الجلسة الثالثة
وفي اليوم التالي انتبه السكان على أصوات جلبة العمال واجتماعهم في الشوارع والأسواق أفواجًا لاعتصابهم وتركهم العمل بتاتًا في ذلك اليوم، فتفاقم الخطب وازداد الاضطراب، لكن لما بلغ العمال أن شيخ أهل العلم سيخطب في تلك الليلة ردًّا على خصومهم خمدت قليلًا نار حدتهم، ولما أمسى المساء غصت الحديقة بالناس حتى لم يبقَ فيها مكان لموضع قدم، وكانت جميع الأبصار حائمةً على صفوف أهل العلم لتشاهد شيخهم الكبير الذي كان لا يخرج من خلوته في مدينة العلم، ولا يحضر المجتمعات العمومية ليبدي رأيه فيها إلَّا في أشد الأوقات، وبينا هم يتطاولون نحو صفوف العلم انفرد من هذه الصفوف شيخ مهيب جليل كلل الشيب رأسه وهو يناهز السبعين، فجلس على كرسي منفرد كان موضوعًا على دكة، وابتدأ خطبته والناس سكوت كأن على رءوسهم الطير، وكان حليم جالسًا مع رفيقه في الزاوية التي تقدم ذكرها قريبًا من شيخ العلماء والشيخ الرئيس، وقد صار شديد الاهتمام بما عليه أهل هذه المدن من الاختلاف بعدما سمعه في الليلتين السابقتين.
أما شيخ العلماءِ فإنه أنشأ يقول:
خطبة شيخ العلماء
أيها الإخوان:
قرأت اليوم في الجرائد خطبة أخينا المدافع عن الدين الحامل على العلم حملة منكرة، فخيل لي وأنا أقرأها أنني في مشهد صراع وأن الخطيب مصارع يطلب إعدام خصمه لا إقناعه، فذكرت حينئذ مشهدًا كهذا المشهد فيه فكاهة وعبرة معًا، فإنني كنتُ أسمع مرة أحد المتحمسين في الدين يدعو إلى دينه، فكان يتكلم بصوت كالرعد القاصف ويخبط الهواء بيديه خبطًا متواليًا ويرفس الأرض بقدميه رفسًا شديدًا وينادي ملء فيه: إن البشر لا يستغنون عن الدين، إن دينه خير الأديان كما ورد في كتابه، ثم أردف ذلك بأقوال عن العلة والمعلول والفاعل والمفعول والواجب والممكن وغيرها، فلبثت في مكاني مبهوتًا وأنا أقول: إن هذا الرجل يطلب أن يدلنا على طريق السماء ومع ذلك فإنه يغطي وجهها بالغبار الذي تثيره حدته، وبالسحب المتراكمة من أقواله الجافة الغامضة التي لا يفهم سامعوه لها معنى، والتفتُّ لأرى حالة سامعيه، فأبصرتُ في زاوية أمامي فتاةً جاثية على بلاط الأرض ووجهها لاصق بالثرى، وهي تصلي ولا تسمع شيئًا من كلام ذلك المتحمس، فثارت نفسي لهذا المشهد وقلت إن هذه الفتاة بلطفها وهدوئها وسكوتها تعرف طريق السماءِ وتؤثر في الإرشاد إليها أكثر من ذلك الواعظ البليغ الفصيح.
وإن سألتم لماذا يكون تأثير هذه الفتاة مع سكوتها أوقع في النفوس من تأثير ذلك الواعظ المتحمس مع كثرة كلامه؟ فأجيب: ذلك لأن هذه الفتاة تتمسك بأسمى مبادئ الدين ولا تلتفت إلى ما بقي، وأسمى مبادئ الدين التسليم والاستسلام إلى الخالق، وترك الدنيا لطلب ما وراءها لا للاستيلاء عليها وعلى عقول ساكنها، بماذا كبرت الأديان وشرفت وعظمت؟ هل كان ذلك بالحروب والسيوف والمدافع؟ كلّا وإنما كان ذلك بدم الشهداء، أي بتسليم الإنسان نفسه إلى كبرياء المخلوق اعتمادًا على عدل الخالق، وقد كان الخالق عادلًا، فإن ذلك المسيحي الذي كان يحتمل كل عذابات الموت بسكوتٍ وفرح وشكر لله لأنه اختاره ووجده أهلًا لأن يتعذب من أجله، وذلك العربي الذي كان في واقعة اليرموك يهجم طالبًا الموت مناديًا «يا محمد أمتك أمتك»، قد أسسا في العالم أديانًا عظمى وممالك كبرى، فكان انتصارهما عظيمًا.
