الْجَرْوُ يَتَحَدَّى فِيلًا
كَانَ الْفَيَّالُ يَقُودُ فِيلًا هَائِلًا فِي أَكْبَرِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، وَرَآهُ جَرْوٌ صَغِيرٌ، فَطَفِقَ يَنْبَحُ حَوْلَ الْفِيلِ وَيَثِبُ نَحْوَهُ، كَأَنَّهُ يُهَاجِمُهُ وَيَسْتَثِيرُهُ لِمُنَازَلَتِهِ وَمُصَارَعَتِهِ.
فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْفَيَّالُ وَانْتَهَرَهُ فِي سُخْرِيَةٍ، وَهُوَ يَقُولُ لَهُ: أَحَقًّا تَرْغَبُ، يَا ضَئِيلُ، فِي مُصَارَعَةِ هَذَا الْفِيلِ؟ فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَثِقْ أَنَّ صَوْتَكَ سَيُبَحُّ قَبْلَ أَنْ يَرْمُقَكَ بِنَظَرِه،ِ أَوْ يُعِيرَكَ أَقَلَّ اهْتِمَامٍ، وَنَصِيحَتِي لَكَ هِيَ أَنْ تَرْحَمَ نَفْسَكَ، وَتُرِيحَ حَنْجَرَتَكَ، وَتَذْهَبَ فِي حَالِ سَبِيلِكَ.
فَقَالَ الْجَرْوُ الْخَبِيثُ: هَوِّنْ عَلَيْكَ يَا صَاحِ؛ لأني مُتَيَقِّنٌ مِنْ صِدْقِ مَا تَقُولُ، وَلَوْلَا هَذَا الْيَقِينُ لَمَا كُنْتُ اجْتَرَأْتُ عَلَى مُهَاجَمَةِ فِيلِكَ الْجَبَّارِ تِلْكَ الْمُهَاجَمَةَ الَّتِي سَتَجْعَلُ كُلَّ مَنْ يَعْلَمُ بِهَا يَعْجَبُ لِشَجَاعَتِي وَيَقُولُ: «انْظُرْ إِلَى هَذَا الْجَرْوِ الْجَرِيءِ! حَقًّا إِنَّهُ بَطَلٌ صِنْدِيدٌ، وَدَاهِيَةٌ شُجَاعٌ، وَإِلَّا لَمَا أَقْدَمَ عَلَى تَحَدِّي هَذَا الْفِيلِ.»