العصر الأموي (٦٤–١١٠)
في هذا العصر نظم شعراء عديدون وأكثرهم أنصار بني أمية؛ لأنهم — كما قلنا — «أصحاب بيت المال».
- الهجاء: نحا الهجاء في هذا العصر نحوًا جديدًا.
- (١) فيه فخر وإشادة بفضائل قبيلة الشاعر في الجاهلية والإسلام.
- (٢) ذم وتشهير بالمهجو وقبيلته في القديم والجديد.
«هذا الشعر، أي النوع الثاني منه، بذيء» انتهك حرمة الدين والعرض، ولكنه مصدر تاريخي لحياة العرب في جاهليتهم، ومرآة صادقة لحياة فريق من العرب.
وهذا الشعر على وقاحته وبذاءته، حفظ اللغة أيضًا من الضياع.
(١) شعراء البلاط الأموي
(١-١) الأخطل
شاعر وقف فنه وحياته على السياسة، واشترك في فنون أخرى من الشعر حتى عُدَّ من زعماء الشعراء السياسيين، ومن فحول الشعراء الإسلاميين بوجه عام.
-
حياته: ولد في قبيلة تغلب التي تسكن الجزيرة والعراق، وكانت قوية عزيزة شديدة البأس، فلم
تدخل فيما دخل فيه العرب كافة من الإسلام، ولم تنزل عن نصرانيتها حين دهمتها جيوش
المسلمين، فبقيت على نصرانيتها وأقرَّها عمر على ذلك، ورضي بالجزية، وظلت هي تؤديها كل
عام.
نشأ بدويًّا، وقال الشعر طفلًا، كما روي أنه هجا امرأة أبيه، وقضى شبابه يقول الشعر في حوادث البادية.
ولما كانت أيام معاوية وظهر الشر بين الأمويين والأنصار احتاج يزيد إلى من يهجوهم، فَدُلَّ على الأخطل، ففعل بعد أن نكل غيره عن ذلك، فطار صيته بذلك.
ناضل عن بني أمية شاعرًا مأجورًا يريد الاتصال ببلاط الخليفة، وناضل الزبيريين أيام عبد الملك دفاعًا عن قبيلته ومكانتها، فكان في ذلك بالطبع مخلصًا غير مأجور.
فهو تغلبي من ربيعة. وفي الإسلام جاءت قبائل مضرية من قيس، فزاحمت ربيعة في الجزيرة وشمالي الشام كما زاحمت العرب اليمانية.
فهذه القبائل القيسية المضرية مالت مع ابن الزبير على بني أمية، فاتفقت بذلك مصلحة الأمويين واليمنيين والتغلبين على محاربة القيسية والمضرية في الشام والجزيرة والعراق حتى انتصر عبد الملك على مصعب بن الزبير.
-
شعره: لهذا كان شعر الأخطل ذا مظهرين مختلفين:
- (١) الدفاع عن حزب بني أمية والنضال عن وطنهم.
- (٢) النضال عن قبيلته تغلب وحلفائها من عرب اليمن المقيمين في الشام، وألحَّ في هجاء القيسيين خاصة والمضريين عامة.
كانت حياته سببًا لتفوقه في فنون الشعر، فلم يلحقه بها شاعر من معاصريه، فاتصاله بالقصر وانقطاعه للأمراء والخلفاء جعلاه أمدح أهل عصره للملوك، وبحكم هذا الاتصال كان أمهر الشعراء السياسيين.
وبحكم حياته الخاصة القبائلية واشتراكه الفعلي بما يعرض لها من حرب وسلم كان أقدر أهل عصره على وصف الحرب وتصوير ما يعرض فيها من هزيمة وانتصار.
كان شرِّيب خمر، يسرف في شربها ويستعين بها على قول الشعر، ولذلك كان أقدر أهل عصره على وصفها وأبرعهم فيه.
وأشهر قصائده التي تجمع كل فنون الشعر المتقدم ذكرها، هي التي مدح بها عبد الملك بعد انتصاره على مصعب، وكان لها في الأدب العربي وحياة القبائل العربية شأن عظيم. (القصيدة مشهورة مطلعها: خف القطين …)
وخصومة قبيلة الأخطل لقيس اضطرته إلى هجو جرير الذي كان يدافع عن قيس بلسانه، فأصبح الأخطل بهذا من شعراء النقائض، ونبه شأنه في الهجاء.
أما هجوه فمعتدل أكثر من هجاء صاحبيه.
ثم مات الأخطل في أيام الوليد شيخًا، واستطاع أن يكسب لنفسه مركز الزعيم السياسي في قومه وعند الخلفاء الذين نادوا به: شاعر بني أمية.
- آثاره: لا يسهل عليه النظم إلا إذا سكر.
-
ومن آثاره الهجاء: هجا كعب بن جعيد شاعر تغلب وصار هو شاعرها.
هجا جريرًا والأنصار والفرزدق، وهجا الإسلام وبني تميم.
