التأليف والمؤلفات
المقدمة
وأنا طالب في باريس اقترح عليَّ أستاذي المشرف على رسالتي الأولى «برنشفيج» أن ننشر كتاب «المعتمد في أصول الفقه» لأبي الحسين البصري، وهو مخطوط وجدتْه البعثة المصرية إلى اليمن بعد الثورة عام ١٩٦٢م. فوافقت. واشترك معنا طالبٌ تونسي كان يُعدُّ رسالةً أخرى تحت إشراف نفس الأستاذ. كان اسم الطالب بكير، وبعد أن قطعنا شوطًا في الإعداد لنشر المخطوط علمنا أن الأستاذ حميد الله كان بصدد نشر نفس المخطوط، وهو أستاذٌ مسلمٌ هندي كان يدرس في جامعة حيدر آباد بوسط الهند، وعندما قُسِّمت الهند بين المسلمين في الشمال في باكستان والهنود في الجنوب، وكان المسلمون متمركزين في الجنوب في حيدر آباد أيضًا في وسط الهند، حول الجامعة العثمانية، أرادوا الانضمام إلى الشمال حيث الأغلبية المسلمة رفض نهرو، وانقضَّ على الجنوب، واستولى عليه؛ فأصبح جزءًا من الهند، كان حميد الله أحد أفراد المقاومة الإسلامية، فهرب إلى باريس، وأصبح باحثًا في المركز الوطني للبحوث العلمية، وتزوج فرنسية هناك، تنازل لنا الأستاذ برنشفيج عن إعداد المخطوط، وبقيت أنا والطالب التونسي نعمل مع حميد الله، ونُشر الكتاب في المركز القومي للبحوث الفرنسية وفي جامعة دمشق، وأُعيد نشره تحت أسماء أخرى دون أخذ موافقتنا، وكان الناشر دار التراث ببيروت.
وكنت أبحث عن منهاجٍ إسلاميٍّ عام كموضوع للدكتوراه في فرنسا، وبعد أن تحوَّل إلى ثلاثة موضوعات: الأول، «مناهج التفسير في علم أصول الفقه»، والثاني، «تأويل الظاهريات»، والثالث، «ظاهريات التأويل». طُبعت الرسالة الأولى طبقًا لقانونٍ جديد قد صدر في الجامعة بضرورة طبع الرسالة الأولى وليست فقط كتابتها على الآلة الكاتبة؛ فلم يكن الحاسب الآلي قد تم اختراعه بعدُ، وكانت الحكومة الفرنسية تتكفل بطبع الرسالة الأولى للطالب الفرنسي، أما الطالب الأجنبي فعلى حكومته أن تقوم بذلك؛ فأرسلتُ رسالتي الأولى مكتوبة على الآلة الكاتبة إلى «المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية»، وكان رئيس المجلس هو يوسف السباعي والذي أصدر قرارًا بطبع رسالتي على نفقة المجلس، وتولى زوج شقيقتي الكبرى بنقل مائة نسخةٍ مطبوعة إلى باريس، لأقوم بإرسالها للجامعة في فرنسا، ولولا كرم يوسف السباعي العلمي، وجهد أسرتي وزوج شقيقتي الكبرى لما طُبعت الرسالة، ولا استطعتُ مناقشتها للحصول على الدكتوراه.
وبعد العودة إلى مصر بعد طباعة الرسالة باللغة الفرنسية، قمت بترجمة رسالتي الثانية إلى العربية بنفسي والتي كانت تتكون من جزأين: «من تأويل الظاهريات إلى ظاهريات التأويل، الحالة الراهنة للمنهج الظاهرياتي وتطبيقه في الظاهرة الدينية».
