الفصل الثاني
لقد عملتُ في متاجر بيع الكتب منذ تخرُّجي في الكلية عام ١٩٩٩. في البداية، عملتُ مدةً وجيزة في متجر «بوردرز» في وسط مدينة بوسطن، ثم مديرًا مساعدًا ومديرًا أولَ في أحد المتاجر المستقلة القليلة المتبقية في ميدان هارفارد. كانت شركة أمازون قد انتصرَت للتو في حربها لإحراز الهيمنة الكاملة، وكانت معظم فروع متجر «إندي» للكتب تتداعى مثل خيامٍ مهلهلة في وجه إعصار مدمِّر. لكن متجر «ريدلاين» كان صامدًا، ويُعزى ذلك جزئيًّا إلى أنَّ العملاء الأكبر سنًّا لم يكونوا على درايةٍ كافية بعدُ بالتسوُّق عبْر الإنترنت، وفي الغالب أيضًا لأنَّ مالكه، مورت أبرامز، كان يمتلك المبنى الفعليَّ بالكامل المكوَّن من طابقَين الذي يضم المتجر؛ ومن ثمَّ لم يكن مضطرًّا إلى دفع الإيجار. مكثتُ في «ريدلاين» مدةَ خمسة أعوام، عامَين مساعدَ مدير، ثم ثلاثة أعوام مديرًا أولَ ومديرَ مشترياتٍ بدوام جزئي. وكان تخصُّصي هو الأدب الروائي، وعلى وجه الخصوص، أدب الجريمة.
خلال المدة التي قضيتُها في المتجر قابلتُ أيضًا زوجتي المستقبلية، كلير مالوري، التي عُيِّنَت بائعةَ كتبٍ هناك بعد مدةٍ وجيزةٍ من ترْكها جامعةَ بوسطن. تزوَّجنا في العام نفسِه الذي فقدَ فيه مورت أبرامز زوجتَه البالغة من العمر خمسة وثلاثين عامًا بسبب سرطان الثدي. أصبح مورت وشارون، اللذان كانا يقطُنان على بُعد شارعَين من متجر بيع الكتب، صديقَيْن حميمَيْن لي، والدَيْن بديلَيْن حقًّا، وكان موت شارون صعبًا، لا سيَّما وأنه سلبَ مورت ما تبقَّى من بهجة الحياة. بعد عام من وفاتها أخبرني أنه سيُغلق المتجر، ما لم أرغب في الاستحواذ عليه لنفسي، وكنتُ أرغب بالطبع في شرائه. فكَّرتُ في الأمر، لكن في تلك المرحلة كانت كلير قد تركَت بالفعل «ريدلاين»، لتعمل في المحطة التلفزيونية المحلية، ومن ثمَّ لم أكن أرغب بضرورة الحال في استغراق الساعات أو تحمُّل المخاطرة المالية بإدارة متجري الخاص. تواصلتُ مع «أُولد ديفيلز»، وهو متجر لبيع الروايات البوليسية في بوسطن، وأوجدَ جون هيلي، المالِك حينذاك، فرصةَ عملٍ لي. أصبحتُ مدير الفعاليات، وتوليتُ إنشاء المحتوى الخاص بمدوَّنة المتجر المزدهرة، بوصفها موقعًا لعُشَّاق الألغاز والروايات البوليسية. كان آخِر يوم لي في «ريدلاين» هو آخِر يوم عملٍ للمتجر أيضًا. أغلقنا أنا ومورت الأبوابَ الأمامية معًا، ثم تبِعتُه عائدَيْن إلى مكتبه، حيث احتسينا شرابَ الشعير من زجاجةٍ مُغبرَّة كان قد أعطاها له روبرت باركر. أتذكَّر ما ظننتُه وقتها بأن مورت دون زوجته والآن دون المتجر، لن يصمد حتى فصل الشتاء. كنتُ مخطئًا. لقد اجتاز الشتاءَ والربيع، لكن الموت تمكَّن منه في صيف العام التالي في منزل البحيرة الخاص به في وينيبساوكي، قبل أسبوع واحد من تخطيطنا أنا وكلير لزيارته.