- المدح: مدح بني أمية فصار شاعرهم؛ وبخاصة عبد الملك.
- الوصف: وصف الخمرة والسكران والحرب.
-
قيمته: كثير الاعتناء بشعره، يختار أجود ما نظم، يبقي الثلاثين من التسعين، يمعن في إخراج
صوره حتى تأتي كاملة.
بقي سنة على نظم «خف القطين …» تلك القصيدة الجامعة التي تفوق المعلقات تماسكًا وتسلسلًا.
قال فيه حماد: شعره حبَّب إليَّ النصرانية.
وقال جرير: أدركته وله ناب، ولو أدركته وله نابان لأكلني.
- الثلاثة: الأخطل وجرير والفرزدق، شغلوا العصر الأموي فاهتمَّ الناس بتفضيل أحدهم على صاحبيه، وكان لكل شاعر حزب يفضله … وكثيرون قالوا في حياتهم: هم طبقة واحدة. أما بعد موت الأحزاب، ففضل العلماء عامة والنحاة خاصة الأخطل للأسباب الآتية: جزالة لفظ، فخامة عبارة، صحة تراكيب، وطول النفَس. أما استمراره على المتانة في القصيدة كلها فيذكرنا بالنابغة وزهير.
-
أشعر العرب: أُعجِب العرب المعاصرون جميعًا بأبيات الأخطل في مدح بني أمية «حُشْدٌ على الحق»
وعدُّوه فيها أشعر العرب.
وفي هذه القصيدة يمتن الأخطل على الخليفة بنصر قبيلته له فيقول:
وقد نُصرتَ أمير المؤمنين بنالما أتاك ببطن الغوطة الخبرأما نصرانيته فلا أدري ما مقدار عمقها، وأرى عمله فيها لا يتفق مع ما يروى عن تأثير الكهنة: يروون أنه كان عرضة للقصاص الديني إذا أذنب، ومن جهة أخرى نقرأ أنه فعل ما لا يجوز للنصراني فعله من سكر وطلاق، فأين كان القسس؟ ثم أي مسيحي هو ذاك الذي يحلف بالصليب والقربان تارةً، وحينًا باللات والعزى وبرب الراقصات؟!
(١-٢) الفرزدق
قلنا إن الشعر تطور في هذا العصر؛ عصر صدر الإسلام، ونُهج فيه مناهج جديدة.
إلا أن ثلاثة من الشعراء كانوا محتفظين بالسنَّة الجاهلية القديمة، فيقصدون إلى أنواع الشعر كلها خاضعين للتطور الجديد فيها؛ وهم الأخطل وجرير والفرزدق.
- الفرزدق: سمي بذلك لجهومة في وجهه، ومعناها: الرغيف.
-
حياته: أبو فراس همام بن غالب، دارمي تميمي، قال الشعر صغيرًا، عندما كان طفلًا يرعى
الغنم.
نشأ بالبصرة بين فصحاء العرب، فلم تشُبْ لغته عجمة ولا لحن.
نشأ كالأخطل من قبيلة عديدة عزيزة مثرية، أسرته الخاصة أقوى التميميين، كريمة إلى حد الإسراف، فورث الفرزدق عنها البأس والعزة والنفور من كل سلطة.
كان شكسًا محبًّا للخصومة، يهجو الأفراد والجماعات، رُفع أمره لزياد ففر تاركًا العراق لاجئًا إلى الجزيرة حيث مدح عمرو بن العاص وأجاره. ولما مات زياد عاد إلى وطنه وظل فيه حتى مات معاوية ويزيد واشتد الاضطراب وفسدت الدولة، فكان الفرزدق شكسًا شديد الشكيمة، عجزت السلطات عن تقويمه وإمالته إلى الاعتدال.
ولكن ظهور جرير اضطره إلى التفكر قبل القول، وأجبره على تجويد الشعر والعناية به.
-
وفاؤه: ثابت الرأي، لا يميل مع الأهواء، وفيٌّ لآل البيت حتى مات.
طبع ديوانه في بيروت ٩١٠، نقل إلى الإفرنسية بعناية المستشرق «بوشه».
- أغراض شعره: المديح، الهجاء، الوصف.
- المديح: مدح آل البيت؛ خاصة زين العابدين، مدح عمر بن عبد العزيز، وكان ينتجع الخلفاء الأمويين فيمدحهم وينال جوائزهم.
- الهجاء: هجا عبد الملك وزيادًا والحجاج وقبائل عديدة، والهجاء موضوعه الخاص، وأشهر مهاجاته مع جرير.
- الوصف: قليل ولكنه تام، وهو في مواضيع مبتذلة كالخمر. أما قصيدته في وصف الذئب فرائعة على صغرها. وهو يجيد القصص في شعره كما نرى في هجو إبليس.
