الفصل الثاني والثلاثون
-
كلير مالوري
-
إريك أتويل
-
نورمان تشيني
-
ستيفن كليفتون
-
روبن كالاهان
-
إيثان بيرد
-
جاي برادشو
-
بيل مانسو
-
إيلين جونسون
-
نيكولاس برويت
-
مارتي كينجشيب
تلك أسماءُ الموتى. أسماؤهم الحقيقية. ما عدا مارتي كينجشيب.
لا أعرفُ لماذا غيَّرتُ اسمه لأغراضِ هذا السرد. ربما لأنَّ لديه أطفالًا، وهم مثل جميع الأطفال، أبرياء من جرائم آبائهم. وربما لأنه الوحيد الذي يستحق اللَّوم لما حدث. بالإضافة إليَّ بالطبع.
إنَّه لَأمرٌ طريف، أدركتُ الآن للتو أنَّ مارتي كينجشيب يمتلك الأحرف الأولى من اسمي. زلة فرويد، على ما أعتقد. وأفترضُ أيضًا أنَّ القُرَّاء المخضرمين ستكون لديهم قناعةٌ بأنه لا وجودَ لمارتي كينجشيب، وأن هناك فقط مالكوم كيرشو، وأنني ارتكبتُ جميع جرائم القتل بنفسي. هذا غير صحيح، أتمنَّى لو كان هذا صحيحًا، بطريقةٍ ما. كان ذلك سيصنع نهايةً حاذقة.
الحقيقة هي أنني مسئول عن كلِّ ما حدث. لقد نفَّذ مارتي معظمَ الأعمال، ولكنني كنتُ صاحبَ الفكرة. لقد بدأ كلُّ شيء بسببي.
هذه هي الحقيقة. لقد ارتكبتُ خطيئة السهو، لكن عندما أقول إنَّ شيئًا ما صحيح، فهو كذلك. صدِّقني.
•••
أنا في روكلاند، بولاية مين.
بعد أن أطلقتُ النار على مارتي كينجشيب (الذي بدا سعيدًا تقريبًا وهو يلمسُ الدم المتدفِّق عبْر سترته، قبل أن يرتجفَ ثم يقضيَ نحْبَه)، ذهبتُ أولًا إلى براين موري. كان قد استيقظَ عندما أطلقتُ الرصاصةَ بالطبع، رفعَ رأسه وغمغَم بشيءٍ ما. جلستُ بجانبه وأخبرتُه أنَّ ما سمِعه كان صوتَ زجاجة شمبانيا. فتقلَّب في سريره وبدأ يَشخِر مرةً أخرى.
ثم تفقَّدتُ تيس. لم يَعُد همفري يَشغَل الأريكة المقابلة لها. لقد سمِع صوت الرصاص واختفى. كما قال مارتي، «يا له من كلبِ حراسة.»
كانت تيس لا تزال تتنفَّس، وكانت ترقد على جنبها، ومن ثمَّ ظننتُ أنها ستكون بخير، إذا تقيَّأَت. هذا يعني أنني لستُ بحاجةٍ إلى الاتصال بالطوارئ على الفور. كنت سأتصل بهم في أقربِ ما يمكن، لكنني أردتُ فقط القليل من الوقت.
عُدتُ إلى شقتي وحزَمتُ حقيبتي. وضعتُ بها ملابس تناسب الطقس البارد، مع بعض أدوات الزينة، وصورة كلير المفضَّلة لديَّ. لقد كانت من شهر العسل الخاص بنا، أسبوعَين ممطرَين في لندن، أفضلِ أسابيع حياتي. التُقِطَت الصورة في حانة، وكانت كلير جالسة أمامي، وتعلو وجهها ابتسامةٌ طفيفة، غير متأكِّدة من رغبتها حقًّا في التقاط تلك الصورة لها، لكنها كانت سعيدة رغم ذلك.
فكَّرتُ في الذَّهاب إلى «أُولد ديفيلز» للمرة الأخيرة، حتى أودِّع نيرو، لكن الأمر سيستغرقُ وقتًا لم أكن متأكِّدًا من أنني أمتلكه. كنت بحاجةٍ إلى الاتصال بالشرطة وإخبارهم بوجود جثة في منزل براين وتيس موري. كنت أرغب في القيام بذلك سريعًا، بالطبع، بسبب تيس والمخدِّرات الموجودة في جسمها. لكنني أيضًا لم أرغب في أن يستيقظ براين في الصباح الباكر ليجد جثةً في غرفة نومه.