وبعد الانتهاء من الرسالتَين. وطبعت الأولى في القاهرة، تنفيذًا للقانون الجديد، وطُبعت الثانية على الآلة الكاتبة، فلم يكن الحاسب الآلي قد أُخترع بعدُ. كانت الرسالة الأولى «مناهج التفسير في علم أصول الفقه» كما أشار عليَّ «ماسينون». وتحت إشراف «برنشفيج». وكانت الثانية بعنوان «من تأويل الظاهريات إلى ظاهريات التأويل، الحالة الراهنة على المنهج الظاهرياتي وتطبيقه في ظاهرة الدين». وكانت الرسالة من جزأين. وسمعت أنه قبل المناقشة اختلف الأساتذة الخمسة، وهي لجنة المناقشة على مناقشة الرسالة الثانية التي كانت من جزأين، والاكتفاء بمناقشة جزءٍ واحد هو «تأويل الظاهريات» وتحت إشراف «بول ريكير»؛ فاعترض «جان جيتون» على استبعاد الجزء الثاني من الرسالة الثانية «ظاهريات التأويل» والتي كان يشعر أنها أقرب إليه ومن فكره وهو صاحب «الفكر الحديث والكاثوليكية» والذي قدمني إلى البابا «بولس السادس» لحضور القسم الرابع للمؤتمر الفاتيكاني الثاني. وقد لازمتُه عشر سنوات أستمع إليه وإلى محاضراته الخاصة والعامة وحلقات بحثه حتى تعلمتُ منه الفلسفة وتاريخ الفلسفة، وكان هو الكاثوليكي الوحيد الذي دُعي إلى مؤتمر الفاتيكان، و«أوسكار كولمان» البروتستانتي الوحيد الذي دُعي لنفس المؤتمر. وكنت أنا المسلم الوحيد الذي دُعي إلى المؤتمر نفسه. وأخيرًا تم الاتفاق على أن يقوم «بول ريكير» بمناقشة الجزء الأول من الرسالة الثانية «تأويل الظاهريات»، و«جان جيتون» الجزء الثاني من الرسالة الثانية «ظاهريات التأويل»، ويناقش «برنشفيج» و«لاوست» الرسالة الأولى «مناهج التفسير في علم أصول الفقه»، ويدير الجلسة «جاندياك». وكانت مناقشة الرسالة الأولى استشراقيةً خالصة أي تاريخية. ومناقشة الجزء الأول من الرسالة الثانية علميةً صرفة لمدى فهمي «للظاهريات». أما مناقشة «جان جيتون» للجزء الثاني من الرسالة الثانية فكانت حماسيةً قلبيةً روحية تبين حُسن فهمي لتاريخ الأديان، والمقابلة بين اليهودية والمسيحية. وأُعطيت درجة امتياز مع مرتبة الشرف الأولى. وأعلم رئيس الجلسة أن هذه الرسالة هي المرة الوحيدة التي يتقدم فيها الطالب بثلاثة رسائل بدلًا من اثنتين لنيل درجة دكتوراه الدولة. وبعد المناقشة أقام لنا مركز «بيشيليو» في وسط ميدان السوربون حفلًا ابتهاجًا بهذا النجاح الباهر. وقُدمت فيه المشروبات عدة ساعات بحضور الأساتذة والطلاب المصريين والفرنسيين. تم ذلك في ١٦ يونيو ١٩٦٦م. ولأول مرة لمدة شهر في يوليو كنت أسير في الحي اللاتيني خفيف الوزن بعد أن نزل عن كاهلي همُّ الرسالة وكأنني سائح يزور باريس لأول مرة، خاصةً وأن موعد المغادرة للقاهرة بالطائرة التي سيرسلها المشير عامر لأخذ ممثلي الطلبة في أوروبا ستصل في شهر أغسطس لمناقشة الرئيس عبد الناصر عن أحوال البلاد في مؤتمر المبعوثين الأول.
وأثناء انتظار وصول كتبي من فرنسا بعد قرار عبد الناصر في مؤتمر المبعوثين في أغسطس عام ١٩٦٦م بنقل مكتبتي على نفقة الدولة، كتبت «التراث والتجديد، موقفنا من التراث القديم». وكان هذا تقريبًا مقدمة رسالتي الأولى «مناهج التفسير، محاولة في علم أصول الفقه». وطُبع طبعةً صغيرة، بحروفٍ دقيقة في المركز العربي للطباعة والنشر والذي أسسه محمود الشنيطي في منزله بدعم عدد من الأساتذة المصريين وأنا منهم.
وطُبع الكتاب أكثر من مرة في عدة دور نشر أخرى، بعلمي أو دون علمي. وكان يُسمى «مانيفستو حسن حنفي» تشبيهًا لمانيفستو كارل ماركس، ونظرًا لأنني كنت أُدرِّس الفلسفة المسيحية فقد ترجمتُ نصوصًا رئيسية في الفلسفة المسيحية تحت عنوان «نماذج من الفلسفة المسيحية». وتحتها عنوانٌ فرعى «المعلم» للقديس أوغسطين، و«أؤمن لكي أعقل» للقديس أنسيلم، و«الوجود والماهية» لتوما الأكويني.
ولما كنت مُقدمًا على مشروع الزواج وليس لي مال للشبكة والمهر وتأجير السكن. ترجمتُ كتاب اسبينوزا «رسالة اللاهوت والسياسة» الذي طُبع عدة مرات، ونُشر في الهيئة العامة للكتاب مقابل أربعمائة جنيه، وقد هزَّني الكتاب هزًّا عندما قرأته وأنا في باريس، ونويت أن أترجمه فور عودتي إلى مصر كي يعلم الناس أنه لا استثناء في المنهج العقلي الديكارتي لموضوعات لا يُطبق فيها مثل الدين والسياسة.
كما قمت بكتابة وتجميع عدة مقالاتٍ فلسفية في عدة مجلاتٍ ثقافية في ذلك العصر مثل: «الفكر المعاصر»، «المجلة»، «الكاتب»، «الطليعة» في جزأين: الأول «في فكرنا العربي المعاصر»، والثاني «في الفكر الغربي المعاصر» الأول في الأنا، والثاني في الآخر.
