الفصل السابع عشر
بدأتُ أعيدُ قراءةَ «التاريخ السري» في صباح اليوم التالي في المتجر. كنت قد تعبتُ من الانتظار. انتظار مكتبة نيوتن العامة أن تفتح حتى أتمكَّن من الحصولِ على نسخةٍ من كتاب «سمكة صغيرة» لنيكولاس برويت، انتظار مكالمة من جوين، وانتظار مزيدٍ من المعلومات من مارتي كينجشيب حول مقتل نورمان تشيني.
قرأتُ المقدمة والفصل الأول، وانجرفتُ على الفور في هوس الراوي بزُمرةٍ صغيرة من طلاب الكلاسيكيات في كلية هامبدن الخيالية. وعلى غِرار ريتشارد بابن، كنتُ دائمًا مفتونًا بالمجموعات المتآلفة، والعائلات المتماسكة، والروابط الأخويَّة. ولكن على عكس ريتشارد، لم أجد البتَّة مجموعةً للانضمام إليها، وكان أقربُها زملائي بائعي الكتب القديمة، ولكن في أغلب الأحيان، عندما نجتمع، أشعرُ وكأنني محتالٌ في وسطهم.
ارتفعَت درجة الحرارة في ذلك اليوم وراح الثلج يذوب في جميع أنحاء المدينة. كانت البِرَك تتشكَّل، وكانت المزاريب تفيض، وكان المُشاة في الخارج يتوافدون في جموعٍ هائلة. لقد كان صباحًا صاخبًا، حيث كان هناك تدفقٌ مستمر من متصفِّحي الكتب يتقاطر على الأرضية الخشبية الصلبة.
قبل الظهر بقليل، أخبرتُ إيميلي أنني ذاهبٌ إلى المنزل لتناول طعام الغداء ويمكنها تولِّي مسألة البيع مكاني. كنت قد أوقفتُ سيارتي في الخارج على بُعد متر، ومن ثمَّ ركبتُ سيارتي وسلكتُ طريقَ «ستورو درايف» إلى نيوتن، ثم سلكتُ بعضَ الطرق الخلفية للوصول إلى المكتبة الرئيسية، وهي عبارة عن هيكلٍ ضخم من الطوب بالقرب من حي كومنولث. عثرتُ على رواية «سمكة صغيرة» في الطابق الثاني من المكتبة وأخذتُ المجلد النحيف ذا الغلاف الورقي إلى كرسيٍّ جلدي ناعم في ركنٍ من أركان المكتبة بالقرب من قسم الشعر. اطلعتُ بسرعة على قائمة عناوين القصة في صفحة المحتويات، باحثًا على ما أعتقد عن شيءٍ قد يشير إلى قصةِ جريمة، أو شيءٍ به جريمةُ قتل، أو شيء من الحقد والأذى، لكن معظم العناوين بدت إما عامة وإما أدبية بوعي ذاتي. «حفل الحديقة». «ما آلت إليه الأمور». «ومن هنا الأهرامات». «قُبلة أفلاطونية». لم يسترعِ انتباهي شيءٌ؛ ولذا قرَّرتُ قراءة القصة التي اختِير اسمها عنوانًا للكتاب، «سمكة صغيرة». ما إن بلغتُ منتصف القصة حتى أدركتُ أنها لم تكن مفيدةً كثيرًا. في القصة، يتذكَّر طالبٌ جامعي في المرحلة الأخيرة بكلية بودوين كيف أخذه والده في رحلةِ صيد في شمال ولاية نيويورك عندما كان في العاشرة من عمره. الدروس المستفادة من الرحلة — إعادة السمكة الصغيرة إلى الماء مرةً أخرى هي أوضحها — قد تردَّد صداها مع علاقة الراوي الحاليَّة. لم تكن القصة مثيرةً للإعجاب. على الأقل ليس بالنسبة إليَّ، وقد توقفتُ عن قراءتها في منتصفها. ثم استعرضتُ بقيةَ القصص في المجموعة، ولم أجد الكثير. بصراحة، لا أعرف بالضبط ما كنت أبحث عنه، لكن ربما قصة واحدة فقط تشير إلى موقفٍ مضطرب تجاه الانتقام أو العدالة. قلَّبتُ الصفحات حتى وصلتُ إلى مقدمة الكتاب لأرى ما إذا كان هناك إهداء، وكان هناك إهداءٌ بسيط: «إلى جيليان». نهضتُ وتجوَّلتُ حتى وجدتُ جهازَ كمبيوتر شاغرًا، ثم فتحتُ إطار متصفح وكتبتُ جيليان ثم جامعة نيو إسيكس. كان الاسم الأكثرُ تَكرارًا هو جيليان نجوين، التي كانت تعمل أستاذًا للغة الإنجليزية في نيو إسيكس قبل حصولها على وظيفةٍ في كلية إيمرسون، هنا في بوسطن. حفظتُ اسمها، وقررتُ أن أتصل بها، ولكن ليس قبل أن أكتشف المزيدَ عن نيك برويت.