«فدماء الشهداء أيها السادة وظلامات المظلومين هي التي نصرت الأديان وجعلت على هامة الدين إكليلًا من الجمال والسناء، فاحذروا أن ترفعوا هذا الإكليل عن هامة الدين، وإنكم لترفعونه عنها وتضعونه على هامة قوم غيركم يوم يصير الشهداء في صفوف غير صفوفكم، فينتقل يومئذ صولجان العظمة والجمال منكم إلى أولئك الذين تعادونهم وتعذبونهم، إذن لا تضطهدوا العلم والعلماء، ولا تفتروا عليهم، ولا تقاوموا العمال المساكين انتصارًا لأصحاب الأعمال، فإن هؤلاء العمال هم شهداء العصر الحاضر، وارجعوا إلى الله في نفوسكم وإلى مبادئكم الأساسية التي منها درجتم فتنكشف لكم الحقيقة التي ننشدها معكم.
ولا تخشوا أن أقع في الخطأ الذي يقع فيه الناس عند طلبي التساهل والاعتدال منكم، فإنني أعلم أن التساهل الديني ليس سوى فرع من التساهل العمومي الواجب بين جميع الناس في جميع المعاملات، إذ ماذا يفيدنا أن نطلب التساهل الديني فنحصل عليه ثم يبقى التعصب والتصلب في باقي الأمور شديد البنيان راسخ الأركان، كلا، إننا نطلب التساهل المطلق، التساهل بكل فروعه؛ لأن هذا التساهل العام هو وحده الضربة القاضية على الحيوانية والأثرة البشرية، فالذي يفتخر بأنه متساهل في دينه لا يبغض غيره ولا يطلب ضرره بسبب مذهبه، ثم تراه ظالمًا في معاملاته الخصوصية فسمه متعصبًا لا متساهلًا، وهكذا يكون صاحب العمل الذي يظلم عامله متعصبًا، والعالم الذي يتصلب برأيه ولا يحتمل رأي غيره متعصبًا، وهلمَّ جرًّا، فاطمئنوا فإنكم لستم وحدكم مصدر التعصب لأن للتعصب أنواعًا متعددة.
ولكني أعتقد أنه يحسن بخدمة الله أن يكونوا البادئين بإقامة مملكة التساهل في الأرض وقتل روح التعصب على أنواعه، فساعدونا أيها السادة على محاربة الأثرة البشرية وحب الذات وإعادة الأمن والنظام إلى نصابه في البلاد.
وتوصلًا لذلك علينا أن نبحث معكم في مسألتين: (الأولى) علاقة العمال بأرباب الأعمال، (والثانية) علاقة العلم بالدين.
أما المسألة الأولى فقد قرأت أقوال الفريقين فيها، فرأيت الغلو في الجانبين، فلتكن وظيفتنا أيها السادة التوفيق بين المصلحتين لا نصرة إحداهما على الأخرى.
وقد ألقيتُ إلى حضرة الرئيس حين دخولي إلى هذا المكان لائحة فيها عدة اقتراحات، أظنها كافلة بهذا التوفيق.
أما المسألة الثانية فحلها أسهلُ من حل المسألة الأولى، فإن العلم والدين إذا اختلفا في الطرق فإنهما يتفقان في الغرض، ذلك لأن غرض العلم والدين واحد وهو تحسين حالة الإنسانية وترقية شئون البشر، فما الموجب لجعل الواحد يناقض الثاني ويحاربه.
لا موجب لذلك سوى الأهواء والمصالح أيها السادة.
فلننبذ الأهواء والمصالح ولنتمسك بالمبادئ، والمبادئ توفق بيننا وإن اختلفنا في تفسير بعضها.
