الْبِرْمِيلُ الْفَارِغُ وَالْبِرْمِيلُ الْمَلْآنُ
سَارَ بِرْمِيلَانِ فِي طَرِيقِهِمَا مِنَ الْمَخْزَنِ الْقَدِيمِ إِلَى الْمَخْزَنِ الْجَدِيدِ، يُدَحْرِجُ كُلًّا مِنْهُمَا فَتًى مَفْتُولُ السَّاعِدَيْنِ.
وَكَانَ أَحَدُهُمَا مَلْآنَ بِالشَّرَابِ الْمُعَتَّقِ، وَالْآخَرُ فَارِغًا جَافًّا لَا شَيْءَ فِيهِ.
فَكَانَ الْأَوَّلُ يَسِيرُ سَيْرًا وَئِيدًا بِلَا ضَوْضَاء، أَمَّا الثَّانِي، فَلِأَنَّهُ كَانَ فَارِغًا خَفِيفًا كَانَ يَقْفِزُ وَيَتَرَجْرَجُ، وَيُحْدِثُ قَعْقَعَةً وَدَوِيًّا كَدَوِيِّ الرَّعْدِ، حَتَّى أَجْفَلَ الَّذِينَ كَانُوا فِي طَرِيقِهِ، وَجَعَلَهُمْ يُخْلُونَهُ لَهُ فَزَعًا وَخَوْفًا، أَوِ اجْتِنَابًا لِسَمَاعِ صَوْتِهِ الْمُزْعِجِ.
وَالْآنَ؛ أَلَسْتَ تَرَى مَعِي يَا قَارِئِي الْعَزِيزُ أَنَّ عَظَمَةَ الْبِرْمِيلِ الْمَلْآنِ قَدْ تَجَلَّتْ بِتُؤَدَتِهِ وَرَزَانَتِهِ وَصَمْتِهِ، بَيْنَمَا قَعْقَعَةُ زَمِيلِهِ الْفَارِغِ قَدْ فَضَحَتْ أَمْرَهُ؟! وَأَنَّ ذَلِكَ يُعَزِّزُ الْمَثَلَ الْقَائِلَ: «إِنَّ الْبَرَامِيلَ الْفَارِغَةَ أَكْثَرُ جَلَبَةً مِنَ الْبَرَامِيلِ الْمَلْآنَةِ.»