ثم قلبتُ الصفحات حتى وصلت إلى الغلاف الخلفي للكتاب ولاحظتُ وجودَ صورةٍ للمؤلِّف تختلف عن تلك التي رأيتُها على الإنترنت. كانت هناك أيضًا صورةٌ جانبية التفَّ فيها بمقدار ثلاثة أرباع درجة — من الواضح أن برويت كان يعتقد أنَّ منظره الجانبي جيدٌ — ولكن في هذه الصورة كان يرتدي قبعةً، قبعة فيدورا المصنوعة من اللَّباد، وهي نوعُ القبعة التي كان يرتديها المحقِّقون في الأفلام القديمة. بمجرد أن رأيت ذلك، فكَّرتُ في الرجل في نهاية الشارع الذي رأيتُه ليلة السبت، الرجل الذي اعتقدتُ أنه يلاحقني. كان يرتدي قبعةً شبيهة بهذه القبعة.
قبل مغادرتي، بحثتُ في صفحات الكتاب لمعرفةِ ما إذا كان يحتوي على ملصقِ أمان. لم أجِد، وفكَّرتُ في الذهاب إلى الحمَّام وإخفاء الكتاب تحت قميصي. لكن المكتبة كانت مكتظة، والناسُ يأتون ويذهبون، وقررتُ ببساطة الخروجَ والكتيب في يدي، كما لو كنت قد استعرتُه بالفعل. لم أعتقد أنهم سيشعرون بغيابه، وبدا من الحكمة ألا يُسجَّل في بطاقتي المكتبية أنني استعرتُ كتاب نيكولاس برويت.
مشيتُ عبْر أجهزة الاستشعار — لم تُطلَق أيُّ إنذاراتٍ — وخرجتُ إلى حيث الأجواءُ الدافئة لوقتِ ما بعد الظهيرة.
عندما عُدتُ إلى المتجر، أرسلتُ بريدًا إلكترونيًّا إلى جوين لمعرفةِ ما إذا كانت قد حصلَت على صورٍ فوتوغرافية للكتب التي رأيناها في منزل إيلين جونسون. ثم حاولتُ قراءةَ المزيد من «التاريخ السري» لكني لم أستطِع التركيز. وانتهى بي الأمر أن أذرَع المتجرَ جَيئةً وذهابًا، محاولًا معرفةَ ما يجب القيام به بعد ذلك، بينما أرتِّب الأرفف.
بعد أن وصل براندون ليبدأ مناوبته لوقتِ ما بعد الظهيرة، قررتُ أنه يمكنني على الأرجح العودةُ إلى المنزل. كان اليوم هو الثلاثاء، وكان يومًا هادئًا، وكنت أنتظرُ التحدُّثُ مع جوين، وهو أمرٌ أفضِّلُ ألا أفعله في مكانٍ قد يسمعني فيه الناس. وضعتُ كتاب «التاريخ السري» في حقيبتي وسألتُ براندون عما إذا كان يُمانع في أن يكون بمفرده.
عبَس، وقال: «كلَّا، أنا بخير.»
«حسنًا إذن. اتصِل بي إذا طرأ شيءٌ ما.»