ولكن فاعلموا جيدًا أيها السادة أنه لا سبيل للوفاق بين الفريقين إلَّا بتساهل الاثنين، فعلى الدين قبل كل شيءٍ أن يتذكر أن العالمَ قد تغير وتبدل، ولذلك يجب أن يغير شيئًا من مبادئه وقواعده القديمة، وعلى العلم أيضًا أن يتذكر أن العالمَ قد تغير وتبدل ولذلك يجب أن يغير شيئًا من مبادئه وقواعده الماضية، ذلك أن العدو الحقيقي للدين والعلم أيها السادة إنما هو الأثرة والشراهة والرغبة في الانفكاك من كل قيد، أو كما يقول بعضهم: «إعطاء الفرد مداه لإشباع كل قواه»، وما نتيجة هذا الأمر إلَّا استعلاء ذوي الفطر الدنيئة على ذوي الفطر السامية، أي تغلب صغار النفوس على كبارها لأن المواهب السامية والعواطف الكريمة المودعة في النفوس الكبيرة لا تعود نافعة لشيء ما دام الغرض من الحياة التمتع بما فيها من اللذات، وحينئذ يملك في الأرض أصاغر سكان الأرض، أعني الشرهين والحمقى والوقحين والمعتدين والظالمين، وينزوي الأكابر الحقيقيون في زوايا الإهمال يندبون سقوط كل ما هو جميل وجليل، ولا عزاء لهم حتى ولا بحياة أخرى، لأن أولئك يضحكون منهم ويخبرونهم أنها حياة وهمية.
نعم أيها السادة إننا مثلكم نبكي حزنًا وأسفًا كلما رأينا العلم يؤدي ببعضهم إلى هذه النتائج المكروهة، ولكن رحماكم! أنصفوا ولا تلقوا التبعة في ذلك على العلم، بل على الذين أخرجوه هذا المخرج، أي على النفوس التي استنتجت منه هذه النتيجة القبيحة، إن العلم «كندى السماء، ولا يبقى الندى نقيًّا إلَّا إذا وضع في إناءٍ نقي»، فالنفوس التي تُخرج العلم المقدس ذلك المخرج ليست بنفوس نقيَّة، ولذلك يفسد العلم فيها، فقبل لومكم العلم لوموا الفطرة الطبيعية الدنيئة.
ثم هل تظنون أن العلم وحده ينتج نتائج كهذه النتائج. كلا، فإن تعليمكم الدين بالطريقة التي تعلمونه بها يُنتج مثلها أيضًا، فإنكم تعلمون مبادئ وقواعد قديمة لم تعد العقول تقبلها في عصر كهذا العصر، وتطلبون تدبير الحاضر بالماضي، وتقولون إن الناس لا يمكنهم فهم الكتب إلا بواسطتكم؛ ولذلك تفسرونها وتضعون رأيكم في هذا التفسير في موضع الحقيقة الثابتة التي لا يجوز مسُّها بدل أن تتركوا الناس يفهمونها كما تسوقهم فطرتهم، فكم من نفس ساذجة كريمة تفهم مع سذاجتها تلك الكتب بالروح أكثر ممَّا تفهمونها أنتم، بل هي تصنع أفضل من هذا فإنها لا تفهمها فقط بل تعمل بها أيضًا، وهذا فضل لها عظيم عليكم يا من تكتفون بالقول دون الفعل، فلماذا تجعلون أنفسكم بين الله والناس في منزلة الوسيط والمدافع عن الدين، أي عن الضمير البشري، من أقامكم وسطاء ومدافعين عن هذا الضمير، دعوا البشر يعيشون بملء حريتهم الروحية، فإن كتبهم الدينية بين أيديهم، وضمائرهم إذا لم تفسدوها بالجدل والمماحكة والأهواء فإنها لا تقرأ فيها إلا الحقائق الأزلية ومبادئ الإخاء البشري، ولا تقولوا نحن نرشدهم، فإنكم بشر مثلهم، أي فيكم جميع أهواء البشر الصالحة والفاسدة، وهذا الإرشاد لا يقبله البشر إلا من الملائكة، ويوم تصيرون ملائكة مجردين من كل ضروب الشقاء البشري فاعلموا أننا نحن نسعى إليكم من غير أن تأتوا إلينا ونطلب مساعدتكم، فدعونا ولا تقفوا بيننا وبين الله لتجبرونا على أن نفهم حياتنا وكتبنا وإلهنا ومصالحنا كما تريدون أنتم؛ فإن ذلك الضغط يجرنا إلى الكفر بكل شيءٍ.