وبمناسبة زيارة جان بول سارتر إلى مصر بعد هزيمة ١٩٦٧م كي يعرف أين الحقيقة في الصراع العربي الإسرائيلي، ترجمت «تعالي الأنا موجود». وطبعته في دار الثقافة الحديثة، وكنت قد رأيته في باريس وهو يُلقي محاضرةً عامة في قاعة «موبيرمو تيواليتيه» التي استغرقت ثلاث ساعات، وكان معي كتاب مارتن لوثر الذي يضم نداءاته التسع والتسعين. ذهبت إليه بعد المحاضرة عند المنصة، وقلتُ له: «هل تسمح أن توقِّع لي على هذا الكتاب؟» فظن أنه أحد كتبه ولما وجده لمارتن لوثر قال لي: «وهل تقرأ مارتن لوثر؟»، قلت له «نعم!» فاستغرب، وظهر الاستغراب على وجهه، وتعلمتُ أننا ننتمي لحضارتَين مختلفتَين: الأولى الغربية وهي في مرحلتها الأخيرة، والثانية الإسلامية وهي ما زالت في بدايتها الثانية، «عصر الإصلاح الديني»، هو في نهاية حضارة، وأنا في بدايتها.
وبعد عودتي من أمريكا عام ١٩٧٥م ترجمتُ كتاب «تربية الجنس البشري» للفيلسوف الألماني «ليسنج» وقد أعجبتُ بهذا الكتاب الصغير المقسم لفقراتٍ صغيرةٍ مرقَّمة أشد العجب وأنا أقرؤه في باريس، وصممت أن أترجمه إلى اللغة العربية بعد العودة. وهو كتاب في فلسفة التاريخ، يقسم تطور البشرية إلى ثلاث مراحل: الأولى الطفولة وهي اليهودية التي تقوم على الثواب والعقاب، والثانية: الصبا أو المراهقة وهي المسيحية التي تقوم على المحبة والتسامح والسلام، والثالثة: مرحلة الرجولة والتي تعتمد على العقل وحرية الإرادة، وهي فلسفة التنوير في القرن الثامن عشر في فرنسا وألمانيا. وفسرت المرحلة الثالثة بأنها مرحلة الإسلام أي قبل التنوير باثني عشر قرنًا؛ فالإسلام دين يعتمد على العقل وعلى حرية الاختيار والمسئولية الشخصية. ومهدتُ للكتاب بمقدمةٍ طويلة في فلسفات التاريخ عند هردر، وفيكو، وتورجو، وكوندرسيه، وهيجل، وروسو. وذلك ليكون نصًّا رئيسيًّا في فلسفة التاريخ، ويفيد السنة الرابعة، ونشرته أيضًا في دار الثقافة الجديدة.
وكتبتُ عدة مقالات في جريدة الجمهورية كل أسبوع في برواز خاص بي. وجمعتها مع عدة مقالات أخرى في «الدين والثورة في مصر ١٩٥٢–١٩٨١» في ثمانية أجزاء، وهو كتابٌ شعبي كما يوحي بذلك عنوانه، مكتوب للعامة؛ الجزء الأول: الدين والتحرر الوطني، والجزء الثاني: الدين والتحرر الثقافي، والجزء الثالث: الدين والتنمية القومية، والجزء الرابع: الدين والوحدة القومية، والجزء الخامس: الحركات الإسلامية المعاصرة، والجزء السادس: الأصولية الإسلامية، والجزء السابع: اليمين واليسار في الفكر الديني، والجزء الثامن: اليسار الإسلامي والوحدة الوطنية. نشرتها عند مكتبة مدبولي بميدان طلعت حرب.
وبين فصلي من الجامعة في قرارات سبتمبر ١٩٨١م وعودتي إليها بقرار من مجلس الدولة في أبريل ١٩٨٢م قررت الاستراحة قليلًا حتى أتفرغ لإنجاز مشروع «التراث والتجديد».
وكان الجزء الأول عن علم أصول الدين، أو علم الكلام باسم «من العقيدة إلى الثورة» يقع في خمسة أجزاء: الجزء الأول: المقدمات النظرية. والجزء الثاني: التوحيد. والجزء الثالث: العدل. والجزء الرابع: الأخرويات. والجزء الخامس: النبوة والإمامة.
