الأُمويون والنصارى
ورغب الأُمويون في المال لاصطناع الأحزاب وللتمتع بأسباب الدنيا ولمتابعة الحرب،
فزادوا الجزية والخراج وشَدَّدُوا في تحصيلهما، وضَيَّقُوا على الناس حتى أخذوا
الجزية في بعض الأحيان ممن دخل في الإسلام، ورأى بعضُ النصارى أن الإسلام لا ينجيهم
من الجزية والعنف، فعمدوا إلى لبس الأسكيم، فأدرك عمال بني أُمية غرضهم فوضعوا
الجزية على الرهبان، وأراد بعضهم اقتضاءها من الأموات فجعلوا جِزْية الموتى على الأحياء.
٣
ولا يجوز التعميمُ في شيء من هذا، فإن الأُمويين عطفوا أيضًا على بعض المسيحيين
من أبناء الكنيسة الجامعة نفسها، وأشهرُ هؤلاء منصور بن سرجون والد دفَّاق الذهب،
وعطف الأُمويون على بعض الأطباء وعلى الأخطل أيضًا، وكان هذا يدخل على عبد الملك بن
مروان بغير إذن وهو سكران وفي صدره صليبٌ ولا يعترضه أحد، ولا يستنكفون من ذلك؛
لأنهم كانوا يستعينون به في هجو الأنصار،
٤ وأجاد في مديح بني أُمية في مناظرة جرت بينه وبين جرير فقال قوله
المشهور:
شمسُ العداوة حتى يستقاد لهم
وأعظم الناس أحلامًا إذا قدروا
فصاح عبد الملك الخليفة الذي جرت المناظرة في حضوره: «لا فُضَّ فوك! أنت مُحامينا
وشاعرنا، اصعدْ على ظهر مُناظِرِك.» فخلع الأخطلُ بُرْدَهُ وشمر رداءه وقبض بيده
على عنق جرير، فصرخ هذا يَستنجد: «يا أمير المؤمنين إن مسيحيًّا لا يحق له أن يسوم
مسلمًا هذه الإهانة.» فأَيَّدَهُ الحاضرون، وقالوا: الحق في جانبه يا أمير
المؤمنين! ولكن عبد الملك لم يُبد أي اهتمام لهذا الكلام، حتى إذا وطئ النصراني
بقدمه عنق غريمه قال عبد الملك: هذا حسبك.
٥
ومما يروى عن عبد الملك أن طبيبه كان مسيحيًّا نسطوريًّا اسمه سرحون، وأنه عيَّن
أثناسيوس الرهاوي مربيًا لأخيه عبد العزيز.
ويُروى عن عبد الملك نفسه أيضًا أنه كان يدعو المسيحيين للدخول في الإسلام، ولكن
بدون ضغط أو إجبار،
٦ ويُروى عنه أيضًا أنه نشأ في أوساط المدينة، ورغب في الدين فلما بلغه
أَنَّ أباه أَضْحَى أميرًا للمؤمنين أغلق القرآن، وهو يقول: «ليس بعد بيننا من جامع.»
٧ وينقل البلاذري بالإسناد أن عبد الملك طلب كاتدرائية دمشق «للزيادة في
المسجد» وبذل للنصارى مالًا لهذه الغاية فأَبَوا أن يسلموها إليه، فامتنع.
٨
واحتاج عبدُ الملك إلى مقاومة جماعة من مناظريه على الخلافة، وفيهم عبد الله بن
الزبير في مكة والمختار بن أبي العبيد في العراق وغيرهما، فوكل ذلك إلى الحجاج
وأمثاله، فاستخدموا العنف وحصَّلوا الأموال بحق وبغير حق، ومما يُحكى أن الحجاج كتب
إلى عبد الملك يستأذنه في أخذ بقية من الأموال من أهل الذمة فأجابه: «لا تكن على
درهمك المأخوذ أحرصَ منك على درهمك المتروك، وأبق لهم لحومًا يعقدون بها شحومًا.»
٩
ونَقَضَ يوستنيانوس الثاني معاهدة السنة
٦٨٥، وكان عبد الملك مشغولًا في توطيد دعائم ملكه، فاشترى الصلح مع الروم، وزاد
المال السنوي الذي كان يدفعه معاوية (٦٨٩)، ثم استتبَّ له الأمرُ في الداخل فنشأتْ
مشادةٌ بين عبد الملك ويوستنيانوس حول ما كتب أو نقش على القراطيس والدنانير؛ فإن
الروم كانوا لا يزالون يستوردون الورق من مصر، وكانت قد جرت عادةُ الأقباط على
كتابة اسم المسيح وعبارة التثليث على أعلى الطوامير، فأمر عبد الملك باستبدال هذه
العبارة:
قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ وكتب في صدور كُتُبه
إلى الروم:
قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ وذكر النبي مع
التاريخ، فكتب إليه يوستنيانوس: إنكم قد أحدثتم كذا وكذا، فاتركوه، وإلا أتاكم في
دنانيرنا من ذكر نبيكم ما تكرهون — وكانت العملةُ الرائجة في البلدان الإسلامية لا
تزال دنانيرَ رومية ودراهم فارسية — فغضب عبد الملك وخشي ما قد يُحدثه هذا التهديد
من أثر سيئ في نُفُوس المسلمين، فأشار خالدُ بنُ يزيدَ على عبد الملك بالتمسُّك بما
أحدثه في القراطيس، وقال: يا أمير المؤمنين حَرِّمْ دنانيرَهم فلا يتعامل بها،
واضرب للناس سككًا ولا تعف هؤلاء الكفرة مما كرهوا في الطوامير.
