الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي يَأْخُذُ حَمَّامَ شَمْسٍ
انْقَضَى الشِّتَاءُ الْقَاسِي الطَّوِيلُ، وَحَلَّ الرَّبِيعُ. نَزَلَ الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي مِنْ شَجَرَةِ حَوْرٍ طَوِيلَةٍ وتَمَطَّى بِبُطْءٍ. كَانَ قَدْ مَلَّ مِنَ الْأَكْلِ. كَانَ مُرْهَقًا مِنَ التَّأَرْجُحِ فِي أَعْلَى الشَّجَرَةِ.
قَالَ الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي: «سَآخُذُ حَمَّامَ شَمْسٍ.» وَمَشَى بِتَكَاسُلٍ نَحْوَ حَافَةِ الْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ بَاحِثًا عَنْ مَكَانٍ تَبْسُطُ فِيهِ الشَّمْسُ أَشِعَّتَهَا الدَّافِئَةَ الْمُنِيرَةَ.
كَانَتْ مَعِدَةُ الشَّيْهَمِ بريكلي بوركي مُتْخَمَةً جِدًّا جِدًّا. كَانَ سَمِينًا، وَبِالْفِطْرَةِ كَسُولًا؛ لِذَلِكَ حِينَ أَتَى لِعَتَبَةِ بَابٍ قَدِيمٍ عِنْدَ حَافَةِ الْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ جَلَسَ لِيَسْتَرِيحَ. كَانَ الْمَكَانُ مُشْمِسًا وَدَافِئًا، وَكُلَّمَا أَطَالَ جُلُوسَهُ شَعَرَ بِعَدَمِ الرَّغْبَةِ فِي الْحَرَكَةِ. نَظَرَ حَوْلَهُ بِعَيْنَيْهِ الْكَسُولَتَيْنِ وَقَبَعَ.
قَالَ الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي لِنَفْسِهِ: «إِنَّهُ بَيْتٌ مَهْجُورٌ. لَا أَحَدَ يَسْكُنُ هُنَا، وَأَظُنُّ أَنَّهُ لَنْ يُمَانِعَ أَحَدٌ إِذَا أَخَذْتُ قَيْلُولَةً هُنَا عَلَى عَتَبَةِ الْبَابِ.» ثُمَّ اسْتَطْرَدَ: «وَلَا أَكْتَرِثُ إِذَا مَانَعَ.» لِأَنَّ الشَّيْهَمَ بريكلي بوركي لَمْ يَخْشَ أَحَدًا أَوْ شَيْئًا.
لِذَا ارْتَاحَ الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي نَفْسُهُ عَلَى قَدْرِ الْمُسْتَطَاعِ، وَتَثَاءَبَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَحَاوَلَ أَنْ يَغْمِزَ إِلَى قُرْصِ الشَّمْسِ الْأَحْمَرِ الْمُسْتَدِيرِ الْمَرِحِ الَّذِي كَانَ يَغْمِزُ إِلَيْهِ وَيَضْحَكُ لَهُ، ثُمَّ غَطَّ فِي النَّوْمِ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ عَتَبَةِ بَابِ الْبَيْتِ الْقَدِيمِ.
وَكَانَ الْبَيْتُ الْقَدِيمُ مَهْجُورًا. لَمْ يَسْكُنْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ زَمَنٍ طَوِيلٍ جِدًّا بِالْفِعْلِ. وَلَكِنْ حَدَثَ فِي اللَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ أَنِ اضْطُرَّتِ الْجَدَّةُ وَالثَّعْلَبُ ريدي لِلرَّحِيلِ مِنْ بَيْتِهِمَا عِنْدَ حَافَةِ الْمُرُوجِ الْخَضْرَاءِ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْمُزَارِعِ براون كَانَ قَدْ وَجَدَهُ. كَانَ ريدي فِي غَايَةِ التَّيَبُّسِ وَالْأَلَمِ؛ فَقَدْ أُصِيبَ بِطَلْقَةٍ مِنْ صَيَّادٍ. كَانَ مُتَأَلِّمًا لِدَرَجَةٍ مَنَعَتْهُ مِنَ الْمَشْيِ، وَلَمْ يَسْتَطِعِ الذَّهَابَ بَعِيدًا؛ لِذَا اقْتَادَتْهُ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَهْجُورِ الْقَدِيمِ، وَوَضَعَتْهُ فِي السَّرِيرِ هُنَاكَ.
