كَمَا تَزْرَعُ تَحْصُدُ
مَرَّ الذِّئْبُ مُهَرْوِلًا صَوْبَ الْقَرْيَةِ، يَطْلُبُ النَّجَاةَ مِنْ مُطَارِدِيهِ، وَلَمَحَ هِرَّةً مُكَنْكنَةً عَلَى غُصْنِ شَجَرَةٍ، فَخَاطَبَهَا قَائِلًا: دلِّينِي — بِرَبِّكِ — عَلَى كُوخٍ لِرَجُلٍ يَكُونُ أَطْيَبَ أَهْلِ قَرْيَتِكُمْ قَلْبًا، وَأَوْفَرَهُمْ كَرَمًا، وَعَجِّلِي كَيْ أَلْجَأَ إِلَيْهِ، وَأَحْتَمِيَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَلْحَقَنِيَ الْكِلَابُ الْمُطَارِدَةُ، الَّتِي تَسْمَعِينَ نُبَاحَهَا خَلْفِي!
– اذْهَبْ إِذن إِلَى كُوخِ السَّيِّدِ حَبِيب بُلْبُع، وَلَا تَخَفْ؛ لِأَنَّهُ مَشْهُورٌ بِطِيبَةِ قَلْبِهِ.
– بُلْبُعُكِ هَذَا غَاضِبٌ عَلَيَّ؛ لِأَنِّي اخْتَطَفْتُ حَمَلًا صَغِيرًا مِنْ خِرَافِهِ الْكَثِيرَةِ فِي الرَّبِيعِ الْمَاضِي.
– جَرِّبْ إِذَنْ دَارَ السَّيِّدِ إِبْرَاهِيمَ عَبْدِ اللهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَفَاضِلِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ أَجْمَعِينَ!
– يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الرَّجُلُ كَمَا تَصِفِينَهُ وَأَفْضَلَ، يَا أُخْتَاهُ، وَلَكِنَّ الضَّرُورَةَ أَلْجَأَتْنِي إِلَى سَرِقَةِ جَدْيٍ مِنْ غَنَمِهِ مُنْذُ أُسْبُوعٍ، فَلَا أَمَلَ لِي فِي حِمَايَتِهِ إِذَنْ.
– مَا أَحْرَجَ مَرْكَزَكَ! وَالْآنَ لَمْ يَبْقَ لَكَ مِنْ أَمَلٍ إِلَّا فِي الالْتِجَاءِ إِلَى دَارِ السَّيِّدِ أَبِي خَلِيلٍ، فَهِي مَلْجَأُ كُلِّ بَائِسٍ مُسْتَغِيثٍ.
– وَهَذَا لَا يُمْكِنُنِي الدُّنُوُّ مِنْهُ، أَوْ مِنْ دَارِهِ؛ لِأَنِّي أُغْرِيتُ عَلَى افْتِرَاسِ عِجْلٍ مِنْ عُجُولِه الْمُسَمَّنَةِ مُنْذُ عَهْدٍ قَرِيبٍ.
– يَا لَكَ مِنْ أَحْمَقَ تَعِيسٍ! أَتَزْرَعُ حَرْبًا وَتَرْجُو أَنْ تَحْصُدَ أَمَانًا؟ أَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ: «مَنْ يَزْرَعِ الشَّوْكَ لَا يَحْصُدُ بِهِ الْعِنَبَا»؟ فَعُدْ أَدْرَاجَكَ إِذَنْ، وَإِلَى حَيْثُ أَلْقَتْ رَحْلَهَا أُمُّ عَامِرٍ!