كان «ثماني جرائم كاملة» أولَ مَقال أكتبه لمدوَّنة «أُولد ديفيلز». لقد طلبَ إليَّ رئيسي الجديد، جون هيلي، أن أكتبَ قائمة بالروايات البوليسية المفضَّلة لديَّ، ولكن بدلًا من ذلك تراءت لي فكرةُ كتابة قائمة بجرائم القتل الكاملة في أدب الجريمة. لا أعرفُ بالضبط لِمَ كنتُ مترددًا في مشاركة أسماء كتبي المفضَّلة، لكنني على ما أذكر اعتقدتُ وقتَها أن الكتابة عن جرائم القتل الكاملة قد تُولِّد المزيدَ من الزيارات للمدوَّنة. كان هذا صحيحًا في تلك الأثناء التي كان ينطلق فيها العديد من المدوَّنات، لتجعل مؤلِّفيها أثرياءَ ومشهورين. أذكر أن شخصًا ما أنشأ مدوَّنة حول إعداد إحدى وصفات جوليا تشايلد يوميًّا التي تحوَّلَت إلى كتاب، وربما حتى إلى فيلم سينمائي. أعتقد أنني أُصبت بجنون العظمة حين ظننتُ بأن منصة مدوَّنتي قد تُحوِّلني إلى هاوٍ مشهور وموثوق به في أدب الجريمة. وقد زادت كلير من فرط حماستي بإخباري مِرارًا وتَكرارًا بأنها تعتقد أن هذه المدوَّنة يمكن أن تُحقق نجاحًا ساحقًا حقًّا، وبأنني سوف أحقِّق هدفي بأن أصبح ناقدًا أدبيًّا لقصص الجريمة. الحقيقة أنني أدركتُ هدفي بالفعل، هذا ما ظننتُه على الأقل، وأصبحتُ بائعَ كتبٍ، قانعًا بمئات التفاعلات والفعاليات الصغيرة التي تُشكِّل الحياةَ اليومية لبائع كتب. وكان أكثر ما أحببتُه هو القراءة؛ فقد كانت هذه هي بُغيتي الحقيقية.
ومع ذلك، بدأتُ بطريقةٍ ما أرى مقالي «جرائم قتل كاملة» — الذي لم يُكتَب بعد — على أنه أهمُّ مما كان عليه حقًّا. سأمهِّد السبيل أمام المدوَّنة، معلِنًا نفسي للعالَم. أردتُها أن تكون خاليةً من العيوب، ليس فيما يتعلق بالكتابة فحسب، بل القائمة نفسِها. يجب أن تكون الكتب مزيجًا من المعروف والمغمور. ينبغي تمثيلُ العصر الذهبي، ولكن ينبغي أن تتضمَّن أيضًا رواية معاصرة. عملتُ بجِدٍّ أيامًا متتالية، أُعدِّل القائمة، مضيفًا عناوين، ومقتطعًا عناوين، وباحثًا في الكتب التي لم أكن قد قرأتُها بعد. أعتقد أنَّ السببَ الوحيد الذي جعلني أنتهي فعليًّا هو أن جون بدأ يتذمَّر لأنني لم أكن قد نشرتُ أيَّ شيء على المدوَّنة بعد. قال: «إنها مجرَّد مدوَّنة. اكتب قائمةً بالكتب اللعينة وانشرها. فأنت لن تنالَ علاماتٍ عليها.»
رُفِعَ المنشور، على نحوٍ مناسب بما فيه الكفاية، في عيد الهالوين. إن قراءته الآن تجعلني أرتعدُ قليلًا. لقد كُتِب المقال بطريقةٍ مُنمَّقة، حتى إنه يبدو رنَّانًا بين أوانٍ وآخرَ. وكان بإمكاني عمليًّا إدراكُ الحاجة إلى الموافقة. وكان هذا ما نُشِر في النهاية:
ثماني جرائم
كاملة
بقلم مالكوم
كيرشو
في واحدٍ من أعمال المخرِج لورانس كاسدن «حرارة الجسد» عام ١٩٨١، الذي لم يَنل حقَّه في التقدير ويُصنَّف ضمن أفلام «السينما المظلمة الجديدة» (نيو-نوار)، قال تيدي لويس في كلماتٍ خالدة: «في أي وقتٍ تحاول فيه ارتكابَ جريمة مُدبَّرة، لديك خمسون طريقةً للفشل. إذا قدَّرت ٢٥ منها، تكون عبقريًّا … وأنت لست بعبقري.» كلماتٌ صحيحة، غير أنَّ تاريخ الأدب البوليسي مليءٌ بالمجرمين، معظمهم من القتلى أو المسجونين الذين حاولوا جميعًا تحقيقَ شبه المستحيل، وهو: «الجريمة الكاملة». والعديدُ منهم حاول ارتكابَ جريمة مكتملة الأركان، وهي القتل.