١٠ فسك عبد الملك دنانيرَه الأُولى في السنة ٦٩٢، وأرسل المبلغ السنوي
المفروض عليه لملك الروم من هذه الدنانير الجديدة، فغضب يوستنيانوس لخلوِّ هذه
الدنانير من صور أباطرة الروم، ولحملها عباراتٍ لم تخلُ من التحدي: «أرسله بالهدى
ودين الحق ليُظهره على الدين كله.» فرفض يوستنيانوس قبول هذه الدنانير، وتحرك
بجيوشه إلى الحدود الإسلامية ٦٩٣،
١١ وأنزل عبد الملك الصلبان
١٢ واستشهد البطريرك الأنطاكي ألكسندروس الثاني وجماعة من المؤمنين، وترمل
الكرسي الأنطاكي أربعين سنة.
١٣
وتُوفي عبد الملك في خريف السنة ٧٠٥ وتولى بعده ابنه الوليد (٧٠٥–٧١٥)، «وكان
جبارًا عنيدًا»
١٤ فأمر بجميع أسرى الروم فقتلوا، ثم ضغط على النصارى — ولا سيما التغالبة
— للدخول في الإسلام.
١٥
طمع الوليد في كاتدرائية دمشق «فجمع النصارى وبذل لهم مالًا عظيمًا على أن يعطوه
إياها فأبوا، وأدخلها في المسجد».
١٦ وسار سليمان (٧١٥–٧١٧) أخو الوليد على هذه الخطة عينها.
أما عمر بن عبد العزيز (٧١٧–٧٢٠) فإنه أوجب البر بالعهود وإعطاء كل ذي حق حقه،
فأمر عامله في دمشق أن يرد إلى النصارى كنيستهم، فكره ذلك أهل دمشق وقالوا نهدم
مسجدنا بعد أن أَذَّنَّا وصلينا! ثم أقبلوا على النصارى فسألوهم أن يعطَوا جميع
كنائس الغوطة التي أُخذت عنوة على أن يصفحوا عن كنيسة يوحنا فرضوا بذلك،
١٧ ثم شدد عمر في تنفيذ عهدة عمر بن الخطاب جد أمه.
أسرة يوحنا الدمشقي
ولا نعلم شيئًا عن أصل الأسرة التي تحدر منها دفَّاق الذهب، ولا نجد شيئًا في
المراجع الأولية يؤيد قول فون كريمر العلَّامة الألماني أن هذه الأسرة بزنطية الأصل،
١٨ وليس لنا أن نقول مع الأب إسحاق الأرملي إن هذه الأسرة كانت عربية أو
آرامية جارت اليعاقبة وقالت قولهم، فالقديس الدمشقي ابتعد عن أديار اليعاقبة ونسك
هو وأقاربه في دير أرثوذكسي في فلسطين هو دير القديس سابا، وشهادة ابن البطريق
أفتيخيوس أن أبا يوحنا طلب إلى خالد أن يعطي الأمان «له ولأهله ولمن معه ولأهل دمشق
سوى الروم» لا تعني أن منصورًا كان سريانيًّا يعقوبيًّا،
١٩ فاللفظ «الروم» الوارد في هذه الشهادة قد يُشير إلى العنصر لا المذهب،
٢٠ والتلمحري، المُتَوَفَّى في السنة ٨٤٥ يرى في سرجيوس بن منصور الكاتب
الدمشقي رجلًا خلقيدونيًّا لا يعقوبيًّا.
٢١
وتوطنت أسرة منصور دمشق، ونعمت في أيام موريقيوس (٥٨٢–٦٠٢) بالنفوذ والاحترام،
فمنصور في عُرف أفتيخيوس شغل منصبًا ماليًّا هامًّا، وكاد يكون عامل موريقيوس في
ولاية فينيقية اللبنانية، ودمشق آنئذٍ كانت من أهم مُدُن هذه الولاية، وأبقى هرقل
منصورًا في منصبه بعد دخول الفرس إلى سورية،
٢٢ ومنصور هذا هو الذي فاوض المسلمين باسم سُكَّان دمشق بعد تَخَلِّي
الروم عنها، وهو الذي حظي بعطف أولئك بعد دخولهم إليها وتسلُّمهم أزمة الحكم فيها،
فبقي في المنصب الذي شغله في أيام الروم ولم يدخل سرجيوس بن المنصور في الإسلام كما
زعم ابن عساكر وابن شاكر، فكلامهما في هذا الموضوع مصنوعٌ وحديثهما محسن مزلف،
٢٣ وثيوفانس الراهب الذي دوَّن بين السنة ٨١٠ والسنة ٨١٤ يؤكد تعلُّق
سرجيوس بالدين المسيحي، وينعته بما تعريبه: «كان مسيحيًّا كاملًا.»