-
قيمة شعره: فخم العبارة، جزل اللفظ، كثير الغريب، وله تعابير خاصة. فيه تعقيد بسبب التقديم
والتأخير والفصل والوصل، أساليب كثيرة متنوعة وتراكيب مختلفة، ومعاني دقيقة أشغلت
العلماء اللغويين والنحاة فأعجبوا بها، وقاسوا عليها في علمهم.
يكاد يشغل الفخر كل عواطفه، فيفتخر بين يدي الملوك ولو حُرِم عطاياهم وأحالوه على أبائه وأجداده، كما حدث حين أنشد سليمان بن عبد الملك:
إذا استوضحوا نارًا يقولون ليتهاوقد خصِرت أيديهم، نار غالبفغضب سليمان بن عبد الملك، وأحاله على أبيه وألحقه بناره.
ومن جيد مدحه: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته …
وقصارى الكلام، أن شعر الفرزدق بعيد عن العواطف الرقيقة بعكس صاحبه جرير.
-
فنه في الألفاظ: أكثر من استعمال الجوازات والأغلاط النحوية، فصارت عبئًا ثقيلًا على عاتقنا.
ميال إلى القصائد الصغيرة لسرعة تداولها.
وكثيرًا ما سرق شعرًا وادعاه، وفي هذا روايات عديدة.
(١-٣) جرير
-
نسبه وحياته: أبو حرزة جرير بن عطية بن الخطفي التميمي اليربوعي، ولد باليمامة من بيت شعر، ونشأ
بالبادية، وكان ينزل على من في البصرة من قومه حين يؤمها.
رأى منزلة الفرزدق وما كسبه من الشعر فودَّ لو جاراه، وحمَّسه قومه على ذلك إعلاءً لشأنهم، فوقعت بينهما المهاجاة عشر سنين، كان في أثنائها جرير في البادية، فما زال بنو يربوع بشاعرهم حتى أقدموه البصرة، فاتصل بالحجاج فأكرمه، وطار صيته حتى حسد عبد الملك الحجاج عليه.
وحرش الفرزدق بين جرير والشعراء كلهم وأغراهم عليه بالمال، فنُصب له منهم ثمانون شاعرًا، فأخرسهم جرير كلهم، ولم يثبت له إلا الفرزدق والأخطل. ثم مات الأخطل وظل الفرزدق وجرير يتسابَّان طول حياتهما، إلا مدة قليلة تنسَّك فيها الفرزدق وتاب. ثم مات وجريرًا في عام واحد سنة ١١٤٠، وليس بينهما إلا ستة أشهر.
- أخلاقه: عفيف، ديِّن، فخور، رقيق الطبع، أنوف، متعنت يحب الخصام.
- آثاره: ديوانه. فيه المديح، يمدح ممدوحه مدحًا دينيًّا أكثر منه دنيويًّا، والعاطفة الدينية قوية في كل شعره.
-
الهجاء: شديد الهجاء خبيثه، سفيهه. وقائعه كثيرة مع شعراء عصره. غضب على الأخطل لحكمه، وعلى
الراعي لتفضيله الفرزدق عليه، فهجاه وهجا قومه بني نمير، فكان ذلك سببًا لطرد الراعي
من
بلاده، ومهاجرة أهله للبصرة.
قد تفوَّق في هذا الباب، ولم يكن تعففه يمنعه عن الفحش والإقذاع.
- أسلوبه: غير أسلوب الفرزدق، فالفرزدق يعلي نفسه ويوطي خصمه، أما جرير فيتبع مثالب خصمه واحدة فواحدة، وإن لم تكن خَلَقَها؛ كهجوه الفرزدق: يعيِّره بالجبن، يذكِّره بطرده من المدينة، يتهمه بالنصرانية. ولنشأته التي نلخصها لك تأثير في تكوين هذه الصفات.
-
محيطه: أصغر من الفرزدق سنًّا، وقبيلته دون قبيلة الفرزدق عزة، أسرته فقيرة، لا شهرة لها
ولا حسب بالنسبة للفرزدق، كان أبوه معدمًا فقيرًا فنشأ بائسًا ضعيفًا، فأعانه ذلك على
التفوق والنبوغ، فاشتد في الخصام على مقارعيه، فغلبهم.
كان الهجاء أولًا بينه وبين البعيث من رهط الفرزدق. دافع الفرزدق عن البعيث فانبرى له جرير، وانصرفا لبعضهما.
تجاوزت خصومتهما حدود الأخلاق والدين والأدب، وعجزت كل السلطات عن إيقافها، واهتم لها الناس كثيرًا، فدامت أربعين سنة، وهي تتناول كل مناحي الشعر العربي وأغراضه؛ ولا سيما الهجاء.
أقوال المعاصرين في جرير
- الأصمعي: لعل جريرًا أول الثلاثة في الهجاء المُرِّ.
- الفرزدق: قاتله الله! ما أحسن ناحيته وأشرد قافيته! والله، لو تركوه لأبكى العجوز على شبابها، والشابة على أحبابها، ولكنهم هروه فوجدوه عند الهراج ناجحًا، وعند الجد قادحًا.
