شعره وأولياته
اتضح مما أسلفنا أن امرأ القيس يمني المحتد، لكنه نجدي المنشأ واللغة واللحن؛ فقد ترعرع في ديار بني أسد في نجد، بين العرب الخلص منهم، وسمع أشعار النجديين وغيرهم من النزاريين وأكثرَ مِن ذِكر الديار والمنازل والجبال والمياه والأودية والمواضع التي في ديار نجد، وكان راوية لأبي دؤاد الإيادي، فانفتق لسانه بالشعر على حداثة سنه، وطمحت نفسه إلى مساجلة الشعراء، وكان محبًّا للجمال ومغازلة الحسان، كثير الأسفار، وتجشم الأخطار، والانتقال من دار إلى دار، ففتق ذلك قريحته، واختط لنفسه سبيلًا في الشعر فَضَلَ به مَن تقدمه، حتى نسب إليه كل حسن في عصره، وعفى على آثار من سبقه، وقيل إنه أول من وقف على الأطلال واستوقف، وبكى واستبكى، بكلمتين:
وأول من شبه النساء بالمها، كقوله:
وبالظباء، كقوله:
والبيض، في قوله:
وشبهها بالدر، على قول، في قوله:
فاحترس بقوله: «قر» فتمم.
فإنه أول من طرق هذا المعنى وابتكره، وسلم الشعراء إليه فلم ينازعه أحد إياه، وقوله:
وهو أول من ابتكر تمثيل شيء بشيء فيه إشارة، بقوله:
فمثَّلَ عينيها بسهمي الميسر؛ يعني المعلى وله سبعة أنصباء، والرقيب وله ثلاثة أنصباء؛ فصار جميع أعشار قلبه للسهمين اللذين مثَّل بهما عينيها، ومثل قلبه بأعشار الجزور، فتمت له جهات الاستعارة والتمثيل.
وجمع مثلين في بيت واحد كل منهما قائم بنفسه، غير محتاج إليه، كقوله:
وأول من عرف في شعره الترديد (وهو أن يعلق لفظة بمعنى، ثم يردها بعينها متعلقة بمعنى آخر) كقوله:
فقد علق ثوبًا ﺑ «لبست»، ثم ردها متعلقة ﺑ «أجر».
وأجاد في وصف الخيل، وهو أول من جعلها قيد الأوابد ووصفها بذلك في قوله:
قال أبو عبيدة: «أول من قيد الأوابد امرؤ القيس.»
وأول من شبهها بالعصا كقوله:
وأول من شبهها بالعقاب، كقوله:
وأول من أجاد وصف الليل، وأول من جود الاستعارة، وجعل الجماد كائنًا حيًّا، وخلع عليه من نعوت الأحياء ما تقتضيه إجادة التشبيه، كقوله:
فقد استعار لليل سدولًا أرخاها، وصلبًا يتمطى به، وأعجازًا يردفها، وكلكلًا ينوء به، وخاطبه مخاطبة الحي.
وقد زعم ابن وكيع أن أول استعارة وقعت، قولُ امرئ القيس، وذكر البيتين الأولين.
وهو أول من شبه شيئين بشيئين في بيت واحد، كقوله يصف عقابًا (وفيه من البديع الطباق، واللف، والنشر المرتب):
وقال في العمدة: وأصل التشبيه مع دخول الكاف وأمثالها، أو «كأن» وما شاكلها شيء بشيء في بيت واحد، إلى أن صنع امرؤ القيس في صفة عقاب «كأن قلوب الطير …» فشبه شيئين بشيئين في بيت واحد، واتبعه الشعراء في ذلك، ولم يقع بعد هذا البيت بيت يشبهه في ترتيبه.
وهو أول من شبه أربعة بأربعة، كقوله:
وزعم الفرزدق أن أكمل أو أجمع بيت قالته العرب، قوله: «له أيطلا ظبي …»
وذكر قدامة أن أفضل التشبيه ما وقع بين شيئين اشتراكهما في الصفات أكثر من انفرادهما حتى يدني بها إلى حال الاتحاد، وأنشد في ذلك هذا البيت، وهو عنده أفضل التشبيه كافة: فإنه شبه أعضاء بأعضاء، هي هي بعينها، وأفعالًا بأفعال هي هي بعينها، إلا أنها من حيوان مختلف.
