الجلسة الثانية
وفي الليلة التالية ازدحمت الحديقة بالأقدام ازدحامًا شديدًا، ذلك أن الخطب التي أُلقيت أمس حمَّست السكان ولم يكن في المدن الثلاث في ذلك النهار حديث في غيرها. وقد حدثت بعد العصر عدة فتن في مدينة المال بين العمال وأصحاب الأعمال فاضطرت الجنود إلى المداخلة إعادة للنظام، ولذلك كان عدد الجند حول الحديقة في هذه الليلة أكثر منه في العادة.
ولما انتظم عقد الاجتماع وجلس الشيخ الرئيس في كرسيه وعلى وجهه لوائح القلق واشتغال البال أنصت الجميع، فقال الشيخ الرئيس: كملوا يا أولادي مباحثتكم في مصالحكم واذكروا وصيتي لكم بالهدوءِ والسكينة.
وكانت هذه الجلسة مخصوصة بالعلم ورجاله، فنهض زعيم كبير من صفوف رجال الدين وابتدأَ يخطب في الجمع بصوت جهوري، فقال:
دعوى أهل الدين
أيها السادة:
لما كنت أصغي إلى الخطب الثلاث التي ألقيت أمس كنتُ أظنني في حلم؛ لأن الخطباء الثلاثة بعد كل ما ذكروه في أثناء كلامهم لم يدخلوا في أساس الموضوع، فكل كلامهم كان خارجًا عن دائرة المسألة.
إن المسألة الكبرى التي هي مسألة المسائل في الهيئة الاجتماعية هي «كبح هوى الإنسان» أي وضع شكيمة تضبط شهواته وأهواءَه لأن الاجتماع مستحيل من غير هذه الشكيمة. وهذا هو السبب في نزول الأديان وقيام المهذّبين والمرشدين ليعلّموا البشر أنهم لا يكونون بشرًا إلا إذا كسروا حدتهم وقللوا طمعهم وسكَّنوا أهواءَهم وسامحوا المسيئين إليهم، إلى غير ذلك، ولكن تعالوا وانظروا ماذا يصنع أهل الكفر والضلال.
فصاح صائح من بين صفوف أهل العلم: لم يصنعوا شيئًا سوى أنهم نقلوا الجنة من السماء إلى الأرض.
فأتمَّ الخطيب كلامه دون أن ينتبه إليه قائلًا: إنهم قاموا يعلِّمون الناس الانفكاك من هذه القيود الأدبية الجميلة التي حفظت الهيئة الاجتماعية إلى اليوم، فإنهم يحرِّضون الضعفاء على أن يتمتعوا بالحياة كالأقوياءِ، ويعلمونهم أن ذلك من حقهم لأنهم الأكثرية، وأن اللذات الموعودين بها فوق، تعويضًا لهم عمَّا فاتهم منها هنا، إنما هي لذات وهمية، وبهذا التعليم أيها السادة يهدمون نظام الاجتماع الذي يزعمون أنهم حفظوه ويثيرون كل ما في نفس البشر من الأحقاد والضغائن والشهوات الحيوانية.
فصاح حينئذٍ صائح من صفوف العمال: كم أعطاك أهل المال لتقوم مدافعًا عنهم؟
وصاح صائح آخر منهم: لا عتب علينا نحن العوام إذا كنا نطلب التمتع بخيرات الأرض، ما دام رجال الدين قد سبقونا إلى ذلك منذ أزمان.
فأتمَّ الخطيب كلامه قائلًا: فأهل الضلال هم السبب في كل هذه الفتن وهذه الاضطرابات، ولست أسميهم «أهل العلم» لأن العلم الحقيقي براءٌ منهم، وها في صفوفنا نحن كثيرون من أهل العلم الحقيقي ينكرون تلك البدع المهلكة.
أيها السادة، إن بابل ونينوى وسدوم وعمورة إنما خربت وصُبَّ عليها غضب الله لأنها أطلقت أهواءَها وشهواتها من كل قيد، فهل ترومون أن يصيبنا ما أصابها.
هؤلاء المصلحون أصلحهم الله يريدون الاشتراكية، أي يريدون هيئة اجتماعية فيها الجميع إخوة وتكون إدارتها تهتم بالجميع، فعافاكم الله أيها المقلِّدون الذين يُسمون أنفسهم مخترعين، ألا ترون أن هذه الهيئة هي هيئتنا نفسها، فتعالوا إذًا إلينا، ولكنكم لا تأتون لأن اشتراكيتنا نحن مبنية على المحبة والرفق لا على العنف والغصب، نحن نعتبر الكبير فينا صغيرًا والصغير فينا كبيرًا، وأما أنتم فتريدون أن تكونوا كلكم كبراءَ، نحن نجامل الجميع ونساوي بين الجميع لنرضي الجميع وأما أنتم فتريدون جعل الفقراءَ أغنياءَ والأغنياءَ فقراء، نحن نطلب خيرات الدنيا لنفرقها على غيرنا وأما أنتم فتطلبونها لتدفنوها في بطونكم.