«سأفعل.»
انخفضَت درجة الحرارة، بحيث تحوَّل كلُّ الثلج المُذاب الآن إلى جليد، وتناثر الترابُ والمِلح على الأرصفة. كان وقتُ الظهيرة ساطعًا، مما ذكَّرني بأنَّ أوقاتَ النهار صارت أطولَ بالفعل، على الرغم من أنَّ الشتاء سيستمر بلا هوادةٍ مدةَ شهرين آخرَين على الأقل. لم أكن شخصيًّا أُمانع في ذلك، لكن يمكنني قراءة وجوه المارة خلال طريقي إلى المنزل. كانت وجوههم شاحبة وكئيبة، مستسلِمة لهذه المدينة الرمادية، وطريقهم الطويل الذي يشقُّونه بصعوبةٍ في هذه الأجواء بانتظارِ فصل الربيع.
وبحكم العادة رُحتُ أطلُّ من خلال النوافذ الزجاجية لفندق «بيكون هيل» إلى داخل حانتهم المريحة والدافئة، دائمًا ما أتساءل عمَّا إذا كان شريكي براين مقيمًا لديهم. كان موجودًا بالداخل اليوم، مرتديًا إحدى ستراته المألوفة من طراز هاريس تويد، مرتكزًا على الجانب البعيد من البار البيضاوي. وقفتُ في الشارع مترددًا بشأنِ إن كان ينبغي لي الانضمام إليه عندما رأيتُه يرفع رأسه الكبير الأشعث ويلاحظني من خلال الزجاج.
قلتُ، وأنا أجلسُ في المقعد المجاور له: «مرحبًا، براين»، وشعرتُ بالفضول تجاه كأس المارتيني نصف المملوء على البار مع بصمة أحمر الشفاه على حافته.
قال: «تيس هنا»، وبمجرد أن قالها، التفتُّ لأرى تيس موري، زوجته على مدى السنوات العشر الماضية، عائدةً — كما افترضتُ — من الحمَّام، وهي تضع أحمرَ شفاهٍ جديدًا على شفتَيها.
قلتُ، عائدًا إلى الوراء حتى أسمح لها باستعادة مقعدها: «أوه، آسف تيس.»
«كلَّا، اجلس هناك. يُسعدنا دائمًا وجودُ مَن يخفِّف الصدام بيننا، أليس كذلك بري؟» وأزاحت كأس المارتيني الخاص بها تجاهها، بينما جلستُ أنا بينهما. كنت أرى تيس أقلَّ بكثير مما أرى براين، وكان من غير المعتاد أن تخرج لتناول الشراب معه، لا سيَّما في وقتٍ مبكر من بعد ظهيرة يوم الثلاثاء. كانت زوجتَه الثانية ولا بد أنها كانت أصغرَ منه بعشرين عامًا على الأقل. قال الجميعُ إنها كانت مسئولة الدعاية لديه، وكان هذا هو سببَ تعارفهما، لكنني علمتُ أنَّ ذلك لم يكن صحيحًا. كانت مسئولة الدعاية، أو اعتادت أن تكون في السابق عندما كانت تعمل بدوام كامل، ولكن ليس لديه. لقد التقيا في العام الوحيد الذي حضَر فيه بوشركون، وهو المؤتمر السنوي لكُتَّاب الجريمة. لم يكن يذهب عادةً، لكنهم جعلوه ضيفَ الشرف وهذا ما دفعه إلى ذلك.
أخبرني براين عدةَ مرات أنَّ الطريقة الوحيدة التي نجَح بها زواجُهما هي أن تيس تُمضي ستة أشهر في منزلهما في لونجبوت كي من دونه، بينما يمضي هو الأشهُرَ الستة الأخرى في كوخهما في شرق ولاية مين من دونها. وفي بعض الأحيان يلتقيان مصادفةً في بوسطن.
قلتُ: «لماذا لستَ في فلوريدا الآن، تيس؟»
«ألم تسمع بالخبر؟ براين، أرِه ذراعك.»
