الدِّينُ والعِلمُ والمال
يبرزُ لنا الكاتب أحد المذاهب الفكرية السائدة أوائل القرن العشرين، حيث يتناول نظرية الملكية عند كارل ماركس؛ وَفَحْوَاها :أن الإنسان هو المالك الحقيقي لكل المقدرات الصناعية والزراعية والتجارية؛ لأنه الآداة الفاعلة في تحريكها مجسدًا ذلك في صورة مدنٍ ثلاث تجسدُ مرآة النفس الإنسانية في صور الدين والعلم والمال، حيث يُجلِي لنا الكاتب الطابع الخاص لكل مدينةٍ من تلك المدن من خلال التجول بين أرْوِقَتِهَا، ويسْتهلُ رحلته بمدينة المال التي وجد أهلها يرتدون ثيابًا ويسكنون بيوتًا متأنقةً في مظهرها ولكنها تفتقرُ إلى ينابيع نهر السعادة؛ لأنها تُحْكَمُ برنين أصوات المال، ولا ملجأ للإنسانية فيها، ومدينة العلم التي تحمل بساطَةً في المظهر وعِظَمًا في الجوهر؛ لأن العلم كندى السماء ولا يبقى الندى نقيًا إلا إذا وضع في إناءٍ نقيٍ، ومدينة الدين التي تطوِّع المال والعلم لمآربها مرتديةً ثوب الزهد والتصوف، تلك المدن الثلاثة التي يُبقيها الإيثار وتُفنيها الأُثَرَة ورغبة الانفكاكِ من كل قيد يقدس قيم النفس الإنسانية.