تَعْلِيمُ الْأُمَرَاءِ
وَعَلِمَ الْعُقَابُ — مَلِكُ الطُّيُورِ — بِالْخَبَرِ، فَتَقَدَّمَ لِيَتَوَلَّى أَمْرَ تَرْبِيَةِ وَلِيِّ الْعَهْدِ، وَابْتَهَجَ مَلِكُ الْغَابَةِ بِهَذَا التَّوْفِيقِ الْحَمِيدِ؛ إِذْ مَنْ يُمْكِنُ أَنْ يَفْضُلَ مَلِكَ الطُّيُورِ فِي تَعْلِيمِ وَلِيِّ عَهْدِ مَلِكِ الْحَيَوَانَاتِ؟ وَهَكَذَا صَدَرَ الْأَمْرُ بِإِرْسَالِ وَلِيِّ الْعَهْدِ إِلَى مَسْكَنِ الْعُقَابِ لِيَتَهَذَّبَ تَهْذِيبًا يَلِيقُ بِمَلِكِ الْغَابَةِ.
وَمَرَّتْ بِضْعُ سَنَوَاتٍ، وَأَكْمَلَ وَلِيُّ الْعَهْدِ تَعْلِيمَهُ، وَعَادَ إِلَى وَالِدِهِ الْمَلِكِ، وَدَعَا الْمَلِكُ شَعْبَهُ الْمُتَعَطِّشَ إِلَى رُؤْيَةِ وَلِيِّ الْعَهْدِ الْمَحْبُوبِ، وَعِنْدَمَا اجْتَمَعَ كُلُّ الشَّعْبِ، ضَمَّ ابْنَهُ إِلَى صَدْرِهِ وَقَالَ لَهُ: يَا وَلِيَّ عَهْدِي الْمَحْبُوبَ! إِنِّي قَدْ دَنَوْتُ مِنَ الْقَبْرِ، وَأَرْغَبُ فِي أَنْ أُسَلِّمَكَ صَوْلَجَانَ مَمْلَكَتِي، فَقُلْ لِي أَمَامَ رَعِيَّتِنَا؛ كَيْفَ تَنْوِي أَنْ تَسُوسَ هَذَا الشَّعْبَ الْحَبِيبَ؟
وَقَالَ وَلِيُّ الْعَهْدِ: يَا أَبَتِ الْعَظِيمَ، إِنِّي تَعَلَّمْتُ مَا لَمْ يَتَعَلَّمْهُ سِوَايَ مِنْ أَفْرَادِ شَعْبِنَا الْمُجْتَمِعِ أَمَامَنَا هُنَا؛ ولذا تَرَانِي مُلِمًّا بِكُلِّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ كُلُّ نَوْعٍ مِنْ طُيُورِ السَّمَاءِ مِنَ الْغِذَاءِ، فَأَنَا أَعْلَمُ مِنْ سِوَايَ بِمَا يَأْكُلُهُ كُلُّ جِنْسٍ مِنْهَا، وَعَدَدُ الْبَيْضَاتِ الَّتِي يَبِيضُهَا، وَإِنْ شَاءَ اللهُ وَتَبَوَّأْتُ الْعَرْشَ — بَعْدَ عُمُرِكُمُ الطَّوِيلِ — فَإِنِّي أَنْوِي أَنْ أُعَلِّمَ كُلَّ حَيَوَانَاتِ الْغَابَةِ، كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تَبْنِيَ أَعْشَاشَهَا وَأَوْكَارَهَا …