- الحجاج: «إنه لجرو هواش.» فلو لم ينصرف إلى مقارعة الشعراء لما ترك بابًا من الشعر إلا قرعه؛ لما عنده من النزعات الشعرية التي ظهرت في شعره.
-
قيمة شعره: سهل الألفاظ أكثر من مناظريه، أكثر تلاعبًا بفنون الشعر، متأثر بالدين، ولذلك قال
فيه الأخطل: جرير يغرف من بحر.
ميله غريب إلى الهجو، بدليل ما قاله فيه الحجاج.
قال الفخر بكبرياء وقد نظم في ذلك.
أنسب صاحبيه وأرقهما عاطفة، وهما يعترفان له بذلك.
أقلهم كلفة، وأرقهم ديباجة ولفظًا، وأكثرهم فنون شعر. يتفرد بالرثاء الذي لم يحسنه الأخطل والفرزدق.
(١-٤) المقارنة
الناس مختلفون على تقديم أحدهم على الآخر، ولكنهم متفقون على أن الفرزدق انفرد في الفخر، وجرير تفوق في الهجاء، وحظ الفرزدق دون حظ جرير من الغزل، والرثاء لجرير. والأخطل تفوق بالمدح ووصف الخمرة.
فشعر الفرزدق صلب خشن الألفاظ، غليظ المعاني في أكثر الأحيان، لفظه ثقيل في الأذن، معانيه بدوية جافية. وفي شعر جرير رقة وعذوبة، ومعانيه محبوبة. الفرزدق فاجر، صافي الغزل، جرير عفيف حلو النسيب. الفرزدق يميل بهجوه إلى الفخر، وجرير مائل بهجوه للذع والعبث والسخر.
الفرزدق ينظر إلى نفسه فيكبرها ويحقر خصمه، وجرير يستقصي عيوب خصمه وإن لم يجد اخترع.
-
أبو عمرو بن العلاء: رأيه في الثلاثة: يشبِّه جريرًا بالأعشى، والفرزدق بزهير، والأخطل بالنابغة. أما
الفقرة الحكمية فهي في قول الشاعر:
ذهب الفرزدق بالفخار وإنماحلو الكلام ومره لجريرِولقد هجا فأمضَّ شاعر تغلبٍوحوى اللهى بمديحه المشهورِ
(١-٥) النقائض
سميت كذلك من النقض؛ أي إنه على الشاعر أن يرد على خصمه بقصيدة من وزن قصيدته وقافيتها. وهذا النوع شاع كثيرًا في العصر الأموي، وقد كان قبله ولكن قليلًا، وغير مطرد، فكان يعرض الشاعر لمعاني خصمه فيقبلها أو يفسدها أو ينفيها.
فأول قصيدة عرض فيها الفرزدق لجرير يائية أولها:
ثم يذكر حبه ولوعته لفراقها، ثم يستطرد إلى البعيث الذي استعان به على جرير، فهجاه هجوًا مرًّا مقذعًا، ووصفه بالضعف والجبن وسوء النسب.
ثم انتقل إلى جرير فشتمه ووصفه بالذل والقلة، وفخر عليه بحسبه ونسبه، فرد عليه جرير بيائية مطلعها «من الوزن والقافية»:
فيها غزل طويل يصور نفسًا معذبة بالحب. ثم عاتب أسرته الأدنين لإساءتهم إليه وخذلهم إياه. ثم عرض لأسرة الفرزدق وهجاها لأنها أسرة صناع قيون، لا شرف لهم ولا بلاء، وفخر بقومه قليلًا وبنفسه كثيرًا، ووصف خصومه بالغدر وإسلام الجار.
كلُّ تهاجي الأخطل وجرير والفرزدق على هذا النحو، ففي هذا الشعر جناية على الأدب والأخلاق والأعراض والدين، إلا أنه — كما سبق فقلنا — مصدر تاريخي لحياة العرب يوثق به، وله فضل حفظ اللغة من الضياع، آه.
(١-٦) شذرات من النقائض
قال الفرزدق، وهي أول قصيدة تعرَّض فيها لجرير وقومه بني الخطفي:
إلى أن يقول هاجيًا:
فرد عليه جرير:
إلى أن يقول:
ميميتهما
قال الفرزدق:
فأجابه جرير:
فائيتهما
قال الفرزدق:
فقال جرير:
نونية الثلاثه
قال الأخطل:
وقال الفرزدق:
فأجابهما جرير:
رائيتهما
قال جرير:
فأجابه الأخطل:
لاميتهما
قال جرير:
إلى أن يقول:
فأجابه الأخطل:
(١-٧) عمر بن أبي ربيعة
أنال عمر بن أبي ربيعة هذه الشهرة الواسعة طريقُهُ الخاص الذي شقَّه لنفسه فاستمال الناس، والناس ميالون إلى محاكاة الطبيعة وتمثيلها، إن كان في الشعر أو في التصوير أو في غير ذلك من الفنون.