٢٤
وتقوَّى معاويةُ بعد أن نودي بعثمان خليفة سنة ٦٤٤، ونوى الاستئثارَ بالسلطة في
سورية، ثم صار خليفة أُمويًّا في دمشق، فاستعان بالنصارى في الحرب والسلم، وكلف ابن
آثال بخراج حمص، وأبقى أفراد أُسرة المنصور في مراكزهم في دمشق،
٢٥ ولعل السبب في ذلك خدمات منصور أيام الفتح واحتياج الفاتحين إلى موظفين
إداريين من ذوي الخبرة والأمانة، وأن معاوية كان يخشى طمع أشراف الفاتحين ولجوءهم
إلى المساومة عند دفع الأموال.
٢٦
وأخلص سرجيوس لمعاوية النصح، واجتهد له في المشورة فاتسعت صلاحياتُهُ وشملت ديوان
المقاتلة بالإضافة إلى المالية، فكلفه معاوية — وهو على سرير الموت — أن يُسير
الأمور بعد موته حتى يعود ابنه يزيد من الحملة التي كان يقودها في آسيا الصغرى،
٢٧ وأبقى يزيد سرجيوس على ما كان عليه، وهكذا فعل معاوية الثاني.
٢٨
وأحب عبد الملك أن يستبدل اليونانية
بالعربية في الدواوين المالية وما تبعها، وأن يُغير بعض النظم في هذه الدواوين فلم
يرض سرجيوس عن ذلك، فولى عبد الملك سليمان بن سعد وهو «أول مسلم ولي الدواوين»،
٢٩ وتُوفي سرجيوس بين السنة ٧٠٣ والسنة ٧٠٥.
وخلف سرجيوس ابنين أحدهما يوحنا دفَّاق الذهب، وهو منصور المؤرخين المسلمين،
والآخر والد اسطفانوس السبئيتي ولا نعرف اسمه، وترهب اسطفانوس في دير القديس سابا
أيضًا، وتبعه ابن عم له اسمه غريغوريوس، وقد اشتهر بنَظْم الترانيم، وفي القرن
التاسع اعتلى السدة البطريركية الأوروشليمية بطريركان من أفراد هذه الأسرة نفسها
هما سرجيوس (٨٤٢–٨٥٨) وإيليا الثالث (٨٧٩–٩٠٧).
٣٠
مولد القديس ونشأته
وُلد قديسنا في دمشق وإليها نُسب، ومن هنا القول: إنه يوحنا الدمشقي، ومن هنا
أيضًا لقبه الآخر دفَّاق الذهب، فالتعبيرُ اليوناني
Chrysorroas «دفاق الذهب» أطلق أولًا على نهر
دمشق ومنعش غوطتها، وأول من أطلقه على يوحنا الدمشقي هو المؤرخ ثيوفانس الذي دوَّن
بين السنة ٨١٠ والسنة ٨١٤،
٣١ وهو يوحنا في المراجع اليونانية ويوحنا بن منصور في المراجع القبطية
وقوريني بن منصور في تاريخ ابن العبري وابن سرجون في كتاب الأغاني،
٣٢ أما سنة ولادته فإنها مجهولة، وقد حصرها أصحاب سير القديسين بين
السنتين ٦٧٠ و٦٨٠، ويرى الأب نصر الله أن قديسنا ولد حوالي السنة ٦٥٥، وقد جاء
اجتهاده في محله.
