وقتٍ أو في أي بيئة.
ستُدرك أنها ليست آمنةً في البرِّية أو في بنك وول ستريت. ستجول فعليًّا بعَينيها في كل مكانٍ حولها وترهف السمعَ لما يدور. لن تتوقَّع أن تحظى بالحماية إذا كانت بمفردها. ولن تنظر عيناها لأسفل على الطريق إلا إذا شعرت بوجودِ ثعبان، لكنها كانت ستظل متزنةً في ظل هذا الإدراك الشامل.
ستمضي إلى الأمام إذا احتاجت لذلك بلا تردُّد أو مبرِّر. ستسمح لها فطرتُها بأن تقوم بما تحتاج إلى القيام به، لا أن تتقيَّد بالتصرُّف الذي يُملَى عليها.
ستتراجع إذا شعرت أن ثمة إنسانًا مؤذيًا يُعرِّضها للخطر. ولن تُساير بإعطاء الفرصة لمؤذٍ بأن يقترب منها أكثرَ مما ينبغي أو أن تضحك على مُزحةٍ سخيفة. ستعرف بفطرتها المسافةَ المناسبة المطلوبة التي يجب أن تُحافظ عليها. لن تمكثَ في مكانٍ يُشعِرها بعدم الارتياح. إذا اقترب شخصٌ منها كثيرًا أو تحرَّك نحوها، فستبتعِد. ستُحجِم عن البقاء بالقُرب من شخصٍ قد يؤذيها.
إذا لَزِم الأمر، فإن بمقدورها أن تركض بكل قوَّتها، وبالحذر والكفاءة اللذَين يجعلانها سريعة. يمكنها التسلُّق أو إلقاء حجارة بقوة ودقة.
لم تستمع إلى أي شخصٍ يُخبرها بأنَّ هذه الأنشطة ليست مناسبةً للسيدات.
لديها توازنٌ كامل.
وهذا يعني أنها تحافظ على جسدها في حالته الطبيعية. فلا يُشوِّه حالته الطبيعية أيُّ عادات تسلبها قوَّتها. تقف بقدمَيها على الأرض، فيرتكز بعض الوزن على مقدمة قدمَيها. ويصبح الكاحلان مُتحررَين، والركبتان مرنتَين، والحوض مرتكزًا فوق الساقين، وليس مدفوعًا إلى الأمام أو مسحوبًا إلى الخلف.
تعرف مِن دون تفكير أن نَفَسَها يجب أن يدخل إلى منطقة عميقة في جسدها حتى تُشرك قوَّتَيها الجسدية والصوتية الكاملتَين.
عمودها الفقري مستقيم. وليس منحنيًا أو متيبسًا بشدة. إنه مركزُ بِنيتها الجسدية؛ ولهذا يجب أن يكون في وضعه الصحيح حتى لا يُعيق تنفُّسها أو يومئ إلى العالم بأنها ضعيفة.
كتِفاها والجزء العلوي من صدرها العلوي في حالة استرخاء. ليس مرفوعًا أو منحنيًا؛ إذ إن ذلك سيعيق تنفُّسها وقوَّتها وطريقة تعاملها مع الخوف. والضغط الكامن في أعلى الصدر سيحوِّل الخوف إلى حالة هلع.
يرتكز رأسها أعلى عمودها الفقري، دون أن تبدوَ منحنيةً أو مدفوعة إلى الأمام وبذلك يتسنى لها رؤية العالَم بوضوح والتطلُّع حولها، وليس الاكتفاء بالنظر لأسفل عند الضرورة.
فكَّاها غير مُطبقَين إلا عندما تحتاج، في جزءٍ من الثانية، إلى الهروب أو الدخول في معركة. تكزُّ على أسنانها للحظة كي تستجمع أنفاسَها التي تكفيها حتى تركض أو تضرب، لكنَّ هذا غير مُجدٍ على مدار فترات زمنية طويلة. حتى هذا الإطباق يُعَد إهدارًا للطاقة؛ أما القوة فلا تُهدِر الطاقة. إنَّ الضغوطات غير المُجدية لا تستنزفنا فحسب، إنما تضعِف إحساسنا تجاه العالم من حولنا وتجاه أنفسنا.