فبين شعراء العرب من يفوقونه ديباجة ورقة ومتانة، ولكن أسلوبه الذي اهتدى إليه خلع عليه هذا الخلود الفني في الأدب العربي؛ ولا سيما أنه جعل الغزل فنًّا مستقلًّا، بل قل «مهنة»، ولمَ لا يكون ذلك وقد اجتمعت بعمر المفاسد الثلاث: الفراغ والشباب والجدة؟!
فهو في شعره يمثل لنا — كما قلنا — دورًا يمثل كل يوم. ومما جعل لعمر هذه القيمة الفنية أنه ممثل غير متكلف، على غير ما تراه عند سواه من الشعراء الغزليين الذين جاءوا بعده؛ فإنهم يتكلفون فيما يصورونه لنا من عواطفهم.
فشعره يمثل لنا السذاجة البدوية ولون الحضارة الجديدة، ذلك اللون الجديد «الخفيف» الذي لا يبهر العين فتكرهه ككل لون «غامق» شديد.
يمثل حياة المترفين في الحجاز، بل حياة الطبقة العليا الهادئة الفارغة، وهو لم يتعرض للسياسة. ساعده على اختيار هذا الباب من الشعر غناه، فهو غني وابن غني، ولأبيه ضلع في الحكم على عهد أبي بكر وعمر، عنده مال كثير ورقيق عديد ورثه. فأحد المسلمين عرض على النبي أن يستعين بأحباش ابن أبي ربيعه في إحدى غزواته.
إن شعر عمر يمثل لنا صلة الرجل والمرأة الثريين في ذلك الزمان أصدق تمثيل، وهذه الصلة لا تخلو في كل زمان من لهو ودعابة وعبث وفكاهة. إن مداعبته العابثة لثريا بنت علي بن عبد الله كانت السبب في تسويد سنَّيه، بعد ضربة كفٍّ أكلها من يدها المباركة خواتمها …
كان لا يهمه من المرأة إلا جمالها، فما رأيناه يذكر لنا نفسها ولا جمالها المعنوي، ولا عجب في ذلك؛ فقد كان على ما يظهر من شعره سطحي الحب، ينتقل من زهرة إلى زهرة؛ ولذا لم يصف في شعره إلا الجمال الجسدي الذي كان يراه المثل الأعلى للأنثى، وهو لم يحدثنا إلا عن الميول والأهواء الطبيعية والأشياء التي يعرفها الإنسان بالغريزة، فكل بحثه تقريبًا يحوم حول العلاقة الجنسية التي هي في نظره — على ما أظن — كل الغاية من وجود الأنثى.
لقد وصف المرأة وتغنَّى بجمالها وتأثيرها فيه وفي حياته، كما أنه كان يفهم موسم الحج معرضًا للجمال — كما يفهم أكثر شباننا اليوم بعض الاجتماعات الدينية — فيتزين عند بدء الموسم كما يتزينون، ويترصد كما يترصدون، ويلقي في آذان المارات كما يلقون.
إن عمر حسي صادق مع تنقل دائم، وأما شعره فتطور، بدليل ما قاله عنه جرير: «ما زال هذا القرشي يهذي حتى قال الشعر.»
يختلف شعر عمر عن شعر المحرومين القليلي الحظ، فهو غير شقي في حبه ولا تاعس الجد ولا بكَّاء، فنقرأ في سطوره دلائل المسرة والابتهاج، وكأني أرى الابتسامة على فمه حين يصف لنا ما يصف، ثم لم يشعر بفناء ما عشقه إلا في آخر العمر.
يتكلم كمن يشعر بقوة وسلطان على النساء. ونستطيع أن نقول إن آثار الابتهار بادية في شعره. ولماذا لا يبتهر وهو القرشي نسبًا، ماله كثير وشبابه رائع ومنطقه فصيح، وشعره خلاب، منصرف إلى عمله … كل الانصراف، هذا العمل الذي أسميناه «مهنته».
والذي أذاع شعره وحفظه من الضياع — بخلاف شعر جميل — مصادفته هوى النفوس، وموافقته ميول الناس. والحب حديث البشرية منذ وجدت وسيظل، ولذلك وضعوا له النظم الاجتماعية والدينية التي قلما رأينا شاعرنا هذا يحترمها.
أما حظ شعره من الخيال فأراه قليلًا؛ لأنه لم يتعرض إلا لما هو مادي واقعي، وتلك حالة الشعر في زمانه، فإنهم لم يكونوا يعولون على الخيال إلا لإخراج بعض صور للتشبيه. أما هفواته اللغوية والنحوية فكثيرة.
رائيته الشهيرة
•••
•••
•••
(١-٨) جميل بن معمر
- حياته: ولد في وادي القرى بالحجاز، وشب على حب بنت عمه بثينة، فعرف بجميل بثينة وهام بها وهامت به، وقال فيها شعرًا فغضب أهلها ولم يزوجوه إياها، فهجاهم، فاستعْدَوا عليه مروان بن الحكم والي المدينة فأهدر دمه، فذهب إلى اليمن والشام فمصر، وهناك مات.
