سنة عشرين وماية وألف
ورد قبودان يسمى جانم خُوجه ريس المراكب، وطلع إلى الديوان، ومعه بقية الرويسا، فلما اجتمع بالباشا أبرز له مرسومًا بتجهيز علي باشا إلى الديار الرومية، فجُهز في ثامن عشرينه، ونزل بموكب فيه حسن باشا والصناجق والأغوات وأتباعهم، ونزل في السفاين، وسافر في أوايل ربيع أول.
وفي ثامن عشر شوال اجتمع عسكر بالديوان، وأنهوا إلى الباشا أن محمد بك حاكم جرجا أنزل عربان المغاربة وأمّنهُم، وهذا يودي إلى الفساد. فعزلوه وولوا آخر اسمه محمد من أتباع قيطاس بك. جعلوه صنجقًا، وألبسوه على جرجا، وهو الذى عرف بقطامش، وستاتي أخباره.
وفي تاسع عشر شوال ورد محسن زاده أخو كتخدا الوزير، أدخله حسين باشا بموكب حفل، وطلع إلى القلعة، وأبرز مرسومًا بعزل أيوازبك، وتولية محمد بك باشا محسن زاده في منصبه. فأنزله في غيط قراميدان إلى أن سافر صحبة الحاج الشريف.
ومن الحوادث: أن في يوم الاثنين رابع عشر القعدة سنة عشرين وماية وألف وقف مملوك لرجل يسمى محمد أغا الحلبي على دكان قصَّاب بباب زويلة ليشتري منه لحمًا، فتشاجر مع حَمَّارِ عثمان أوده باشه البوابة، فأُعلم عثمان بذلك، فأرسل أعوانه، وقبضوا على ذلك المملوك وأحضروه إليه، فأمر بحبسه في سجن الشرطة. فلما بلغ محمد جاويش سجن مملوكه حضر هو وأولاده وأتباعه إلى باب صاحب الشرطة لخلاص مملوكه، فتفاوضا في الكلام، وحصل بينهما مشاجرة، فقبض عثمان أوده باشه على محمد جاويش المذكور وأودعه في السجن، وركب إلى باش أوده باشه وهو إذ ذاك سليمان بن عبد الله، وطلع إلى كتخدا مستحفظان وعرض القضية، فلم يرضوا له بذلك وأمروه بإطلاقه. فرجع وأخرج محمد جاويش ومملوكه من السجن.
وفي ثاني يوم الحادثة اجتمعت طايفة الجاويشية مع طايفة المتفرقة، والثلاث بلكات الإسباهية، والأمرا الصناجق، والأغوات في الديوان، وطلبوا نفي عثمان أوده باشه المذكور، فلم توافقهم الينكجرية على ذلك، فطلعوا إلى الديوان وطلبوا عثمان المذكور للدعوى عليه، فحضر، وأقيمت الدعوى بحضرة الباشا والقاضي، فأمر القاضي بحبس عثمان بك كما حبس محمد جاويش، فلم يرضَ الأخصام بذلك، وقالوا لا بد من عزله ونفيه. فلم توافقهم الينكجرية، فطلب العسكر من الباشا أمرًا بنفيه، فتوقف في ذلك فنزلوا مغضبين، واجتمعوا بمنزل كتخدا الجاويشية، وأنزلوا مطبخهم من نوبة خاناه إلى منزل كتخدا الجاويشية صالح أغا، وأقاموا به ثلاثة أيام ليلًا ونهارًا، وامتنعوا من التوجه إلى الديوان. ثم اجتمع أهل البلكات وتحالفوا أنهم على قلب رجل واحد، واتفقوا على نفي عثمان أوده باشه. ثم اجتمعوا على الصناجق، واتفقوا أن يكونوا معهم على طايفة الينكجرية لأنهم لم يعتبروهم، وأرسل الإسباهية مكاتبات لأنفارهم المحافظين مع الكشاف بالولايات يأمرونهم بالحضور، وفي ذلك اليوم عزل أوده باشه البوابة، وولي خلافه.
وفي يوم الجمعة ثامن عشرين الشهر، حضر إلى طايفة الينكجرية مَن أخبرهم أن العسكر يريدون قتالهم، فأرسلوا القابجية إلى أنفارهم ليحضروا إلى الباب بآلة الحرب، فاجتمعوا، وانزعج أهل الأسواق، وقفل غالبهم دكاكينهم، ثم اطمأنوا بعد ذلك، وجلسوا في دكاكينهم، واستمر أهل الوجاقات الستة يجتمعون ويتشاورون في أبوابهم وفي منزل محمد أغا المعروف بالشاطر، ومنزل إبراهيم بك الدفتردار، وأما الينكجرية فإنهم كانوا يجتمعون بالباشا فقط.
