الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي يَسْتَمْتِعُ بِوَقْتِهِ
كَانَ الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي يَسْتَمْتِعُ بِوَقْتِهِ. لَا شَكَّ فِي ذَلِكَ. كَانَ مُتَمَدِّدًا نَحْوَ مَدْخَلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ الْقَدِيمِ؛ الْبَيْتِ الَّذِي وُلِدَتْ فِيهِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ. عِنْدَمَا اسْتَلْقَى عَلَى عَتَبَةِ الْبَابِ لِيَأْخُذَ قَيْلُولَةً وَحَمَّامَ شَمْسٍ، كَانَ مُعْتَقِدًا أَنَّ الْبَيْتَ الْقَدِيمَ مَا زَالَ مَهْجُورًا. ثُمَّ غَفَا حَتَّى أَيْقَظَهُ الثَّعْلَبُ ريدي الَّذِي كَانَ نَائِمًا بِالْبَيْتِ، وَالَّذِي لَمْ يَسْتَطِعِ الْخُرُوجَ لِأَنَّ الشَّيْهَمَ بريكلي بوركي كَانَ يَعْتَرِضُ الطَّرِيقَ.
لَا يُحِبُّ الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي الثَّعْلَبَ ريدي، وَكُلَّمَا تَوَسَّلَ ريدي وَوَبَّخَهُ وَشَتَمَهُ، ضَحِكَ الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ. كَانَتْ تِلْكَ دُعَابَةً جَيِّدَةً حِينَ يُفَكِّرُ فِي مُحَاصَرَةِ ريدي، وَيُقَرِّرُ أَنْ يُبْقِيَ ريدي مُحَاصَرًا لِوَقْتٍ طَوِيلٍ لِيُضَايِقَهُ وَيُزْعِجَهُ فَحَسْبُ. فَلَقَدْ تَذَكَّرَ الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي كَمْ كَانَ الثَّعْلَبُ ريدي يَقُومُ بِحِيَلٍ مُزْعِجَةٍ مَعَ أَهْلِ الْمُرُوجِ وَالْغَابَةِ الصِّغَارِ الَّذِينَ هُمْ أَصْغَرُ وَأَضْعَفُ مِنْهُ.
قَالَ الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي: «سَوْفَ يُفِيدُهُ هَذَا. بِالتَّأْكِيدِ سَوْفَ يُفِيدُهُ.» وَهَزَّ آلَافَ الشَّوْكَاتِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي يُخْفِيهَا فِي كِسْوَتِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ مُجَرَّدَ صَوْتِهَا سَيَجْعَلُ الثَّعْلَبَ ريدي يَرْتَعِدُ خَوْفًا.
فَجْأَةً نَصَبَ الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي أُذُنَيْهِ الْقَصِيرَتَيْنِ الصَّغِيرَتَيْنِ الْمُضْحِكَتَيْنِ. سَمِعَ صَوْتَ كَلْبِ الصَّيْدِ باوزر الْغَلِيظَ، وَكَانَ يَقْتَرِبُ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ. ضَحِكَ الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي فِي نَفْسِهِ مَرَّةً ثَانِيَةً.
قَالَ الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي وَهُوَ يَنْصِبُ آلَافَ الشَّوْكَاتِ الصَّغِيرَةِ مِنْ كِسْوَتِهِ الطَّوِيلَةِ حَتَّى بَدَا وَكَأَنَّهُ نَبْتَةُ كَسْتَنَاءَ شَائِكَةٌ كَبِيرَةٌ مُضْحِكَةٌ: «أَعْتَقِدُ أَنَّ السَّيِّدَ باوزر سَيُفَاجَأُ؛ أَعْتَقِدُ حَقًّا أَنَّهُ سَيَفْعَلُ.»