كانت السماء قد بدأت تُضيء بنور الصباح بينما كنت أقودُ سيارتي في نيو هامبشير. توقَّفتُ على الطريق السريع بجوار متجر بقالة يعمل على مدار الأربع والعشرين ساعة، وباستخدام النقود، اشتريتُ ما يكفي من الطعام المعلَّب والجِعة المعبَّأة في زجاجاتٍ تكفيني أسبوعًا. بعد أن حملتُ صندوق سيارتي في ساحة الانتظار، اتصلتُ برقم الطوارئ من هاتفي المحمول، وعرَّفتُ نفسي، وقلتُ إن هناك رجلًا ميتًا في ٥٩ شارع ديرينج في بوسطن. ثم اتصلتُ بجوين، وعندما عاودت الاتصال بي، أجرينا المحادثةَ التي كتبتُ عنها بالفعل. بعد ذلك، حطَّمتُ الهاتف المحمول بطوبةٍ وجدتُها في ساحة انتظار السيارات، ثم وضعتُ القطع في سلَّة المهملات خارج المتجر. إذا قرَّروا تتبُّعي، فأعتقد أنهم سيكتشفون أنني كنت مسافرًا شمالًا. لكنني لم أكن قلِقًا جدًّا بشأن ذلك.
كانت الثلوج تتساقط في الواقع بدرجةٍ أقلَّ بكثير في شمال المدينة. وكان هناك صقيعٌ أبيضُ فوق كلِّ شيء، صقيعٌ أكثر من الثلج، وفي ساعات الفجر بدَت السماءُ كرقعة شطرنج مؤلَّفة من سُحبٍ رقيقة. كان العالَم عديمَ اللَّون.
وصلتُ روكلاند بحلول منتصف النهار. فكَّرتُ في الانتظار مجدَّدًا في مكانٍ ما حتى حلول الظلام، لكنني قررتُ المخاطرةَ عوضًا من ذلك. وكان هناك منزلٌ واحد فقط يُطل على ملكيَّة إيلين جونسون القديمة، وتمنَّيتُ أن لا أحدَ ممن يعيشون في هذا المنزل يفضِّلون قضاءَ فترة الصباح في النظر عبْر النافذة. من زيارتي السابقة لمنزل إيلين، لاحظتُ وجودَ مرأب يتَّسع لسيارةٍ واحدة. كان بابه مفتوحًا، وتذكَّرتُ أنه كان فارغًا من الداخل. كانت سيارة إيلين، لينكولن العتيقة الطراز، التي ربما تكون كبيرة جدًّا بالنسبة إلى المرأب، تقبع مغطاةً بالجليد في الممر.
وجدتُ المنزل على الفور، ليس بعيدًا عن الطريق ١، وانعطفتُ إلى ممرٍّ غيرِ مجروف بسرعة كافية حتى لا أَعلَق. توقَّفتُ بجوار اللينكولن ودخلتُ المرأب، وأطفأتُ المحرك، ثم خرجتُ وجذبتُ باب المرأب بشدةٍ لأسفل بواسطة مقبضه الصَّدِئ. كنت قد ألقيتُ نظرةً سريعة عبْر الشارع قبل أن أفعل هذا نحوَ منزلٍ يشبه الصندوق، مسقَّفٍ بألواحٍ خشبية رفيعة، يتصاعد الدخان من مدخنته. كنت سعيدًا لأن واجهة المرأب لم تكن مائلة باتجاه الشارع. على أملِ ألا يُلاحظ أحدٌ أن بابه قد انغلق الآن.
أزلتُ لوحًا زجاجيًّا واحدًا من الباب الخلفي، ومدَدتُ يدي إليه وفتحتُه. بمجرد أن أصبحتُ بالداخل مع طعامي وحقيبتي الرياضية، وجدتُ بعض الورق المقوَّى والشريط اللاصق وأحكمتُ إغلاق الباب مجددًا.