استدرتُ، ورفع براين ذراعه اليسرى، مستقرًّا في جهازٍ يبدو عضوًا آليًّا على نحوٍ غامض. «أوه، لا.»
قال: «إنَّه ليس بالأمر المهم. لقد وقعتُ قبل أسبوع وأنا أتنحَّى عن نفس مقعد البار هذا. لم أشعر بشيء إلا بالبقية المتبقِّية من كبريائي وهو يُغادر جسدي. ولكن على ما يبدو، حدث كسرٌ في موضعَين، وستُفاجأ بمدى صعوبة أن تكون مخمورًا بيدٍ واحدة في مثل سني.»
«هل تكتب الآن؟»
«سلَّمتُ روايتي الجديدة قبل عيد الميلاد مباشرةً، لكنَّ لديَّ نسخًا لأحرِّرها، وعلبَ حساءٍ لأفتحها؛ ولذا فإن تيس تبذل التضحيات.»
قالت تيس: «حاولتُ إقناعه بالقدوم إلى فلوريدا، لكنك تعرف كيف يبدو هذا الأمر، كنا نعتزم الاتصال بك يا مال لنطلب منك احتساءَ مشروبٍ معنا. والآن ها أنت ذا.»
قال براين: «إنه يعرف أين يجدُني»، ثم أنهى شرابه الذي دائمًا ما كان تقريبًا سكوتش وصودا في كوب ويسكي زجاجي مع مكعبَين من الثلج.
طلبتُ لنفسي جِعةً من نوع ليفت هاند ستاوت، واستطعتُ إقناعَ براين وتيس بشراء مشروب لكليهما على حسابي. سكوتش آخر لبراين وجراي جوس مارتيني لتيس.
قالت تيس: «كيف تسير أحوال العمل؟ كنت أودُّ أن أسأل براين لكنه لا يعرف أبدًا.»
قلتُ: «كما هو. ليس سيئًا على الإطلاق.»
«ماذا يُباع هذه الأيام؟»
على الرغم من أنها لم تَعُد تعمل مسئولةَ دعاية — آخرُ ما سمِعتُه عنها أنها تمتلك متجر مجوهراتٍ صغيرًا في فلوريدا — فإنها ما زالت تحبُّ أن تسمع عن أحوال العمل. لقد أحببتُ تيس ودافعتُ عنها في عددٍ من المناسبات أمام أشخاص آخرين في مجال الصناعة، بعضهم رآها على أنها فتاةٌ استغلالية لم تكن حتى تتمتع باللياقة لقضاء الكثير من الوقت مع زوجها الثريِّ الأكبر سنًّا. لكنها كانت دائمًا لطيفةً معي، ولقد أخبرني براين عدةَ مرات كم كان يُقدِّر زواجَهما، وكيف أنها فهمت أهميةَ العزلة بالنسبة إليه. وكيف أحبَّته على طريقتها الخاصة.
مكثتُ لتناول كأسَين من الجِعة، مدركًا طوال الوقت أنَّ هاتفي قد يرِنُّ، أو يطِنُّ برسالةٍ من جوين. عندما طلبا العشاء قلتُ إنني سأغادر، وإنَّ لديَّ طعامًا في المنزل لأعُدَّه، وكانت هذه كذبة، لكن براين كان قد بدأ يتذمَّر قليلًا وأردتُ الخروج قبل بدء خُطبه الطويلة.
قبل أن أغادر قلتُ: «هل سمِعت عن إيلين جونسون؟»
قال براين: «مَن؟»
«إيلين جونسون. لقد اعتادت أن تأتيَ إلى المتجر كلَّ يوم قبل أن تنتقل إلى مين. صاحبة نظَّارات قنينة الكوكا».
قال براين: «بالتأكيد». وفُوجئتُ أنَّ تيس، على يميني، كانت تومئ برأسها أيضًا.
«لقد ماتت على إثرِ نوبة قلبية.»
«كيف علِمت بذلك؟»
كدتُ أخبره، أخبرُ كلا الأمرَين على ما أعتقد، بشأن العميلة مالفي والقائمة، لكنني أحجمتُ لسببٍ ما.
