مبادئ علم الجمال: الإستطيقا
«إذَن فالإستطيقا علم موضوعي وذاتي في وقت واحد ودون انفصال؛ وهذا يعني أن قوانين الجمال ليست خاصة بالمواضيع المفكَّر فيها ولا بالشخص الذي يفكِّر فيها، بل هي عبارة عن بعض علاقات بين الجانبَين، هي عبارة عن صور للتفاعلات العديدة المتبادَلة بينهما.»
يميِّز التفكير الفلسفي بين نوعَين من العلوم: العلوم الوضعية التي تدرس الظواهر الطبيعية لتفسِّرها بإرجاعها إلى الشروط التي تَعنيها، والعلوم المعيارية التي تدرس القِيَم كالحق والخير والجمال. مرَّت الإستطيقا (علم الجمال) خلال تطوُّرها منذ عصر اليونان حتى يومنا هذا بثلاث مراحل: المرحلة اليقينية المطلَقة، ثم المرحلة النقدية، وأخيرًا المرحلة الوضعية؛ ومن ثَم تخرج الإستطيقا من دائرة العلوم المعيارية لتنضمَّ إلى مجموعة العلوم الوضعية، وممَّن يتبنَّى هذا الرأيَ «شارل للو» مؤلِّفُ هذا الكتاب، ولكنه بالرغم من ذلك يُحس إحساسًا واضحًا بالمشكلات التي لا تزال قائمة داخل هذا العلم، ولا يرفض فكرةَ المعيارية أو المَثل الأعلى، بل يحاول التوفيق بينها وبين فكرة الواقع، داعيًا إلى إنشاء إستطيقا تكامُلية تؤلِّف بين مقتضيات التفكير الفلسفي ومنهج البحث الوضعي في علم النفس وعلم الاجتماع. وقد جاء هذا الكتاب ليعالج جوانبَ شتى لهذا العلم، دافعًا القارئَ إلى التفكير فيه والإحساس بمختلِف جوانبه الغامضة.