وقال في العمدة: ثم أتوا بتشبيه أربعة بأربعة: بالكاف وبغير كاف، فقال امرؤ القيس، وهو أول من فتح هذا الباب: «له أيطلا ظبي …» فجاء بتشبيه إضافة كما ترى، حتى جعله تحقيقًا لولا مفهوم الخطاب.
وهو أول من استعمل الكناية اللطيفة، فكنى عن المرأة بالبيضة في قوله: «وبيضة خدر …» وعن نعومة جسمها ورقة بشرتها بقوله:
وكنى عن ترفها ونعيمها، وأنها تُخدَم ولا تَخدِم، بقوله:
وأول من أشار إلى التتبيع — وهو أن يريد شيئًا فيتجاوزه ويذكر ما يتبعه في الصفة، وينوب في الدلالة عليه — كقوله: «وتضحي فتيت المسك …» أراد أن يصفها بالنعمة والترفة، وأنها شريفة مكفية المئونة، فجاء بما يتبع هذه الصفة ويدل عليها، فقوله: «يضحي فتيت» تتبيع أول، و«نئوم الضحى …» تتبيع ثانٍ، و«لم تنتطق» تتبيع ثالث.
وكذلك قوله: «سمان الكلاب، عجاف الفصال …» فإن «سمن الكلاب» يدل على كثرة ما ينحرون، و«عجف الفصال» يدل على بذل اللبن للأضياف.
ومن أعجب التتبيع قوله:
يقول: أنزلوا نجدًا الذي ينبت المرخ أم الغور الذي ينبت العشر؟ لأن الأعراب تتخذ الخيام من نبات الأرض التي ينزلونها، فإذا رحلوا تركوه واستأنفوا غيره من شجر البلد الذي ينزلون به.
إلى غير ذلك مما ذكره العلماء من الأمور التي تقتضي ترجيحه وتقديمه على غيره.
والذي يدلنا على أن امرأ القيس أوتي من براعة التأليف، وجودة السبك والرصف، ورقة الأسلوب ما يتفق مع كل عصر، ويتفق عند كل فريق؛ أننا نجد من أبياته الرائعة بمبناها ومعناها فنونًا من البديع بريئة من التكلف والتصنع بالغة الدرجة القصوى في بابها، وكثير منها لم يلحقه فيه المتأخرون على شدة تعمدهم وتعملهم.
فمن ذلك قوله (وفيه الطباق وجناس المضارع):
وقوله:
وقوله (وفيه التبليغ؛ المبالغة؛ وهو ما يمكن عقلًا وعادة):
وقوله (وفيه الإغراق؛ أي المبالغة؛ وهو ما يمكن عقلًا لا عادة):
وقوله في الغلو (هو ما لا يمكن عقلًا وعادة، ولكنه أدخل عليه ما يقربه إلى الصحة):
وقوله (وفيه الهزل الذي يراد به الجد):
وقوله (وفيه التصدير؛ أي رد العجز على الصدر، مع الجناس):
وقوله (وفيه المماثلة؛ وهي أن تتماثل ألفاظ الكلام أو بعضها في الزنة دون التقفية، وقد يأتي بعضها مقفًّى من غير قصد):
وقوله (وفيه المراجعة؛ وهي حكاية ما جرى من المحاورة بين متخاطبين بقال وقلت):
وقوله:
وقوله (وفيه لزوم ما لا يلزم):
وقوله (وفيه الموازنة، وهي تساوي الفاصلتين في الوزن دون التقفية):
وقوله (وفيه الإيغال؛ وهو أن المتكلم أو الشاعر إذا انتهى إلى آخر القرينة أو البيت استخرج سجعة أو قافية يريد معنًى زائدًا، فكأنه تجاوز حد المعنى الذي أخذ فيه، وبلغ مراده فيه إلى زيادة عن الحد):
فإن كلامه انتهى إلى قوله: «الجزع»، وزيادة المعنى في قوله: «الذي لم يثقب.»
وقوله (وفيه الإشارة؛ وهي أن يكون اللفظ القليل مشتملًا على المعنى الكثير بإيماء يدل عليه):
فإنه أشار بقوله: «أفانين» إلى جميع صنوف عدْو الخيل المحمودة، والذي يدل على هذا قوله: «قبل سؤاله.»
وقد تقدم قوله في التقسيم الجيد والاحتراس.
وفي شعره كثير من الأنواع التي سبق إليها من غير أن يتعمدها، كالتصريع وحسن الابتداء. ولو استقرأ متتبع لوجد أكثر الأنواع في شعره.