٣٣
ونشأ يوحنا في بيت غِنًى ووجاهة وعلم، ولا بدَّ أن تكون دمشق قد نعمت بمدرسة
عالية كغيرها من مدن ذلك العصر، فماري بن سليمان يقول: إن الأساقفة حذَوا حذو
فوطيون كاثوليكوس النساطرة، فأنشئوا المدارس في مراكز أبرشياتهم،
٣٤ ولكن سرجيوس آثر التهذيب الخصوصي، ففتش عن مهذِّب لائق يُعنى بتعليم
ولده يوحنا وولده بالتبني قوزما وتهذيبهما، ووافق هذا وقوع راهب صقلي في يد القرصان
المسلمين اسمه قوزما أيضًا، فلما جاء القرصان بهذا الراهب وبغيره من ركاب السفينة
المأسورة إلى دمشق؛ رأى سرجيوس هذا الراهب، ورأى البعض من رفاقه يجثون أمامه طالبين
البركة، فرثى لحاله واقترب وتحدث إليه فلمس فيه ضالته المنشودة، فمثل أمام الخليفة
واستوهبه الراهب فأعطاه إياه، فأخذه سرجيوس وأقامه على تربية ابنه يوحنا وابنه
بالتبني قوزما، وكان هذا الراهب يُدعى قوزما أيضًا، وكان ماهرًا في العلوم والآداب
والفنون، فأخذ يلقن الولدين اللغة اليونانية وآدابها والعلوم والفلسفة والموسيقى،
ثم لمس في الولدين ميلًا إلى الإلهيات فلقنهما مبادئ علم اللاهوت، ولما أَتَمَّ
الولدان علومَهما استأذن الراهب ولجأ إلى دير القديس سابا فدعي إلى الدرجة الأسقفية
وسيم أسقفًا على ميومة ميناء غزة،
٣٥ وقد اعترض الأب جوجي الإفرنسي
٣٦ على صحة هذه الرواية فجاء اعتراضُهُ ضربًا من الحذلقة الفارغة، ونحن
نرى مع الأب نصر الله أنه ليس في هذه الروايات القديمة ما لا ينسجم وظروف القرن
السابع والثامن وأخباره المدونة.
٣٧
يوحنا والدولة الأُموية
وعوَّلت السلطات الإسلامية على تعريب الدواوين في دمشق العاصمة وفي الولايات كما
سبق وأشرنا، ولكن الولاة أَلَحُّوا بوجوب الاحتفاظ بالكتبة والموظفين النصارى،
٣٨ ومن هنا قول سليمان بن عبد الملك: «لم نستغن عنهم ساعة، ولم يحتاجوا
إلينا ساعة واحدة في سياستهم.»
٣٩ فخلف يوحنا آباءه في الإدارة «وصار كاتبًا لأمير البلد متقدمًا عنده
صاحب سرَّه وجهره وأمره ونهيه».
٤٠ أما قول البطريرك يوحنا إن قديسنا أصبح «مستشار الخليفة الأول» فإنه لا
شك مبالغ فيه.
٤١
وقام يوحنا بأعباء منصبه أحسن قيام مسخرًا لذلك مواهبه وعلمه ومبادئه المسيحية
السامية، ثم خير هو بين البقاء في مركزه وبين المحافظة على إيمانه، فهجر العالم غير آسف.
٤٢
ويقول الراهب ميخائيل في سيرة يوحنا الدمشقي: إنه لما رأى يوحنا ما صارت إليه
الكنيسة من الاضطهاد والاضطراب في أثناء حرب الأيقونات هَبَّ يدافع عن الإيمان
القويم، فألف في ذلك ودعم رأيه بالبراهين اللاهوتية والمنطقية، وذلك بلغة يونانية
فُصحى، فراع الإمبراطورَ ما رآه من هذا الخصم العنيد، ففكر في
إهلاكه بالحيلة، فأمر بتزوير رسالة تُنسب إلى
يوحنا وتوجه إلى الإمبراطور، ويجيء فيها وصف ما يُلاقيه النصارى على يد المسلمين من
الذل والهوان، ويبين فيها مواقع الضعف في الدولة الأُموية، ثم تظاهر الإمبراطور
لاوون بصداقة الخليفة عمر بن عبد العزيز وكتب إليه يُطلعه على خيانة يوحنا، فانخدع
الخليفة واستشاط غضبًا، فأمر بيوحنا فقطعت يده وطُرد من الخدمة. ويضيف الراهب
ميخائيل أن يوحنا عاد إلى بيته يجر أذيال العارِ والدمُ يقطر من يده البريئة
الطاهرة، فانطرح أمام أيقونة العذراء وبكى كثيرًا وصلى وتضرع ونام، فتراءتْ له
البتولُ واقتربت إليه وأعادت له يده المقطوعة، وكان هو قد تسلم يده المقطوعة
ليدفنها، فلما أفاق وشاهد يديه كاملتين ذهب إلى عمر وأراه يده كاملة، فدهش الخليفة
وطلب إليه أن يعود إلى وظيفته، لكن يوحنا باع ما عنده ووزع ثمنه على الفقراء
والأديار والكنائس، وقصد دير القديس سابا وتضرع إلى الآباء أن يقبلوه في عداد صغار المبتدئين،
٤٣ ويلاحظ هنا أَنَّ أعمال المجمع السابع خالية مِن أَيَّة إشارة إلى قطع
اليد والأعجوبة، وأن المؤرخين قدرينوس وأفراميوس وزوناراس ونيقيفورس؛ ساكتون عن هذا
الخبر بكامله.
