الْقِرْدُ فِي الْمِرْآةِ
نَظَرَ قِرْدٌ فِي مِرْآةٍ؛ فَرَأَى شَبَحًا قَبِيحَ الْمَنْظَرِ يُحَدِّقُ فِيهِ، فَأَدَارَ وَجْهَهُ إِلَى دُبٍّ كَانَ وَاقِفًا إِلَى جَانِبِهِ، فَوَكَزَهُ بِمِرْفَقِهِ، وَقَالَ لَهُ: انْظُرْ! مَا أَقْبَحَ كَلَحَةَ هَذَا الْحَيَوَانِ الْمُخِيفِ الَّذِي أَرَى فِي الْمِرْآةِ، فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ السَّحْنَةُ — الْهَيْئَةُ — الْبَشِعَةُ لِي لَقَضَيْتُ عَلَى نَفْسِي؛ كَيْ لَا يَتَضَرَّرَ غَيْرِي مِنْ رُؤْيَتِي.
وَلَا أُخْفِي عَنْكَ أَنِّي شَاهَدْتُ بَيْنَ أَصْحَابِي بَعْضَ وُجُوهٍ، لَهَا مِثْلُ كُلُوحَةِ هَذَا الْوَجْهِ، وَأَظُنُّ عَدَدَهَا لَا يَتَجَاوَزَ الْخَمْسَةَ أَوِ السِّتَّةَ، بَيْنَ عَدَدٍ وَافِرٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَصْحَابِ الَّذِينَ يَزِيدُ عَدَدُهُمْ عَلَى مِائَةٍ أَوْ مِائَتَيْنِ أَوْ …
فَقَاطَعَهُ الدُّبُّ قَائِلًا: «هَوِّنْ عَلَيْكَ يَا صَاحِ، وَلَا تُكَلِّفْ خَاطِرَكَ مَشَقَّةَ إِحْصَاءِ أَصْحَابِكَ، بَلِ انْظُرْ إِلَى الْمِرْآةِ جَيِّدًا، تَرَ فِيهَا نَفْسَكَ فَتَعْرِفَهَا.»
«يَا عَائِب لَا تَعِبْ، فَلَعَلَّ يَكُونُ لَكَ فِي الْعَيْبِ نَصيبًا!»