فيما يلي اختياراتي لجرائم القتل الأشد ذكاءً، والأكثر إبداعًا وإحكامًا (إنْ كان هناك شيءٌ من هذا القبيل) في تاريخ أدب الجريمة. هذه ليست كتبي المفضَّلة في هذا النوع، ولا أدَّعي أنها الأفضل. إنها ببساطةٍ تلك التي يقترب فيها القاتلُ من إدراك ذلك المَثَل الأعلى الأفلاطوني للجريمة الكاملة.
ولذا إليكم قائمةً شخصية ﻟ «جرائم قتْل كاملة». وأخبركم مسبقًا أنني حاولتُ قدْر استطاعتي تجنُّبَ حرق الأحداث، ولكنني لم أكن موفَّقًا تمامَ التوفيق. فإذا لم تكن قد قرأت أحدَ هذه الكتب، فإنني أقترح قراءة الكتاب أولًا، وقائمتي ثانيًا.
«لغز المنزل الأحمر» (١٩٢٢) بقلم آلان ألكسندر ميلن
قبل وقتٍ طويل من ابتكار آلان ألكسندر ميلن لإرثه الدائم — الدُّب ويني، في حال لم تسمعوا به — كان قد كتبَ روايةً واحدة عن جريمة كاملة. إنه لغزُ منزل ريفي، حيث يظهر فجأةً شقيقٌ لمارك أبليت كان قد فُقِد منذ مدة طويلة، مطالِبًا إياه بالمال. ينطلق رصاصُ بندقية في غرفة مغلقة، ويُرْدى الأخُ قتيلًا. ثم يختفي مارك أبليت. هناك بعضُ الأساليب الخداعية غير المعقولة في هذا الكتاب — بما في ذلك شخصياتٌ مُتخفية، وممرٌّ سري — لكن العناصر الجوهرية وراء مخطَّط القاتِل كانت في منتهى البراعة والذكاء.
«سبق الإصرار» (١٩٣١) بقلم أنتوني بيركلي كوكس
تشتهر بكونها أولَ رواية بوليسية «مقلوبة» (تُكشَف لنا هُوية القاتِل والضحية بدءًا من الصفحات الأولى)، فهي بالأساس دراسةُ حالة حول كيفية قتْل زوجتك بالسُّم والإفلات من العِقاب. ومما ساعد بالطبع أن القاتل طبيبٌ ريفي ولديه إمكانية الوصول إلى أدويةٍ قاتلة. وزوجته التي لا تُطاق ليست سوى ضحيته الأولى؛ لأنه بمجرد أن يرتكب المرءُ جريمةَ قتْل كاملة، يكون الإغراءُ هو أن يُجرِّب جريمةً أخرى.
«جرائم الأبجدية» (١٩٣٦) بقلم أجاثا كريستي
يُجري المحقِّق بوارو تحرياتٍ عن «رجل مجنون»، يبدو أنه مهووس بالأبجدية، حيث تُقتَل أليس آشر في مدينة أندوفر تليها بيتي برنارد في مدينة بكسهيل. إلى آخرِ ذلك من أحداث. هذا هو المثال النموذجي لإخفاء جريمةِ قتلٍ مع سبق الإصرار بين مجموعةٍ من الأشخاص؛ على أملِ أن يشتبه المحقِّقون في أنه فِعلٌ من ارتكاب شخصٍ مَعتوه.
«تعويض مزدوج» (١٩٤٣) بقلم جيمس مالاهان كين
هذه هي قصتي المُفضَّلة للكاتِب كين، وذلك غالبًا بسبب النهاية القَدَرية القاتمة. تُنفَّذ جريمةُ القتل ببراعة في منتصف الكتاب، حيث يتآمر وكيلُ تأميناتٍ مع امرأة ذات فتنة لا تُقاوم تُدعَى فيليس نيردلينجر على زوجها. إنها جريمة قتْل مُدبَّرة كلاسيكية؛ يُقتَل الزوج في سيارة ثم يُوضَع على قضبان القطار ليبدوَ كأنه سقط من عربة التدخين في مؤخرة القطار. ينتحل والتر هوف، وكيل التأمين وعشيق الزوجة، شخصية الزوج على متن القطار، لضمان أن الشهود سوف يشهدون على أن الرجل المقتول كان موجودًا على متن القطار.