تعرف أنَّ النقطتين القويتَين الرئيستَين في الجسم هما مقدمة القدمَين المرتكزة على الأرض، وعضلات البطن السفلية التي يمكن أن تُفعِّل قوةَ جسدها وتنفُّسها وصوتها.
لن تسمح بأي ضغط يشوِّه قوَّتها التي تُعَد مسارَ الطاقة من قدمَيها، لتمرَّ عبْر عضلات التنفُّس السفلية ثم تنطلق من فمِها المفتوح، بصوتٍ أو من دونه. لقد أعادت إلى ذهنها هذا الأمرَ بدفعها لحجرٍ على الجدار. فليس مُمكنًا فِعل ذلك بكفاءة من دون مشاركة القدمَين وعضلات التنفُّس السفلية مشاركة كاملة. وكذلك يضعفها الإجهاد في الكتفين، مثل ذلك الذي في الفكَّين.
تحتاج أيضًا أن تكون لديها القدرة على الالتفات والحركة سريعًا بقدمَيها، ويُبطئها أيُّ ضغط لا فائدة منه في الكاحلَين أو الركبتين أو الحوض.
بالطبع يمكنها الاختيارُ فيما يتعلَّق بقوَّتها. يمكنها تقليلُ قوَّتها الجسدية حتى لا تُخيف أيَّ شخص. ويمكنها كذلك تقليلُ قوَّتها لجذبِ شخصٍ ما. فالاختيار خيارها.
تعرف أنها إذا كانت ترتدي حذاءها المُفضَّل ذا الكعب العالي أو مشدًّا ضيقًا، فإنها تُعرِّض قوَّتها للخطر وأنها مُستعِدة لخلع ذلك الحذاء وتمزيق المشد إذا كانت بحاجةٍ إلى الركض أو الدخول في معركة.
أعتقد أنَّ معظم النساء شعرنَ بهذه الحرية الجسدية. إنَّ الاحتياج الواضح إلى النجاة يمكن أن يُحرِّرنا من عاداتٍ ارتبطنا بها. ربما يحدُث هذا عن طريق التعرُّض لهجومٍ عدواني، أو عن طريق حركة خرقاء تصدر عنا في الشارع عندما نتعثر. وفي محاولتنا لتفادي السقوط، في تلك الثواني القليلة المُحرجة التي خلالها تَصْدُر منَّا حركات خرقاء، يتخلص الجسم من تشوهاتنا الجسدية؛ وعندما نستريح نشعر فجأةً بأننا من الناحية الجسدية صِرنا أكثرَ اتزانًا واتصالًا.
التنفُّس والصوت
يرتبط تنفُّس المرأة التي تتمتَّع بالحضور بجسدها.
يُصبح صوتها حرًّا ومنطلقًا منها.
تتنفَّس تنفسًا كاملًا وهادئًا. لا تتنفَّس بصعوبة؛ إذ إنَّ ذلك سيصبُّ في مصلحة الشخص المؤذي. فهو لا يمكنه سماعُ وجودها فحسب، بل إنه يعرف أن النفَس اللاهث هو نفَس قصير يؤخَذ من أعلى الصدر ويكشف عن ضَعفها.
تعرف أن الرجال يُقاطعون النساء عندما يلهثن.
تعرف من دون تفكير أن قوَّتها تعتمِد على اتساع ضلوعها، وهو ما يسمح لعضلات بطنها بالارتخاء لأسفل في منطقة الأُربيَّة.
سيتحرَّك بطنها إلى الخارج، ولا يتدلَّى إلى الخارج، وتُلاحِظ حينما تحرِّكه عمليةَ التنفس.
وإذا أرادت شدَّ بطنها إلى الداخل فإنها تعرف المخاطر المحتملة. إنَّ ذلك سيُضعِفها. وسيمنع صوتها من أن يكون عميقًا وقويًّا.