قَالَتِ الْجَدَّةُ وَهِيَ تُرِيحُ ريدي قَدْرَ الْمُسْتَطَاعِ: «لَنْ يُفَكِّرَ أَحَدٌ فِي وُجُودِنَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ يَعْرِفُ أَنَّهُ لَا أَحَدَ يَسْكُنُ هُنَا.»
حَالَمَا جَاءَ الْفَجْرُ، خَرَجَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة خِلْسَةً لِتُرَاقِبَ ابْنَ الْمُزَارِعِ براون؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُتَأَكِّدَةً أَنَّهُ سَيَعُودُ إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي تَرَكَاهُ، وَبِالْفِعْلِ عَادَ. أَحْضَرَ مِجْرَفَةً وَحَفَرَ فِي مَكَانِ الْبَيْتِ، وَطَوَالَ الْوَقْتِ كَانَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ تُرَاقِبُهُ مِنْ وَرَاءِ زَاوِيَةِ سِيَاجٍ، وَتَضْحَكُ وَهِيَ تُفَكِّرُ أَنَّهَا ذَكِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا رَحَلَتْ فِي اللَّيْلِ.
وَلَكِنَّ ريدي لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا عَنْ هَذَا الْأَمْرِ. كَانَ فِي غَايَةِ التَّعَبِ، حَتَّى إِنَّهُ نَامَ وَنَامَ وَنَامَ. كَانَ مُنْتَصَفَ النَّهَارِ حِينَ اسْتَيْقَظَ أَخِيرًا. تَثَاءَبَ وَتَمَطَّى، وَحِينَ تَمَطَّى تَأَوَّهَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي غَايَةِ التَّيَبُّسِ وَالْأَلَمِ. ثُمَّ عَرَجَ نَحْوَ الْمَدْخَلِ لِيَرَى إِنْ كَانَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة قَدْ تَرَكَتْ أَيَّ فَطُورٍ بِالْخُرْجِ مِنْ أَجْلِهِ.
كَانَ الظَّلَامُ الشَّدِيدُ يَعُمُّ. تَحَيَّرَ ريدي. هَلْ مِنَ الْمُمْكِنِ أَنَّهُ اسْتَيْقَظَ قَبْلَ الْفَجْرِ؛ أَنَّهُ لَمْ يَنَمْ بِالْقَدْرِ الَّذِي تَوَقَّعَهُ؟ رُبَّمَا نَامَ طَوَالَ الْيَوْمِ، وَقَدْ حَلَّ اللَّيْلُ ثَانِيَةً. يَا إِلَهِي! كَمْ كَانَ جَوْعَانَ!
تَفَكَّرَ ريدي وَلُعَابُهُ يَسِيلُ: «أَتَمَنَّى أَنْ تَكُونَ الْجَدَّةُ قَدْ أَمْسَكَتْ بِدَجَاجَةٍ سَمِينَةٍ شَهِيَّةٍ لِي.»
وَقْتَهَا اصْطَدَمَ بِشَيْءٍ. صَرَخَ ريدي: «يَا إِلَهِي!» وَأَمْسَكَ أَنْفَهُ بِيَدَيْهِ الِاثْنَتَيْنِ. كَانَ هُنَاكَ شَيْءٌ عَالِقٌ بِهَا. كَانَتْ إِحْدَى الشَّوْكَاتِ الصَّغِيرَةِ الْحَادَّةِ الَّتِي يُخْفِيهَا الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي فِي كِسْوَتِهِ. عَلِمَ وَقْتَهَا الثَّعْلَبُ ريدي لِمَاذَا كَانَ الْبَيْتُ مُظْلِمًا؛ كَانَ الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي يَسُدُّ الْمَدْخَلَ.