الفصل التاسع والعشرون
«بعد أن أخبرتَني أنَّ مكتب التحقيقات الفيدرالي قد زارك، عرَفتُ أن شخصًا ما قد لاحظ أخيرًا. كنتُ أعرف أنه كلما اقتربَت الأشياء منك، حاولتَ بسرعة معرفةَ مَن أكون. ولذا، فقط لتأخير المحتوم، سلَّمتُك نيك برويت».
أخبرني مارتي بصحة تقدُّم برويت بشكوى رسميةٍ ضد نورمان تشيني بعد حريق المنزل الذي قُتِلَت فيه زوجةُ تشيني، شقيقةُ برويت. ولهذا السبب؛ كان مارتي قد تحقَّق من برويت بالفعل قبل أن أطلب منه معلوماتٍ عن وفاة تشيني. كان برويت مدمن كحول متعافيًا لديه عددٌ قليل من الاعتقالات في سجلِّه، شخصٌ ما اعتقد مارتي أنه المرشَّح المثالي للقتل بناءً على رواية «سبق الإصرار». إذا مات برويت فجأةً بسبب تسمُّم الكحول، فمَن سيَشتبه في أنها كانت جريمةَ قتل؟ لقد كان لديه ماضٍ يمكن التحقُّق منه بوصفه شخصًا يُعاقر الكحول.
بعد أن تناولتُ أنا ومارتي المشروبات في حانة «جاك كرو» في ليلة الأربعاء تلك، ذهب مارتي إلى متجرٍ لبيع الخمور واشترى زجاجةَ سكوتش لأخذها إلى برويت في نيو إسيكس. «سمح لي بالدخول. لقد أظهرتُ له سلاحي بالطبع. أخبرتُه أنني بحاجةٍ إليه لتناول بعض المشروبات. وبمجرد أن بدأ، لم يستطِع التوقُّف. لم يكن من الصعب إقناعُه بشرب الزجاجة بأكملها تقريبًا. لقد مزجته مع البنزين السائل، فقط للتأكيد».
ابتسَم. «بعد أن كان برويت طريقًا مسدودًا، اعتقدتُ أنه يمكنني دفعُك نحو التفكير في أن براين موري، أو حتى تيس، أحدهما كان متورطًا. هل نجح الأمر؟ هل لاحظتَ حقًّا العلامةَ التِّجارية الخاصة بالسكوتش؟»
قلتُ: «نعم، لاحظتُها.»
قال مارتي كما لو كنتُ أثني على سترته: «يُسعدني ذلك.»
«ما مدى معرفتك ببراين وتيس موري؟»
«التقيتُ تيس الليلةَ فحسب. ولعبتُ معها قليلًا لعبةَ الغمَّيضة حول المنزل قبل أن تصلَ إلى هنا. أعرفُ براين جيدًا، فقط من خلال المتجر، لكن على مدار السنوات القليلة الماضية اعتدتُ التوقُّفَ عند حانة الفندق التي يُحبُّها، وتناوُل بعض الشراب معه. لقد رأيتُك بالفعل مع كِلَيهما ليلةَ الثلاثاء. كنت أعرفُ أن تيس قد عادت لأنَّ براين كُسرت ذراعه. والآن أصبح كلُّ شيءٍ مُعَدًّا. ستعثر الشرطة على جثةِ براين في منزله — أفكِّر في وضع وسادة على وجهه وإطلاق مسدس عليها — وستكون تيس قد اختفَت. يمكننا حتى أن نحزم حقيبةَ سفر من أجلِها. سيكونُ ذلك مثل «لغز المنزل الأحمر». جثة واحدة، قاتل واحد هارب. كلُّ ما نحتاج إليه هو مكانٌ جيد لإخفاء جثتها.»
قلتُ: «ما خطْبُها، أعني تيس؟» مُلقيًا نظرةً خاطفة على المكان الذي كانت لا تزال نائمةً فيه على الأريكة. لم تتحرَّك.
«وضعتُ بعضًا من البنزوديازيبين في القهوة التي كانت تشربها. كما وضعتُه في مشروبها الخاصِّ أيضًا، وأعتقد أن لديها بعضًا من ذلك. هناك احتمالٌ كبير أنها تناولَت ما يكفي للقضاء عليها، ولكن إذا لم يكن الأمر كذلك فلا أعتقدُ أنه ستكون هناك مشكلةٌ في إنهاء حياتها. شيءٌ لطيف مثل كيس بلاستيكي فوق الرأس سيَفي بالغرض.»
أعتقدُ أننا اعتدنا سَماعَ الشخير المنتظِم الصادر عن براين في غرفة النوم في الطابق السفلي، ولكن فجأة سمعنا شخيرًا صاخبًا، عنيفًا لدرجةِ أن نظر كلٌّ منا إلى الآخَر. التقط مارتي سلاحه من فوق فخذِه ووجَّه انتباهه في هذا الاتجاه. قال: «انقطاع التنفُّس أثناء النوم. أشكُّ في أنه سوف يُوقظُ نفسه، ولكن دعنا نذهبْ ونُلقِ نظرة.»
نهض واقفًا وسمِعتُ صوت طقطقة ركبتَيه. قال وهو يوجِّه سلاحه نحوي: «أنت أيضًا.» وقفتُ ناهضًا أنا أيضًا.