إنَّ شدَّ البطن لا يحدُّ من قوة التنفُّس فحسب، بل يرتبط تأثيره بالحنجرة فيغلقها، ولهذا تزيد حدة الصوت. ولأنها تريد قوَّتها وتحتاج إليها، فلن تُمارس تمرينات عضلات البطن بحيث تُصبح مشدودة للغاية لدرجة تُفقدها قوَّتها.
تعرف أن قُدرتها على التأثير، عن طريق استمداد القوة التي تحتاجها من خلال التنفس، تعتمد على أدائها أو حديثها عندما تُصبح مستعدة. فلا تتحدَّث قبل النَّفَس. أو بعده.
فستنطلق وينطلق الصوت منها في التوِّ واللحظة.
تستمدُّ ما تحتاج إليه من التنفُّس. يرتبط العمل المطلوب تنفيذه بعدد الأنفاس التي تحتاج إلى أخذها. فكلما كان المكان الذي تتحدث فيه أكبر، زادت حرارة الفكر أو المشاعر، وازداد إيقاع التنفس.
من ثَم لن تُقيِّد نفْسَها أو، الأهم من ذلك، لن تسمح للرجال بأن يكون وجودهم خانقًا لها.
صوتها حرٌّ ومنطلقٌ منها. يحمل نفسه على أنفاسها ويجد الطريق أمامه خاليًا من العقبات. فلا يُوجَد ما يغلق حنجرتها أو يُكمِّم فاها. فتطوف موجةُ صوتٍ جريئة في المكان. فلا تتراجع، أو تسحب كلامها، أو تخدع صوتها بقوةٍ مُزيفة، أو بزيادةٍ مصطنعة في حدة صوتها. فلا تحتاج أن تُسرع. ولا تخدع نفْسَها.
عضلات وجهها ليست مشدودة، وفكَّاها ليسا مطبَقين في عبوس أو منفتحين بابتسامة. فلها وجهٌ طبيعي، وبعد أي تعبير يظهر عليه يعود إلى حالته المحايدة.
فهي حرَّة وغير مُقيدة.
كانت ستحظى، في عصرِ ما قبل التاريخ، بالاحترام والتقدير بصفتها امرأةً قوية.
لم نمنحها اسمًا هنا؛ لأن هؤلاء النساء لم يُمنحنَ اسمًا مِن قبل. فكِّر في ساحرات مسرحية «ماكبث».
رجال غير ناضِجين
يَستخدم الرجل المسيطر من الدائرة الثانية قوَّته لحماية مَن هم في رعايته، وليس لمهاجمتهم. ولأنه يجِد راحته في دوره، فإنه يستمتِع بصُحبة الأشخاص الأقوياء، من بينهم نساءٌ قويَّات، باعتبارهن مكافِئات له.
لكنَّ هناك رجالًا يشعرون بالخوف تجاه رجولتهم لدرجةِ أنه من المُستحيل بالنسبة إليهم قبول مساواتهم مع النساء المُحيطات بهم.
لقد سمِعت لأول مرة مصطلح «رجل غير ناضج» من قائدٍ في القوات الجوية الخاصة البريطانية كنت أُدرِّبه في ثمانينيات القرن العشرين. كنت أستمتع دائمًا بتعليم الرجال الأقوياء. لا يُربك المرأةَ أن تكون برفقةِ رجل يقبَل بمساواتها. هذا لا يعني أننا لا نتناقش ونختلف، ولكننا نتجنَّب أن ننتقِص من القوة أو الأصالة في كل واحدٍ منَّا. إن مساواة المرأة بالرجل ليست محلَّ تشكيك أو تملُّق أو انتقاص، فهي لا تُخيفها قوةُ الرجال.
هذا الحوار مع قائد القوات الجوية الخاصة قاده إلى أن يقول: «… حسنًا، هذا لأننا لسنا رجالًا غير ناضِجين.» فهمتُ على الفور مَن هم الرجال الذين كان يصفهم.
كانت الملاحظات على القردة أيضًا ذاتَ صلةٍ في هذه اللحظة: القِرَدة الصغيرة التي تقفز هنا وهناك المُنتمية إلى المتظاهرين بالقوة من الدائرة الثالثة، التي كانت تتحدى أصحابَ القوة الحقيقية، تلك القِرَدة المسيطرة المُتزنة. فكانت القردة الصغيرة تلجأ إلى القوة والبلطجة لتُثيرَ الفوضى والدمار في مجتمعها، فتدمِّر المكان وكذلك المجموعة.
