ابْنُ الْمُزَارِعِ براون يَنْسَى أَنْ يُغْلِقَ الْبَوَّابَةَ
لَيْسَ مِنْ عَادَةِ ابْنِ الْمُزَارِعِ براون أَنْ يَكُونَ مِنَ النَّوْعِ كَثِيرِ النِّسْيَانِ. إِنَّهُ جَيِّدٌ جِدًّا فِي التَّذَكُّرِ. وَلَكِنَّ ابْنَ الْمُزَارِعِ براون لَيْسَ كَامِلًا بِأَيِّ صُورَةٍ؛ فَهُوَ يَنْسَى أَحْيَانًا، وَهُوَ مُسْتَهْتِرٌ أَحْيَانًا، وَإِلَّا فَسَيَكُونُ شَخْصًا غَرِيبًا. وَلَكِنَّهُ بِوَجْهٍ عَامٍّ رَصِينٌ وَحَذِرٌ.
إِحْدَى مَهَامِّ ابْنِ الْمُزَارِعِ براون هِيَ رِعَايَةُ الدَّجَاجِ. إِنَّهَا إِحْدَى الْمَهَامِّ الَّتِي فِي مُعْظَمِ الْأَوْقَاتِ تَكُونُ مُمْتِعَةً. هُوَ يُحِبُّ الدَّجَاجَ، وَيُحِبُّ رِعَايَتَهُ. كُلَّ صَبَاحٍ، أَوَّلُ مَا يَقُومُ بِهِ هُوَ إِطْعَامُهُ وَفَتْحُ بَابِ عُشَّةِ الدَّجَاجِ حَتَّى يَسْتَطِيعَ أَنْ يَنْطَلِقَ فِي حَظِيرَةِ الدَّجَاجِ إِذَا أَرَادَ. كُلَّ لَيْلَةٍ يَخْرُجُ قَبْلَ أَنْ يَحُلَّ الظَّلَامُ مُبَاشَرَةً لِيَجْمَعَ الْبَيْضَ وَيُغْلِقَ عُشَّةَ الدَّجَاجِ؛ حَتَّى لَا يَلْحَقَ بِالدَّجَاجِ أَيُّ أَذًى وَهُوَ نَائِمٌ عَلَى مَجَاثِمِهِ. بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعَاصِفَةِ الثَّلْجِيَّةِ كَانَ قَدْ أَفْسَحَ مِسَاحَةً فِي حَظِيرَةِ الدَّجَاجِ؛ حَيْثُ يَسْتَطِيعُ الدَّجَاجُ أَنْ يَخْرُجَ وَيَأْخُذَ حَمَّامَ شَمْسٍ عِنْدَمَا يُرِيدُ، وَكَانَ الدَّجَاجُ يَفْعَلُ هَذَا فِي أَكْثَرِ مَكَانٍ دَافِئٍ فِي الطِّينِ. دَائِمًا مَا كَانَ يَحْرِصُ فِي الصَّبَاحِ عَلَى أَنْ تَكُونَ بَوَّابَةُ حَظِيرَةِ الدَّجَاجِ مُوصَدَةً؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ شَخْصٍ آخَرَ كَمْ هِيَ جُرْأَةُ الْجَدَّةِ وَالثَّعْلَبِ ريدي حِينَ يَكُونَانِ جَائِعَيْنِ جِدًّا، وَفِي الشِّتَاءِ يَكُونَانِ أَكْثَرَ جُوعًا مُعْظَمَ الْوَقْتِ؛ لِذَا حَرَصَ عَلَى أَلَّا يُعْطِيَهُمَا فُرْصَةً لِلتَّسَلُّلِ إِلَى حَظِيرَةِ الدَّجَاجِ أَثْنَاءَ وُجُودِ الدَّجَاجِ بِالْخَارِجِ، وَأَلَّا يُعْطِيَ الدَّجَاجَ فُرْصَةً لِيَضِلَّ خَارِجًا؛ حَيْثُ يَكُونُ مِنَ السَّهْلِ اصْطِيَادُهُ.
وَلَكِنْ أَحْيَانًا مَا كَانَ يَتْرُكُ الْبَوَّابَةَ مَفْتُوحَةً لَيْلًا، كَمَا اكْتَشَفَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة. لَقَدْ ظَنَّ أَنَّهَا لَنْ تُحْدِثَ فَارِقًا مَا دَامَ الدَّجَاجُ مَحْبُوسًا فِي بَيْتِهِ الدَّافِئِ؛ وَمِنْ ثَمَّ فِي أَمَانٍ، عَلَى كُلِّ حَالٍ.