كان نظام التدفئة لا يزال يُحقِّق أثرَه، مع أنَّ منظِّم الحرارة كان مضبوطًا على أول الستينات. كان الجو باردًا، لكنه مُحتمَل. أفرغتُ عبوات طعامي ووضعتُ الجِعة في الثلاجة بجوارِ ما تبقَّى من مخزون إيلين الغذائي الذي تركَته. كان من الواضح أنها كانت تعيش على جُبن الماعز والفواكه المُعلَّبة. كانت هناك أريكة أنيقة في غرفة المعيشة، على طراز القرون الوسطى، ذات أرجُل خشبية وظهر منخفض. قررتُ أن أنام هناك. صعدتُ إلى الطابق العلوي للبحث عن شراشف نظيفة وبطانية، ووجدتُها في خِزانة غرفة النوم الرئيسية. كلُّ ما استطعتُ التفكير فيه هو مارتي في قِناع المهرج يخرج من هذه الخزانة لإخافة إيلين جونسون حتى الموت. لم تكن الشخص المفضَّل لديَّ، لكنها لم تستحقَّ ذلك. عندما عُدتُ إلى غرفة المعيشة، علمتُ أنني لن أصعدَ مرةً أخرى إلى الأعلى أبدًا.
•••
مرَّت أربعةُ أيام وما زلتُ هنا. إنني أعملُ على هذه المخطوطة، وأتناولُ يخنةَ اللحم البقري المعلَّب وحَساء الطماطم. لقد نفدَت الجِعة لكنني وجدتُ عدة زجاجاتٍ سعة جالون من نبيذ «جالو بورجندي» في القبو وأنا أعمل بلا كللٍ بفضل تلك الزجاجات.
ما أفعله في الغالب هو القراءة. خلال النهار أجلسُ على كرسي مريح بجوار النافذة. وفي الليل، أقرأ على الأريكة مستخدمًا قلمًا ضوئيًّا تحت بطانية لأتمكَّن من الرؤية. عُدتُ إلى قراءة الألغاز مرةً أخرى، ليس فقط لأنها الكتب الوحيدة هنا، ولكن لأنه لم يتبقَّ لي الكثير من الوقت، وأريد إعادةَ النظر في بعضٍ من الكتب المفضَّلة لديَّ. أجدُ أنني أكثرُ انجذابًا إلى الكتب التي قرأتُها لأول مرة عندما كنتُ على مشارف سن المراهقة. روايات أجاثا كريستي، روبرت باركرز، وسلسلة روايات «فليتش» لجريجوري ماكدونالد. قرأتُ «عندما تُغلقُ الحانة المقدَّسة أبوابها» لكاتبها لورانس بلوك في جلسة واحدة وبكيتُ بعد الانتهاء من الجملة الأخيرة.
أتمنَّى لو كان هناك المزيد من كتب الشِّعر في هذا المنزل، لقد وجدتُ مختاراتٍ من الشِّعر الأمريكي كانت قد نُشرت عام ١٩٦٢. لكنني تمكَّنتُ أيضًا من تدوين بعض قصائدي المفضَّلة من الذاكرة. «غسق شتوي»، بالطبع، لسير جون سكواير، و«أغنية الفجر» لفيليب لاركن، و«عبور المحيط» لسيلفيا بلاث، ونصف المقاطع الشعرية على الأقل من «مرثيَّة مكتوبة في ساحة كنيسة ريفية» لتوماس جراي.
•••
لا يوجد إنترنت هنا وليس معي هاتف.
أنا متأكِّد من أنهم يبحثون عني، عن الرجلِ الذي قتل مارتي كينجشيب، الرجلِ الذي لديه إجابات عن سلسلة من جرائم القتل ذات الصلة. لا أعرف كم ساعدَتهم جوين. أفترضُ أنها أخبرتهم بكلِّ شيءٍ عن مكالمتنا الهاتفية. ربما لم تخبرهم كيف التقينا في بوسطن بعد أن أوقَفوها عن العمل. أتساءل عما إذا كانت ستكتشف مكاني. حتى الآن لم يقرَع أحدٌ هذا الباب.
سيظلُّ لديهم العديدُ من الأسئلة. أنا متأكِّدٌ من أن جوين نفسَها لا يزال لديها أسئلة. هذا أحدُ أسباب كتابتي لهذه المذكرات. أريدُ أن أضع الأمور في نِصابها. أريدُ أن أقول الحقيقة كاملة.
