الثَّعْلَبُ ريدي يَأْتِي لِلْجَدَّةِ بِأَخْبَارٍ
تُرَى مَنْ يَرْفُضُ أَنْ يَكُونَ حَامِلًا لِأَخْبَارٍ تَجْلِبُ السَّعَادَةَ؟
كَسَا الثَّلْجُ الْمُرُوجَ وَالْغَابَاتِ الْخَضْرَاءَ، وَأَحَاطَ الْجَلِيدُ بِالْبِرْكَةِ الْبَاسِمَةِ وَالْجَدْوَلِ الضَّاحِكِ. وَكَانَ ريدي وَالْجَدَّةُ ثعلبة جَائِعَيْنِ مُعْظَمَ الْوَقْتِ. لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّهْلِ إِيجَادُ طَعَامٍ كَافٍ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ؛ لِذَا أَمْضَيَا تَقْرِيبًا كُلَّ دَقِيقَةٍ كَانَا مُسْتَيْقِظَيْنِ فِيهَا فِي الِاصْطِيَادِ. فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ كَانَا يَصْطَادَانِ سَوِيًّا، وَلَكِنْ عَادَةً مَا كَانَ يَذْهَبُ أَحَدُهُمَا فِي طَرِيقٍ وَيَذْهَبُ الْآخَرُ فِي طَرِيقٍ آخَرَ كَيْ تُتَاحَ لَهُمَا فُرْصَةٌ أَكْبَرُ فِي إِيجَادِ شَيْءٍ مَا. كَانَ أَحَدُهُمَا إِذَا وَجَدَ مَا يَكْفِي لِاثْنَيْنِ، يَأْخُذُهُ إِلَى الْبَيْتِ إِذَا اسْتَطَاعَ حَمْلَهُ. وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ حَمْلَهُ، أَخْبَرَ الْآخَرَ أَيْنَ يَجِدُهُ.
لِعِدَّةِ أَيَّامٍ كَانَ مَا يَمْتَلِكَانِ مِنْ طَعَامٍ قَلِيلًا جِدًّا، وَبَلَغَا مِنَ الْجُوعِ أَنْ كَانَا مُسْتَعِدَّيْنِ لِاسْتِغْلَالِ أَيِّ فُرْصَةٍ تَقْرِيبًا لِلْحُصُولِ عَلَى وَجْبَةٍ مُشْبِعَةٍ. قَامَا بِزِيَارَةِ عُشَّةِ الدَّجَاجِ الْخَاصَّةِ بِالْمُزَارِعِ براون لِلَيْلَتَيْنِ عَلَى أَمَلِ أَنْ يَجِدَا طَرِيقَةً لِلدُّخُولِ، إِلَّا أَنَّ الْعُشَّةَ كَانَتْ مُغْلَقَةً بِإِحْكَامٍ، وَرَغْمَ مُحَاوَلَاتِهِمَا لَمْ يَجِدَا سَبِيلًا لِلدُّخُولِ.
قَالَتِ الْجَدَّةُ، وَهُمَا عَائِدَانِ إِلَى الْمَنْزِلِ بَعْدَ الْمُحَاوَلَةِ الثَّانِيَةِ: «لَا أَمَلَ فِي الْحُصُولِ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْ تِلْكَ الدَّجَاجَاتِ لَيْلًا. إِنْ كُنَّا سَنَحْصُلُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ حَقًّا، يَجِبُ عَلَيْنَا فِعْلُ هَذَا فِي وَضَحِ النَّهَارِ. هَذَا مُمْكِنٌ؛ لِأَنَّنِي فَعَلْتُهَا مِنْ قَبْلُ، وَلَكِنَّنِي لَا أُحَبِّذُ الْفِكْرَةَ. عَلَى الْأَرْجَحِ أَنَّنَا سَنُكْشَفُ؛ وَهَذَا يَعْنِي أَنَّ الْمُزَارِعَ سَيُكَلِّفُ كَلْبَ الصَّيْدِ باوزر بِمُطَارَدَتِنَا.»
قَالَ ريدي مُتَعَجِّبًا: «أُفٍّ! مَاذَا فِي ذَلِكَ؟ إِنَّهُ مِنَ السَّهْلِ خِدَاعُهُ.»
قَالَتِ الْجَدَّةُ فِي تَوْبِيخٍ: «أَتَظُنُّ ذَلِكَ؟ لَمْ أَرَ بَعْدُ ثَعْلَبًا شَابًّا لَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَنْتَ مِثْلُ الْآخَرِينَ. بَعْدَ أَنْ تَعِيشَ عُمُرًا طَوِيلًا مِثْلِي سَوْفَ تَتَعَلَّمُ أَلَّا تَكُونَ وَاثِقًا تَمَامَ الثِّقَةِ مِنْ آرَائِكَ. أُوَافِقُكَ فِي أَنَّهُ حِينَ لَا يُوجَدُ ثَلْجٌ عَلَى الْأَرْضِ يَسْتَطِيعُ أَيُّ ثَعْلَبٍ لَدَيْهِ قَدْرٌ كَافٍ مِنْ ذَكَاءِ الثَّعَالِبِ أَنْ يَخْدَعَ باوزر، وَلَكِنْ عِنْدَمَا يَكْسُو الثَّلْجُ كُلَّ مَكَانٍ فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُخْتَلِفَةٌ تَمَامًا. مَتَى اعْتَزَمَ باوزر أَنْ يَتَعَقَّبَ أَثَرَكَ هَذِهِ الْأَيَّامَ، يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ أَذْكَى مِمَّا أَظُنُّكَ لِكَيْ تَخْدَعَهُ. سَتَكُونُ الطَّرِيقَةُ الْوَحِيدَةُ كَيْ تَهْرُبَ مِنْهُ هِيَ أَنْ تَدْخُلَ فِي حُفْرَةٍ فِي الْأَرْضِ؛ وَبِهَذَا تَكُونُ قَدْ أَفْصَحْتَ عَنْ سِرٍّ؛ وَهُوَ مَا يَعْنِي أَنَّنَا لَنْ نَنْعَمَ بِالْهُدُوءِ أَبَدًا. لَنْ نَعْرِفَ أَبَدًا مَتَى سَيَرْغَبُ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون فِي إِجْبَارِنَا عَلَى مُغَادَرَةِ تِلْكَ الْحُفْرَةِ. لَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا مِنْ قَبْلُ. لَا يَا عَزِيزِي، لَنْ نَسْعَى وَرَاءَ أَيٍّ مِنْ تِلْكَ الدَّجَاجَاتِ فِي وَضَحِ النَّهَارِ، إِلَّا إِذَا كُنَّا نَتَضَوَّرُ جُوعًا.»