وكنت أطبعهم على ورق الجرائد الأصفر الخفيف الوزن، الرخيص الثمن حتى يكون الكتاب على مستوى دخل القراء الفقراء، وكنت أتنازل عن حقوقي المادية كمؤلف، بل كنت أشتري الورق من تجار الورق في منطقة العتبة ثم يُرجع لي الناشر ثمنه من مبيعات الكتاب، والذي بدأتُ الكتابة فيه وأنا في طريقي للمغرب، واستغرق خمس سنوات لإتمامه. ثم بدأت بعده تأليف كتاب «من النقل إلى الإبداع» لإعادة بناء علوم الحكمة في تسعة أجزاء. واستعملت منهج تحليل المضمون في كل النصوص الفلسفية القديمة؛ لكي أعرف مدى صحة أن علوم الحكمة هي شروح للفلسفة اليونانية وبالتالي لم يُبدع المسلمون شيئًا، كما يقول بعض المستشرقين وأتباعهم من العرب، أم أن بها إبداعًا أصيلًا وإن أتى في وقتٍ متأخر؟
فكان الجزء الأول: عن الترجمة عن اليونانية وكيف كانت تتم تعريبًا أولًا ثم نقلًا ثانيًا؛ التعريب مثل قاطيغورياس، والنقل هي المقولات. والثاني: التعليق، أي التعليق على الكلمة وليس فقط ترجمتها. والثالث: الشروح، وكان شرحًا للكلمة بعبارةٍ طويلة. وتعتبر هذه الأجزاء الثلاثة الأولى أقرب إلى النقل. وبعد ذلك بدأ «التأليف» في الجزء الرابع، عندما يكون الوافد أكثر من الموروث، وفي الجزء الخامس: التأليف أيضًا ولكن عندما يكون الموروث أكثر من الوافد. وفي الجزء السادس: عندما يتساوى الوافد والموروث. وتعتبر هذه الأجزاء المتوسطة بين النقل والإبداع، ثم يأتي «الإبداع» عندما يختفي الوارث والموروث كلية. ويعتمد الإبداع على العقل الخالص وهي «المرحلة السادسة». ثم الجزء السابع والثامن والتاسع؛ الجزء السابع: في العلوم الرياضية والطبيعية التي يختفي فيها الوافد والموروث معًا. والجزء الثامن: في الموضوعات الإسلامية الخالصة وليست فقط المنطق والطبيعيات والإلهيات. وهي العلوم الوافدة. والجزء التاسع والأخير: في علوم تعتمد على العقل البديهي أو التجربة الطبيعية أو العلوم الإنسانية. وذلك مثل، مقدمة ابن خلدون التي تؤسس علمًا جديدًا وهو علم التاريخ الاجتماعي، أو علم الاجتماع التاريخي.
ثم بدأت إعادة بناء علم أصول الفقه في «من النص إلى الواقع» في جزأين، ويقوم بإعادة التفكير في علم أصول اللغة القديم منذ «الرسالة» للشافعي حتى «الموافقات» للشاطبي، وما بعده بقليل. وهو أفضل علم أبدعه القدماء وليس له أصول لا يونانية رومانية ولا مسيحية ويهودية. به ثلاث قضايا: الأولى، مصادر الأحكام ومن أين تأتي الأحكام الشرعية؟ وهي أربعة مصادر: الكتاب، والسنة، والإجماع، والاجتهاد. فهذا الترتيب القديم يُعطي الأولوية للنص على الواقع. فإذا كانت لديَّ مشكلة مثل صعوبة المواصلات في القاهرة فكيف أجد لها حكمًا؟ هل أذهب إلى الكتاب؟ فإن لم أجد فإلى السنة؟ فإن لم أجد فإلى الإجماع؟ هل أجمع المحافظون أو مديرو المرور مثلًا؟ هل أسألهم كيف يحلون مشكلة المواصلات في القاهرة؟ هل بعمل كباري؟ أو بناء تجمعاتٍ جديدة حول القاهرة، أو عاصمةٍ إدارية جديدة لنقل الحكومة إليها؟ أم أجتهد، رأيي كما تفعل المدن الكبرى مثل طوكيو والمكسيك؟ وذلك يتم عند قياس مساحات الشوارع والطرقات، ومعرفة عدد السيارات الخاصة، والناقلات العامة كي أعرف مقدار ما تتحمله الشوارع والطرقات من عدد السيارات، فإذا زاد العدد عن قدرة الطرق على استيعابها تنشأ الأزمة؛ فالحل يأتي من تحليل الواقع وليس من فهم النص، وبالتالي ينقلب الترتيب القديم وتصبح مصادر الأحكام من الاجتهاد أولًا، فإن استعصى علينا أجمع أهل الخبرة العالمية الذين حلوا قضية الازدحام في المدن الكبرى، فإن لم أجد حلًّا عندهم أستطيع أن أقرأ النصوص عن تخطيط المدن القديمة وكيف كانت عربات الكارو التي تجرُّها الأحصنة تسير جنبًا إلى جنب مع الناس. فالأولوية للواقع على النص.
والقضية الثانية: هي قضية اللغة؛ فالنص لغة أو قول أو خطاب متشابه. فيه حقيقة ومجاز، ظاهر ومؤول، مُحكم ومتشابه، مجمل ومُبين، عام وخاص، فإذا اعتمدت على النص اللغوي احترت أي الجانبين آخذ؟ الحقيقة أم المجاز؟ الظاهر أما المؤول؟ إلى آخر الاشتباه في اللغة.
والقضية الثالثة وهي الأهم: هي قضية المقاصد والأحكام؛ فالشريعة الإسلامية وضعت ابتداءً للحفاظ على المقاصد الخمسة: (١) الحياة. (٢) العقل. (٣) الحق [الدين]. (٤) العرض [الكرامة]. (٥) المال والثروة الوطنية.
أما الأحكام فهي خمسة وهي أحكام التكليف، الأحكام التي تُلزم الإنسان على الفعل أو عدم الفعل وهي: (١) الواجب. (٢) المحظور (الحرام). (٣) المندوب. (٤) المكروه. (٥) والحلال.