•••
كنت قد كتبتُ أنني أحرقت مذكرات كلير بالكامل بعد قراءتها. هذا ليس صحيحًا تمامًا. لقد احتفظتُ بصفحةٍ واحدة، ربما لأنني أردتُ دليلًا على أنها أحبَّتني؛ شيئًا بخطِّ يدِها.
كان ما دوَّنته من ربيع عام ٢٠٠٩، وهذا ما كتبته:
إنني لا أكتبُ ما يكفي عن مال في هذه الصفحات، وكيف يمكنه أن يجعلَني سعيدة. أعود إلى المنزل متأخِّرةً لأجده دائمًا منتظرًا على الأريكة. وفي أغلب الأحيان أجده نائمًا، وثمَّة كتابٌ مفتوح فوق صدره. عندما أيقظتُه ليلة أمسِ كان سعيدًا جدًّا برؤيتي. قال إنه قرأ قصيدةً يعتقد أنني سأحبُّها.
لقد أعجبَتني حقًّا، بل ربما حتى وقعتُ في غرامها. إنها قصيدةٌ بقلم بيل نوت وسوف أكتبها هنا بالأسفل حتى لا أنساها أبدًا. إنها تُدعى «وداعًا»:
ما الذي كذبتُ بشأنه أيضًا؟
لا أعرفُ إن كانت هذه كذبةً بقدْرِ ما هي سهو أم لا، لكن عندما قتلتُ نورمان تشيني في تيكهيل بنيو هامبشير، جعلتُ الأمر يبدو كما لو أنني قد تركتُه هناك على الأرض بعد أن خنقتُه. لكن في الواقع، لا بد أنني أُصبتُ بالذعر، بعد أن فحَصت نبضه؛ لأنني التقطتُ العتلةَ وضربتُه على وجهه ورأسه عدةَ مرات. لن أصفَ كيف بدا عندما انتهيتُ، لكنني جلستُ على الأرض وظننتُ أنني لن أنهض مرةً أخرى أبدًا، وأنني لن أظلَّ سليمَ العقل بعد الآن. كان مجيءُ نيرو هو ما أنقذَني في نهاية الأمر. لقد أعطاني سببًا للنهوض والخروج من المنزل. أعتقدُ أنني جعلتُ الأمر يبدو كما لو أنني أنقذتُ نيرو، لكن كان هو في الواقع مَن أنقذني. أمرٌ مبتذَل، أعرف. لكن الحقيقة تكون هكذا أحيانًا.
•••
عندما أخبرتُ جوين عن حُلمي بقتل ستيفن كليفتون، كنت أقول الحقيقةَ أيضًا. الحقيقة كما أعرفُها. أنا حقًّا لا أتذكَّر الكثير مما حدث في تلك السنة بعد وفاة كلير (بعد أن جعلت كلير تنحرف عن الطريق، حسبما ينبغي أن أقول)، لكنني أتذكَّر هذا الحُلم، حُلم اليقظة ذاك حيث أدهسُ كليفتون بسيارتي. وهناك لحظاتٌ، لحظاتٌ واضحة، حين أتذكَّر كلَّ شيءٍ، عندما تعود الأمور إلى نِصابها. لكن تلك اللحظات لا تدوم أبدًا.
كان ستيفن كليفتون مذعورًا. أتذكَّر وجهه. كان شاحبًا مثل الحليب، تقريبًا ضبابي. لقد كان وجه جوين. أعتقدُ أنه لم يكن حُلمًا في نهاية المطاف.
•••
هناك إغفالٌ آخَر ينبغي أن أسجِّلَه. عندما كنت أتحدَّثُ أنا ومارتي في منزل عائلة موري، في الليلة التي أخبرني فيها بكلِّ شيء، سألتُه عن التعليقِ الذي تركه على موقع «أُولد ديفيلز»، التعليقِ الذي نشره تحت اسم دكتور شيبارد.
بدا مرتبكًا عندما سألتُه عن ذلك. قلتُ: «دكتور شيبارد. إنه القاتل في رواية «مقتل روجر أكرويد».»