(١) والخلاصة
لا يكاد الباحث يجد نوعًا من أنواع الحسن في باب الشعر والبلاغة، إلا ولامرئ القيس فيه المثل الأعلى، والقدح المعلى.
هذا على قلة ما انتهى إلينا من شعره، حتى عُدَّ من المقلين كما تقدم.
وقالوا: إنه أول من رقق النسيب، كقوله:
وإلى جانب ما سبق من المحاسن، تجد في شعره أشياء خالف بها سنن الشعراء والفصاحة، وخرج عن محجتها، وسلك فيها سبيلًا غيرها أَوْلَى منها، من ذلك الإقواء (وهو اختلاف حركة الروي بكسر وضم):
وحقه أن يقول: «مزملٌ» وقد يقال إنه أراد في «بجاد»؛ مزمل فيه. والإصراف (وهو اختلاف حركة الروي بفتح وغيره) كقوله:
وحقه أن يقول: «أو قديرًا معجلًا»، وخرج على المجاورة ونحوها من الوجوه البعيدة.
والإيطاء (وهو إعادة الكلمة المشتملة على حرف الروي بلفظها ومعناها من غير أن يفصل بين اللفظين سبعة أبيات فأكثر) كقوله:
ثم قال بعد أربعة أبيات:
وقوله:
ثم قال بعد بيت:
ومنها تكرير الجملة أو الشطر أو البيت، ما خلا كلمة القافية، وهذا كثير في شعره، كقوله:
•••
•••
•••
•••
•••
•••
ولا أنذل من قوله:
وقال أحمد بن عبيد بن عمار: «قد وقفنا على ما أتاه الشعراء القدماء من الزلل والخطأ في قصيد أشعارهم وأراجيزهم، قديمها وحديثها، وإحالتهم في نسج بعضها، وما أتوا به من الكلام المذموم، فأولهم امرؤ القيس، مع جلالة شأنه، وعظيم خطره، وبُعد همته، يقول مفتخرًا بملكه واصفًا لما يحاوله: «فلو أنما أسعى لأدنى معيشة …» ثم قال بعد هذا القول المرضي، في المعنى البهي، قول أعرابي متلفع بشملته لا تجاوز همته ما حوته خيمته: «إذا ما لم تكن إبل فمعزى …»
ولما تنازع هو وعلقمة في الشعر، وحكَّما أم جندب (زوج امرئ القيس) فضلت علقمة، فقال لها زوجها: «وكيف؟» قالت: «لأنك قلت:
فقد جهدت فرسك بسوطك، وزجرت، وحركت ساقيك، فأتعبته.
وقال علقمة:
فأدرك فرسه ثانيًا من عنانه، لم يضربه بسوط، ولم يتعبه!»
وقد عيب عليه قوله:
قالوا: إذا لم يغرَّها هذا فأي شيء يغرها؟ وهذا كأسير قال لمن أسره: «أغرك مني أني في يديك أسير؟!»
وفي هذا البيت من البراعة والرقة ما لا يطول إلى مثله أحد إلا امرؤ القيس، فإنه يعلم أن ذلك يغرها، ولكنه سأل سؤال الجاهل، والقلب يحتمل أن يكون قلبها، فالمعنى حينئذ: أنك مالكة قلبك، مهما تأمريه يفعل، وأنا لا أملك قلبي لأنك أنت ملكته، ويحتمل أن يكون قلبه، فالمعنى: مهما تأمري قلبي يفعل؛ لأنه مطيع لك! وكلا المعنيين جميل، والاستفهام على هذا الوجه جيد.
وعابوا عليه قوله:
قالوا: ذيل العروس مجرور، ولا يجب أن يكون ذنب الفرس مجرورًا ولا قصيرًا، قالوا: والصواب في ذلك قوله:
وعابوا قوله: «من دبر»، وقالوا: لمَ قال ذلك؟ فمن أين تسد بذنبها فرجها؟ فهذا ليس من قول الحذاق. ويمكن أن يقال عن الأول: إن الشاعر وغيره قد يشبِّه الشيء بشيء آخر من ناحية من نواحيه، أو ناحيتين أو أكثر، ولا يريد التشبيه به من كل ناحية، ألا ترى أنهم شبهوا العيون بالنرجس، واتفقت كلمتهم على استجادة ذلك، وهم لا يريدون تشبيهها به في البياض؛ لأن ذلك لون عيون الهررة! وكذلك تشبيههم المرأة بالغزال والمها والشمس والبدر والغصن، وهنا يريد تشبيه ذنبها بذيل العروس في حسنه، ولا يتحتم عليه أن يريد التشبيه به في جره على الأرض.