وفي يوم الأحد رابع عشر الحجة قدم محمد بك الذي كان بالصعيد في جند كثيف وأتباع كثيرة، وطلع إلى ديوان مصر على عادة حكام الصعيد المعزولين، ولبس الخلع السلطاني، ونزل إلى بيته بالصليبة. ثم إن أهل الوجاقات الست اجتمعوا واتفقوا على إبطال المظالم المتجددة بمصر وضواحيها، وكتبوا ذلك في قايمة، واتفقوا أيضًا أن من كان له وظيفة بدار الدرب والأنبار والتعريف بالبحرين أو المذبح لا يكون له جامكية في الديوان، ولا ينتسب لوجاق من الوجاقات، وأن ينظر المحتسب في أمورهم، ويحرروا موازينهم على العادة، وأن يركب معه من باب القاضي مباشرًا معه، وأن لا يتعرض أحد للمراكب التي ببحر النيل التي تحمل غلال الأنبار، وأن يحمل الغلال المذكورة جميع المراكب التي ببحر النيل، ولا تختص مركب منها لباب من أبواب الوجاقات، وأن كل ما يدخل مصر من بلاد الأمنا باسم الأكل لا يؤخذ عليه عُشر، وأن لا يباع شيء من قسم الحيوانات والقهوة إلى جنس الإفرنج، وأن لا يباع الرطل بأزيد من سبعة عشر نصف فضة، وأرسلوا القايمة المكتبة إلى الباشا ليأخذوا عليها بيورلدي وينادى به في الأسواق، فتوقف الباشا في إعطا البيورلدي، ولما بلغ الانكشارية ما فعلوا هؤلاء اجتمعوا ببابهم، وكتبوا قايمة نظير تلك القايمة، بمظالم الخردة ومظالم إسباهية الولايات وغيرها، وأرسلوها إلى الباشا، فعرضها على أهل الوجاقات، فلم يعتبروها، وقالوا لا بد من إجرى قايمتنا وإبطال ما يجب إبطاله منها من المظالم.
وفي يوم الأحد حادي عشرين الحجة اجتمع أهل الوجاقات ومعهم الصناجق بباب الغرب، وقاضي العسكر ونقيب الأشراف بالديوان عند الباشا، وأرسلوا إلى الباشا أن يكتب لهم بيورلدي بإبطال ما سالوه فيه والمناداة به، وإن لم يفعل ذلك أنزلوه ونصبوا عوضه حاكمًا منهم، وعرضوا ذلك على الدولة. فلما تحقق الباشا منهم ذلك، كتب لهم ما سالوه وكتب لهم القاضي أيضًا حجة على موجبه، ونزل بها المحتسب، وصاحب الشرطة، ونايب القاضي، وأغا من أتباع الباشا، ونادوا بذلك في الشوارع.
وفي غاية الحجة سنة عشرين كُسِفَ جرم الشمس في الساعة الثامنة، واستمر سبع عشرة درجة ثم انجلت.
وفي يوم السبت رابع محرم سنة إحدى وعشرين وماية وألف، اجتمع الينكجرية عند أغاتهم، وتحالفوا أنهم على قلب رجل واحد، واجتمع أنفارهم جميعًا بالغيط المعروف بحسين كتخدا، وتحالفوا كذلك، وفي سابعه اجتمع أهل الوجاقات بمنزل إبراهيم بك الدفتردار، وتصالحوا على أن يكونوا كما كانوا عليه من المصافاة والمحبة، بشرط أن ينفذوا جميع ما كُتب في القايمة، ونودي به، ولا يتعرضوا في شيء منه. فلم يستمر ذلك الصلح.
وفي ليلة السبت حادي عشر، وقع في الجامع الأزهر فتنة بعد موت الشيخ النشرتي، وسيأتي ذكرها في ترجمة الشيخ عبد الله الشبراوي.
