الشاعر والطاغية
حين ينتابُه الضَّجرْ
يفكِّرُ في أشياءَ غريبةٍ.
اليومَ يُفكِّرُ في مَلَكِ الموتِ،
لا يُفكِّرُ في المَلَكِ ذاتِه،
بل في آليةِ العملِ الذي يَعملُ،
يُفكِّرُ في ضجرِ المَلَك
وهْو لا يكفُّ منذ بدءِ الخليقة
عن اقتناص الأرواح،
ويفكِّرُ في ارتباك ملكِ الموت
أمام الشاعرِ والطاغيةْ.
(يسمعُ همهماتٍ تستنكرُ عطفَ الطاغيةِ على الشاعرِ، لكنه يَعِي ما يقولُ، ويواصلُ التفكيرَ في ارتباكِ مَلَكِ الموتِ أمام الشاعرِ والطاغية.)
يفكِّر:
اقتناصُ الأرواحِ وظيفةُ ملكِ الموتِ
والطاغيةْ،
إنهما زميلانِ
باختلافٍ جوهريٍّ،
يصعدُ مَلَكُ الموتِ بالأرواح
وبها يهبطُ الطاغيةْ.
يُفكِّرُ:
حين يأتي مَلَكُ الموتِ إلى الطاغيةْ
يحتارُ، حتمًا، حين يرى كائنًا بلا روحٍ
لكنَّه قبل الموعدِ
يحملُ جثةً ثقيلة
ويُفتِّشُها في السماء،
وبعدَ أنْ يَحِلَّ به التعب،
يقتنصُ أيَّ شيء ويُسمِّيه رُوحًا،
وقبل افتضاحِ الأمرِ يُلقِي به في الجحيم.
يُفكِّرُ:
لا بد أنَّ حيرةَ مَلَكِ الموتِ تبلغُ ذُرْوتَها أمام الشاعرِ،
أمام روحٍ تتسكَّعُ في الكون
تتسرَّبُ بين الجبال والصخورِ والينابيعِ،
أمام روحٍ تذوبُ في كأسٍ من الماء
أو كأسٍ من النبيذ،
يحتارُ ولا يعرفُ أيَّ شيءٍ يقتنص،
وفي النهاية يقتنصُ كلَّ شيءٍ
ليحتارَ مرَّةً أخرى:
ولا يعرف إلى أين يمضِي بصَيدِه.
٥/ ٩ / ٢٠١٢م