قافية الواو
وقال:
قلبٌ على عرش الغرام قد استوى
وحشاشةٌ عبثت بها نار الجوى
حتامَ أهفو للجمال صبابةً
وأميل نشوانًا بكاسات الهوى؟
سبت النهى ذات الدلال بنظرةٍ
منها وأعدمت التجلد والقوى
يا نظرةً نفت الرقاد وغادرت
مني الفؤاد حليف أوصاب النوى
لذغ الجوانح عقربٌ من صدغها
صادٍ على ماءِ الخدود قد التوى
ولقد صدئت إلى مقبلها الذي
يحيي النفوس وليس لي منهُ روا
حيَّتْ فأحيت مهجتي بسلامها
ورنت فهيجت الجوانح والجوى
يا من حوت بالحسن صورة «يوسفٍ»
رفقًا بصبٍّ حزنَ «يعقوبٍ» حوى
عطفًا عليَّ فإن لي كبدًا وهتْ
وحشًى على نار الغرام قد انطوى
دمعي وثغركِ ينظمان تشابهًا
عقد الهوى فهما على حدٍّ سوى
ما اسودَّ منك الطرف إلا مذ سطت
شمس الجمال عليهِ يا شمس السوى
لوعة النوى
حملتني ما لا أطيقُ من النوى
وتركتني ميت القوى حيَّ الهوى
أفنى بعادك أعظمي وتجلدي
أفهل لدائِي غير قربك من دوا؟
لما لوت عني الركائب أصبحت
عيني تراقب بدر ذياك اللوى
عطفًا على رمقي ورفقًا بي فلم
يترك فراقك لي سوى نار الجوى
يا قاتل الله الفراق فإنهُ
قتل التجلد والتصبر والقوى
كم سال دمعي حين أورثني الهوى
لطفًا، ويهمي الغيث إن لطف الهوا
جور الهوى
كفى الصب ما قاسى من البين والبلوى
وحسبك أنَّ القلب غيرك لا يهوى
معذبتي ما شأن هذا الجفا؟ فهل
سلوت محبًّا ما لهُ عنك من سلوى؟
صدئت إلى رشف اللمى منك فانغشى
بهِ صادئًا من غير ذلك لا يروى
قضى النوم مني بالجفاءِ لك البقا
وأجفانك الوسنى لهُ قد غدت مثوى
لك الله كم حملت قلبيَ بالهوى
صدودًا وما قلبي ثبيرًا ولا رضوى
فيا من على قلبي جنت بدلالها
فديتكِ تيهي ما على الحسن من دعوى
لمثلك قد حق الدلال فنعم ما
جنيت وبئس العاذلون ذوو العدوى
وحقِّ الهوى لم يخلُ قلبي من الهوى
وما لخلوٍّ في الطبيعة من مأوى
عذوليَ لا أسلو عدمتك غادةً
لها مبسمٌ أحلى لقلبي من السلوى
تجور على القلب الشجيِّ ببينها
فيا بين ما أقوى ويا قلب ما أهوى
وأحسن أهل الحب من كان صابرًا
على جور من يهوى ولا يألف الشكوى
وكم بت أرعى الصبر في حب من أرى
جميع البها والحسن في وجهها يحوى
رداحٌ يلوح الصبح من فرقها كما
يجن اعتكار الليل من فرعها الأحوى
إذا ما تبدت أزرت البدر في السما
فيا بدر قل: يالله، جلَّ الذي سوَّى!
غدا في هواها القلب مني حائرًا
كأنَّ بهِ معْ طبع ألحاظها عدوى
وإن كان هذا الحب داءً يضيمني
فإن بحسن الصبر أدوية الأدوا
وقال:
ظبيٌ بأحشائي ثوى
وقد بغى عني النوى
ناديت والقلب انكوى:
يا للهوى يا للهوى!
دور
بدرٌ عن العين احتجب
فثار في قلبي اللهب
ببعدهِ ذقت النكب
يا للهوى يا للهوى!
دور
أذاقَ قلبي الشجنا
وقد أطار الوسنا
والصب في الحب عنا
يا للهوى يا للهوى!
دور
الربرب الريم الغزال
القمر الشمس الغزال
بين ثناياهُ الزلال
يا للهوى يا للهوى!
دور
على هواهُ غلتي
ومن جفاهُ علتي
ومن سناهُ فتنتي
يا للهوى يا للهوى!
دور
أطال عطفًا ونفار
كذا احتجابًا واسفرار
وما لقلبي من قرار
يا للهوى يا للهوى!
دور
إن يبتسم فالبرق لاح
وإن يمل أزرى الرماح
وفوق خديهِ الأقاح
يا للهوى يا للهوى!
دور
الشهد يحكي ظَلمهُ
والقلب يشكو ظُلمهُ
أرى شقيقًا عمَّهُ
يا للهوى يا للهوى!
دور
أروح فيهِ هائما
والدمع منهُ ساجما
قاسٍ يجافي راحما
يا للهوى يا للهوى!
دور
ظبيٌ سبا ألباب حور
بنحرهِ أزرى النحور
أجرى دموعي كالبحور
يا للهوى يا للهوى!
دور
أفديهِ مليونًا رشا
غصنًا بقلبي قد نشا
بلهفتي حار الوشا
يا للهوى يا للهوى!
دور
بغضت عيشي إن جفا
وإن وفا رمت الصفا
من هجرهِ نومي انتفا
يا للهوى يا للهوى!
دور
وهكذا الدنيا غرور
تجبي شرورًا من سرور
أكثرها فدمٌ أو غدور
يا للهوى يا للهوى!