فأفعال الإنسان بين قطبَين: أوله الواجب ونهايته المحظور؛ افعل ولا تفعل «مثلا افعل الخير ولا تفعل الشر». وما بينهما المندوب والمكروه، فالمندوب «افعل أفضل مما لا تفعل» والأمر متروك لك للاختيار، والمكروه «لا تفعل أفضل مما تفعل» والأمر متروك لك للاختيار. والأهم من ذلك الحكم الأوسط وهو الحلال، وهي الأفعال الطبيعية، ولا يجوز السؤال عن حكمها، كما يحدث الآن في دار الإفتاء ولدى مشايخ قنوات الفضاء، وفي أكشاك الإفتاء على نواحي الشوارع ومحطات القطارات.
وكل محظور لسببٍ أو لعلةٍ إذا امتنعت العلة غاب المحظور. وإذا حضرت العلة حضر المحظور؛ فالأحكام تدور مع العلة وجودًا وعدمًا. حُرمت الخمر لعلة السكر، فإذا أردت أن أعرف ما هو حكم شرب النبيذ؟ فإذا أدى النبيذ إلى السكر أخذ حكم الخمر، وإذا لم يؤدِّ إلى السكر لا يأخذ حكم الخمر.
وكان سبب تحريم الخمر نزول الآية عندما رأى عمر بن الخطاب مسلمًا مخمورًا ضرب مسلمًا آخر بفخذ حيوان، فشق رأس صاحبه؛ فأنزل الله الحكم بتحريم الخمر.
وكانت عائشة «تنبذُ» للرسول ليلة عرسه أي تجهز له النبيذ، وهو عصير العنب الذي تُرك عدة أيام حتى يخمر.
وكانت الأفعال تؤتي طبقًا لأحكام التكليف الخمسة ومع ذلك هناك أحكامٌ أخرى خمسة سماها القدماء أحكام الوضع؛ العزيمة: أي عندما يأتي المسلم فعله عزيمة وقدرة. والرخصة: وهي عندما يفعل المسلم شيئًا محظورًا فيكون رخصةً له؛ أي ضرورة مثل شرب الخمر للعلاج، أو أكل لحم الخنزير في أوقات المجاعات. والصحة والبطلان: أي ليس من حق أحد أن يحكم على فعل يأتيه آخر بالصحة أو بالبطلان؛ فكل إنسان أدرى بما يفعل دون مزايدة من أحد. وبالتالي تكون أحكام الوضع الخمسة: السبب، وهو جلب المصلحة من الفعل. الشرط، وهو أن يكون قادرًا على الفعل. المانع، وهو أن يكون مانع عن إتيان الفعل. العزيمة والرخصة، وهي مثل الصلاة وقوفًا أو جلوسًا، والصوم في رمضان أو الإفطار. الصحة والبطلان، أي الصلاة بوضوء أو بدون وضوء. وإنما الأعمال بالنيات وليست بالمظاهر؛ فالنية الصادقة يصدق الفعل بها؛ فالنية جوهر الفعل.
وقد احتاجت العلوم النقلية الخمسة إلى إعادة بناء كعلومٍ نقليةٍ عقلية، وإدخال بعض العقلانية فيها، وهي العلوم الأكثر تداولًا في المعاهد الدينية والكليات الأزهرية، يعتمد عليها خطباء المساجد، ومشايخ القنوات الفضائية، وهي: القرآن، والحديث، والتفسير، والسيرة، والفقه. وقد تُركت نقلية أي لا يُعتمد فيها إلا على «قال الله» و«قال الرسول» دون تحكيم العقل لمدة خمسة عشر قرنًا وحتى الآن. ولم يجرؤ أحد على تحويلها على الأقل إلى علومٍ نقليةٍ عقلية، خاصة وأن الجميع يتساءل عنها. وما أسهل أن تستعمل هذه العلوم في حركة الإصلاح لما في بعضها من إمكانيات للتقدم! فعلوم القرآن مثلًا لا تحتاج إلى السؤال عن مصدر القرآن من السماء أم من الأرض، وحيٌ أم شعر؟ بل يكفي الاستعانة بما فيه لحل قضايا الفكر والمجتمع. فإن نجح كان من السماء، وإن لم ينجح كان من الأرض؛ فأسباب النزول تعني أن الأولوية للواقع على الفكر، للسؤال على الجواب. وقد كان الوحي مجموعة إجابات لمجموعة من الأسئلة. فكثير من آيات الأحكام تبدأ بفعل «ويسألونك» عن الخمر والميسر والأنفال والمحيض، فيأتي الجواب. وبالتالي يكون الفكر هو أجوبة عن أسئلة الواقع؛ عن الاحتلال، والاستبداد، والفساد، والتنمية، والفقر، والظلم، والتجزئة، والحروب الأهلية. فماذا تكون الإجابة وليست الأسئلة عن أكل البيض حلال أم حرام، واللحم المعقم «اللانشون»، والنبيذ والبيرة، والسلام باليد على المرأة، والحجاب والنقاب وغطاء الرأس، والاختلاط في الجامعة بين الجنسَين، وعمل أكشاك للإفتاء على نواصي الشوارع، بل وإقامة دار للإفتاء وتعيين شيخ بعنوان «مفتي الديار المصرية» يجلس على مكتبه في «دار الإفتاء».
