آخر أعراض إنسانيتي
«لا بدَّ أن حيرة مَلَك الموت تَبلغ ذُروتها أمام الشاعر،
أمام روح تتسكَّع في الكون،
تتسرَّب بين الجبال والصخور والينابيع،
أمام روح تَذوب في كأس من الماء
أو كأس من النبيذ،
يحتار ولا يعرف أيَّ شيءٍ يقتنص،
وفي النهاية يقتنص كلَّ شيء.»
توحي ياء المتكلم في عنوان هذا الديوان «آخر أعراض إنسانيتي» بأن الإنسانية حالةٌ عارضة انتابت الشاعرَ زمنًا، وها هي ترحل عنه عرَضًا عرَضًا. وبينما نتنقَّل بين صفحات الديوان، نجد غلَبةً لضمير الغائب؛ فالشاعر يُخبِر عن نفسه من مقام المُطَّلع على دقائق سرائرها، وفي أثناء ذلك تتجلَّى إنسانيتُه كاملةً بهيَّة وتَصبغ قصائدَه بصورها وتأمُّلاتها، لتمنح القارئَ مقطوعاتٍ متفاوتةَ الأطوال، مثقَلةً بالتجرِبة، قريبةً من القلب والعقل والوجدان، لا يجد مشقَّةً في التفاعل معها ومنحِها تفسيرات تتنوَّع بتنوُّع أمزجة القرَّاء وتجاربهم الشخصية.