الكونُ قصيدةٌ عمودية
في البدءِ كان الكونُ قصيدةً نثريةً
تبتكرُ الحُبَّ وتمرحُ فيه،
قصيدةً تتبدَّلُ كلَّ لحظةٍ لتَفِرَّ من الرتَابةْ،
في البدءِ كانتِ القصيدةُ طقسًا وحياة
وكان الكونُ يدورُ طبقًا لهواها.
كان يمكنُ للشاعر، مثلًا، أن يستدعيَ الشمسَ بقصيدة
نثريةٍ ويصرفَها بقصيدة نثرية، يمكنُه أن يُزوِّجَ النهارَ
من الليل ليُنجبَا أيامًا صغيرةً وبهيَّةً، أيامًا يحتضنُها دفْءُ
الشمسِ وترضَعُ من أثداءِ القمرْ
أيامًا لا تتشابهُ حدَّ الرتابةْ
وكلما شاخَت ترحلُ وتأتي أيامٌ يافعةٌ
بقمرٍ جديدٍ وشمسٍ جديدةْ.
ولمَّا تضخَّم غباءُ الإنسان، وشاخ وجدانُه،
قلَّم أطرافَ الكونِ وقيَّد قلبَه بكوكبةٍ من
القواعدِ المنتظمة ليصبحَ الكونُ رتيبًا مثل
قصيدة عمودية.
وربما قبلَ أن يختنقَ الكونُ
ويلفظَ آخرَ أنفاسِه في تفعيلة أو قافية
يكتشفُ الإنسانُ خطيئتَه
ليصبحَ الكونُ مرةً أخرى،
قصيدةً نثرية
تبتكرُ الحُبَّ وتمرحُ فيه.
١٧ / ١٢ / ٢٠١٢م