بِالْفِعْلِ تَفَاجَأَ كَلْبُ الصَّيْدِ باوزر. كَانَ يُطَارِدُ الثَّعْلَبَ ريدي، وَكَادَ أَنْ يَصْطَدِمَ بِالشَّيْهَمِ بريكلي بوركي قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ. مُجَرَّدُ رُؤْيَةِ تِلْكَ الْآلَافِ مِنَ الشَّوْكَاتِ الصَّغِيرَةِ جَعَلَتْهُ يَشْعُرُ بِقُشَعْرِيرَةٍ مِنْ رَأْسِهِ حَتَّى طَرْفِ ذَيْلِهِ؛ لِأَنَّهُ تَذَكَّرَ كَيْفَ أُصِيبَ بِبَعْضٍ مِنْهَا فِي شَفَتَيْهِ ذَاتَ مَرَّةٍ، وَكَيْفَ كَانَ نَزْعُهَا مُؤْلِمًا. مُنْذُ ذَلِكَ الْوَقْتِ أَصْبَحَ يُكِنُّ أَكْبَرَ احْتِرَامٍ لِبريكلي بوركي.
عَوَى كَلْبُ الصَّيْدِ باوزر قَائِلًا: «يَا إِلَهِي!» وَتَوَقَّفَ فَجْأَةً ثُمَّ أَضَافَ: «مَعْذِرَةً أَيُّهَا الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي، مَعْذِرَةً، لَمْ أَعْلَمْ أَنَّكَ تَأْخُذُ قَيْلُولَةً هُنَا.»
طَوَالَ الْوَقْتِ كَانَ كَلْبُ الصَّيْدِ باوزر يَبْتَعِدُ بِأَسْرَعِ مَا يُمْكِنُ، ثُمَّ اسْتَدَارَ وَوَضَعَ ذَيْلَهُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَهَرَبَ بَعِيدًا.
تَمَدَّدَ الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي بِبُطْءٍ، وَلَمَعَتْ عَيْنَاهُ الصَّغِيرَتَانِ وَهُوَ يُشَاهِدُ كَلْبَ الصَّيْدِ باوزر يَهْرُبُ، وَقَالَ:
قَالَ هَذَا الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي وَضَحِكَ عَالِيًا. حِينَهَا سَمِعَ صَوْتَ أَقْدَامٍ خَافِتًا، وَاسْتَدَارَ لِيَرَى مَنْ آتٍ. كَانَ الْجَدَّةَ ثعلبة الْعَجُوزَ. كَانَتْ قَدْ رَأَتْ باوزر يَهْرُبُ، وَالْآنَ كَانَتْ مُتَلَهِّفَةً لِتَعْرِفَ إِنْ كَانَ الثَّعْلَبُ ريدي بِأَمَانٍ.
قَالَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة وَهِيَ حَذِرَةٌ أَلَّا تَقْتَرِبَ كَثِيرًا: «صَبَاحُ الْخَيْرِ.»
رَدَّ الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي وَهُوَ يُخْفِي ابْتِسَامَةً: «صَبَاحُ الْخَيْرِ.»
قَالَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة: «إِنَّنِي مُتْعَبَةٌ جِدًّا وَأَوَدُّ الدُّخُولَ إِلَى بَيْتِي. أَيُمْكِنُكَ أَنْ تَبْتَعِدَ الْآنَ؟»
هَتَفَ الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي: «أُوهْ! أَهَذَا بَيْتُكِ؟ ظَنَنْتُ أَنَّكِ تَسْكُنِينَ هُنَاكَ فِي الْمُرُوجِ الْخَضْرَاءِ.»
أَجَابَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة: «بِالْفِعْلِ، وَلَكِنِّي انْتَقَلْتُ. اسْمَحْ لِي بِالدُّخُولِ.»
قَالَ الشَّيْهَمُ بريكلي بوركي: «بِالتَّأْكِيدِ، بِالتَّأْكِيدِ. لَا تُبَالِي بِي أَيُّهَا الْجَدَّةُ ثعلبة. اخْطِي مِنْ فَوْقِي.» وَابْتَسَمَ مَرَّةً ثَانِيَةً، وَفِي نَفْسِ الْوَقْتِ نَصَبَ أَشْوَاكَهُ الصَّغِيرَةَ.
بَدَلًا مِنْ أَنْ تَخْطُوَ الْجَدَّةُ ثعلبة مِنْ فَوْقِهِ ابْتَعَدَتْ عَنْهُ.