المفاجأة!
كانت مفاجأة كاملة ﻟ «أحمد» و«عثمان» عندما شاهدَا «ماشيتو»؛ فلم يكن هو «ماشيتو» الذي قابلهم في المطار … إنه رجل محترم في ملابس فاخرة، تبدو عليه الثقة بالنفس … ويعامله الجميع بكل احترام …
ابتسم لهما وقال: آسف … لم أعلم بنبأ القبض عليكما إلَّا من صحف اليوم.
أحمد: لا بأس … شكرًا لك.
تمت إجراءات الإفراج سريعًا، وخرج الصديقان مع «ماشيتو»، وعندما اجتازوا الميدان إلى مقهى صغير …
قال «ماشيتو»: إننا في حاجة إلى حديث سريع.
أحمد: نعم … إن هذا ضروريٌّ جدًّا.
جلسوا حول مائدة، وطلبوا بعض الجاتوه والشاي، وقال «ماشيتو»: ماذا حدث بالضبط؟
روى له «أحمد» كلَّ ما جرى منذ وصولهم مساء أمس … وكان الرجل يستمع باهتمام شديد. وعندما انتهى «أحمد» من سرْد أحداثِ الليلة السابقة والصباح، بدَا على وجه الرجل أنه انهمك في تفكير عميق ثم قال: إن «ماشيتو» المزيف رجلٌ معروف، وهو أحد رجال عصابة المافيا العالمية، والتي لها فرعٌ قويٌّ في «صقلية»، ويُعَدُّ أبوها الروحي هو الدون «مانويل» … وهو يملك عدة شركات … وهي طبعًا واجهات لنشاطه الإجرامي.
أحمد: ولكن كيف حدث أن «ماشيتو» استطاع أن يتقمص شخصيتك بهذه الطريقة؟
ماشيتو: لقد حاولَت المافيا باستمرار أن تتدخَّل في أعمالي، ولكني بالطبع رفضت؛ فأنا رجل أحترم العدالة، وليس من المعقول أن أتعامل مع هذه المنظمة الإجرامية … وقد لاحظت أنهم فتَّشوا مكتبي مرارًا للبحث عن وثائق أو مستندات عن نشاطي السري في خدمة رقم «صفر» … ولكني لا أحتفظ بمثل هذه الأشياء الهامة في مكتبي …
وسكت «ماشيتو» لحظات ثم قال: وأخذوا يراقبون البرقيات والتليفونات التي تصل لي … وبالصدفة سافرتُ منذ يومين إلى «روما» لعملٍ لي هناك، عندما وصلَت برقية رقم «صفر» لانتظاركم، وقد استطاع «ماشيتو»؛ لأنه يحمل نفس الاسم أن يتسلَّم هذه البرقية، ويعرف بوصولكم … وقد كانت كلمة السر ضمن الشفرة بالبرقية، واستطاعوا أن يحلُّوا الشفرة … وهكذا استقبلكم.
أحمد: وشركة «ترانزأوشن» لماذا أثارت دهشة «ماشيتو» المزيف؟
ماشيتو: لأن هذه الشركة هي إحدى الواجهات التي يختفي خلفها «دون مانويل» … وهي شركة نقل سيئة السمعة، لا تعمل إلَّا في البضاعة المهربة، ولكن البوليس حتى الآن لم يستطع أن يكشف نشاطها غير القانوني.
عثمان: من المهم الآن أن نعرف ماذا فعل «رشيد»؟
أحمد: سنذهب فورًا إلى الفيلا؛ فربما يكون قد عاد.
ماشيتو: سأذهب إلى مكتبي، وهذه هي أرقام التليفونات الخاصة بمكتبي ومنزلي؛ فإذا تحدَّث أحدٌ منكم، فلنتحدث عن البضاعة أيضًا، ففي الأغلب أنهم يراقبون التليفونات.
أحمد: وأين هي شركة «ترانزأوشن»؟
ماشيتو: إن لها مكتبًا صغيرًا هنا، ولكن مركز النقل بالسيارات والبضائع يقع عند خليج «تورمينا».
أحمد: إن مهمَّتَنا عاجلةٌ جدًّا يا سنيور «ماشيتو» … إننا نريد أن نحصل على الفيلم الذي التقطوه للمقر السري.