«فالفرق بيننا وبينكم في المسألة الاقتصادية كالفرق بين الخير والشرِّ والبياض والسواد، أنتم تحرِّضون وتهيجون ونحن نسكِّن ونهمِّد، والله من أعالي السماءِ يعلم أينا أنفع للهيئة الاجتماعية.
فصاح حينئذٍ صائح من بين العمال: هذا افتخار مَنْ يكبح جماح البقرة ويمسكها لِمَنْ يريد حلبها.
وصاح صائح من فريق أهل العلم: نراكم صرتم تفتخرون بفوائد مبادئكم بدل الافتخار بصحتها.
فأجاب الخطيب: إن المفيد يكون صحيحًا دائمًا.
فصاح واحد آخر من فريق العلم: إن دين بوذه وكونفوشيوش وبرهما صحيح أيضًا لأنه مفيد. فاستشاط الخطيب غضبًا حينئذ وصاح مخاطبًا أهل العلم: كل المذاهب خير من مذهبكم، ونحن سواءٌ كنا مسيحيين أو مسلمين أو إسرائيليين أو بوذيين أو براهمة أو كونفوشيوشيين كلنا على اتفاق ضد مبادئكم المهلكة.
فصاح صائح آخر من فريق العلم: هذا افتراءٌ فظيع علينا فإننا نؤمن بالله مثلكم.
فاشتد غضب الخطيب فقال: نعم تؤمنون بالله لتتخذوا هذا الإيمان ستارًا تنشرون وراءَه مبادئكم، وهل تحسبوننا بلهًا إلى هذا الحد حتى نكتفي منكم بالإيمان بالله، فإما أن تؤمنوا كما نؤمن نحن أو تكونوا جاحدين، هل تؤمنون برسالات الرسل والأنبياءِ والأقانيم الثلاثة وعلم الله بكل شيءٍ ومقدرته على كل شيءٍ والبعث والحساب في عالم آخر فيه جنة وفيه نار، كلا إنكم لا تؤمنون بذلك، ومع ذلك تنادون: «أن علمكم موافق للدين»، وعلمكم لا يكون موافقًا للدين عندنا إلا متى أضاف إلى إيمانه بالله الإيمان بهذه الأمور لأنها هي الدين، فتدجيلكم أجيزوه بعد الآن على السذج لا علينا.
فقطع كلامه أحد رجال العلم قائلًا: هل تعلمون سياستكم هذه إلى أي هاوية تجركم؟
فأجاب الخطيب: كل الهاويات عندنا مقبولة بالنسبة إلى هاويتكم، إنكم تهدمون ما بنيناه في عدة قرون، إنكم تضعضعون الهيئة الاجتماعية من أساسها، فعلينا محاربتكم بكل سلاح.
«ولكن خبرونا ماذا تريدون أن تضعوا بدل الشيء الذي تطلبون هدمه، لا ريب أنكم تعلمون المبدأ القائل: «لا يمكن في الاجتماع هدم شيءٍ إلا متى أمكن وضع شيءٍ آخر مكانه يقوم مقامه»، فماذا تضعون موضع الدين؟ أتضعون العلم؟ لله ما أسخف أحلامكم، اذهبوا وقولوا للناس وخصوصًا للشعب المسكين: يجب عليكم أن تحبوا قريبكم من أجل العلم، وتصنعوا الخبز من أجل العلم وتعفوا عن مال غيركم إكرامًا للعلم، ولا تصنعوا شرًّا في السر ولا في العلانية إكرامًا للعلم. وحينئذٍ تسمعون الجواب، ولكن ويل للهيئة الاجتماعية في ذلك اليوم الذي تقطع بيدها الأثيمة قيود خوف الله ورهبة الدين لتجرب هذه التجربة الهائلة.
فقطع هنا كلامه خطيب العلم السابق قائلًا: هل تسمح لي أن أجيبك الآن عن هذا الكلام؟
فقال الخطيب: إذا كان جوابك وجيزًا فلا بأس.
فقال المعترض: معاذ الله أن نروم هدم الدين كما تفترون علينا، وإنما نروم هدم الأوهام والخزعبلات في الدين، فلماذا تجعلون هذه قسمًا منه، وأول هذه الخزعبلات قولكم إن الإنسان لا يمكن أن يعبد الله ولا أن يفهم الكتب الدينية إلا بواسطة كاهن أو شيخ، وبذلك تضعون أنفسكم بين الله وبين عباده رفعًا لشأنكم وطلبًا للفائدة لكم، وهذا ما جعل بعض رجال الدين في بعض خطبه العمومية يفضل الذبيحة اليومية في الكنيسة على كل ما في الديانة المسيحية من الفضائل وروح الكمال، فنحن إذا حاربناكم فإنما نحارب هذه السيطرة على عقول الناس، أي نحارب اتخاذ المبدأ سبيلًا للمصلحة.