فِي نِهَايَةِ عَصْرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي تَحَدَّثَتْ فِيهِ الْجَدَّةُ وَالثَّعْلَبُ ريدي عَنْ خُطَّةٍ لِلْوُصُولِ إِلَى إِحْدَى الدَّجَاجَاتِ السَّمِينَاتِ؛ قَامَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون بِجَمْعِ الْبَيْضِ، وَتَأَكَّدَ أَنَّ الدَّجَاجَ ذَهَبَ إِلَى مَجَاثِمِهِ لَيْلًا. كَانَ قَدْ بَدَأَ لِتَوِّهِ فِي غَلْقِ الْبَابِ الْجَرَّارِ الصَّغِيرِ لِتِلْكَ الْفَتْحَةِ الَّتِي يَخْرُجُ وَيَدْخُلُ مِنْ خِلَالِهَا الدَّجَاجُ أَثْنَاءَ النَّهَارِ حِينَ بَدَأَ كَلْبُ الصَّيْدِ باوزر فِي إِحْدَاثِ ضَجَّةٍ، كَأَنَّهُ مُتَحَمِّسٌ بِشَكْلٍ رَهِيبٍ حِيَالَ أَمْرٍ مَا.
دَفَعَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون الْبَابَ الْجَرَّارَ الصَّغِيرَ مُتَسَرِّعًا، وَالْتَقَطَ سَلَّةَ الْبَيْضِ خَاصَّتَهُ، وَأَغْلَقَ بَابَ عُشَّةِ الدَّجَاجِ، وَأَسْرَعَ خَارِجَ الْبَوَّابَةِ دُونَ أَنْ يَتَوَقَّفَ لِيُوصِدَهَا. لَقَدْ كَانَ فِي عَجَلَةٍ مِنْ أَمْرِهِ لِكَيْ يَرَى مَا كَانَ سَبَبَ الضَّجَّةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا باوزر. كَانَ باوزر يَنْبَحُ وَيَعْوِي وَيَجُرُّ سِلْسِلَتَهُ، وَكَانَ مِنَ الْوَاضِحِ أَنَّهُ يَتُوقُ إِلَى أَنْ يُفَكَّ قَيْدُهُ.
سَأَلَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون باوزر وَهُوَ يُرَبِّتُ عَلَى رَأْسِهِ: «مَا الْأَمْرُ أَيُّهَا الْعَجُوزُ باوزر؟ هَلْ رَأَيْتَ شَيْئًا مَا؟ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَفُكَّ قَيْدَكَ؛ لِأَنَّكَ عَلَى الْأَرْجَحِ سَتَنْطَلِقُ لِلصَّيْدِ طَوَالَ اللَّيْلِ وَتَأْتِي فِي الصَّبَاحِ مُتْعَبًا وَمُنْهَكًا. أَيًّا كَانَ، أَظُنُّكَ قَدْ أَخَفْتَهُ لِسَنَةٍ قَادِمَةٍ أَيُّهَا الْعَجُوزُ؛ لِذَا فَلْنَكْتَفِ بِهَذَا الْقَدْرِ.»
ظَلَّ باوزر يَجُرُّ سِلْسِلَتَهُ وَيَعْوِي، وَلَكِنْ بَعْدَ قَلِيلٍ بَدَأَ يَهْدَأُ. نَظَرَ سَيِّدُهُ حَوْلَهُ خَلْفَ الْحَظِيرَةِ لِيَرَى مَا الَّذِي أَثَارَ باوزر، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَجِدْ أَيَّ شَيْءٍ، ثُمَّ عَادَ وَرَبَّتَ عَلَى باوزر مَرَّةً ثَانِيَةً وَدَخَلَ إِلَى الْمَنْزِلِ، دُونَ أَنْ يُفَكِّرَ فِي بَوَّابَةِ حَظِيرَةِ الدَّجَاجِ الْمَفْتُوحَةِ.
بَعْدَ نِصْفِ سَاعَةٍ انْضَمَّتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ إِلَى الثَّعْلَبِ ريدي الَّذِي كَانَ بِانْتِظَارِهَا عِنْدَ عَتَبَةِ مَنْزِلِهِمَا. قَالَتْ لَهُ: «كُلُّ شَيْءٍ عَلَى مَا يُرَامُ يَا ريدي؛ تِلْكَ الْبَوَّابَةُ مَفْتُوحَةٌ.»
سَأَلَهَا ريدي بِلَهْفَةٍ: «كَيْفَ فَعَلْتِهَا يَا جَدَّتِي؟»
أَجَابَتِ الْجَدَّةُ: «بِكُلِّ سُهُولَةٍ. جَعَلْتُ باوزر يَلْمَحُنِي حِينَ كَانَ سَيِّدُهُ يُغْلِقُ بَيْتَ الدَّجَاجِ. أَحْدَثَ باوزر ضَجَّةً كَبِيرَةً، وَبِالطَّبْعِ أَسْرَعَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون خَارِجًا لِيَرَى مَا الْأَمْرُ. كَانَ فِي عَجَلَةٍ مِنْ أَمْرِهِ، حَتَّى إِنَّهُ لَمْ يُغْلِقْ تِلْكَ الْبَوَّابَةَ، وَبَعْدَ ذَلِكَ نَسِيَ أَمْرَهَا، أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمُهِمِّ أَنْ يُغْلِقَهَا. بِالطَّبْعِ، لَمْ أَدَعْهُ يَلْمَحُنِي.»
قَالَ ريدي: «بِالطَّبْعِ.»