ثم هل أنتم تكتفون بذلك؟ كلا، فإنكم لا تنفكُّون عن محاربة بعضكم بعضًا، فهذا المذهب يكفِّر ذاك وذاك هذا إلى ما شاء الله، والأقبح من ذلك الحرب بين الأديان، أي بين دين ودين لا بين مذهب ومذهب فقط، فإن الذين مصلحتهم قائمة بتكدير الإخاءِ بين البشر وإثارة التعصب في نفوس أهل السذاجة (ولولا ذلك لم يكن ثَمَّتَ موجب لوجودهم ولا معنى له) لا ينفكُّون عن النداء أن دين أولئك باطلٌ لاحتوائه على كذا وكذا، فيجيبهم غلاة هذا الدين بل دينكم الباطل لاحتوائه على كذا وكذا، وفي أثناء ذلك يكون رجل ثالث واقفًا بعيدًا عن الفريقين يسمعهما، فلما يرى الفريقين في سكرة من الجنون والحماقة إلى هذا الحدِّ، لما يرى أنه لا غرض لهما من هذا الطعن غير التدجيل والشعوذة «لملء الخزانة وإشباع الحزانة» كما قال الزمخشري في بعضهم، على افتراض أن هذا التدجيل يجوز على عقول أهل السذاجة، فإنه حينئذٍ يهبُّ من مكمنه ويقول للفريقين: إن رمتما الحق فكلاكما في ضلال، وليس هناك دين صحيح غير ديني، فيسألانه: وما هو دينك؟ فيجيبهما: «ديني أن أفعل ما أريد كما أريد وقتما أريد، وما بقي فأوهام وخزعبلات حاكتها التصورات والخيالات وهدمتها كل الفلسفات»، وهكذا يكون تكفير الناس بعضهم بعضًا في عصر كهذا العصر مؤديًا على خط مستقيم إلى هدم جميع الأديان على السواء، وليست التبعة في ذلك واقعة فقط على الغلاة من أهل العلم والفلسفة بل هي واقعة أيضًا على الغلاة من أهل الأديان في أي دين كان.
من أجل هذا طلبنا منكم التساهل والاعتدال وترك الصراع والنزاع، إن مبادئكم — كتلك الفتاة التي كانت جاثية بخشوع على البلاط تصلي في أثناء هياج الخطيب المصارع — لا تؤثر تأثيرًا حقيقيًّا إلا بالتسليم لرحمة الله والهدوء والإقناع، فكونوا هادئين ومخلصين مقنعين ومقتنعين … واعلموا أن الوفاق في بلادنا بين عناصرنا لا يمكن إلا بمراعاة الوسط الجديد الذي صرنا فيه؛ لأن الوسط الماضي قد تغيَّر علميًّا ودينيًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا، وهذا الوسط لا بدَّ أن تجتمع فيه جميع المذاهب والآراء والمبادئ والأفكار، وبناءً على ذلك لا سبيل لدوام الوفاق بين الجميع إلا بإطلاق الحرية المطلقة لجميع تلك المذاهب والآراء والمبادئ والأفكار من أي نوع كانت، وهي من تلقاء نفسها متى تركت لذاتها ولم يكن هنالك شهوة دنيئة تحركها تتفق وتتجه إلى غرض واحد وهو الخير، أي محاربة الرذيلة والشناعة والفظاعة والشرور في الأرض من أي مصدر وردت وبأي صورة كانت، وبعد حين لا يبقى منها إلا الأفضل «لأن الأفضل ينسخ بما هو أفضل منه» كما قال ابن رشد. ونحن نقبل هذا الأفضل في أي جانب كان ومن أي مصدر كان.
