صَيَّادُ الْفَرَاشِ
فِي أَفْقَرِ أَحْيَاءِ الْمَدِينَةِ الرُّوسِيَّةِ الصَّغِيرَةِ، عَاشَ ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ عِيشَةَ الْبُؤْسِ وَالْمَسْغَبَةِ، وَلَازَمَهُمُ النَّحْسُ فِي كُلِّ مَا مَارَسُوهُ مِنَ الْأَعْمَالِ، فَكَانُوا يَنْدُبُونَ حَظَّهُمُ الْعَاثِرَ كُلَّمَا نُكِبُوا بِخَسَارَةٍ.
وَظَهَرَتْ بَوَادِرُ الْحَظِّ فِي كُلِّ أَعْمَالِ الْأَخِ الْأَكْبَرِ التِّجَارِيَّةِ فَأَثْرَى، حَتَّى قِيلَ عَنْهُ: إِنَّهُ أَصْبَحَ «إِذَا مَسَّ التُّرَابَ صَارَ ذَهَبًا»، بَعْدَمَا كَانَتِ الْحَالُ عَكْسَ ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ نَجَحَ الْأَخُ الثَّانِي فِي كُلِّ مَا قَامَ بِهِ مِنْ مَهَامِّ مَنَاصِبِهِ الْحُكُومِيَّةِ حَتَّى بَلَغَ أَعْلَى الْمَرَاكِزِ.
أَمَّا الْأَخُ الثَّالِثُ فَكَانَ يَصْرِفُ وَقْتَهُ مِنَ الصَّبَاحِ حَتَّى الْمَسَاءِ بِالتَّلَهِّي بِصَيْدِ الْفَرَاشِ وَ«نَشِّ الذُّبَابِ»، وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُهُ: إِنَّ حَظَّهُ لَمَّا كَانَ فِي السَّحَابِ كَانَ عَقْلُهُ رَاقِدًا فِي التُّرَابِ، فَلَمَّا بَارَحَتْهُمُ السَّيِّدَةُ «فَرْتَنَى» بَكَى وَانْتَحَبَ؛ لِأَنَّهَا تَرَكَتْهُ كَمَا كَانَ عِنْدَمَا عَرَفَتْهُ.