الْفَارُ١ وَالْوَزَّةُ٢ وَالسَّمَكَةُ وَالْحَنْجَلُ٣
وَأَخِيرًا بَدَا لَهُمْ أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى تَرْكِيزِ قُوَاهُمْ بِالتَّوْقِيتِ الْمُوسِيقِيِّ الْمَأْلُوفِ لَدَى الْعُمَّالِ أَوِ الْحَمَّالِينَ مِنْ بَنِي الْإِنْسَانِ، عِنْدَمَا يَرْغَبُونَ فِي رَفْعِ شَيْءٍ ثَقِيلٍ يَحْتَاجُ إِلَى مَجْهُودٍ عَظِيمٍ مُوَحَّدٍ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ: هِيلَا لِيصَا! هِيلَا هُب!
وَجَرَّبُوا هَذِهِ الطَّرِيقَةَ أَيْضًا فَلَمْ يُفْلِحُوا، وَلَمَّا يَئِسُوا مِنَ النَّجَاحِ، ذَهَبَ كُلٌّ مِنْهُمْ فِي سَبِيلِهِ، وَبَقِيَتْ الْمَرْكَبَةُ تَنْتَظِرُ مَنْ يَجُرُّهَا.
•••
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ — يَا قَارِئِي الْعَزِيزُ — قَدْ أَدْرَكْتَ إِلَى الْآنَ سَبَبَ إِخْفَاقِ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ؛ فَإِنِّي أُخْبِرُكَ أَنَّهُ يَعُودُ إِلَى اخْتِلَافِ عَنَاصِرِ أَفْرَادِهَا، وَتَنَافُرِ طِبَاعِهِمْ.
ذَلِكَ لِأَنَّهُ بَيْنَمَا كَانَ الْفَارُ يَجُرُّ الْمَرْكَبَةَ مُتَّجِهًا إِلَى الْأَمَامِ، كَانَتِ الْوَزَّةُ تَطِيرُ فَتَجُرُّهَا إِلَى فَوْقَ، وَالسَّمَكَةُ تَغُوصُ فَتَجُرُّهَا إِلَى تَحْتَ، وَالْحَنْجَلُ يَتَقَهْقَرُ إِلَى خَلْفَ كَعَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْشِي إِلَّا إِلَى الْوَرَاءِ، فَيَجُرُّهَا مَعَهُ فِي اتِّجَاهٍ مُعَاكِسٍ لِاتِّجَاهِ الْفَارِ.