ثم إن الينكجرية قالوا: لا نوافق في نقل دار الضرب إلى الديوان حتى تكتبوا لنا حُجة بأن ذلك لم يكن لخيانة صدرت منا ولا تخوف عليها. فامتنع أخصامهم من إعطا حجة بذلك. ثم توقف أهل البلكات الست على أن يعرضوا في شأن ذلك إلى باب الدولة، فإن أقرها في مكانها رضوا به، وإن أمر بنقلها نُقلت. فاجتمعوا هم ونقيب الأشراف ومشايخ السجاجيد، وكتبوا العرض المذكور، ووضعوا عليه ختومهم، ما عدا الينكجرية فإنهم امتنعوا من الختم. ثم أمضوه من القاضي وأرسلوه مع أنفار من البلكات وأغا من طرف الباشا في سادس عشرين المحرم سنة إحدى وعشرين ومائة وألف.
وأما الينكجرية فإنهم اجتمعوا ببابهم، وكتبوا عرضًا من عند أنفسهم إلى أرباب الحل والعقد من أهل وجاقهم بالديار الرومية، وعينوا للسفر علي أفندي كاتب مستحفظان سابقًا، وأحمد جربجي، وجهزوهم للسفر فسافروا في يوم الاثنين سابع عشرينه.
وفي ثالث عشر ربيع الأول تقلد إمارة الحاج قيطاس بك مقررًا على العادة في صبيحة المولد النبوي في كل سنة، وكان أُشيع أن بعض الأمرا سعى على منصب إمارة الحاج، فلما بلغ الينكجرية ذلك اجتمعوا ببابهم لابسين سلاحهم، وجلسوا خارج الباب الكبير على طريق الديوان بناء على أنه إن لبس شخص إمارة الحج خلاف قيطاس بك لا يمكنوه من ذلك. فلما رأى الصناجق والأمرا ذلك منهم خافوهم، وقالوا: هذه أيام تحصيل الخزينة، ونخشى وقوع أمر من هؤلاء الجماعة يودي إلى تعطيل المال. فاجتمع رأي الصناجق وأهل الوجاقات الست على نفي ستة أشخاص من الينكجرية الذين بيدهم الحل والعقد، ويخرجونهم من مصر إلى بلاد التزامهم تسكينًا للفتنة حتى يأتي جواب العرض.
فلما بلغ الينكجرية ما دبروه، اجتمعوا في بابهم في عَدَدِهم وعُدَدِهم، فلم يلتفتوا إلى فعلهم وقالوا: لابد من نفيهم ومحاربتهم، واجتمعوا كذلك في أبوابهم، واستعد الينكجرية ببابهم وشحنوه بالأسلحة والذخيرة والمدافع. فحصل لأهل البلد خوف وانزعاج، وأغلقوا الدكاكين وذلك سابع عشر ربيع الأول، ونقل الجاويشية مطبخهم من القلعة من النوبة إلى منزل كتخدا الجاويشية، وأقام طايفة الينكجرية منهم طوايف محافظين على أبواب القلعة، وباب الميدان وباب الصحرا الذي بالمطبخ الموصل إلى القرافة؛ خوفًا من أن العسكر يستميلون الباشا، وينزلونه الميدان؛ لأنهم كانوا أرسلوا له كتخدا الجاويشية، وطلبوا منه النزول إلى قراميدان لِيتَداعَواْ مع الينكجرية على يد قاضي العسكر، فلم تمكنهم الينكجرية من ذلك، وحصل لكتخدا الجاويشية ومن معه مشقة في ذلك اليوم من المذكورين عند عودهم من عند الباشا، وما خلصوا إلا بعد جهد عظيم.
وفي يوم الخميس عشرين ربيع الأول اجتمع الصناجق والعسكر، واختاروا محمد بك الذي كان بالصعيد؛ لحصار القلعة من جهة القرافة على جبل الجيوشي بالمدافع والعسكر، ففعل ما أمروه به، وخافت العسكر وقوع نهب بالمدينة، فعينوا مصطفى أغا أغاة الجراكسة يطوف في أسواق البلد وشوارعها، كما كان يفعل في زمن عزل الباشا، وفي يوم السبت ثاني عشرينه اجتمع الأمرا الصناجق والإسباهية بالرميلة، وعينوا أحمد بك المعروف بإفرنج أحمد أغات النفكجية؛ ليحاصروا طايفة الينكجرية من بابهم المتوصل منه إلى المحجر وباب الوزير، ويمنعوا من يصل إليهم بالإمداد، وأما الينكجرية الذين كانوا بالقاهرة فاجتمعوا بباب الشرطة، واتفقوا على أن يدهموا العسكر المحافظين بالباب ويكشفوهم، ويدخلوا إلى باب الينكجرية.