«أما ماذا نضع موضع الدين؟ فهذه مسألة يجيبكم عنها علماء الفلسفة الوضعية أو الحسية، فإنهم يقولون: إن للبشر ثلاثة أطوار: طور الطفولية وهو الاعتقاد بأن العالم محكوم بالأرواح الآلهة، وطور الشباب وهو البحث في ما وراء الطبيعة، وطور الرجولية وهو طلب الهيئة الاجتماعية «نفع الناس» بناءً على «الواجب» ومحبة الناس والعقل والمصلحة المتبادلة. وهم يقولون: إن البشر متى وصلوا إلى هذا الطور صاروا يعملون ما يجب عليهم عمله من غير إرهاب ولا تشويق بل بسائق فطرتهم ومصالحهم المتبادلة المحصورة في هذه العبارة «يجب أن لا أصنع بالناس إلا ما أريد أن يصنع الناس بي».
فصاح الخطيب: إذن تكون قصارى فلسفتهم أيها السادة أن يأكل الناس ويشربوا ويناموا ويعيشوا معيشة الخنازير. هذه هي «المعيشة الوضعية» وكثيرون من البشر هذا شأنهم اليوم، وهم يضيفون على ذلك التمتع بكل شهواتهم وأهوائهم الحيوانية، فهل يكون في المستقبل أيها السادة هؤلاء الحيوانيون العابثون بكل شيءٍ مصيبين والذين صرفوا حياتهم بالعفاف والزهد والفضيلة والخير والصلاح مخطئين، هل المستقبل سيذبح الفضيلة هذه الذبحة الهائلة بأن يثبت أن أولئك كانوا أقرب إلى الحقيقة من هؤلاء، إذن ما أفظع الحاضر وما أقبح المستقبل، ويا هاويات الفناء، يا جحيم العدم، ابتلعينا منذ الآن وأريحينا من حاضر فظيع ومستقبل قبيح.
ولكن لا لا، إن الله موجود أيها السادة «وكل ما في الطبيعة يدل عليه ويشير إليه، ولا ينكره إلا الأشرار الذين يخافون عدله»، ونحن لا نعلم هل يوجد في العالم بشر تكفيهم تلك المعيشة الخنزيرية المجردة عن كل عاطفة إنسانية كريمة وكل جنوح إلى ما وراءَ الطبيعة، ولكننا على ثقة من أنَّ في العالم قومًا لا تكفيهم هذه المعيشة الحيوانية، بل إن نفوسهم الشريفة وفطرتهم السامية تجنح دائمًا إلى خالق الطبيعة وواهبها قواها، إلى الآخرة التي هي وطننا الحقيقي، إلى الحياة الروحية التي هي الحياة الحقيقية، وبناءً على ذلك يكون علمكم وفلسفتكم مما يرضي قسمًا من الإنسانية فقط، والقسم الثاني لا يستغني عن علمنا وفلسفتنا، أي عن مبادئنا الدينية، ولذلك يكون الدين من حاجات قسم كبير من الناس لاختلاف قلوب الناس باختلاف فطراتها ولأن أصوله مغروسة في النفوس لا في الكتب والأوراق.
فصاح به المعترض: ولكن هذا الفريق من الناس ينقرض متى دخلت الإنسانية في الطور الثالث من أطوار الفلسفة الوضعية التي تقدم ذكرها.
فصاح الخطيب ضاحكًا ومتهكمًا: انتظروا فإننا معكم منتظرون، ولكن على افتراض أن هذا القول صحيح هل يجوز جرح عواطف النفس بمهاجمة معتقداتها قبل حصول هذا التغيير ودخول الإنسانية في طور التحول عما بين يديها؟
فأجاب المعترض: نحن نجاهد كالرسل والأنبياء، ولولا هذه المجاهدة لما تقدمت المبادئ، وهل تظنون أن المسيحيين والمسلمين لو انتظروا حصول التغيير في الأرض من مجرَّد سير المبادئ كانوا قد وصلوا إلى ما وصلوا إليه؟
فصاح الخطيب وقد فرغ صبره: بئس هذا الجهاد الذي تقومون به، فإنكم تهدمون به كل شيءٍ محبوب إلينا. وأي شيءٍ سلم من هدمكم، لقد هدمتم الدين وهدمتم الوطن وهدمتم الجيش وهدمتم العائلة وهدمتم العادات الجميلة المقدسة.