«غريبان على متن قطار» (١٩٥٠) بقلم باتريشيا هايسميث
أراها من وجهة نظري أكثرَ قصص الجريمة براعةً وإحكامًا. يُخطِّط رجلان، كلٌّ منهما يريد قتْلَ شخصٍ بعينه، للقتل بالوكالة أحدهما عن الآخر، والتأكُّد من أنَّ كلَيهما لديه حُجَّة غياب في وقت وقوع الجريمة. ويتعذَّر حلُّ جريمتَي القتل نظرًا إلى عدم وجود صلةٍ بين الرجلَين؛ إذ لم يتحدَّثا إلا مدة وجيزة على متن أحد القطارات. من الناحية النظرية، بالطبع. وعلى الرغم من الحبكة الرائعة، ركَّز هايسميث اهتمامَه على أفكار الإكراه والذنب لرجلٍ يفرض إرادته على الآخر. تتَّسم الرواية في نسختها الأخيرة المكتمِلة بأنها رائعةٌ وفاسدة حتى النخاع في آنٍ واحد، مثل معظم أعمال هايسميث.
«المُغْرِق» (١٩٦٣) بقلم جون دي ماكدونالد
ماكدونالد هو خياري لأستاذ أدب الجريمة في منتصف القرن الذي لم يُقدَّر حقَّ قدْره، ونادرًا ما كان ينغمس في روايات الجريمة. لقد كان مهتمًّا جدًّا بالعقل الإجرامي بحيث لم يتمكَّن من إبقاء شخصياته الشريرة مخفيةً حتى النهاية. ومن ثمَّ، فإن رواية «المُغْرِق» عملٌ جيد وخارج عن المألوف. يبتكر القاتلُ فيه طريقةً لإغراق ضحاياه أو ضحاياها بحيث يبدو الأمر بالضبط حادِثًا.
«مصيدة الموت» (١٩٧٨) بقلم إيرا ليفين
ليست رواية بالطبع، بل مسرحية، وإن كنت أوصي بشدةٍ بقراءتها، إلى جانب مشاهدة الفيلم الممتاز المُقتبَس عنها الذي عُرِضَ عام ١٩٨٢. سيجعلك هذا الفيلم تغيِّر نظرتك إلى كريستوفر ريف تمامًا. إنه فيلم مسرحي رائع ومُسلٍّ، نجحَ في أن يُطابق العمل الأصلي وأن يكون نسخةً هجائية ساخرة منه في آنٍ واحد. تتَّسم الجريمة الأولى بأنها بارعة في بنائها، بل ومُحكَمة أيضًا في حبكتها، وهي لزوجةٍ تعاني ضَعفًا في القلب. والنوبات القلبية هي وفاةٌ طبيعية، حتى حين لا تكون كذلك.
«التاريخ السِّري» (١٩٩٢) بقلم دونا تارت
مثل رواية «سبق الإصرار»، لدينا هنا لغزُ جريمة قتلٍ أخرى «مقلوبة»، حيث يَقتل مجموعةٌ صغيرة من طلاب الأدب الكلاسيكي في جامعة نيو إنجلاند؛ طالبًا منهم. تُكشَف لنا هُوية القاتل قبل أن نعرف دوافعه بوقتٍ طويل. تبدو جريمة القتل في ذاتها بسيطةً في تنفيذها؛ حيث يُدفَع بزميلهم المُلقَّب بالأرنب كوركوران إلى وادٍ خلال نزهته المعتادة يوم الأحد. ما يسترعي الانتباه هو شرح قائد تلك المجموعة هنري وينتر للجريمة؛ أنهم «يسمحون للأرنب كوركوران باختيار مُلابسات وفاته بنفسه». إنهم ليسوا متأكِّدين حتى من المسار المُخطَّط أن يسلكه في هذا اليوم، ولكنهم ينتظرون في بقعةٍ محتملة، حيث يرغبون في أن تبدوَ وفاته عَرَضيَّة، غير مُفتعَلة. ويلي ذلك إحساسُهم المروِّع بالندم والذنب.