٤٤
يوحنا الراهب
واعتزل يوحنا قومه وابتعد عن ضوضاء العالم وأكاذيبه، فانتقل من القصور والرياض
إلى الصوامع والقفار، وكان اسمُهُ قد ملأ الدنيا رغم حداثته، فخشي رهبان القديس
سابا أن يكون شوقه للحياة الرهبانية ريحًا عاصفة فيعود بعد مدة إلى بيته وسابق
عهده، فامتحنوه فأقاموا عليه مرشدًا طاعنًا في السن شديدًا على نفسه وعلى غيره،
فأمره ألا يسير بموجب إرادته في أمرٍ مِن الأمور، وألا يفتر في البكاء عن ذنوبه
الماضية، وألا يستعلي بسبب ما عنده من العلوم، «وألا يعمل عملًا دون رأيه
ومشورته، ولا يكتب رسالة إلى أحد.»
٤٥ فلبَّى يوحنا وخضع ولم يخالف لمرشده أمرًا، فكان كبيرًا في نُسُكه
وتواضُعه بقدر ما كان في مكانته الاجتماعية ومنصبه الحكومي، وعلم يوحنا أَنَّ أحد
رُفقائه الرهبان فقد والده، فرثى لحاله وحادثه معزيًا، وذكر قول شاعر من شعراء
اليونان فنقله إليه:
وهذه الأرض لا تُبقِي على أحد
ولا يدوم على حال لها شان
فوبخه مرشدُهُ على إظهار معارفه الأدبية، وعاقبه بالسجن في غرفته، فأصغى للقول
وقَبِلَه وأذعن.
٤٦
ثم رغب الرؤساءُ في ترقية يوحنا، فلم يرض المرشدُ واستمهلهم إلى أن تَثْبُتَ
فضيلتُهُ، فأمر يوحنا أن يحمل كمية من السلال التي كان يحوكها الرهبان ويذهب بها
إلى دمشق بلد يوحنا ليبيعها في أسواقها! وزاد المرشد ثمن السلال وأوصاه ألا يعود
حتى يبيعها جميعًا، فشد يوحنا على حمار الدير وحمَّله جبلًا من السلال وساقه في
طريق دمشق، ووصل إلى مسقط رأسه وتجوَّل في عاصمة الأُمويين عارضًا سلالة، فلم يجد
من يشتريها لارتفاع سعرها، وما لبث أن عرفه الناس.
فتألبوا حوله لينظروا ذلك الوجه الكبير الذي أمسى راهبًا حقيرًا بائع سلال،
وأمطروه الأسئلة وتغامزوا واستنكروا أسعاره فسخروا منه، أما هو فحافظ على هدوئه ولم
يُقابل ما سمع إلا بالصمت والإطراق، ثم أطلَّ عليه أحدُ خدمه القدماء فابتاع السلال
كلها وأنهى عذابه ومحنته، وعاد يوحنا إلى الدير منتصرًا على شيطان الكبرياء والظهور.
٤٧
«لقد وقفت أمام أبواب هيكلك، ولم أقص الأفكار المنكرة، لكن أنت أيها المسيح
الإله، يا من برر العشار ورحم الكنعانية وفتح للص أبواب الفردوس، افتح لي أحشاء
محبتك للبشر، واقبلني وأنا أدنو إليك وألمسك كما قبلت الزانية ونازفة الدم»
(متالوبسي ليوحنا الدمشقي).
يوحنا الكاهن والواعظ
وانقطع قديسنا إلى الدرس، وتعمق في اللاهوت على يد يوحنا الرابع البطريرك
الأوروشليمي (٧٠٦–٧٣٤) وسِيمَ كاهنًا واعظًا، فكان يصعد من الدير إلى المدينة
المقدسة ليعلم ويعظ في كنيسة القيامة وغيرها،
٤٨ وتجلت مواهبُهُ في هذه الفترة من حياته، فجاءتْ عظاتُهُ ومصنفاتُهُ
بليغة العبارة لطيفة الكناية قوية الحجة.
وأمر يزيد الثاني الخليفة الأُموي بتحطيم جميع الأيقونات في كنائس النصارى في
السنة ٧٢٣،
٤٩ وتبعه في ذلك زميلُهُ ومعاصرُهُ لاوون الثالث، إمبراطور الروم — كما
سنرى في حينه — فانبرى قديسنا للدفاع عن الدين القويم، فوعظ وصنف وهدد باللعنة
والقطع (٧٢٦–٧٣٠)، ولدى تنازُل جرمانوس عن الكرسي القسطنطيني (٧٣٠) اشترك يوحنا في
أعمال المجمع الأوروشليمي، وحضَّ الأساقفة على المناداة بهرطقة الإمبراطور وقطعه،
٥٠ وجاء في بعض المراجع أن يوحنا طاف في مدن فلسطين وسوريه وبلغ
القسطنطينية نفسها مناقشًا مدافعًا،
٥١ ولكنه قولٌ ضعيفٌ لا يقبله رجالُ الاختصاص، والراجحُ عند هؤلاء أن
يوحنا قضى هذا الدور من حياته بين دير القديس سابا والمدينة المقدسة،
٥٢ وأنه لم يبرح هذه المنطقة إلا مرة واحدة في السنة ٧٣٤ عندما زار دمشق
ليعالج الضربة التي وجهها الخليفةُ هشام الأُموي إلى أخيه والد اسطفانوس السبئيتي.
