الثَّعْلَبُ وَالْمَرْمُوطُ١
فَأَجَابَهُ الثَّعْلَبُ — وَاللُّهَاثُ يَكَادُ يَقْطَعُ أَنْفَاسَهُ — قَائِلًا: مَا أَفْظَعَ التُّهَمَ الَّتِي يُلْصِقُهَا النَّاسُ جُزَافًا بِاسْمِي، وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهَا يَا صَدِيقِي! فَقَدْ تَوَلَّيْتُ حِرَاسَةَ بَيْتِ الدَّجَاجِ الْقَرِيبِ مِنْ هُنَا زَمَنًا طَوِيلًا، لَمْ تَغَمُضْ فِيهِ عَيْنِي طُولَ اللَّيَالِي، وَلَمْ أَهْنَأْ بِأَكْلِ لُقْمَةٍ كُلَّ الْأَيَّامِ، حَتَّى اعْتَلَّتْ صِحَّتِي، وَبَعْدَ كُلِّ هَذَا الْجَهْدِ الْجَاهِدِ يُسَوِّءُونَ سُمْعَتِي؛ إِذْ يَقُولُونَ عَنِّي: إِنِّي لِصٌّ سَافِلٌ خَسِيسٌ، فَيَا لَهَا مِنْ تُهْمَةٍ يَقْشَعِرُّ لِشَنَاعَتِهَا بَدَنِي! … أَأَنَا حَقًّا حَرَامِيٌّ؟ أَيُرْضِيكَ أَنْ تُلْصَقَ بِصَاحِبِك وَصْمَةُ عَارٍ هُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ؟ أَرْجُوكَ، وَأَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ أَنْ تَحْلِفَ لَهُمْ بِكُلِّ عَزِيزٍ لَدَيْكَ عَلَى بَرَاءَتِي؛ لِأَنَّكَ — دُونَ شَكٍّ — لَمْ تَرَنِي أَسْرِقُ! أَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؟