أما علوم الحديث فقد أبدع القدماء منهجًا للسند يُفرق بين التواتر والآحاد، بين اليقين والظني. والتواتر له شروطٌ أربعة لكي يكون المتن صحيحًا: (١) تعدد الرواة. (٢) تساوي انتشار الرواية في الزمان، فلا تختفي في زمن وتُكشف في زمنٍ آخر. (٣) استقلال الرواة بعضهم عن البعض منعًا للتدليس. (٤) والإخبار عن محسوس، فإذا نقص السند شرطًا من هذه الشروط الأربعة يُصبح آحادًا. والسؤال هو: هل إذا صح السند صح المتن؟ فقد يكون السند صحيحًا والمتن غير صحيح. وقد يكون المتن صحيحًا والسند غير صحيح؛ لذلك لزم التحول من نقد السند إلى نقد المتن أيضًا.
أما الفقه فما زال يكرر كتب الفقه القديمة، والأحكام المرتبطة مثل: الصلب، الرجم، الجلد، قطع اليد ثم الرجل، وقطع اليد اليسرى ثم القدم اليسرى، اليد اليمنى ثم القدم اليمنى. فماذا يبقى للإنسان إلا جثةٌ مُلقاة على قارعة الطريق لا فائدة منها يقذف الناس بالقروش المعدودة؟ وهذه الأحكام ضد حقوق الإنسان، امتلاك الإنسان لجسده، وكما هو في الفلسفة الوجودية المعاصرة، الإنسان هو الجسد وليس الروح.
ولما كانت الثقافة المعاصرة قد نشطت في العصر الحديث في القرون الأربعة الأخيرة، وضمَّت جميع الاتجاهات الفلسفية؛ العقلية، والتجريبية، والإنسانية، وكانت حضارتنا في طور الشروح والملخصات وبدايات الإصلاح والنهضة؛ انتقلت الحضارة من المركز إلى الأطراف، ومن الحضارة الغربية إلى الحضارة الإسلامية، وعن طريق الترجمة التي كثرت فيها الألفاظ المعرَّبة، خاصة في علوم الاتصال الحديثة. فحدث مركب عظمة في الغرب، ومركب نقص في الشرق. وأصبح المثقف إن لم يحل في ثقافته إحالات من الثقافة الغربية، وإن لم يستعمل بعض الألفاظ المعرَّبة مثل «أبستمولوجيا»، «أنطولوجيا»، «أنثربولوجيا» بدلًا من «المعرفة»، و«الوجود»، و«الإنسانيات» فإنه لا يُصبح مثقفًا.
لذلك وجب إنشاء «علم الاستغراب» في مقابل «علم الاستشراق» حتى يتحول العربي الإسلامي الشرقي من موضوع للدراسة إلى ذاتٍ دارسة، ويتحول الغربي، الأوروبي والأمريكي، من ذاتٍ دارسة إلى موضوع للدراسة. فينخفض مركَّب العظمة في الغرب، ويرتفع مركَّب النقص في الشرق، ويتساويان، حينئذٍ يمكن الحوار بين الشرق والغرب.
وهنا فقط تكتمل حركة التحرر الوطني، من الاستقلال العسكري إلى الاستقلال الثقافي أيضًا.
وصدر التفسير الموضوعي للقرآن الكريم لمعرفة العلاقة بين الفكر والواقع وليس كنظرية في التفسير فقط بل كنسقٍ فلسفي مؤيَّد بالآيات القرآنية، يكون في مركزه الجسد، ثم نشأة الإدراك الحسي، ثم التفكير العقلي، ثم الإحساس بالزمن، ثم تحليل العواطف والانفعالات، والصلة بين الأنا والآخر، والفرد والمجتمع، والحاضر والمستقبل، والوعي والتاريخ. فهو كتابٌ فلسفي وإن كان عنوانه «التفسير» يصف الإنسان في العالم ومع الآخر.
وقد يصدر في العام القادم إذا ما كان الوعي ما زال يقظًا، تفسير شعوري للقرآن الكريم، لاستخراج ما يختبره الوعي ويحسُّه تجاه بعض الآيات فتهزه، ثم تجمع هذه المشاعر في نسقٍ لم يتم التفكير فيه بعدُ، مثلًا وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا فالآية تشير إلى فراغ الفؤاد وفراغ الشعور بعد أن ألقت أم موسى بطفلها في النهر، وهو ما سُمي في علم الظاهريات: فراغ الشعور، وملء الشعور، ووضع الطفل «الشيء» وعدم إصدار حُكم عليه بالوجود أو العدم.
