هكذا تكلم ابن عربي
«لأن التجرِبة الصوفية في جوهرها تجرِبة انفتاح الأنا على المعنى الباطني للوجود كله، وهذا الانفتاح مرهون بالقدرة على التواصل بين الأنا والكون الذي هو جزءٌ منه، فمن الطبيعي أن تمثِّل التجرِبة الصوفية تجرِبةً موازية لتجرِبة الوحي النبوي.»
نظرًا للمكانة الخاصة التي يتمتع بها «ابن عربي» في التراث الفكري والروحي الإنساني عامة، والإسلامي خاصة؛ فقد عكف «نصر حامد أبو زيد» على دراسة تجرِبته واضعًا إيَّاها تحت مِبضع التحليل؛ لاستخلاص مميزاتها وإسهاماتها في مجالات عديدة، مثل الفقه والعقيدة والفلسفة، فضلًا عن علوم تفسير القرآن، وعلوم الحديث، وعلوم اللغة والبلاغة، مع تقديم رؤية بانورامية للفكر الإسلامي في القرنَين السادس والسابع الهجريَّين (الحادي عشر والثاني عشر الميلاديَّين). اتخذ «أبو زيد» من مؤلَّفات «ابن عربي» مَعينًا يَنهل منه ما يُجلِّي غموض لغة الشيخ الأكبر، وخاصةً كتابه الأبرز «الفتوحات المكيَّة» الذي كان بمثابةِ إلهامٍ ورسائل ربَّانية فتح الله بها عليه في أثناء طوافه بالبيت الحرام. كما سلَّط «أبو زيد» الضوء على السياق التاريخي والثقافي الذي عاش في ظِله الشيخ، مثل لقائه ﺑ «ابن رشد» الفيلسوف، وتَرحاله من المغرب الإسلامي إلى مَشرقه، وغير ذلك من مَحاور تجرِبته الغنيَّة ومحطَّاتها.