أول خطوات تحرير المرأة
لا شكَّ أن أوَّلَ خُطواتٍ لتحريرِ المرأةِ هي أن تَكونَ مُنتِجةً وعاملةً في المجتمعِ، وبِشَرط أن تَنالَ عن عملها أجرًا ولا تعملَ بغيرِ أجرٍ كما هو الحال عند الفلَّاحات المِصرياتِ، بعبارة أخرى: إن الاستقلالَ الاقتصاديَّ هو أوَّلُ خُطواتِ المرأةِ للتحرير؛ لأنَّ استقلالَ المرأةِ اقتصاديًّا عن زَوجِها سَوفَ يُعطيها الفُرصةَ والقُوةَ أن تَرفُض إذلالَه لها، وسوفَ يُمكِّنها من الاعتمادِ على نفسِها إذا طلَّقها أو هدَّدها بالطلاقِ، لكِنَّ الاستقلالَ الاقتصاديَّ وحدَه لا يَكفي لتحريرِ المرأةِ؛ فالمرأةُ في حاجةٍ إلى استقلالٍ اجتماعيٍّ عنِ الرجُل، بحيث يُمكِن أن تَعيشَ وحدَها بغَيرِ الرجُل إذا لزم الأمرُ ذلك، وهيَ في حاجةٍ إلى استقلالٍ نَفْسيِّ بحيثُ تَتغلَّب على الأزَماتِ التي تواجِهُها منَ الرجُل بسببِ خُروجِها عن وِصايتهِ وطاعتهِ، وهيَ في حاجةٍ إلى استقلالٍ في الشَّخصيةِ وثِقةٍ بالنفْسِ لِتواجِهَ المجتمعَ بسببِ خُروجِها عن النمَطِ التقليديِّ لمفهومِ الأُنثى.
وعلى المرأةِ أن تُدرِك أنها ستَدفَع ثَمنَ الحريةِ التي ستَنتزِعها لِنفسِها، لكنْ عليها أن تُدرِك أيضًا أنها تَدفعُ ثمَنَ العبوديةِ التي تَعيشُها، والأفضلُ لها أن تَدفعَ الثمَنَ وتَكونَ حُرة على أن تَدفعَ الثمَنَ وتَكون عَبْدةً، بل إنَّ الثمَنَ الذي تَدفَعُه في العبوديةِ أكبرُ من ذلك الذي تَدفعُه من أجل تحرُّرِها، وعليها أن تُدرِك أيضًا أنها لن تَستطِيع أن تحصُلَ على حُقوقِها إلا إذا أصبحَتِ النساءُ قُوةً اجتماعيةً ضاغطةً وقادرةً على الضَّغطِ، وأنها من أجلِ أن تَكونَ قوةً لا بُد أن تَتحِد وتتآزرَ مع الفِئاتِ الأُخرى المُضطهَدة في المجتمَع، وعليها أن تُوحِّد جُهودَها مع جُهود الرجالِ المُستنيرِين المؤمنِين بقضيةِ تحريرِ المرأةِ كإحدى القضايا السياسيةِ الكُبرى التي لا تَقِل أهميةً عن قضيةِ تحريرِ العُمالِ والفلَّاحِين والكادِحين من قَبضةِ الاستِغلالِ.