٥٣
يوحنا دفَّاق الذهب
وتآليف يوحنا الدمشقي عديدةٌ، بعضُها لاهوتيٌّ فلسفي وبعضُها جَدَلِيٌّ وبعضها
زهدي رهباني وبعضها تفسيري، والبعض الآخر تسبيحي طقسي، ولكن الدمشقي لاهوتي في
الدرجة الأولى «فما نثر ولا نظم ولا ناظر ولا علم إلا إثباتًا للحقيقة المنزَّلة،
أو تمهيدًا لها، أو دفاعًا عنها، أو تبيانًا لأسرارها».
٥٤ وأشهر ما صنف في اللاهوت ينبوع المعرفة
٥٥ والمقدمة في العقائد
٥٦ والإيمان الحق
٥٧ والثالوث الأقدس
٥٨ وإيضاح الإيمان،
٥٩ وأشهَر هذه المصنفات وأكملها كتاب ينبوع المعرفة، وقد جاء في أجزاء
ثلاثة الفصول الفلسفية، وكتاب الهراطقة وتفصيل الإيمان الأرثوذكسي، وقال الدمشقي في
الطريقة التي اتبعها في عرض ينبوع المعرفة: سأبين أولًا أحسن ما عند الحكماء؛ لأنه
هبةٌ من الله للبشر، وسأُورد هذيان الهراطقة لنعرف ضلالَهم فنزداد تعلُّقًا
بالحقيقة، ثم أشرح — بعون الله — الحقيقة التي تقوض الضلال وتطرد البُهتان، وأضاف
محددًا علاقة الفلسفة بالإيمان فقال: «وبما أَنَّ الرسول يقول امتحنوا كل شيء
وتمسكوا بما هو حسن، فسندرسُ تعاليم الحكماء الوثنيين؛ لعلنا نجد عندهم ما يحسن
اتخاذه ونجني للنفس ثمرةً تفيدنا.
هذا، وكل صانع يحتاج إلى أدوات لصناعته، ولا بدَّ للملكة من خادمات، فلنجمع
التعاليم التي تخدم الحقيقة بعد أن ننتزعها من طغيان الكفر، ولا نسيء استخدام
الخير، ولا نستخدم فن الجدل لإغواء البسطاء، ولو كانت الحقيقة لا تحتاج إلى براهينَ
مختلفة، فلنستخدم المنطق أيضًا لدحض البُهتان وتحطيم أعداء الإيمان.
أجل، يجب أن نكتفي بما أوحى الله إلينا بواسطة ابنه وأنبيائه ورسله، ويجب أن نثبت
فيه غير ناقلين حدوده الأبدية ولا خارجين عنها.»
٦٠
وأساس الإيمان عند دفَّاق الذهب هو الوحيُ الإلهي لا براعة العقل البشري، فالنفسُ
بحاجةٍ دائمةٍ إلى مُعلِّم والمعلم المنزه عن الضلال هو المسيح، ولنسمعْ صوته في
الكتاب المقدس؛ فإن النفس التي تَقرع بنشاط وثبات بابَ روضة الكتاب المقدس الغناء؛
لَكالشجر المغروس عند مجاري المياه،
٦١ والدمشقي شديد التمسك بالتقليد الرسولي؛ لأن الكتاب المقدس نفسه يوجب
هذا التمسك.
٦٢
وحاول الهراطقةُ الدفاعَ عن أضاليلهم بفلسفة أرسطو، فصرخ الدمشقي بهم: «أتجعلون
أرسطو قديسًا وثالث عشر الرسل! أم تعتبرون الوثني أكثر من الكتبة الملهمين.»
٦٣ ثم انبرى يُحارب هؤلاء بسلاحهم بفلسفة أرسطو، ولم يكن عمله هذا أمرًا
يسيرًا؛ فموقف أرسطو من القوى فوق الطبيعة مناقضٌ لعقائدنا المُنزلة، ولا سيما: سر
الثالوث الأقدس والتجسد الإلهي، ولكن الدمشقي وُفق إلى إصلاح بعض نظريات أرسطو، ولا
سيما فيما يتعلق باللاهوت الطبيعي وعلم الأخلاق وخُلُود النفس، وأخذ عن أرسطو
كثيرًا من التحديدات، ولكنه أضاف إليها أشياءَ وأشياء كالفرق بين الطبيعة والجوهر
والأقنوم، واستعان بها على إنشاءِ تعابيرَ خاصة بعلم اللاهوت مستقلة عن المذاهب
الفلسفية العديدة، دقيقة، خالية من الالتباس الذي أدى فيما مضى إلى الجدل والخصام
والشقاق. وهكذا، فإن قديسنا أدرك قوة فلسفة أرسطو فانتزعها من أيدي أعداء الإيمان
وسخرها فنصرها ووضعها في خدمة رجال اللاهوت الذين أتوا بعده؛ كبطرس اللومباردي
وتوما الأكويني، فأصبح — بحقٍّ — مؤسس اللاهوت السكولاستيكي.
