من سويسرا إلى كندا
لم يكَد «أحمد» يبدأ في قراءة الملف، ويفرد الخرائط أمامه، حتى جاءت مكالمةٌ سريعة من قسم المعلومات في المقر السري … كان نص الرسالة كالآتي: اتصل بنا رقم «صفر»، وهو يُخطِرك أن الرجل قد ظهر في «كندا» … لقد استطاع عبور الحدود السويسرية، إلى جنوب فرنسا، عند «دوفيل» … حيث ترك جواز سفره عند بوابة الدخول بدعوى أنه سيسهر في كازينو «دوفيل» ثم يعود … ولكنه لم يعُد … ثم ظهر بعد نحو ١٥ ساعة في جزيرةٍ صغيرةٍ تُدعى «كودياك» … وقد كان في طائرةٍ صغيرةٍ سقطَت به هو وثلاثة رجالٍ آخرين … وقد نُشرَت صورته في إحدى الجرائد، وتعرَّفنا عليه … إن الفرصة كما يقول رقم «صفر» متاحة الآن … فالرجل مصاب، والجزيرة صغيرة تواجه الشاطئ الغربي في «ألاسكا».
ابتسم «أحمد» رغمًا عنه؛ فهو يعرف «عوني» جيدًا … إنه مقاتلٌ عنيد، ورجلٌ داهية … تسرَّب من سويسرا رغم أعوان رقم «صفر» المنتشرين هناك، واستطاع أن يصل إلى «ألاسكا» … وكان من الممكن أن يختفي عن العيون لولا حادث الطائرة.
نام «أحمد» نومًا عميقًا حتى السابعة من صباح اليوم التالي … وبعد نصف ساعة كان يتحدث إلى رقم «صفر» قائلًا: إن المعلومات الجديدة تُحتِّم تغيير الخطة!
ردَّ رقم «صفر»: ما رأيك أن تأخذوا طائرة خاصة إلى «كودياك»؟ … إن ذهابكم بخطوط الطيران العادية سيجعل وصولكم إلى جزيرة «كودياك» متأخرًا جدًّا، وسوف تسافرون إلى شرق «كندا» ثم إلى غربها ثم تركبون المواصلات والسيارات إلى أيسلندا … إنكم جميعًا مدرَّبون على قيادة الطائرات، ومن الأفضل أن تأخذوا طائرةً إلى هناك!
أحمد: إن هذا يسعدنا جدًّا!
رقم «صفر»: سأُصدر تعليماتي إلى قسم التشهيلات بإعداد طائرة من طراز «جيت ستار» … ذات الأربعة توربينات … إنها طائرةٌ صغيرة ولكنها قويةٌ جدًّا، وسوف يدبِّر لكم قسم التشهيلات خط السير وأوامر المرور!
أحمد: شكرًا يا سيدي!
رقم «صفر»: يجب أن تُلاحِظوا أن الأحوال الجوية في هذه المناطق البعيدة الباردة سيئ، فأعدُّوا أنفسكم لمفاجآتٍ غير متوقَّعة!
أحمد: متى نبدأ؟
رقم «صفر»: أعتقد أن الطائرة ستكون جاهزةً خلال الساعات الخمس القادمة … اعقد اجتماعًا مع المجموعة … إن الطائرة تتسع لتسعة أفراد، ومتروكٌ لك حرية أخذ العدد المناسب معك!
أحمد: وسأدرس الموقع والظروف خلال الساعات القادمة.
رقم «صفر»: خذوا حذركم … وبالتوفيق إن شاء الله!
اتصل «أحمد» بالشياطين، وتقرَّر عقد اجتماع في القاعة الزرقاء رقم ٣ بعد ساعة، وفي الموعد المحدَّد كان الشياطين اﻟ «١٣» جميعًا في قاعة الاجتماعات، وكانت خريطة «كندا» و«ألاسكا» مضاءة على الحائط، وقد ظَهرَت كبيرة ومترامية الأطراف … وبدت جزيرة «كودياك» كأنها نقطةٌ صغيرة تحت شبه جزيرة «ألاسكا».
وبسرعة قال «أحمد»: صباح الخير، أمامنا مهمةٌ خطيرة في مكانٍ بعيد، وسوف نسافر في طائرةٍ خاصة، نتولى قيادتها بأنفسنا إلى شمال كندا … إن هناك رجلًا هامًّا يجب القضاء عليه … إنه يهدِّد منظمة الشياطين اﻟ «١٣»، وقد انضم إلى عصابة «سادة العالم»!
بدأَت الدهشة تغزو وجوه الشياطين … وكان السؤال الواضح على وجوههم جميعًا هو: مَن يكون هذا الشخص الخطر، الذي يهدِّدهم إلى هذا الحد؟!
وقال «أحمد» كأنه يجيب على السؤال: إن الرجل الذي أقصده كان من أفراد المنظَّمة … أكثر من هذا كان من قادة المنظمة!