الآن وأنا أفكِّر في الأمر، أعتقدُ أنه من المُحتمل أن أكون أنا مَن ترك هذا التعليق. وأيقظَ ذلك ذكرى بعيدةً في داخلي. فكما قلت، لقد مرَّت ليالٍ عديدة في السنوات القليلة الماضية لم أكن أميِّز فيها بين الحُلم والحقيقة. كلير، وجهها في الظلام، تستدير وتنظر إليَّ مِن سيارتها مباشرةً قبل أن أدفعها بعيدًا عن الجسر. نورمان تشيني، ما تبقَّى منه، على أرضية منزله في تيكهيل. هزة السيارة أثناء تحليق ستيفن كليفتون في نسيم الصيف. تساعد الجِعة أحيانًا، وربما شربتُ كثيرًا لدرجة أنني تركتُ لنفسي رسالةً في قسم التعليقات عن «ثماني جرائم كاملة».
وإذا كان هذا أنا، فقد كان ذلك هاجسًا نوعًا ما. إنني أقرأ الآن «مقتل روجر أكرويد» مرةً أخرى. لقد وجدتُ نسخةً في أسفل كومة في ركن غرفة طعام إيلين جونسون. إنها طبعة الجيب الورقية، وعلى غلاف الكتاب يظهر أكرويد وهو مُلقًى على كرسيِّه، ويبرُز سكِّينٌ من أعلى ظهره. إنه كتابٌ مملٌّ حقًّا حتى تصل إلى الفصلَين الأخيرَين. أشرتُ من قبلُ إلى الفصل قبل الأخير، وهو الفصل الذي بعنوان «الحقيقة الكاملة».
حسنًا، يُدعى الفصل الأخير «اعتذار» وهو الفصل الذي يجعلك تدرك أن كلَّ ما كنتَ تقرؤه طَوال الوقت لم يكن إلا رسالةَ انتحار.
•••
إنَّ الثلج يهطِل في الخارج، والرياح تعصف بنوافذ المنزل. خاطرتُ مُخاطرةً كبيرة وأشعلتُ النار في المدفأة. ومع ذلك، لا أعتقدُ أن أيَّ شخص سيُلاحظ القليل من دخان المدخنة أثناء عاصفةٍ مثل هذه.
من الرائع الجلوس بالقرب من النار ومعي كأسٌ من النبيذ. بالنسبة إلى كتابي الأخير، إنني أقرأ «ثم لم يبقَ أحد». إن لم تكن تلك روايتي المفضَّلة على الإطلاق، فهي قريبة جدًّا من أن تكون كذلك. كما أنها مناسِبة أيضًا للظروف.
أودُّ أن أقول شيئًا ما هنا عن كيف أنني سأصبح مع كلير عمَّا قريب. لكنني لا أصدِّق أيًّا من هذا الهراء. عندما نموت، نُصبح عدمًا، العدم نفسه الذي كنا عليه قبل أن نُولَد، لكن بالطبع هذه المرة لا يدوم ذلك العدم إلى الأبد. ولكن إذا كان هذا هو المكان الذي توجد فيه كلير، في الظلام، في العدم، إذن فهذا هو المكان الذي يجب أن أكون فيه كذلك.
خُطتي هي أنه عندما تنتهي العاصفة، وتنجِز جرافاتُ الثلوج عملَها، سأملأ جيوبَ معطفي الشتوي بثقالات الورق الزجاجية الثقيلة الموجودة على الرفِّ في غرفة المعيشة. وعند حلول الليل سوف أسيرُ من المنزل إلى وسط روكلاند، ومن هناك إلى رصيف المراكب الصغيرة، الذي يمتدُّ مسافةَ ميل حتى البحر، مشكِّلًا حاجزًا للأمواج لميناء روكلاند. سوف أسيرُ حتى النهاية، وسأواصلُ السير فحسب. إنني لا أتطلَّعُ إلى الماء البارد، لكني لا أعتقد أنني سأشعر بالبرد مدةً طويلة.
سيكون هناك بعضُ الرضا لأنني سأموتُ غرقًا، بمعنى أنني سأُحقِّق إحدى جرائم القتل من قائمتي. ألا وهي «المُغْرِق» لماكدونالد.
ربما سيتساءلون في نهاية المطافِ عمَّا إن كان الأمر انتحارًا أم لا. أو ربما لن يعثروا على جثتي أبدًا.
يغمرني شعورٌ جيدٌ حين أفكِّر كيف أنني سأترك لغزًا في أعقابي.