ولا تقولوا إن أقوالي هذه تهدم آمالكم القديمة وأحلامكم الجميلة، كلا فإنه لا حلم ولا أمل أجمل من رفع الجنس البشري وإنهاض الشعوب، فاصرفوا هممكم لا إلى تحريك التعصب في صدور الشعوب ولا إلى طلب المستحيل بل إلى خدمة الشعب خدمة حقيقية، ويتم ذلك بإنارة عقول أبنائه — دون سيطرة عليها — ومساعدتهم في حياتهم وتعزيتهم في مصائبهم وذلك بالفعل لا بالقول فقط، فإن القول لم يعد يؤثر شيئًا والقدوة خير المعلمين، فاحملوا إذن لواء الفقر والرفق والمحبة والإيثار والزهد، وامشوا في طليعة جيش الشعب، فإنكم لهذا وجدتم، أما إذا رمتم حمل لواء البذخ في صفوف الحكام والكبراء وأصحاب الأعمال فيكون حينئذ مثلكم مثل ملوك يخلعون أنفسهم ويخونون وظيفتهم وينقضون مبادئهم.
أيها الأبناء:
- المادة الأولى: تُزاد رواتب العمال والمستخدمين والموظفين ٥٠ في المائة، ولكن هذه آخر زيادة إلا للذين تجب مكافأتهم في المستقبل حين الاقتضاء.
- المادة الثانية: لا يمكن استخدام أحد في أي عمل كان بأقل من مائة فرنك في الشهر.
- المادية الثالثة: ساعات العمل في اليوم ٨ فقط، ٤ قبل الظهر و٤ بعده.
- المادة الرابعة: أما الأولاد والنساء فإنهم يعملون ٦ ساعات فقط؛ لأن كثرة العمل تهدم بنية الولد وتمنع النساءَ من افتقاد منازلهن.
- المادة الخامسة: ينشأ صندوق يدعى «صندوق تقاعد العمال» وكلما شاخ عامل أو عجز عن العمل لمرض فإنه يتناول رزقه الضروري من هذا الصندوق طول عمره.
- المادة السادسة: لا يجوز لأصحاب الأعمال أن يستغنوا عن أحد من المستخدمين والعمال بحجة قلة العمل أو أن يخفضوا أجور بعضهم لأي سبب كان، وعليهم أن يعتبروا جمعيات العملة نائبة عن هؤلاء في كل مخابراتهم.
- المادة السابعة: توضع ضريبة على الإيراد مقدارها ١٠ في المائة، فمن كان إيراده ألف جنيه في العام يدفع ١٠٠ جنيه ومن كان إيراده ١٠ آلاف جنيه يدفع ١٠٠٠ جنيه وهلم جرًّا، وذلك لتخفيف الرسوم والضرائب عن عنق الشعب، ولكن كل من كان إيراده أقل من ٢٠٠ جنيه فإن ضريبته تكون ٢ في المائة فقط ومن كان إيراده أقل من ١٠٠ جنيه ١ في المائة، ومن كان إيراده ٥٠ جنيهًا فلا يدفع ضريبة ولا رسمًا على الإطلاق.
- المادة الثامنة: تتعهد الحكومة بأن تنشئ في البلاد من أموال الضريبة على الإيراد التي تقدم ذكرها مزارع واسعة ومصانع عديدة تشغل بها كل من كان بلا عمل، وبأن تبني في كل مدينة من المدن الثلاث مستشفيين للمرضى وملجأين للشيوخ والعجزة ودارين للأيتام ودارًا للقطاء.
- المادة التاسعة: تتعهد الحكومة أيضًا بأن تنشئ للشعب مدارس مجانية يكون فيها التعليم إجباريًّا لكل أبناء الأمة، ولا يدرس في هذه المدارس صغراها وكبراها من الأصول الدينية غير المبادئ العمومية التي تقبلها جميع المذاهب.
تلك كانت اقتراحات شيخ العلماءِ، وقد تغامز أهل المال كثيرًا بينما كان الرئيس يتلوها، ويظهر أنه لم يسؤْهم منها كثيرًا غير وضع الضريبة على الإيراد لأنها من أمهات المسائل، أما العمال وأهل العلم فصاروا يتناجون في السر ويتساءلون عن النتيجة، وفي هذا الحين قال الشيخ الرئيس مخاطبًا الجمهور: لا أرى مانعًا من فض هذا الاجتماع الآن للبحث في هذه الاقتراحات غدًا لأنها تقتضي الإمعان والمشاورة.