قَالَ ريدي وَهُوَ يَئِنُّ: «وَلَكِنِّي أَتَضَوَّرُ جُوعًا.»
قَالَتْ لَهُ الْجَدَّةُ فِي تَوْبِيخٍ: «لَا يُوجَدُ شَيْءٌ كَهَذَا! لَقَدْ مَكَثْتُ بِلَا طَعَامٍ لِفَتَرَاتٍ أَطْوَلَ مِنْ هَذِهِ بِكَثِيرٍ. هَلْ ذَهَبْتَ لِلنَّهْرِ الْكَبِيرِ مُؤَخَّرًا؟»
قَالَ ريدي: «لَا! مَا الْفَائِدَةُ؟ إِنَّهُ مُتَجَمِّدٌ. لَا يُوجَدُ شَيْءٌ هُنَاكَ.»
أَجَابَتْهُ الْجَدَّةُ: «رُبَّمَا لَا، وَلَكِنَّنِي تَعَلَّمْتُ مُنْذُ وَقْتٍ طَوِيلٍ أَنَّهَا خُطَّةٌ ضَعِيفَةٌ أَنْ أَتَجَاهَلَ أَيَّ فُرْصَةٍ. هُنَاكَ مَكَانٌ فِي النَّهْرِ الْكَبِيرِ لَا يَتَجَمَّدُ أَبَدًا؛ لَأَنَّ الْمِيَاهَ تَتَدَفَّقُ بِسُرْعَةٍ كَبِيرَةٍ، وَقَدْ وَجَدْتُ هُنَاكَ أَكْثَرَ مِنْ وَجْبَةٍ جَرَفَتْهَا الْأَمْوَاجُ إِلَى الشَّاطِئِ. فَاذْهَبْ أَنْتَ إِلَى هُنَاكَ الْآنَ بَيْنَمَا أَبْحَثُ عَمَّا يُمْكِنُ أَنْ أَجِدَهُ فِي الْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ. إِذَا لَمْ يَجِدْ كِلَانَا أَيَّ شَيْءٍ، فَسَيَكُونُ لَدَيْنَا الْوَقْتُ غَدًا لِلتَّفْكِيرِ فِي دَجَاجِ الْمُزَارِعِ براون.»
أَطَاعَهَا ريدي رَغْمًا عَنْهُ. وَدَمْدَمَ وَهُوَ يُسْرِعُ إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ: «لَا فَائِدَةَ عَلَى الْإِطْلَاقِ. لَنْ أَجِدَ هُنَاكَ أَيَّ شَيْءٍ. مَا هِيَ إِلَّا مَضْيَعَةٌ لِلْوَقْتِ.»
عَادَ مُسْرِعًا إِلَى الْبَيْتِ فِي وَقْتٍ مُتَأَخِّرٍ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَعَرَفَتِ الْجَدَّةُ مِنْ طَرِيقَةِ رَفْعِهِ لِأُذُنَيْهِ وَحَمْلِهِ لِذَيْلِهِ أَنَّهُ يَحْمِلُ خَبَرًا مَا، فَسَأَلَتْهُ: «حَسَنًا، مَا الْأَمْرُ؟»
أَجَابَهَا ريدي: «وَجَدْتُ سَمَكَةً مَيْتَةً جُرِفَتْ إِلَى الشَّاطِئِ. لَمْ تَكُنْ كَبِيرَةً بِمَا يَكْفِي لِاثْنَيْنِ فَأَكَلْتُهَا.»
سَأَلَتْهُ الْجَدَّةُ: «هَلْ مِنْ شَيْءٍ آخَرَ؟»
أَجَابَ ريدي بِبُطْءٍ: «لَا. أَقْصِدُ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ شَيْءٌ ذُو فَائِدَةٍ لَنَا. كَانَتِ الْبَطَّةُ كواكر الْبَرِّيَّةُ تَسْبَحُ فِي الْمِيَاهِ الْمَفْتُوحَةِ، وَلَكِنْ بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّنِي ظَلِلْتُ أُرَاقِبُهَا وَقْتًا طَوِيلًا، فَإِنَّهَا لَمْ تَقْتَرِبْ قَطُّ مِنَ الشَّاطِئِ.»
هَتَفَتِ الْجَدَّةُ: «هَا! هَذِهِ أَخْبَارٌ سَعِيدَةٌ. أَعْتَقِدُ أَنَّنَا سَنَذْهَبُ لِاصْطِيَادِ الْبَطِّ.»