ولما كان مشروع «التراث والتجديد» مشروعًا علميًّا خالصًا لا يقدر عليه إلا المتخصصون حوَّلتُه إلى مستوًى آخر وهو المستوى الثقافي الذي يستطيع من خلاله جميع المثقفين الاطلاع عليه، وذلك في مؤلفات مثل «قضايا معاصرة» جزءان: الأول في فكرنا العربي المعاصر، والثاني في الفكر الغربي المعاصر؛ لإبراز العلاقة بين الأنا والآخر.
ثم صدر «هموم الفكر والوطن» جزءان، لبيان أن العلم هو علمٌ ثقافيٌّ حضاري بالضرورة، علمٌ عملي يرتبط بهموم الفكر والوطن. ثم صدر «حصار الزمن» ثلاثة أجزاء، لوصف الثقافة العربية المحاصَرة بين أضلاعها الثلاثة؛ الماضي، والحاضر، والمستقبل.
كما صدر أيضًا «الواقع العربي المعاصر» استكمالًا لقضايا معاصرة، كما صدر أيضًا «الوحي والواقع» في دمشق، وكان في الأصل عدة مقالات في جريدة الوطن الكويتية من خلال الصفحة الثقافية بها قبل أن تتوقف.
ولما كانت طبقة المثقفين ما زالت محاصرة بين النخبة والجماهير كان لزامًا عليَّ تحويل مشروع «التراث والتجديد» العلمي من مستواه العلمي إلى المستوى الثقافي وتحويل المشروع الثقافي إلى مشروعٍ سياسي للجماهير، حتى يكون أكثر تأثيرًا في الحياة العامة طالما أنني لا أتحدث إلى الإعلام ليس خوفًا بل اتقاءً للإثارة. فصدر «الدين والثورة في مصر ١٩٥٢–١٩٨١م» وهو تجميع لمقالاتٍ صحفية في جوٍّ هادئ لتنوير الجماهير وجعلها أكثر وعيًا للمطالبة بحقوقها. وهو ثمانية أجزاء: «الدين والتحرر الوطني»، «الدين والتحرر الثقافي»، «الدين والتنمية القومية»، «الدين والوحدة العربية»، «الحركات الإسلامية المعاصرة» «الأصولية الإسلامية»، «اليمين واليسار في الفكر الديني»، «اليسار الإسلامي والوحدة الوطنية».
كما صدر «جذور التسلط وآفاق الحرية» إجابة على سؤال: لماذا نحن لسنا أحرارًا؟
كما صدر «من منهاتن إلى بغداد» عن الغزو الأمريكي للعراق، وصدر أيضًا «الثورة المصرية في أعوامها الخمسة الأولى ٢٠١١–٢٠١٥». و«الثورة المصرية في أعوامها السادس والسابع والثامن».
وصدرت «ذكريات» الجزء الأول، تروي حياة المؤلف من طفولته حتى مرحلته الحالية. كما صدرت: «نظرية الدوائر الثلاث» عن العالم الثالث.
وأخيرًا صدر «أمريكا، الأسطورة والحقيقة» لمحاولة تقليل الهجرة للولايات المتحدة الأمريكية لما فيها من طغيان، واستبداد، ورأسمالية، وعنصرية، وسيطرة أجهزة الأمن على الحياة العامة.
ويصدر الآن «الفكر الوطني في العالم الثالث» ثلاثة أجزاء؛ الجزء الأول: أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. والثاني، مصر والوطن العربي والعروبة والإسلام. والثالث، الإصلاح والنهضة، والصحوة الآسيوية، والثورة الإسلامية.
والآن يصدر هذا الجزء الثاني من «ذكريات» طبقًا للموضوعات وليس لمراحل الحياة مثل: الفقر السعيد، اكتشاف المواهب، الحب العذري، القضاء والمحاكمات، الاضطهاد العلمي، الدين والسياسة، العلم والعالم، التأليف والمؤلفات، المساعدون والمساعدات، العواطف والانفعالات، ضعف الجسد، مشروعات المستقبل.
ومن المؤلفات المساعدة لمشروع «التراث والتجديد» في مستواه الثقافي، جمال الدين الأفغاني «فيلسوف الثورة» لإعجابي به منذ أن كنتُ في المدرسة الثانوية ثم في الجامعة المصرية، وعباراته التي ما زالت ترنُّ في الآذان مثل عبارة أحمد لطفي السيد «مصر للمصريين.» والتي أصبحت شعارًا للتحرر الوطني، ثم «إن الله خلقنا أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا، والله لا نورث بعد اليوم.» وهي العبارة التي أطلقها أحمد عرابي أمام قصر عابدين عند مواجهة الخديوي توفيق، و«عجبت لك أيها الفلاح تشقُّ الأرض بفأسك، ولا تشقُّ قلب ظالمك» والتي تنادي بثورة الفلاحين ضد الإقطاع، و«الأرض لمن يفلحها» وهي العبارة التي أقامت عليها الثورة المصرية في يوليو ١٩٥٢م قانون الإصلاح الزراعي. ومع ذلك أخطأ الأفغاني في الرد على الدهريين بهجومه على «الماترياليست»، «السوسياليست»، «الكومونيست». فقد كانت هذه الصورة لهذه المذاهب في القرن التاسع عشر. ولم يعرف الأفغاني أن المادية هي أساس الرأسمالية أيضًا، وأن الاشتراكية في الإسلام، وأن الشيوعية نوع من الاشتراكية.