كان هناك دائمًا رجالٌ غير ناضجين، لكن في ثمانينيات القرن العشرين أصبح دعمهم أمرًا رائجًا، ليسمحوا لهم في النهاية بتولِّي القيادة. وفجأة، لم ينضج هؤلاء القادة ولم يتحمَّلوا المسئولية، وكان هذا إلى جانب ما فيهم من جشعٍ ونرجسية.
قلَّدت بعض النساء الرجالَ من الدائرة الثالثة، وشقَقنَ طريقهن طلبًا للسلطة، وتسكَّعن مع الشباب، وشربنَ معهم، ونِمْنَ معهم، ومارسن البلطجة معهم ودمَّرن المجموعات معهم.
في حين أن ثمَّة نساء أخريات انتقلنَ إلى السُّلطة سلكن طريقًا معاكسًا: انسحبن إلى الدائرة الأولى، ولم يتسنَّ ملاحظتهن إلا عند الحاجة إليهن. اهتمَّت هؤلاء النساء بجمع المعلومات والبيانات وبناء العلاقات ووضع الاستراتيجيات. ليس ممكنًا لأحدٍ أن يشعر بالأمان في وجودِ قائدٍ من الدائرة الثالثة. عندما تكونين تحت قيادة رجلٍ غير ناضج، يجب أن يكون حضورُ المرأة من الدائرة الثانية مَخْفيًّا. يجب عليهن إخفاءُ قوَّتهن، وذكائهن، وموهبتهن.
تعلَّمت النساء أن تُرضي الرجال الذين يُمارسون سلطةً عليهن، وهو أمرٌ مرهق ومُهين ومُخزٍ. إنهن يُرضِين الرجال بصوتهن «الأنثوي»، وبالابتسامة والضحك على نِكاتهم، وبامتناعهن عن إزاحة أيديهم عن أفخاذهن والابتعاد عندما لا يُمكنهن تَحمُّل رائحة أنفاسهم الكريهة.
تلك هي العادات التي يُلجَأ إلى مُمارستها من أجل الحفاظ على وجودهن.
عندما يكتشف الرجل غيرُ الناضج هذه الطريقةَ البسيطة، يشعر بأنه خُدِع، فيعاملنا بقسوةٍ جزاءً على ذلك.
لم يقدِّم شكسبير للنساء في أعماله الكلمات والأفكار التي تُثبت مساواتهن فحسب، إنما أظهر كيف للقوة الذكورية غيرِ الناضجة أن تُدمِّر كلَّ شيء. وأن سوء استخدام القوة غالبًا ما يبدأ بتدمير المرأة التي تقول الحقيقة.
في مسرحية الملك لير، ينفي لير ابنته المُفضَّلة — كورديليا — لأنها قالت الحقيقة. إنه رجل غير ناضج في سنِّ الثمانين. يريد أن يكون محبوبًا، يُخفي الحقيقةَ بأساليبَ مُضلِّلة، وبالرغم مما لدَيه من صفاتٍ قيادية رائعة، إلا أنه يريد كلَّ شيء. يريد جيشًا دون أن يتحمَّل المسئولية، يسعى إلى مخالفة قوانين التوريث ليُلائم وضعَه الرغيد في العالم.
لقد خاض رحلةً شاقَّة ليتعلم دروسًا في التواضُع والعدل. كان عليه أن يُدرك أن تصرفاته تجاه بناته خاطئة، وكانت آخر كلماته التي نطقها «من فضلكِ» و«شكرًا».
يجب على النساء في مناصب القوة ألا يغريهن تقليدُ سلوك الرجال غير الناضجين.
بالرغم من أنَّ هؤلاء الرجال يسخرون منهن لكونهن جادَّات، دقيقات، صادقات، مخلصات، فعليهنَّ مقاومة أن يكُنَّ «شبيهاتٍ بالرجال» الذين لم ينضجوا بَعْد، وشبيهات بالرجال القاسين الذين لا يُمكنهم أن يضعفوا بما يكفي ليقولوا: «آسف، كنت مُخطئًا.»