سِرنا معًا إلى غرفة نوم الضيوف في نهاية الرَّدهة، أنا أولًا، وخلفي مارتي. كان البابُ قد تُرك مواربًا، فاندفعتُ خلاله. كان الظلام في الداخل حالكًا، إلا من ضوءٍ خافت كان يأتي عبْر النافذة، واستطعتُ من خلاله رؤيةَ براين مستلقيًا على ظهره فوق الفراش. كانت تيس قد تركَت ملابسه عليه، لكن أزرار بنطاله كانت مفتوحة، وقد ارتخى حِزامه متدليًا. راقبتُ صدْره بينما كان يخفق قليلًا، يعلو ويهبط بسرعة، ثم أطلق شخيرًا مدوِّيًا آخَر. لا أعرفُ كيف لم يُوقظه ذلك.
قال مارتي من خلفي: «يا إلهي! دعنا نخلِّص هذا اللعينَ من مُعاناته.»
استدرتُ، في اللحظة نفسِها التي ضغَط فيها مارتي على مِفتاح الحائط، وغمر غرفةَ النوم فجأةً ضوءُ مصباح أرضي. فوق السرير الذي كان ينام عليه براين، كانت هناك لوحةٌ تجريدية كبيرة تشتمل على كتلٍ مكتنزة من اللونَين الأحمر والأسود.
قلتُ: «يمكنك الاستسلام الآن، يا مارتي.»
«وماذا أفعل؟»
«سلِّم نفسك. كلانا سيفعل ذلك. سنذهب معًا». كنت أعلم أن هذا أمرٌ بعيدُ المنال، لكن مارتي بدا متعبًا، وخطر لي أنه كان في نهاية هذه اللعبة بالذات. لربما، في أعماق نفسه، أراد أن يُقبض عليه.
هزَّ رأسه. «يبدو الأمر مرهِقًا، حيث يتعيَّن عليك التحدُّث إلى كلِّ هؤلاء الشرطيِّين، ثم المحامين والأطباء النفسيِّين. إنه لمن الأسهل الاستمرار. فنحن على وشْك الانتهاء هنا. ثماني جرائم كاملة. جرائم القتل المفضَّلة لديك، يا مال.»
«لقد كانت المُفضَّلة لديَّ في الكتب، وليس في الحياة الواقعية.»
ظلَّ مارتي هادئًا لحظة، واعتقدتُ أنه ربما كان يتنفَّس بصعوبةٍ إلى حدٍّ ما. للحظة، تخيَّلتُ أنه قد يسقط ميتًا فحسب بسببِ نوبةٍ قلبية مفاجئة. على الرغم من ذلك، نظر إلى الأعلى، وقال: «سأعترف بأن فكرة انتهاء الأمر برُمَّته ليست مزعِجة. أقول لك ما سأفعله من أجلك. سأحقِّق لك هذه الأمنية — ستحصل على براين — لأنني بصراحةٍ كنت أقوم بكل الأعمال الشاقة منذ أن اعتنيتَ أنت بنورمان تشيني. سأعطيك هذا السلاح، وكلُّ ما عليك فِعله هو أن تذهب وتضعَ وسادةً على وجهه وتُطلق النار عليها. لا أعتقد أن الجيران سيسمعون ذلك، وإن فعلوا، فسيظنون أنهم سمعوا شيئًا آخرَ. صوتًا كفرقعة سيارة، أو شيئًا من هذا القبيل.»
قلتُ وبسَطتُ يدي: «بالتأكيد.»
«أنا أعرفُ ما تُفكِّر فيه، يا مال. إذا أعطيتُك السلاح، يمكنك إبقائي تحت تهديد السلاح والاتصال بالشرطة، لكنني لن أدَعَ ذلك يحدُث. سألاحقك وسيتعيَّن عليك إطلاقُ النار عليَّ. ولذا، في كلتا الحالتَين، سيتعيَّن عليك إطلاقُ النار على شخصٍ ما. إما أن يكون براين، أو أنا. إنني أمنحك حقَّ الاختيار. وإذا وقع خيارك عليَّ، فلا بأس. فلديَّ بروستاتا بحجم كرة الويفل. لقد نِلتُ كفايتي. أعتقد أن هذه السنوات القليلة الماضية التي أمضيتُها في التعرُّف إليك، وممارسة هذه اللُّعبة الصغيرة، كانت كلُّها ممتعة.»
«ليس للجميع.»
«ها. أفترضُ ذلك. لكنك مثلي تعلمُ في أعماقِ نفسِك أنه لا شيءَ من هذا يهمُّ حقًّا. إذا سلَّمتُك هذا المسدسَ وأطلقتُ رصاصةً على رأس براين، فستُقدِّم له معروفًا على الأرجح. قد يُعجبك ذلك أيضًا. ثِق بي.»
قلتُ له وأنا أمدُّ يدي نحوه: «حسنًا.»
ابتسم. وكلُّ ما رأيتُه في عينَيه سابقًا من سعادة، كان قد ولَّى الآن. ورأيتُ ما كنت أراه دائمًا في عينيه. لطالما اعتقدتُ أن ما أراه كان طيبةَ قلب.
وضع السلاح في يدي. لقد كان مسدَّسًا دوَّارًا، وسحبتُ الزناد للخلف.
قال مارتي: «إنَّه مسدسٌ دوَّار مزدوج الحركة، لست بحاجةٍ في الواقع إلى سحبِ الزناد.»
نظرتُ إلى براين موري مُمدَّدًا على السرير، ثم استدرتُ عائدًا إلى مارتي وأطلقتُ النار في صدره.