٦٤
ويعتبر الدمشقي في تاريخ الفكر المسيحي لاهوتي سر التجسد الإلهي؛ فقد عالج هذا
السر العجيب في أكثر مؤلفاته اللاهوتية فوفق كل التوفيق إلى الاستخراج من عقيدة
الاتحاد الأقنومي جميع ما نقول به في الإيمان واللاهوت، ودعم استنتاجاته المنطقية
بنصوص الكتاب المقدس وشهادات الآباء، فلم يترك مجالًا للشك في صحة ما ذهب
إليه.
وصنَّف الدمشقي في الجدل، فجاءتْ رسائلُهُ متينة الحجة صحيحة الاستدلال فردتْ
أَهْلَ البدع صاغرين قميئين، وأشهرُ ما كتب في الجدل رسائلُهُ الثلاثُ في الدفاع عن الأيقونات،
٦٥ وقد سطرها — فيما يظهر — بين السنة ٧٢٦ والسنة ٧٣٠، فحَوَتْ وجه الصواب
في إكرام القديسين، وحددت المسائل المتعلقة بهذا الموضوع، ولا نزال حتى يومنا هذا
نَعتمدُ كلام هذا القديس العظيم في موقفنا من الأيقونات.
ولم تبكم قرارات المجمع الخامس من قال بالطبيعة الواحدة، فجاء الدمشقي يُكمل عمل
أفلوغيوس الأنطاكي وتيموثاوس القسطنطيني وأنسطاسيوس الأنطاكي وأنسطاسيوس السينائي،
فكتب رسالته الشهيرة في التريصاغيون ووَجَّهَها إلى الأرشمندريت جوردانس، فأيد فيها
الموقف التقليدي من أن آغيوس المثلثة موجهة إلى الأقانيم الثلاثة لا إلى الابن فقط،
وأنه — بالتالي — لا يجوز أَنْ يُضاف إليها قول بطرس القصار: «أنت الذي صُلبت من أجلنا.»
٦٦ وكتب الدمشقي رسالة ثانية باسم بطرس متروبوليت دمشق، إلى أسقف دارا
اليعقوبي؛ مفندًا موقف اليعاقبة، مثبتًا رأيه بالمنطق وبأقوال الآباء،
٦٧ وعاصر الدمشقيُّ إيليا الأول بطريرك اليعاقبة (+٧٢٣)، وكان هذا
أرثوذكسيًّا، فلما طالع مؤلفات سويروس الأنطاكي جنح إلى القول بالطبيعة الواحدة
فسقَّفه اليعاقبة على كرسي أوفيمية ثم رقوه بطريركًا عليهم، فوجه إليه لاوون أسقف
حرَّان الأرثوذكسي رسالة في موضوع جنوحه عن العقيدة الأرثوذكسية، فأجابه البطريرك
الجانح برسالة يحتج فيها عن نفسه، وأشار فيها إلى رسالتين وضعهما الدمشقي في موضوع
الجدل لا نعرف لهما نصًّا.
٦٨
ومن آثار قديسنا رسالتان في الرد على النساطرة يثبت فيهما ألوهية السيد المخلص
ووحدة شخصيته،
٦٩ وردَّ أيضًا على من قال بالمشيئة الواحدة ناسجًا على منوال القديسين
صفرونيوس ومكسيموس.
٧٠
وكانت المانوية قد عادت إلى الظهورِ في منتصف القرن السابع متخذةً ثوبًا جديدًا
فعُرفت بالبولسية، واضطربتْ بها الألسنةُ وتفشت في أرمينية والجزيرة وسورية،
وتدرَّع أصحابُها بالآية: «حيث العابدون الحقيقيون يعبدون الآب بالروح والحق.»
فرفعوا الأيقونات ومنعوا السجود للصليب المقدس، واستغنوا عن إكرام العذراء والقديسين،
٧١ فأمسك قديسنا يراعه وجال جولة موفقة في ميدان العقيدة، ولا سيما
الخريستولوجية منها، وصنف رسالتين في الرد على المانويين البولسيين.