الترويض
نعلم أنَّ في زمنٍ قديم كانت المرأة مكافئة للرجل. وتقاسمت معه قوةً متساوية في القيادة، وكان لكليهما القوة السياسية والروحية.
إنَّ بداية التحضُّر، وإخفاء معالم الطبيعة، وبناء الأسوار والطرق، وبناء جيوش قوية لتغزوَ وتنتصِر، كانت على الأرجح بدايةَ النهاية لمساواة المرأة بالرجل. كانت النساء اللاتي واصلنَ ممارسةَ القوة يتعرَّضن للمطاردة والحرق والرجم بالحجارة. تدلَّلت النساء الجميلات العزيزات وجُبِلن على الخضوع، وتلقَّين معاملةً فيها كثير من الاهتمام والحب المشروط حتى أصبح بعضهن مترفاتٍ وغير قادرات على العناية بأنفسهن.
تعتقد هؤلاء النساء أنهن في أمانٍ في الوقت الذي لا يَنعَمْن به. وكثيرًا ما يُكافأن لكونهن في حالة احتياج. إنَّ النساء اللاتي يعشنَ في حماية الرجال يشاركنهم في كراهية النساء القويات.
لا يزال من مصلحة بعض النساء أن يُطَوَّعن لسيطرة الرجال. لا سيما إذا كان هذا الرجل ثريًّا.
أفكِّر في تلك القطط الجميلة الناعمة التي تجدها في المنازل الدافئة المريحة. قلَّما تغادر المنزل، ربما تتجوَّل في أرجاء الحديقة، دون أن تُحاول اصطيادَ أي طائر أبدًا.
المرة الأولى التي رأيت فيها واحدةً من تلك القطط كنت في السادسة من عمري، في منزل في بريمروز هيل، كان يمتلكه زميل والدي. أبهرني إحساسُ الأمان الذي لا بد أنها كانت تشعر به دون أن تُكدِّره أيُّ ذكريات تنطوي على خطرٍ. لكن الأمر كان أكثرَ إثارةً للاهتمام. كانت حياتها المريحة التي لا يُكدِّرها أيُّ تهديد قد أخمدَت غرائزها الطبيعية التي تدفعها إلى النجاة.
أَسَرَتني القطة وهي نائمة وقدماها مدسوستان تحت ذقنها. لم تكن قطةً خائفة أو متأهبة. لم تحتَج إلى تحريك مِخلبها سريعًا. تُراقب وتعرف كلَّ شيء عن المنزل، حتى القادمين والذاهبين، دون خوف ودون الحاجة إلى الهجوم أبدًا. بدت لي أنها قطةٌ مُملة. لم تكن نشيطة، ولكنها راضية وسعيدة على ما يبدو. فرُوِّضت لتُصبح وديعةً مُطيعة.
أما القطة البرية التي أحضرها أخي من المدرسة عندما كانت صغيرة فهي مختلفةٌ تمامًا. كان المِخلب يحمل دائمًا احتماليةَ أن تنقضَّ عليك أثناء صعودك الدَّرَج. بالتأكيد لم تروَّض قط، ولهذا السبب أُطلق عليها أوسكار. أوسكار وايلد. لكن والدتي، التي أحبَّت تلك القطة، لم تُخدَش منها قط. أعتقد أن والدتي كانت تشعر أنها رُوِّضت، وأنه كان يجب أن يُسمَح لها بإظهار مخالبها في العالم.
في نظر بعض النساء، ليس هناك مزيةٌ في الإعجاب برجلٍ أو بثروته لتتحمَّل هذا الترويض. عليهن مواجهة كراهية الرجال لطبيعتهن الجامحة، أو أن تُخفِي قوَّتهن أو تحجبها استراتيجياتٌ قد تتضمَّن أشكالًا من الخداع.
يجب بذلُ كلِّ هذا المجهود المُرهق عندما لا يُنظر إلينا على أننا مكافِئات للرجال.