ومن الكتب الثقافية المساعدة «دراسات إسلامية» وبها محاولة للإجابة على ثلاثة أسئلة: لماذا غاب مبحث الإنسان في تراثنا القديم؟ ولماذا غاب مبحث التاريخ في تراثنا القديم؟ وعلم أصول الفقه.
وأيضا كتاب «دراسات فلسفية» يحتوي دراسات عن فلسفة السؤال، وماهية النص، و«ثورة الجماهير» عند أورتيجا، و«جوهر الدين» عند فيورباخ، وغيرها من المقالات الفلسفية في الفلسفة الغربية.
كما صدر أيضًا كتاب «فيشته، فيلسوف المقاومة». وقد كان إعجابي به منذ السنة الثالثة في قسم الفلسفة بآداب القاهرة. كان قد أصدر نداءات للأمة الألمانية لمقاومة غزو نابليون لألمانيا.
وأخيرًا كتب برجسون «منبعا الأخلاق والدين» مبينًا أن هناك نوعَين من الأخلاق والدين؛ الأول ثابتٌ شكلي مظهري لا حياة فيه. والثاني جوهري مملوء بالحياة. وهو ما عبَّرتُ عنه بعد ذلك في كتابي «من العقيدة إلى الثورة»؛ فالعقيدة من النوع الأول، والثورة من النوع الثاني. وتدور معظم أعمال برجسون على هذا التصور «الثابت والمتحرك» مثل كتاب «الديمومة والمعية» في تحليل الزمان. فهناك فرق بين الديمومة عندما يتواصل فيها زمانان، والمعية عندما يتعاقب فيها زمانان. فالزمان إما متصل أو منفصل، المتصل هو الحياة، والمنفصل هو الموت.
كما كتب برجسون عن «الضحك» متسائلًا: لماذا يضحك الإنسان؟ وكانت الإجابة عندما يتوقع الإنسانُ المتحركَ فيفاجأ بالثابت، مثل مشاهدة إنسان يسير ثم ينزلق على الأرض كما هو الحال في الكوميديا على المسرح.
وقد أجريتُ حوارًا بعنوان «حوار المشرق والمغرب» مع محمد عابد الجابري بناءً على اقتراح قدَّمته جريدة اليوم السابع في باريس. فتبادلنا الرسائل في عدة موضوعات فكرية وفلسفية واجتماعية وسياسية. كان لها كبير الأثر على الجمهور، وجُمعت الحوارات في كتاب صدر في المغرب وكانت له عدة طبعات في بيروت وعمان والقاهرة.
وتكرر الحوار بيني وبين أبي يعرب المرزوقي صاحب كتاب «إصلاح العقل» في تونس، لم يكن له نفس الشهرة التي نالها الحوار الأول؛ فالتقليد دائمًا له جذبٌ أقل من الإبداع.
وكانت لي مقالات عديدة باللغة الإنجليزية. جُمعت في كتابَين وكل كتاب جزءان: الأول «الإسلام في العصر الحديث»، الجزء الأول «التراث والثورة والحضارة»؛ والثاني «الدين والأيديولوجيا والتنمية». والكتاب الثاني «الحضارات والمدنيات، في صراع أم في حوار؟» وقد صدر في جزأين: الأول ثقافة البحر الأبيض المتوسط. والثاني الإبداع الحضاري والحوار الديني.
وقد تُرجمت هذه المؤلفات إلى العديد من اللغات الأجنبية مثل «التراث والتجديد» باللغة التركية وحوار «المشرق والمغرب» باللغتين الفرنسية والألمانية.
كما صدرت عدة دراسات عن المشروع بالعربية مثل: «حسن حنفي في عيد ميلاده الستين» يحتوي على عدة مقالات من الأساتذة المصريين والعرب تحت إشراف أحمد عبد الحليم.
وأيضًا «كاهن الفلسفة» تحت إشراف قيس الجوادي مندوب العراق لدى الجامعة العربية.
كما صدر كتاب «حسن حنفي في عيد ميلاده الخامس والثمانين» تحت إشراف مصطفى النشار.
كما تم إصدار عدة رسائل عن فكري وفلسفتي بالعربية، رسائل ماجستير مقدمة من جامعة طنطا، وطُبعت وصدرت الرسالة عن «التراث والتجديد عند حسن حنفي» في الجزائر وفي الأردن.
كما صدرت رسالة دكتوراه للأستاذ الهولندي مارين فان ديربوم في جامعة أمستردام الحرة بهولندا بعنوان «تحرير الإنسان عند حسن حنفي».
وباقي الإصدارات عن فكري وفلسفتي موجودة ويمكن الرجوع إليها على المكتبات الإلكترونية بشبكة الإنترنت.