مملكة النحل
مملكةٌ مُدَبَّرة
بامرأةٍ مُؤمَّرة
تحملُ في العُمالِ والصُّـ
ـنَّاع عبءَ السيطرة
فاعجَبْ لعُمالٍ يُولُّـ
ـونَ عليهم قَيصَرة
تَحكُمهم راهبةٌ
ذكَّارةٌ مُغبِّرة١
عاقدةٌ زُنَّارَها
عن ساقِها مُشمِّرة
تَلثَّمَت بالأرجوا
نِ وارتدَته مِئزَرة
وارتفعَت كأنها
شرارةٌ مُطيَّرة
ووقعَت لم تختلجْ
كأنها مُسمَّرة٢
•••
مخلوقةٌ ضعيفةٌ
مِن خُلُقٍ مُصوَّرة
يا ما أقلَّ مُلكَها
وما أجلَّ خطرَهْ
قِف سائِلِ النحلَ بهِ
بأيِّ عقلٍ دبَّرهْ
يُجبْكَ بالأخلاقِ وهْـ
ـيَ كالعقولِ جوهرة
تُغنِي قُوى الأخلاق ما
تُغنِي القُوى المُفكِّرة
ويرفعُ الله بها
مَن شاءَ حتى الحشرة
•••
ألَيسَ في مملكة النَّـ
ـحلِ لقومٍ تَبصِرة
مُلكٌ بَناه أهلُهُ
بهمَّةٍ ومَجْدَرة٣
لو التمستَ فيه بطَّـ
ـالَ اليدَين لم تَرهْ
تُقتَلُ أو تُنفى الكُسا
لَى فيه غيرَ مُنذَرة
تَحكُم فيه قيصرة
في قومها موقَّرة
مِن الرجالِ وقيو
دِ حُكمِهم محرَّرة
لا تُورِثُ القومَ ولو
كانوا البنينَ البَررة
المُلكُ للإناثِ في الدُّ
ستور لا للذَّكَرة٤
نيِّرةٌ تنزلُ عن
هالَتِها لنيِّرة
فهل تُرى تَخشى الطَّما
عَ في الرجالِ والشَّرهْ٥
فطالَما تَلاعبوا
بالهَمَجِ المُصيَّرة
وعبروا غفلتَها
إلى الظهورِ قنطرة
وفي الرجال كرمُ الضـ
ـعِفِ ولُؤمُ المقدرة
وفتنةُ الرأي وما
وراءَها من أثَرة
أنثى ولكن في جَنا
حَيها لَباةٌ مُخدِرة٦
ذائدةٌ عن حَوضِها
طاردةٌ مَن كدَّرهْ
تقلَّدَت إبرتَها
وادَّرعَت بالحبَرة
كأنها تُركيَّةٌ
قد رابَطَت بأنقرة
كأنها «جانْدركُ» في
كتيبةٍ مُعسكِرة
تَلقى المُغيرَ بالجنو
دِ الخُشُنِ المُنمَّرة
السابغين شِكَّةً
البالغين جَسَرة٧
قد نثرَتْهم جُعبةٌ
ونفضَتْهم مِئبرة٨
مَن يَبنِ مُلكًا أو يذُد
فبِالقنا المجرَّرة
إن الأمورَ هِمَّةٌ
ليس الأمورُ ثرثرة
ما الملكُ إلا في ذُرا الـ
ألويةِ المُنشَّرة
عرينُه مُذ كان لا
يحميه إلا قَسوَرة٩
رَبُّ النُّيوبِ الزُّرْقِ والـ
ـمَخالبِ المذكَّرة
•••
مالكةٌ عاملةٌ
مُصلِحةٌ مُعمِّرة
المالُ في أتباعها
لا تَستبينُ أثَرهْ
لا يعرفون بينهم
أصلًا له مِن ثمرة
لو عرَفوه عرَفوا
من البلاءِ أكثَرهْ
واتَّخذوا نقابةً
لأمرهم مسيِّرة
سبحان مَن نزَّه عنـ
ـهُ مُلكَهم وطهَّرهْ
وساسَه بحُرَّةٍ
عاملةٍ مسخَّرة
صاعدةٍ في مَعملٍ
من معملٍ مُنحدِرة
واردةٍ دَسْكرةً
صادرةٍ عن دَسْكرة١٠
باكرةٍ تَستنهضُ الـ
عصائب المبكِّرة١١
السامعين الطائعيـ
ـنَ المُحسِنين المَهَرة
من كلِّ مَن خطَّ البِنَا
ءَ أو أقام أسْطُرهْ
أو شدَّ أصلَ عقدِهِ
أو سدَّه أو قوَّرهْ١٢
أو طافَ بالماءِ على
جدرانِه المجدَّرة١٣
•••
وتذهب النحلُ خِفا
فًا وتجيءُ مُوقَرة
جوالبَ الشمعِ مِن الـ
ـخمائلِ المنوَّرة
حوالبَ الماذِيِّ مِن
زهرِ الرياضِ الشيِّرة١٤
مشدودةٌ جُيوبُها
على الجَنى مُزرَّرة
وكلُّ خُرطومٍ أدا
ةُ العسلِ المُقطِّرة
وكلُّ أنفٍ قانئٍ
فيه من الشَّهدِ بُرَة١٥
حتى إذا جاءَت به
جاسَت خلالَ الأَدوِرة١٦
وغيَّبَته كالسُّلا
ف في الدِّنانِ المُحضَرة١٧
فهل رأيتَ النحلَ عن
أمانةٍ مُقصِّرة
ما اقترضَت من بَقلةٍ
أو استعارت زَهَرة
أدَّت إلى الناس به
سُكَّرةً بسُكَّرة
١
التغبير: ترديد الصوت بالقراءة.
٢
الاختلاج: الاضطراب.
٣
يقال هذا الأمر مجدرة ذلك: أي جدير به.
٤
الذكرة: الذكور.
٥
الطماع: الطمع.
٦
اللباة: اللبؤة.
٧
الشكة: السلاح. والجسرة: الجسارة.
٨
المئبرة: بيت الإبرة.
٩
القسورة: الأسد.
١٠
الدسكرة: القرية.
١١
العصائب: جمع عصابة.
١٢
قور الشيء: قطعه من وسطه خرقًا مستديرًا.
١٣
المجدَّرة: أي المشيَّدة.
١٤
الماذي: العسل. والشيرة: الجميلة الحسنة.
١٥
البرة: الحلقة في الأنف.
١٦
الأدورة: الديار، يُرادُ بها الخلايا هنا.
١٧
السُّلاف: أفضل الخمر.