فلما بلغ الصناجق ذلك والعسكر، عينوا إبراهيم الشهير بالوالي ومصطفى أغات الجبجية في طايفة من الإسباهية إلى باب زويلة، ولما بلغ خبرهم الينكجرية الذين كانوا تجمعوا في باب الشرطة، تفرقوا، فجلس مصطفى أغا محل جلوس الأدباشه، وإبراهيم بك في محل جلوس العسس، وانتشرت طوايفهم في نواحي باب زُويلة والخرق، واستمروا ليلة الأحد على هذا المنوال، فطلع في صبحها نقيب الأشراف والعلما وقاضي العسكر وأرباب الأشاير، واجتمعوا بالشيخونتين بالصليبة، وكتبوا فتوى بأن الينكجرية إن لم يسلموا في نفي المطلوبين وإلا جاز محاربتهم، وأرسلوا الفتوى صحبة جوخدار من طرف القاضي إلى باب الينكجرية. فلما قريت عليهم تراخت عزايمهم وفشلوا عن المحاربة، وسلموا في نفي المطلوبين بشرط ضمانهم من القتل، فضمنتهم الأمرا الصناجق، وكتبوا لهم حجة بذلك. فلما وصلتهم الحجة أنزلوا الأنفار الثمانية المطلوبين إلى أمير اللواء أيواز بك ورضوان أغا، فتوجها بهم إلى بولاق، ومن هناك سافروا إلى بلاد الريف.
وفي يوم تاسع عشر ربيع الآخر ورد أمير أخور صغير من الديار الرومية، وطلع إلى القلعة، وأبرز مرسومين قُريا بالديوان بمصر بمحضر الجمع؛ أحدهما: بإبطال المظالم والحمايات بموجب القايمة المعروضة من العسكر، ونفى عطا الله المعروف ببولاق، وأحمد جلبي بن يوسف أغا، وأن يحاسبوا تجار القهوة على مرابحة العشرة فرق اثني عشر فرقًا بعد راس المال والمصاريف، والأمر الثاني: بنقل دار الضرب من قلعة الينكجرية إلى حوش الديوان، وبنا قنطرة اللاهون بالفيوم، وأن يحسب ما يصرف عليهما من مال الخزينة العامرة.
وفي يوم تاريخه برز أمر من الباشا برفع صنجقية أحمد بك الشهير بإفرنج أحمد بك، وإلحاقه بوجاق الجملية.
وفي يوم السبت اجتمع أعيان مستحفظان بمنزل أحمد كتخدا المعروف بشهر أغلان، وأرسلوا خلف إفرنج أحمد وتصالحوا معه، وتعاهدوا على الصدق، وأن لا يغدرهم ولا يغدروه ومضوا معه إلى الباب الجُملي، وأخذوا عرضه، وركب الحمار في يوم الأحد، وطلع إلى باب مستحفظان في جمع غفير من الأدباشية، وتقرر باش أدباشه كما كان سابقًا، وعاد إلى منزله.
وفي غاية الشهر رجع الأنفار الثمانية المنفيون، وأخرجوهم من وجاق الينكجرية، ووزعوهم على أهل الوجاقات باطلاع الأمرا الصناجق والأغوات.
وفي أوايل جمادى الأولى أرسل القاضي فأحضر مشايخ الحرف، وعرفهم أنه ورد أمر يتضمن ألا يكون لأحد من أرباب الحرف والصنايع علاقة ولا نسبة في أحد الوجاقات السبع فأجابوه بأن غالبهم عسكري وابن عسكري، وقاموا على غير امتثال. ثم بلغ القاضي أنهم أجمعوا على إيقاع مكروه به، فخافهم وترك ذلك وتغافل عنه ولم يذكره بعد.
وفي هذه السنة أبطل الينكجرية ما كانوا يفعلونه من الاجتماع بالمقياس، وعمل الأسمطة والجمعيات وغيرها عند تنظيفه.
وفي منتصف جمادى الثاني تم بناء دار الضرب التي أحدثوها بحوش الديوان، وضُرب بها السكة، وكان محلها قبل ذلك معمل البارود، ونقل معمل البارود إلى محل بجوارها، وفيه لبس إبراهيم بك أبو شنب أميرًا على الحاج عوضًا عن قيطاس بك، وتولى قيطاس بك دفتردارية مصر عوضًا عن إبراهيم بك بموجب مرسوم ورد بذلك من الأعتاب.
