طبقات الشعراء
يقسمون الشعراء باعتبار عصورهم إلى أربع طبقات: جاهلي قديم. ومخضرم وهو الذي أدرك الجاهلية والإسلام، وإسلامي، ومحدث. قال ابن رشيق: ثم صار المحدثون طبقات: أولى، وثانية مع التدريج؛ وهكذا في الهبوط؛ ويسمى المحدثون بالمولدين أيضًا، وبعضهم يطلق هذا اللقب على الإسلاميين ويخصه بهم.
وأشهر المخضرمين: لبيد، وحسان، والحطيئة، والنابغة الجعدي، والخنساء. ثم شعراء الجاهلية عند بعض العلماء ثلاث طبقات، يعدون في الأولى: أصحاب السبع الطوال على المشهور، والنابغة، وأعشى قيس، والمهلهِل، وعدي بن زيد، وعبيد بن الأبرص، وأمية بن أبي الصلت، وفي الطبقة الثانية: الشنفرى، وأبو داؤد، وسلامة بن جندل، والمثقِّب العبدي، والبراق بن روحان، وتأبط شرًّا، والسموءل بن عادياء، وعلقمة الفحل، والحارث بن عباد، وخداش بن زهير، وعروة بن الورد، والأسود بن يعفر، وحاتم الطائي، وأوس بن حجر، ودريد بن الصمة، والخنساء، ولا يعدون من الطبقة الثالثة غير لقيط بن زرارة. وهذا التحديد يُسقط كثيرًا من شعراء الجاهلية وشواعرهم. وهم إنما قسموهم على رتبهم في الإجادة كما يقولون؛ ثم إن من يقف على مجازفتهم في التفضيل بالقطعة والبيت، بل وبنصف بيت، لا يرى في هذا التقسيم إلا أنه رأي مرسل كما اتفق، لا كما تجري به الأدلة وتسيُّره البراهين؛ ولهم بعد كلام كثير فيمن هو أشعر العرب، تجده مبثوثًا في سطور الكتب، وهو مما لا يُؤخذ به لأن سبيله سبيل ذلك الرأي، وعندنا أن قولهم فلان أشعر العرب لبيت كذا أو لقصيدة كذا، محمول على المبالغة في الاستحسان، كما يقولون أشعر الإنس والجن ونحو هذا؛ فكأنهم يمدحون الشاعر بكلام على مذهب الشعر.
وشعراء الجاهلية معروف أكثرهم، والمخضرمون معروفون جميعًا، ولكن الإسلاميين لا يُعرف منهم إلا عدد قليل، وذلك راجع للفتن الإسلامية التي صرفت قرائحهم واستأصلت أكثر أهل الاستعداد منهم، كما سنبينه في موضعه.
أما المحدثون فلم يسقط من مشاهيرهم أحد، وقد وضعت لهم كتب التراجم في عصورهم المختلفة إلى اليوم، وسنذكرها في «باب التاريخ» إن شاء الله.