فضحك هنا كثيرون من فريق العلم وقال أحدهم: إنك تتسلح بالمبادئ الوطنية وبالدفاع عن الجيش تقوية لحجتك؟
فقال الخطيب: وهل تنكرون أنكم أفسدتم الفكرة الوطنية وشوَّهتم مبادئها المقدسة، أما نسمعكم دائمًا تعلمون الناس أن البشر إخوان وأن الحدود يجب أن تُزال من بين بني الإنسان، فما معنى هذا عندكم، أليس معناه تسليم الوطن للأجانب؟ ثم أما أنتم الذين تدعون إلى نزع السلاح وقصدكم من ذلك إضعاف جيشنا لكي يصبح غير قادر على مقاومتكم يوم تريدون إنفاذ أغراضكم، أما أنتم الذين تحرضون الجنود على الفرار من الخدمة العسكرية؛ لأنها عارٌ في مذهبكم لقيامها على حمل السلاح وسفك الدماءِ، وتنشرون المنشورات بين صغارهم ليعصوا قوادهم ولا يكبحوا جماح العمال في أوقات الاعتصاب، أما أنتم الذين أدخلتم الطلاق في العائلة فضعضعتم به أساسها وأساس الهيئة الاجتماعية ثم تريدون الآن توسيع نطاقه بإعطاءِ كل واحد من الزوجين حق الطلاق حينما يطلب ذلك وإن لم يرضَ به الثاني، أما أنتم الذين تدعون إلى إباحة الزواج من غير زواج والعياذ بالله، أي من غير عقد رسمي سوى رضي الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل، ومتى شاءا يفترقان كما اجتمعا.
فصاح حينئذٍ كبير من فريق رجال العلم: يظهر أن هذا الكذب لا حدَّ له عندكم فإنكم تنسبون إلينا كل أعمال الاشتراكيين مع علمكم أننا براءٌ منها.
فقال الخطيب: ولكن أليست هذه كلها نتائج مدنيتكم هذه، إنما أردنا أن نظهر للأمة الهاوية التي تجرون البلاد إليها إذا بقيت لكم الحرية، فإنكم تعطلون عقائد الأمة بجرها إلى الإلحاد، وتثيرون الحرب الأهلية بتحريضكم الصغار على الكبار والضعفاء على الأقوياء، وتفرقون الجامعة الوطنية والدينية بدعوتكم إلى الإخاء والتعاون الإنساني، وتضعفون قوة البلاد بمقاومة جيشها وإهانته في كل يوم، وتهدمون الهيئة الاجتماعية والفضائل المدنية بمحاربتكم العائلة ووضعكم الفاحشة موضع الزواج المقدس اللطيف.
هذه ثمار أعمالهم أيها السادة، ومن ثمارهم تعرفونهم، فلا يفتخروا بعد الآن بأنهم حفظة «النظام المطلق» مع أنهم مضعضعوه، إن النظام يقتضي قبل كل شيءٍ «إنكار الذات» أي أن يتنازل الإنسان عن شيءٍ من حقوقه في سبيل المصلحة العمومية إكرامًا للذين يخدمون وينفعون، فالرؤساء والحكام والأغنياء والكبراء يتفانون في الخدمة العمومية ونفع الأمة، ولذلك يجب على أفراد الأمة أن ينكروا ذواتهم قليلًا ويتركوا لهم شيئًا من حقوقهم في مقابلة متاعبهم ومسئوليتهم، ولذلك تكون المساواة المطلوبة بين هؤلاء وأفراد الأمة عبارة عن وهم وخيال، أما المساواة الممكنة الحقيقية أيها السادة فهي تكون في السماء لدى الله لا في الأرض بين الناس.
وهنا فرغ الخطيب من خطابه وجلس وهو يمسح العرق عن جبينه، ويظهر أن الغيظ الذي كان في أثناء كلامه يجيش في صدور العمال والغلاة من أنصارهم قد طفح حين سكوت الخطيب، فهاجوا وماجو وصرخوا صرخة واحدة قائلين: «فليسقط الظالمون»، وصاح أحدهم: «قلتَ إن المساواة وهم وخيال فالوهم معتقدك والخيال في دماغك أما المساواة فسنحققها أو نموت»، وصاح آخر: «إن قولك وهم وخيال ينقض كل الأديان ولكن لا يهمكم دينكم ما دامت مصلحتكم مصونة»، فردَّ عليهم حينئذ فريق من رجال المال ورجال الدين، وعلت الضوضاء واحتدم الجدال وتماسك فريق منهم بعضهم ببعض وتضاربوا فعمت الفتنة الحديقة كلها واضطرت الجنود إلى المداخلة حفظًا للأمن، ولكن الجنود لم تتمكن من ذلك إلا بشق النفس لعظم الاضطراب، ثم انجلت الفتنة عن جريحين حملا إلى المستشفى بحالة النزع، وأخرجت الجنود الناس من الحديقة وفرقتهم في المدن الثلاث لأن التحمس كان شديدًا.