-
شعره: صادق، من أرق الشعر العربي القديم، فهو صورة لعاطفته القوية وحبه العنيف، يصف
المشاهد والمواقف المؤثرة، ويذكر ما كان يدور من حديث بينه وبينها من حديث عفيف:
وأول ما هاج المحبة بيننابوادي بغيض يا بثينَ سبابُفقالت لنا قولًا فقلت بمثلهلكل حديث يا بثينَ جوابُ
وإذا كان عمر يمثل الغزل الإباحي، فجميل يمثل الغزل العذري العفيف.
(١-٩) بقية الشعراء
- غسان البعيث: الملقب بالراعي.
- زياد الأعجم: مر الهجاء، أخاف الفرزدق.
- الكميت بن زيد: أثر سياسيًّا، هاشمي النزعة.
- الأحوص «عبد الله محمد بن الأنصاري» حطيئة الأمويين: لقب الأحوص لضيق في مؤخر عينيه. جميل الأخلاق والأفعال، هجَّاء، ضربه ١٠٠ سوط سليمان بن عبد الملك، ونفاه إلى جزيرة دهلك في بحر اليمن.
- آثاره: أكثرها هجاء قومه ونفسه، يتعرض للناس فيخافونه. شعره سهل رقيق، لطيف الألفاظ، إلا في الهجاء فكان بذيئًا. لم يتوصل إلى مستوى الشعراء المجيدين بنمو الأفكار والتصورات.
-
الرقيات: ابن قيس الرقيات: قرشي معتز بقرشيته محب لها، يريد كل شيء لقريش، مذهبه لا يعتمد على دين، بل على
العصبية القومية. تألَّم لمصاب القرشيين وتشتتهم، وتمنى لو ظلت أيام أبي بكر
وعمر.
كره الأمويين وهجاهم لاعتزازهم باليمنية على المضرية، فناصر الزبيريين عليهم لاعتقاده أن الأمويين يعتزون بالأجنبي، وظل يناصر مصعبًا حتى قُتل مصعب، ففر إلى الكوفة واختفى عند امرأة أنصارية، وهي لا تعرفه.
أمَّنه عبد الملك ودخل عليه ومدحه فلم يسر به، فلزم عبد العزيز بن مروان والي مصر حتى مات.
- قيمته: شاعر مبتكر في الشعر السياسي، أثر شعره كثيرًا من جهة السياسة. محب للنساء، يكاد يشبب بهن جميعًا، تغزل بنساء أخصامه ولم يسئ إليهن لأنهن قرشيات. تغزل بأم البنين وأم الوليد، فغاظ عبد الملك وابنه وأرضاها؛ لأنه لم يسئ إليها، فشفعت به عند عبد الملك ونالت ما تمنت.
-
ديباجته: شعره سهل رقيق جدًّا، متأثر بمعاشرة النساء، لاحظَ هذه الرقة عبد الملك ونسبها إلى
الخنوثة، فادعى أنه إنما يتأثر بالقرآن الكريم.
أما عيوبه، فهي شذوذه عن مألوف النحو وقلة المعاني.
شعراء الرثاء
- متمم بن نويرة: يربوعي، أسلم أخوه وارتد، فقتله خالد بن الوليد، فرثاه بقصيدة هي أشهر آثاره.
-
مالك بن الري التميمي: كان لصًّا يقطع الطرق، شعر بدنو أجله فنظم قصيدة يرثي نفسه، وذلك في أثناء عوده
من خراسان حيث كان يعاون معاوية، فلدغته أفعى برجوعه.
قصيدته هذه رقيقة العاطفة والتصور والألفاظ، غير أنها قليلة الخيال.
(٢) الإنشاء الخطابي والخطباء
-
دواعي الخطابة: العربي فصيح، ذرب اللسان يحب الكلام، معجب بلغته فيطيل الكلام ويحب سماعه، يدلك على
ذلك حوار العرب ومجادلاتهم واختصامهم، ولذلك عولوا على القول واعتنوا به ليؤثروا كما
يتأثرون هم، واتخذوا الكلام سلاحًا للفوز.
ومن أسباب عنايتهم أن الدين الإسلامي اجتماعي قبل كل شيء، عني بالجماعة أشد اعتناء فجمعها في الصلاة والحج والأعياد والشورى، فاضطر الحاكم لمحادثة المحكومين وبالعكس.
وعندما ظهر الإسلام ظهر له خصوم وأنصار، فاشتد الجدال في المجتمعات، وعني بالكلام سلاح الحجة والإقناع.
وبعد موت النبي كثرت مصالح الإسلام بتكاثر الفتوح، واختلفت الآراء واحتاجوا إلى التشاور والتناظر، ثم كانت الفتن والأحزاب السياسية والخصومة والجهاد، واحتاج الزعماء إلى مشاورة أنصارهم ومجادلتهم في الآراء وتدبير الخطط.