وفي تاسع عشر رمضان ١١٢١هـ ورد الخبر بعزل حسن باشا، وولاية إبراهيم باشا القبودان، ووردت منه مكاتبة بأن يكون حسن باشا نايبًا عنه إلى حين حضوره، ولم يفوض أمر النيابة إلى أحد من صناجق مصر كما هو المعتاد.
وفي شهر شوال الموافق لكيهك القبطي ترادفت الأمطار، وسالت الأودية حتى زاد بحر النيل بمقدار خمسة أذرع، وتغير لونه لكثرة ممازجة الطفْل للماء في الأودية، واستمرت الأمطار تنزل وتنسكب إلى غاية الشهر، وكان ابتداوها من غرة رمضان.
وفي منتصف ذي القعدة نزل حسين باشا من القلعة بموكب عظيم وأمامه الصناجق والأغوات إلى منزل الأمير يوسف أغادار السعادة بسويقة عصفور، ووصل إبراهيم باشا القبودان، وطلع إلى القلعة في منتصف الحجة سنة ١١٢١هـ.
وفي منتصف محرم سنة اثنين وعشرين وماية وألف اجتمع أهل البلكات السبعة بسبيل علي باشا بجوار الإمام الشافعي، واتفقوا على نفي ثلاثة أنفار من بينهم، فنفوا في يوم الخميس من اختيارية الجاويشية قاسم أغا، وعلي أفندي كاتب الحوالة، ومن وجاق المتفرقة علي أفندي المحاسبجي، وسببه: أنهم اتهموهم بأنهم يجتمعون بالباشا في كل وقت، ويُعرِّفونَه بالأحوال، وبأنهم أغروه بقطع الجوامك المكتتبة بأسماء أولاد وعيال المحلول عنهم، والجوامك المرتبة على الأوقاف، واتفق أنه مات جماعة فضبط جوامكهم المرتبة على أولاد وعيال المحلول عنهم، وأن العسكر راجعوه في ذلك فلم يوافقهم على ذلك، وأيضًا راجعه الاختيارية المرة بعد المرة، فقال: لا أسلم إلا لمن ينقل اسمه إلى أحد الوجاقات السبعة، فمن نُقل اسمه فإني لا أعارضه. فرضوا بذلك وأخذوا منه فرمانًا.
فورد بعد ذلك سلحدار الوزير وعلى يده أوامر بإبطال المرتبات، وأن من عاند في ذلك يؤدبه الحاكم، فأذعنوا بالطاعة. فأراد الباشا نفي الثلاثة أنفار من اختيارية العزب، فلم توافق العسكر. ثم اتفق العسكر على كتابة عرض بالاستعطاف بإبقاء ذلك، وسافر به سبعة أنفار من الأبواب السبعة.
وفي يوم الخميس غاية ربيع الأول، تقلد الأمير إيواز بك إمارة الحج عوضًا عن إبراهيم بك؛ لضعف مزاجه، ووهن قوته.
وفي أوايل جمادى الأول سنة اثنتين وعشرين ومائة وألف، ورد من الديار الرومية مرسوم قرئ بالديون مضمونه أن وزن الفضة المصرية زايد في الوزن عن وزن إسلامبول، والأمر بقطع الزايد، وأن يضرب سكة الجنزرلي ظاهرة، ويحرر عياره على ثلاثة وعشرين قيراطًا.
وفي ثامن رجب حصلت زلزلة في الساعة الثامنة، وفيه ورد مرسوم بإبقاء المرتبات التي عرض في شأنها كما كانت، ولكن لا يُكتب بعد اليوم في التذاكر أولاد وعيال، ولا ترتب على جهة وقف.
وفي خامس عشرِه ورد عزل إبراهيم باشا وولاية خليل باشا، وإقامة أيوب بك قايممقام، ونزل إبراهيم باشا من القلعة إلى منزل عباس أغا ببركة الفيل. فكانت مدته ثمانية أشهر، ووصل خليل باشا الكوسج، وكان بصيدا من أعمال الشام، فقدم بالبر يوم الثلاثاء عاشر شعبان سنة اثنتين وعشرين وماية ألف.
وفي ثاني عشر ذي القعدة ورد أمر بطلب ثلاثة آلاف من العسكر المصري، وعليهم صنجق لسفر الموسقو، وكانت النوبة على محمد بك حاكم جرجا حالًا، فتعذر سفره فأقيم بدله إسماعيل بك تابع ذو الفقار بك، فقلدوه الصنجقية، وأمره محمد بك بأربعين كيسًا مصرية، وجعله بدلًا عنه، ولبس القفطان ثاني عشر الحجة.