في الحقيقة، لم يكن جمْع عناصر هذه القائمة بالأمر اليسير. اعتقدتُ أنه سيكون من الأسهل الإتيانُ بأمثلةٍ على جرائم قتل كاملة في أدب الجريمة، لكن الأمر لم يكن كذلك. ولهذا السبب أدرجتُ «مصيدة الموت»، على الرغم من أنها مسرحية وليست رواية. وفي الواقع، لم يسبق لي أن قرأتُ نص إيرا ليفين الأصليَّ أو حتى شاهدتُه على خشبة المسرح. لقد كنتُ معجبًا بالفيلم فحسب. وبالنظر مجددًا إلى القائمة الآن، من الواضح أن «المُغْرِق»، وهو كتاب أحبُّه حقًّا، لا ينتمي إلى هنا تمامًا. تتربَّص القاتلة في قاع بحيرة ومعها أسطوانة أكسجين، ثم تسحب ضحيَّتها إلى الأعماق. إنها فكرةٌ مثيرة للاهتمام، لكنها مستبعَدة للغاية، ومن الصعب أن تكون محبوكة. فكيف تعرف المكان الذي عليها الانتظارُ فيه؟ وماذا لو تصادف وجود شخصٍ آخر في البحيرة؟ أتصوَّرُ أنَّ الجريمة بمجرد تنفيذها ستبدو حادثةً، لكنني أعتقدُ أنني أدرَجتُ الكتابَ من منطلَق حُبي الشديد لجون دي ماكدونالد فحسب. وأظن أنني أردتُ أيضًا شيئًا مغمورًا بعضَ الشيء، شيئًا لم يُحوَّل إلى فيلم سينمائي.
بعد أن نشرتَ المقال، أخبرتني كلير أنها أحبَّت المقالَ ومحتواه، كما أنَّ رئيسي جون اطمأنَّ بالُه أخيرًا؛ لأن المُدوَّنة قد انطلقَت. انتظرتُ ظهورَ التعليقات، ورحتُ أتخيَّل أوقاتًا وجيزة أنَّ مقالي بدأ في إثارة الضجة على شبكة الإنترنت، وأنَّ قرَّاء المُدوَّنة دخلوا في نقاشٍ ليتجادلوا حول جرائم القتل المُفضَّلة لديهم. سوف تتصل بي شبكةُ الإذاعة الوطنية العامة في الولايات المتحدة، وتطلب مني الحضورَ في لقاءٍ على الهواء لمناقشة هذا الموضوع. وما حدثَ في النهاية أن مقالَ المُدوَّنة حصَل على تعليقَيْن فحسب. الأولُ جاء من سوسنودن التي كتبَت: «واو! الآن لديَّ الكثير من الكتب الجديدة لإضافتها إلى مجموعتي!» والثاني من ففوليوت١٢٣ الذي كتبَ: «أيُّ شخص يكتب قائمةً بجرائمِ قتلٍ كاملة لا تتضمَّن ولو عملًا واحدًا على الأقل لجون ديكسون كار هو بالتأكيد شخصٌ لا يعرف شيئًا عن أي شيء.»
الفكرة في أعمال جون ديكسون كار أنني لا أستطيع الخوضَ في كتبه فحسب، ولو أنَّ صاحبَ التعليق محقٌّ على الأرجح في انتقاده لغياب كتاباته من قائمتي. تخصَّص كار في ألغاز جرائم الغرفة المغلَقة؛ أي الجرائم المستحيلة. يبدو الأمر سخيفًا الآن؛ ربما لأنني اتفقتُ معه إلى حدٍّ ما، ولكنني انزعجتُ من رأيه وقتَها. بل فكرتُ أيضًا في مشاركة منشورٍ للرد عليه … ربما شيء من قبيل «ثماني جرائم أكثر اكتمالًا». ولكن بدلًا من ذلك، كان منشوري التالي عبارةً عن قائمة بالروايات البوليسية المُفضَّلة لديَّ من العام السابق، وكتبتُ كلَّ شيءٍ في غضون ساعة تقريبًا. اكتشفتُ أيضًا كيفيةَ ربط عناوين الكتب بمتجرنا عبْر الإنترنت؛ ولهذا، كان جون ممتَنًّا للغاية. لقد قال: «ما نحاوله هنا هو بيعُ الكتب فحسب، يا مَال، وليس إثارةَ الجدل».