الثَّلَاثَةُ الْأَصْحَابُ
وَطَلَبُوا مِنْ صَاحِبِهِ غُرْفَةً يَنَامُونَ فِيهَا، وَطَعَامًا يَسُدُّونَ بِهِ أَرْمَاقَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا جِيَاعًا لِنَفَادِ زَادِهِمْ، فَأَعْطَاهُمْ غُرْفَةً فِيهَا ثَلَاثَةُ أَسِرَّةٍ مُرِيحَةٍ تَرَكُوا فِيهَا أَمْتِعَتَهُمْ، وَنَزَلُوا إِلَى قَاعَةِ الْأَكْلِ.
فَقَالَ أَحَدُهُمْ: «آهِ لَوْ نَجِدُ مَا نَتَبَلَّغُ بِهِ؛ حَتَّى نَقْدِرَ أَنْ نَنَامَ.»
وَنَظَرَ ثَلَاثَتُهُمْ إِلَى مَا عَلَى الْمَائِدَةِ وَإِلَى بَعْضِهِمُ الْبَعْضَ، وَقَالَ أَحَدُهُمْ: إِنَّهُ شَيْءٌ خَيْرٌ مِنْ لَا شَيْءَ.
وَفَكَّرَ أَوْسَعُهُمْ حِيلَةً فِي وَسِيلَةٍ شَيْطَانِيَّةٍ تُنِيلُهُ كِفَايَتَهُ مِنَ الطَّعَامِ، فَقَالَ: «أَلَمْ يَبْلُغْكُمْ أَنَّ صَدِيقَنَا إِبْرَاهِيمَ سَيُجَنَّدُ فِي هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ؟»
وَقَالَ الصَّدِيقَانِ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ يَدُلُّ عَلَى الدَّهْشَةِ: «وَلِمَ ذَلِكَ؟»
قَالَ ذَلِكَ وَتَرَكَ صَاحِبَيْهِ يَتَجَادَلَانِ بِكُلِّ حِدَّةٍ وَحَمَاسٍ، وَيَتَنَاقَشَانِ وَيَتَبَادَلَانِ الْآرَاءَ فِي رَسْمِ خُطَّةِ الْحَرْبِ، وَتَوْزِيعِ الْجُيُوشِ، وَتَعْيِينِ الْقُوَّادِ، حَتَّى يَخْلُوَ لَهُ جَوُّ الْمَائِدَةِ؛ لِيَلْتَهِمَ كُلَّ مَا عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى قَرَارٍ نِهَائِيٍّ يَضْمَنُ لِدَوْلَتِهِمَا النَّصْرَ عَلَى الْإِمْبَراطُورِيَّةِ الصِّينِيَّةِ، وَالْحُصُولَ عَلَى شَايِهَا بِأَرْخَصِ الْأَسْعَارِ.