وبيته الثاني «ضليع …» يبين لنا هذا المعنى، ويعين هذا القصد.
ويقال عن الثاني: إن في كلام البلغاء كثيرًا من مثل هذه القيود ما يقع لزيادة الإيضاح، أو على سبيل الاتفاق، ولا يجب أن يكون كل زائد للاحتراس من شيء آخر، ألا ترى أنهم يقولون: سمعته بأذني، ورأيته بعيني، وكتب بيده، و…
وعابوا عليه قوله:
قالوا: لأن الناصية إذا غطت الوجه، لم يكن الفرس كريمًا، والجيد الاعتدال، على أنه يجوز أن يراد بالوجه بعضه على سبيل المجاز من ذكر الكل، وإرادة الجزء.
وعيب عليه قوله:
قالوا: ما لها وللسوط؟
وعيب عليه قوله: «فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها …» ثم قوله بعدها: «وهل عند رسم دارس من معول؟» لأن كلامه الثاني ناقض الأول.
وقد قيل إن مراده لم يعف رسمها لما نسجته الريح وحده، وإنما عفا للريح والمطر وغيرهما. وقيل إنه دارس بعضه دون بعض. وقيل درس من الريح وغيرها، ولكنه لم يدرس من قلبي. وقيل إنه رجع فأكذب نفسه حين قال: «لم يعف» ثم قال: «دارس»، ومثله قول زهير:
وعيب عليه قوله: «فقلت له لما تمطى بصلبه …» ثم قوله: «ألا أيها الليل الطويل …» لأنه أتم البيت الأول في وصف الليل، ولم يذكر ما قاله، وجعله متعلقًا بما بعده.
ومثل هذا شائع منتشر في كلام الفصحاء، ولم يعد أهل العروض من التضمين المعيب ذكر المفعول في البيت الثاني لقال أو لغيرها.
وعيب عليه فجوره وعهره في شعره، كقوله:
وقالوا: هذا معنًى فاحش. وعيب أيضًا لقصده للحبلى والمرضع دون البكر، وهو ملك وابن ملوك، فما فعل هذا إلا لنقص همته.
وقد حمل قوله هذا على وجه أفضل، وهو: أن الحبلى والمرضع لا تكادان ترغبان في الرجال، وهما ترغبان فيه لجماله، فقوله هذا يريد به التمدح. وكذلك عد من فجوره قوله:
وقوله:
فقيل ليست الثريا تتعرض في السماء، وقال بعض من يعذره: أراد الجوزاء؛ لأنها تتلوها!
وعيب عليه قوله:
قالوا: إنه مضمن، وليس هذا بتضمين على الصحيح؛ لأن التضمين تعلق كلمة القافية بالبيت التالي تعلقًا لا يتم المعنى بدونه، وما هنا ليس كذلك، وفي كلام الشعراء كثير من هذا النوع.
واستهجنوا قوله:
فلفظة «هر» و«الصيد» مضحك مستهجن، ولو أن أباه حجرًا من فأر بيته ما أسف على إفلاته منها هذا الأسف.
والحق أن العرب لا تلتفت إلى مثل هذه الأشياء، وإنما تنظر إلى الحقائق والجد.
وعيب عليه قوله: «يزل الغلام الخف عن صهواته»، وليس للجواد إلا صهوة واحدة، والحق أن هذا غير عيب؛ لأن العرب تنزل الأجزاء منزلة الأفراد، كما قالوا في قول ذؤيب:
وليس لها إلا حدقة واحدة.
وعيب عليه قوله:
لأنه ذكر العين مفردة، وأعاد ضمير المثنى.
وعيب عليه قوله:
وحضر أحمد بن أبي طاهر مجلس علي بن يحيى المنجم يومًا بعد أن أخل به أيامًا، فعاتبه على ذلك، فقال: «كنت متشاغلًا باختيار شعر امرئ القيس.» فأنكر عليٌّ عليه ذلك، وقال: «أما تستحي من هذا القول؟ وأي مرذول في شعر امرئ القيس، حتى تحتاج إلى اختياره؟» واتسع القول بينهما في ذلك، فقال هارون بن علي لأبيه: «قد صدقت، يا سيدي، في وصف شعر امرئ القيس، ولكن فيه ما يفضل بعضه بعضًا، وإلا فقوله:
أهو مما يختار ويوصف بهذه الأوصاف مع ما في هذه الأبيات من حوشي الكلام وجساء الألفاظ وخلوها من كثير من الفائدة.» فأمسك علي.