وازدادت دهشة الشياطين، ولكن «أحمد» طمأنهم قائلًا: «على كل حالٍ … إن معلوماته عنا قديمة … فقد ترك المنظمة بعد البداية بقليل … وبعضنا يعرفه … وسوف تكون المعلومات أمامكم كاملة ونحن في الطائرة إلى «كندا»!
عثمان: كم عدد المسافرين؟
أحمد: إن الطائرة تتسع لتسعة أشخاص!
عثمان: ولكنَّ عددًا منا في دورياتٍ تدريبية!
أحمد: إذن لن تأخذ هذا العدد، يكفي خمسة … فعندي فكرة الاستعانة بالكلاب البوليسية في هذه المغامرة!
إلهام: إنني أؤيد ذلك!
بو عمير: لقد زرتُ قسم الكلاب البوليسية، وهناك مجموعةٌ ممتازة من هذه الكلاب يمكن الاستعانة بها!
أحمد: إننا نحتاج لكلابٍ من نوعٍ خاص، تكون من النوع الذي يعيش في المناطق الثلجية!
بو عمير: عندهم فصيلةٌ كاملة من الكلاب القطبية، وقد هيَّئوا لها المُناخ الملائم؛ بحيث تستطيع الحياة في هذه المنطقة الصحراوية!
أحمد: إذن اذهب أنت، واختر كلبَين للسفر معنا!
بو عمير: معنى ذلك أنني مسافر معك؟!
أحمد: نعم … سنسافر خمسة … ومعنا الكلبان!
ثم عاد «أحمد» يقول: من الأفضل أن يبقى «عثمان» هذه المرة حتى يستكمل تدريبات الكومبيوتر، وسآخذ معي «إلهام» و«زبيدة» و«بو عمير» و«فهد»!
فهد: متى نسافر؟
أحمد: بعد ساعاتٍ قليلة … إن قسم التشهيلات سيقوم بإعداد خط السير، والحصول على التصاريح اللازمة … إن الطائرة التي سنسافر عليها سبق أن تدرَّبنا على قيادتها، وهي من طراز «جيت ستار»، وتتسع لتسعة مسافرين، ولها تجهيزاتٌ خاصة بالتسليح لا يمكن كشفها … وهي تطير بمسافة خمس ساعات متصلة، ثم تحتاج إلى إعادة ملئها بالوقود … ولكني سأطلب من الورشة أن تُزوِّدها بخزاناتٍ إضافية؛ فسوف نطير في مسافاتٍ شاسعة!
عثمان: إنني أقترح تكوين فرقةٍ إضافيةٍ تلحق بكم عند الحاجة!
أحمد: أوافق؛ وأترك لك حرية التصرف!
وانفض الاجتماع، ودخل «أحمد» إلى أحد المكاتب، وأخذ يُجري اتصالاته بقسم التشهيلات والورشة وغيرها من أجل إعداد كل شيء، خاصة الملابس والأسلحة التي سيحملها الشياطين معهم، ولم ينسَ أن يطلب من الورشة إضافة إطاراتٍ خاصة بالهبوط على الجليد؛ فمن المتوقَّع في هذه الأصقاع الباردة، أن تكون المطارات الصغيرة هناك مغطَّاة بالجليد، وليس بها الأجهزة الخاصة بإذابته كما في المطارات العالمية.
في الموعد المحدَّد ظهر «بو عمير» ومعه كلبان؛ أحدهما فضي اللون، والآخر أصفر فاتح … وقد وقفا كأنهما على استعداد لمعركة، قرب مدرج الطائرة الصغيرة … وظهر في نفس الوقت كلٌّ من «فهد»، و«إلهام» و«زبيدة» وقد ارتدَوا ملابسَ ثقيلةً تُناسِب جوَّ الشتاء.
أخذ «أحمد» يتأمل الكلبَين بجوار الطائرة، ثم صاح يا «بو عمير»: ما هو اسم كلٍّ منهما؟
بو عمير: الكلب الأبيض اسمه «فضة»، وهي أنثى، والثاني اسمه «ذهب»!
أحمد: شيءٌ ظريف «ذهب» و«فضة»!
بو عمير: إنني أريد أن أُطلِق اسمًا على الطائرة أيضًا!
قالت «زبيدة» على الفور: عندما شاهدتُها أحسستُ أنني أمام ضفدعة؛ لهذا سمَّيتُها الضفدعة!
ضحك «أحمد» وشاركه بقية الشياطين الضحك؛ فقد كانت بداية الرحلة حافلةً بالمرح.
كان «أحمد» و«بو عمير» يرتديان ثياب الطيارين، فقفزا إلى مقعدَي القيادة … كان «أحمد» يتولى القيادة ويساعده «بو عمير» … وأمامهما العدَّادات الكثيرة التي بدأَت تُضيء عندما ضغط أحمد على مفتاح التشغيل، أخذ «أحمد» يتحدَّث في الميكروفون، ثم يستمع إلى تقريرٍ عن سرعة الرياح، واتجاهها، وبقية التعليمات الخاصة بالإقلاع.