ظِلُّ الْغَبِيِّ
الْتَفَتَ غَبِيٌّ وَرَاءَهُ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ؛ فَرَأَى خَيَالًا أسْودَ طويلًا يَجْرِي خَلْفَهُ، وَإِذْ لَمْ يَفْطنْ إِلَى أَنَّهُ ظِلُّ نَفْسِهِ، تَقَدَّمَ نَحْوَهُ بِضْعَ خُطُوَاتٍ مُحَاوِلًا إِمْسَاكَهُ، فَابْتَعَدَ عَنْهُ الظِّلُّ بِضْعَ خُطُوَاتٍ، وَأَسْرَعَ الْخُطَى لِيَلْحَقَهُ، وَلَكِنَّ الظِّلَّ ابْتَعَدَ عَنْهُ مُسْرِعًا أَيْضًا، ثُمَّ جَرَى نَحْوَهُ فَجَرَى الظِّلُّ مِنْهُ كَذَلِكَ، وَلَمَّا أَعْيَتْهُ الْحِيلَةُ، أَدَارَ لَهُ ظَهْرَهُ قَائِلًا: «وَالْآنَ فَأَنَا بِدَوْرِي سَأَهْرُبُ مِنْكَ، كَمَا هَرَبْتَ أَنْتَ مِنِّي، يَا شَيْطَانُ!»
وَأَطْلَقَ سَاقَيْهِ لِلرِّيحِ.
وَبَعْدَ أَنْ قَطَعَ شَوْطًا غَيْرَ طَوِيلٍ، تَلَفَّتَ وَرَاءَهُ، فَدَهِشَ، إِذْ رَأَى الظِّلَّ يَتَعَقَّبُهُ، وَيَحْتَذِي مِثَالَهُ، مُلْتَصِقًا بِقَدَمَيْهِ.
•••
وَهَذَا شَأْنُ إِلَهَةِ الْحَظِّ؛ اتْبَعْهَا تَهْرُبْ مِنْكَ، وَاهْرُبْ مِنْهَا تَتْبَعْكَ!