الريف المكنون
«فِي مُجتمَعٍ تَسودُه الثَّقافةُ الشَّفهِيَّةُ ويَفتقِرُ إلى فَضيلةِ التَّدوينِ، يُصبِحُ تَسجِيلُ الوَقائِعِ اليَوميَّةِ فِي رُقعَةٍ محَدُودَةٍ ضَربًا مِنَ ارْتيادِ الصَّعب. أمَّا العَودةُ بِالزَّمانِ القَهقَرَى لتَسجيلِ تَفاصيلِ الحَياةِ اليَوميَّةِ قبلَ ثُلثِ قَرنٍ أو يَزيد، وفِي مِساحَةٍ يَعجزُ الحاسِبونَ عَن قِياسِها، فذَلِكَ مُرتقًى صَعْب.»
تَتَسارَعُ وَتيرَةُ الحَياةِ وَتَغزُو التكنولوجيا حَياتَنا حتَّى غدَتْ جُزءًا أَصيلًا مِنها، وفِي ظِلِّ هَذا الغَزوِ الصِّناعِي يَرى المُؤلِّفُ ضَرورةَ التَّوثِيقِ لثَقافةِ الرِّيفِ السُّودانِيِّ العَريقَة، والَّتي تَضرِبُ بِجُذُورِها فِي التَّارِيخِ لآلافِ السِّنين؛ وَذلكَ عَن طَريقِ استِعراضٍ وَصْفيٍّ لِعَددٍ مِنَ المُصطَلَحاتِ المُتنوِّعة، مِثْل: أَنْواعِ الأَرض، عِلمِ الأَنْواء، أَسْماءِ الطُّيُورِ والحَشَراتِ والحَيَواناتِ الأَليفَةِ والبَرِّيَّة، أَدَواتِ الصَّيدِ والقَطعِ والطَّرْق، الأَطعِمَةِ الشَّعبيَّة، الأَدبِ الشَّعبِي، المَلابِسِ والأَحذِيَةِ والحُلِي، أَسماءِ الشُّهُورِ السُّودانِيَّة، أَلعابِ الصِّبْيانِ وَالأَلغازِ الشَّعبيَّة … فَالكِتابُ يُمثِّلُ نَافِذةً لِلقَارئِ عَلى نَمَطٍ مَنسِيٍّ مِنَ الحَيَاةِ قدْ باتَ مَهجُورًا رغمَ حَيَويَّتِه، ولَهُ مُعجَمٌ لُغَويٌّ ثَرِيٌّ تِجاهَ الإِنسانِ والطَّبيعَةِ والمُجتَمَع.