(٢) أسلوبه
أما أسلوبه فقد كان جزل الألفاظ، متين التأليف، جيد السبك، كثير الغريب، إلا في الغزل فإنه كان يغلب عليه في غزله الرقة والرشاقة.
وأما معانيه فقد كانت بديعة، كما كان خياله بديعًا، وربما سلك سبيل المبالغة والغلو، كقوله في الغزل:
وله أبيات تدل على أنه كان ينظم الشعر، ثم يتخير منه، فيأخذ المستجاد ويطرح ما سواه، وهي:
وزعم ابن الكلبي أنه امرؤ القيس بن بكر بن امرئ القيس بن الحارث بن معاوية الكندي.
وزعم غيره أن الأبيات لامرئ القيس بن عانس الكندي.
وقد تقدم أنه لقب ﺑ «الذائد» لقوله: «أذود القوافي …»
(٣) بداهته
والغالب على شعره أيام صبوته التشبيب بالنساء، ووصف الخيل، والصيد، وما شاكل ذلك مما تقتضيه الصبوة والمجانة، وفي أيام كبره يغلب على شعره الشكوى من الزمن، وتجهم الإخوان، ونحو ذلك مما تقتضيه المحنة التي مُنِّي بها، وقد يمثل شعره صورة تامة عن حياته وخلقه، فانظر إلى قوله:
وقوله:
وقوله في وصف راحلته:
وقوله:
وقوله:
فإنك تجد فيه عزة الملك، وتلمح فيه مخايل النبل والإمرة والسيادة وعلو الهمة وعظمة النفس.
وإذا نظرت إلى قوله:
… إلخ.
فإنه يمثل لك قناعة الصعلوك، وذلة المعدوم، ورضا الخامل.
وإذا نظرت إلى قوله:
وقوله:
تمثل لك فيه ذل العاشق، وخنوع المحب الذي مَلَكَ الحبُّ عليه مشاعرَه، فلم يجد ما يفرج به كربه إلا إسبال الدمع، والاستسلام للمحبوب، والنزول عند رغبته.
وإذا تأملت قوله:
وقوله:
وقوله:
وقوله:
رأيته يضم بين جوانحه نفسًا جبارة لا تقيم على ضيم، ولا تنام على وتر، فهو الموت، وهو ينازل البطل الكريه نزاله، ولا تطيش سهامه، وقد أحبت همته كل خلق كريم، كما حملت راحلته فتًى لم تحمل الأرض مثله، فامرؤ القيس شجاع كريم الأخلاق، شديد الاعتداد بنفسه، كثير الفخر بها وبقومه.
وإذا تدبرت قوله:
إلى أن يقول:
وقوله المتقدم:
… إلخ.
خيل إليك أن زاهدًا يملي ضروبًا من العظات على تلاميذه ليعتبروا، ويكفوا أنفسهم عن الهوى؛ لأنهم صائرون إلى ما صار إليه آباؤهم من قبل، ويحضهم على القناعة والاجتزاء من الغنى بالشبع والري.
ومن سمع قوله:
وقوله:
وقوله:
وقوله:
وقوله في النساء:
وقوله:
وقوله:
وقوله:
وقوله:
وقوله:
وقوله:
تبين أن امرأ القيس شاعر حكيم، يستمد حكمته من التجارب ومقايسة بعض الأمور ببعض.
وإذا تأملت قوله:
وقوله:
تمثل لك فيه شكوى البائس، وذكرى المكروب، وفخر الضعيف المغلوب.
وإذا نظرت إلى قوله:
وقوله:
وقوله:
وقوله:
وقوله:
وقوله الذي غبر فيه في وجه كل من وصف المضاجعة:
وقوله:
تراءى لك فيه عربدة الماجن، وصراحة الخليع، وفجور المتعيهر.
فأشعار امرئ القيس لا تمثل نفسًا سلكت سبيلًا واحدًا في الحياة، ولا انتهجت سَنَنًا مطردًا، بل تمثل نفسًا مضطربة لا تستقر على حال من القلق.