ولما ضعف أمر الأحزاب وأغمدت السيوف، سلت الألسنة مكانها فكان المعارضون الأذكياء، فاضطر الخلفاء أن يدافعوا عن سياستهم حينًا باللسان وأحيانًا بالسيف.
كل هذه الظروف جعلت حظ العرب من الخطابة في هذا العصر وافرًا، ولم تبلغ أمة قديمة هذا المبلغ إلا اليونان والرومان. وأسبابها عندهما تشبه أسبابها عند العرب، فالخطابة لا تقوى إلا في البيئات التي يعظم حظها من الحياة الاجتماعية من جهة، ويعترف فيها بحرية الفرد من جهة ثانية. وهذان الأمران ضمنهما الإسلام للعرب، فكرامة الفرد كانت فيه موفورة، وقد لاءم بين حرية الفرد وسلطة الحكومة.
وحدَّة طباع العرب ومزاجهم وفصاحتهم وخصب شعورهم؛ أظهر فيهم خطباء مفوهين، ولم يضعف أمر الخطابة إلا عندما فسد هذا النظام في العصر العباسي فتجاوز سلطان الدولة حد الاعتدال وأفنى حرية الفرد أو كاد.
-
لغة الخطابة: كانت أولًا ساذجة لا تمتاز عن لغة التخاطب إلا بعناية يبذلها كل من يحاول الإقناع
والتأثير، ولما كثر النزاع والجدال اشتدت العناية باختيار الألفاظ والأساليب التي تساعد
على الإقناع والفوز.
وكان مثلهم الأعلى القرآن الكريم الاجتماعي بكل معنى الكلمة، فكله موجَّه إلى الجماعة.
لقد كانوا شاهدوا واختبروا تأثيره في نفوسهم ونفوس من تقدمهم فتأثروا به واقتبسوا منه، فأكسبهم قوة ولينًا لم يكونا في خطابة من تقدمهم.
فالخطابة العربية الإسلامية تمتاز بروعة القرآن وجاذبيته التي تحبب إليك السماع، وإذا قرأت خطيبًا من هؤلاء الخطباء المعدودين تحسب أنك تسمعه فتحبه، أو تخافه فتفزع منه، ولكنك في الحالين تحب سماعه. فإذا بحثت عن السبب وجدت أكثره من تأثر الخطباء بالقرآن وتحديهم له واقتباس معانيه واستعارة ألفاظه.
-
عادات الخطباء: الوقوف على نشز، أو صخرة، أو منبر، أو ناقة. الاعتماد على السيف أو القوس أو المخصرة.
لا يكثرون من تحريك أجسامهم ولا يسرفون بالإشارة، لا يترددون في القول، يكرهون الاضطراب
وفساد مخارج الحروف، والتنحنح والسعال.
أول من خطب جالسًا الوليد بن عبد الملك، ولكن القيام سنة مطردة حتى اليوم.
ميزات الخطابة الإسلامية
-
(١)
روح قرآني دينًا واجتماعًا.
-
(٢)
مضاهاته بالسجع والجمل المتوازنة.
-
(٣)
الابتداء بالحمدلة.
-
(٤)
كثرة الآيات، وقد تكون مجموعة آيات، كخطبة مصعب في العراق حين دعا لمبايعة أخيه طلحة.
وهذه الخطب، منها خطب طويلة مسهبة، ومنها قصيرة موجزة. وفي كل حال لم تكن على الطريقة اليونانية والرومانية براهين وأدلة؛ لأن العربي يفهم من الإشارة ويكلم القلب أكثر من العقل.
-
الخطباء: عديدون، دعت إلى كثرتهم الظروف الآنفة الذكر، كان المطنب منهم يخطب طول النهار،
والموجز لا يتجاوز الساعة، ومنهم من لا يتكلم إلا بضع دقائق.
أما خطباء العرب في صدر الإسلام والعصر الأموي فهم:
أبو بكر الصديق
أعلم العرب بالأنساب والأيام والمفاخر، صاحب النبي وأول مؤمن به.
ولي الخلافة بعده، وأول خطبه خطبة السقيفة عندما دب الشقاق بأهل المدينة، حتى كادت تحصل ثورة أهلية.
سمتها: قصيرة، قوية اللفظ، تامة المعنى. وكذلك كان إنشاء ذلك العصر؛ وخصوصًا الرسائل، وهي منتهى البلاغة.
الإمام علي
- إلمامة به: ولد قبل الإسلام بسبع سنوات. أدركه الإسلام صبيًّا فنشأ فيه. اتصل بالنبي طفلًا
وشب في كنفه، فرأينا فيه ما رأينا من قوة الإيمان. شهد مع النبي كل الوقعات العظيمة،
فكان قوي النفس شديد البأس. شارك النبي في حلو الحياة ومرها؛ لأنه ابن عمه وصهره
ونابغة عالم.