ماشيتو: سأفعل ما بوسعي … وأنا أعرف أهمية هذا الفيلم بالنسبة لكم، ثم مدَّ يدَه تحت المائدة وأعطى «أحمد» مسدسًا.
انصرف «ماشيتو» وقفز «أحمد» و«عثمان» في السيارة وانطلقَا إلى الفيلا … كان الطريق مزدحمًا داخل المدينة، ولكنهم خرجوا إلى الطريق الرئيسي، وأخذ «أحمد» يزيد من سرعة السيارة تدريجيًّا، ولاحظ على الفور أن هناك سيارة تتبعه …
قال ﻟ «عثمان»: هناك سيارة خلفنا؟
عثمان: لقد لاحظتُ ذلك، إنها «فيراري» صفراء بها ثلاثة رجال.
أحمد: ما رأيك؟
عثمان: نتَّجه إلى الفيلا.
أحمد: لقد أعطاني «ماشيتو» مسدسًا من تحت المائدة أثناء تناول الشاي.
عثمان: لقد لاحظتُ حركةَ يده.
وصلَا إلى الفيلا … كان الصمت يخيِّم عليها … وأسرعَا إلى الداخل، وأخذَا يناديان على «رشيد» ولكن لم يكن هناك أثرٌ له.
كان «أحمد» قد سحب شريط التسجيل من السيارة ثم من الفيلا، فأخذَا يتحدثان بحريَّة، ثم أزاح «أحمد» ستارة النافذة قليلًا، وشاهد أحد الرجال يتسلل خلال حديقة الفيلا … وأخرج مسدسه ثم ركَّز تفكيره تمامًا وظل يتابع الرجل وهو يتنقل بين الشجيرات حتى أصبح قريبًا من النافذة، وفتح «عثمان» النافذة بسرعة، وأطلق «أحمد» النار … وسقط الرجل وقفز «عثمان» من النافذة، واستولى على المسدس الضخم الذي كان يحمله الرجل … ثم أخذ يجري بين الشجيرات حتى وصل قرب السيارة الصفراء، وأطلق ثلاث رصاصات أصابت إطارات السيارة، وقفز الرجلان منها مسرعَين، وأخذَا يُطلقان النار في اتجاهه، ولكن «أحمد» كان قد خرج من الفيلا، فأطلق النار على أحد الرجلين محدِّدًا ساقَه حتى يظلَّ حيًّا …
سقط الرجلان، وأسرع «أحمد» إلى الرجل الذي أُصيب في ساقه، وكان قد سقط في حفرة، وأخذ يتأوَّه … وكان مسدسه قد سقط منه، فاستولى عليه «أحمد» ووضعه في حزامه، ثم ساعد الرجل على الخروج من الحفرة … ثم جرَّه إلى الخارج … وساعده على السير حتى وصلَا الفيلا؛ حيث أجلسه على كرسي وقام هو و«عثمان» بإسعافه.
تأثَّر الرجل كثيرًا بما فعله الصديقان وقال: إنكما لستما من المحترفين.
أحمد: إننا نعمل من أجل العدالة.
الرجل: اسمي «نورسو» وهذه أول مهمة أقوم بها لحساب العصابة … لقد كنت عاملًا في مصنع سردين، ولكني فقدتُ عملي واستطاعَت العصابة تجنيدي.
أحمد: هل تعرف أين صديقنا الشاب؟
الرجل: إنني لا أعرف إلَّا أننا راقبنا مطعمًا هذا الصباح، وكانت مهمتي مع مجموعة من الزملاء أن ندخل عليكم بعد أن يخرج «ماشيتو»، ونطلب أن تأتوا معنا لمقابلة صاحب شركة «ترانزأوشن» …
أحمد: إذن لقد اختطفوه بينما كنَّا نطارد القتَلة.
الرجل: نعم … ثم خرج «ماشيتو» وحده ولم يخرج الشاب الثالث الذي كان معكم من المطعم.
أحمد: إننا لن نطلب منك أن تنضمَّ إلينا، ولكن إذا فعلت، فسوف نُلحقك بعمل أفضل بكثير من عملك الحالي.