٧٢
ثم أطلَّ المسلمون حاملين القرآن حافظين الحديث، فاضطرَّ الدمشقي أن يُدافع عن
الأسرار واحدًا واحدًا، فجاء الفصلُ المائة والواحد ردًّا صريحًا على العقيدة الإسلامية،
٧٣ وثبت تلاميذُهُ في الإيمان بطريقة السؤال والجواب، فظهر حواره الأول
والثاني مع المسلمين،
٧٤ ولم يخل كتابه ينبوع المعرفة من الرد على المسلمين ففصوله في الواحد
الأحد والثالوث الأقدس والتجسد الإلهي جميعها ردود على أهل الجدل من المسلمين.
٧٥
وعُني الدمشقي أيضًا بالزهد والترهب، وأشهر ما صنف في هذا الموضوع كتاب
التوازي Parallyla، وقد جاء هذا الكتابُ في
أبوابٍ ثلاثة فبحث الأول منها في الثالوث والتوحيد وضم الثاني رأي الدمشقي في
الإنسان ومشاغله، وجاء الثالث بحثًا مستفيضًا في الفضائل والرذائل، فقابل المؤلف كل
رذيلة بفضيلة معينة، ومن هنا اللفظ التوازي في عنوان الكتاب كله.
وجاء في التقليد أَنَّ قديسنا وضع كتاب المعزي الأوكطوئخوس اليوناني
Octoichos، ولعله نَسَّقَه ونظمه وأضاف إليه، وجاء
أيضًا أنه نظم عددًا كبيرًا من قوانين الخدمة، وأنه لعب دورًا هامًّا في تنظيم
تيبيكون القديس سابا، وأنه لحن معظم الأكطوئخوس كما لحن عددًا كبيرًا من القوانين
والطروباريات، وأنه أدخل تحسينًا ملموسًا في الموسيقى البيزنطية الكنسية،
٧٦ وجاء أيضًا أنه هو أول من نظم السنكسار الرومي.
الوفاة والتكريم
وتختلفُ المراجعُ في تعيين السنة التي تُوفي فيها يوحنا الدمشقي اختلافًا كبيرًا؛
فقد تكون السنة ٧٥٠ وقد تكون السنة ٧٨٠، ولكن الأب فايهي يرى العبارة الواردةَ في
أعمال مجمع هييرية
Hieria سنة ٧٥٤ دليلًا قاطعًا
على أَنَّ يوحنا الدمشقي تُوُفِّيَ قبل هذا التاريخ، وهذه العبارةُ تنص على أن
الثالوث الأقدس كان قد «أمات» الثلاثة جرمانوس القسطنطيني وجاورجيوس القبرصي ويوحنا
الدمشقي، ثم يرى هذا الأب العالم في كلام لاونديوس الدمشقي عن استفانوس السبئيتي ما
يُعين على تعيينِ سنة وفاة يوحنا الدمشقي وجعلها السنة ٧٤٩، فاسطفانوس التحق بعمه
يوحنا في دير القديس سابا وهو في التاسعة من عمره، وبقي معه في الدير خمسة عشر
عامًا، وتوفي في التاسعة والستين من العمر في السنة ٧٩٤، فلو طَرَحْنَا ٦٩ من ٧٩٤
عَرَفْنَا سنةَ ولادة اسطفانوس وجعلناها السنة ٧٢٥. ثم لو أضفنا تسع سنوات إلى هذه
السنة عرفنا السنة التي دخل فيها اسطفانوس الدير (٧٣٤)، ولو أضفنا إلى هذه السنة
(٧٣٤) الخمسة عشرة عامًا التي قضاها اسطفانوس في جوار عمه يوحنا بلغنا السنة ٧٤٩،
سنة وفاة قديسنا.
٧٨
وفاضت روح قديسنا في السنة ٧٤٩ في دير القديس سابا ودفن فيه، ثم نقلت عظامُهُ في
أواخر القرن الثاني عشر، أو أوائل القرن الثالث عشر إلى القسطنطينية، إلى كنيسة
جميع القديسين في جوار كنيسة الرسل، ثم نهب الصليبيون هذين المقامين، وجاء الأتراكُ
بعدهم فهدموهما لإنشاء جامع السلطان محمد الثاني.
٧٩
وملأ يوحنا الدمشقي الكنيسة بعبير فضائله وعلمه، فأكرمه المؤمنون في حياته وبعد
وفاته، وردد المجمع المسكوني السابع (٧٨٧) صدى هذا الإكرام، فأعلن قداسة يوحنا
الدمشقي في جلسته السابعة وهتف: «ليكن ذكره خالدًا.» ثم نظم اسطفانوس المرتل مديحًا
ليوحنا في أواخر القرن الثامن، فأتحفنا بما لا نزال نردد ونرتل في الرابع من كانون
الأول من كل عام:
ماذا ندعوك أيها القديس، أيوحنا المتكلم باللاهوت أم داود المترنم؟
أكنارة ملهمة من الله أم نايًا رعائيًّا؛ فإنك تحلي السمع والعقل وتبهج
محافل الكنيسة، وبأقوالك المفضية عسلًا تزين الأقطار، فابتهلْ في خلاص
نفوسنا.