قلتُ كاذبًا: «أخبرني زَبون آخر. اعتقدتُ فقط أنك قد تكون مهتمًّا.»
قالت تيس: «بئس المصير لها»، واستدرتُ نحوها متفاجئًا.
قلتُ: «هل كنتِ تعرفينها؟»
«بالتأكيد. لقد حاصرَتني في إحدى ندوات براين لتخبرني كم كان مبتذلًا. قلتُ لها إنني زوجتُه، وانفجرَت ضاحكة، وسألتني إذا كنتُ قد قرأتُ كتبه قبل أن أتزوَّجه. لن أنسى ذلك أبدًا».
كان براين يبتسم. «لقد كانت مُحقَّة في الواقع. إنني أتذكَّرها الآن. أخبرَتْني مرةً بأن كاتبها المفضَّل كان جيمس كرملي، ومن ثمَّ اعتقدتُ أنها لا يمكن أن تكون سيئةً إلى تلك الدرجة. انتقلت إلى روكلاند، في مين، أليس كذلك؟»
«كيف علمتَ بذلك؟»
«أخبرتني إيميلي، على الأرجح، في المرة الأخيرة التي مررتُ فيها على «أُولد ديفيلز». إنها تحتفظ بسجلٍّ لكلِّ العملاء المتسبِّبين في المشكلات من أجلي.»
قلتُ: «أها»، وانزعجتُ قليلًا أنَّ براين، الذي كان يرى إيميلي على الأرجح كلَّ ثلاثة أشهر، بدا أنه يتمتع بعلاقةٍ أفضلَ معها مقارنةً بي.
قادتني تيس الى الخارج، وتساءلتُ عن السبب. لكن عندما وصلنا إلى الرصيف، قالت: «هذا الحادث الغبي غيَّره تمامًا. إنه مذعور من كل شيءٍ الآن. المشي، النهوض من السرير، فِعل أيِّ شيء. يمكنني البقاء معه ولكن ليس إلى الأبد. لديَّ المتجر في فلوريدا ولا يمكنني التعامُل معه طوال الوقت، ولست متأكِّدة من أنه يستطيع التعامُل معي.»
«ربما ينبغي أن تحصلي على بعض المساعدة؟»
«بالضبط. هذا ما قلتُه له مائة مرة، لكنه لا يريد سماعه. انظر، إذا شاركتَنا العشاء في ليلةٍ ما، هلَّا تطرح الأمر من أجلي؟ ربما إذا سمِع ذلك من شخص آخر …»
قلتُ لها: «بالتأكيد».
«شكرًا مال. إنني أقدِّر لك ذلك. لا تُسِئ فهْمي، سأفعل أيَّ شيءٍ في إمكاني فِعله من أجل براين، وسيفعل أيَّ شيءٍ في إمكانه من أجلي، لكن مساعدته على الخروجِ من حوض الاستحمام لم يكن جزءًا من الاتفاق». ودفعَت خَصلة من شعرها الداكن الطويل خلف إحدى أذنيها، ثم انحنت وقبَّلتني على شفتيَّ قبل أن تجذبني كي تُعانقني. لقد فعلَت هذا من قبل، حتى أمام براين، الذي لم يبدُ أنه يمانع في ذلك بتاتًا.
ارتجفَت تيس بين ذراعَي بينما كنا نتعانق. قالت وهي تُفلتني: «كيف تتحمَّل هذا الطقس؟». وبينما كنت أسير إلى المنزل استطعت أن أشمَّ رائحتها على جلدي؛ عطرًا ليمونيًّا ورائحةَ زيتون من المارتيني الخاص بها.
تناولتُ حبوبَ الإفطار على العشاء في تلك الليلة، وقرأتُ المزيد من «التاريخ السري»، وانتظرتُ اتصالَ جوين. أرسلتُ إليها رسالةً نصيةً أخرى قبل أن أخلد إلى النوم، قلتُ فيها إنني أتمنَّى أن يكون كلُّ شيءٍ على ما يُرام. وكان وجهُها هو ما فكَّرتُ فيه وأنا مُستلقٍ في الفراش، وليس وجه زوجتي.