حيل بينه وبين الخلافة بعد موت النبي، فصبر وظل يخلص النصح للخلفاء حتى كانت الفتنة وقتل عثمان، فتألبوا عليه: عائشة أم المؤمنين، ومعها طلحة والزبير. وناصبه معاوية العداء، فأنفق آخر حياته في حرب سوداء، وظل يكافح حتى قتله ابن ملجم سنة ٤٠.
- حياته: أيام النبي كانت حياة جهاد ورجاء، وفي أيام الخلفاء الثلاثة كانت حياة إذعان ورضاء بقضاء الله في نصح للخلفاء، أما في آخر عمره فكانت حياة نضال ويأس وحزن.
- صفاته: علم، جودة رأي، خطيب، بأس، شجاعة، إقدام، تضحية، تسامح، صبر.
- خطبه: احتاج الإمام إلى القول والخطابة في آخر أيامه — أي أيام خلافته — فقال وهو ناضج
العقل والفكر واللسان.
نسب إليه طائفة كبيرة من الخطب، يظهر في بعضها التكلف والصنعة لأنه منحول، والبعض الآخر تظهر فيه شخصية بارزة حلوة جذابة شديدة الإيمان بالدين والاقتناع بالحق، لا تتحول عن رأيها إلا مكرهة، فتنصرف عنه صابرة راضية بقضاء الله، واثقة بأن ما عند الله خير مما عند الناس.
وأكثر خطبه متصل بالسياسة، يتحدث فيه إلى أصحابه محرضًا إياهم على قتال عدوهم، مظهرًا حقه في السلطان، مبينًا ضلال خصومه عن سواء السبيل، فوفِّق خطابيًّا دائمًا، وقلَّما وفق عمليًّا؛ لأن ظروف حياته كانت أقوى من الخطابة وأقوى من الحق وأقوى من الصواب. وكانت الناس قد تغيرت، ومُثلهم العليا في الحياة قد تغيرت أيضًا، وأصبح نظام الخلافة، كما كان يريده علي وكما كان يريده الخلفاء الثلاثة من قبله؛ مغايرًا لما كان الناس يرجون ويأملون.
زياد بن أبيه
ابن أبيه أو ابن سمية أو ابن أبي سفيان، نشأ نشأة إسلامية محضة. كان ذكي القلب، واسع الحيلة، حازمًا، حاد اللسان، ميالًا إلى العنف، يطغى في أكثر الأحيان.
عمل مع أبي موسى الأشعري في البصرة فظهر وأعجب به الناس، حتى عمر نفسه. خاف عمر من دهائه فحال بينه وبين العمل السياسي الدائم، ثم استعان به الإمام علي، فأخمد ثورة فارسية ووفى لعلي حتى قُتل. واستماله بعده معاوية وألحقه بنسبه وولاه البصرة والكوفة، وكان يطمع بالحجاز، وقد مات بالطاعون سنة ٥٣ﻫ.
ظهرت قوة شخصيته في العراق، فاشتد على حزب المعارضة فأذعنت وهدأت، وبطش بالمعتدين المفسدين حتى أقر الأمن وثبت النظام.
- خطبته البتراء: بدأها بإنكار ما كان عليه البصريون من معصية الله والفسق في الدين وطاعة السلطان،
وأعلن أن أمور المسلمين لا تصلح إلا بما صلحت به من قبل؛ أي لين بغير ضعف، وشدة بغير
عنف. وذكر أن العراقيين استحدثوا آثامًا لم تكن من قبل، وأنه سيحدث عقوبة تلائمها.
وأعلن عقوبات فإذا بها مجاوزة حدود الله كما تقدم: مَنْ نقب بيتًا نقبنا عن قلبه، ومن
نبش قبرًا دفناه فيه حيًّا … ثم جعل القتل عقوبة لمن ظهر بعد ساعة معينة في الليل
(حكم عرفي).
ثم ألغى في آخر خطابه ما كان بينه وبين الناس من عداوة، ثم أثبت حق بني أمية وسأل الناس الإذعان لهم فذلك أنفع.
- شخصيته: فصاحة لسان، شدة وعنف، دهاء ومكر.
الحجاج
نشأ نشأة إسلامية في الطائف، وشبَّ في خلافة معاوية، وعرف ما كانت تقوم عليه من دهاء وعنف، وشهد شدة زياد وقسوته، وكأنه أحب زيادًا فتمثل به، فنشأ بعيد المطامع والأمل، جريئًا، شديدًا لا يتردد.
- صفاته: لسانه كقلبه جرأة، أشد من زياد تعطشًا للدماء، ولسانه أحدُّ من سيفه، وخطبُهُ تنم عن أكبر طاغية.
- خطبه: تمتاز بشدة ألفاظها ومعانيها، وكثرة الاقتباس من القرآن والشعر «لأنه كان معلمًا». جمله متقطعة، يلقيها على الناس كصخور تقذف من المنجنيق، فأذهلهم وأفسد عليهم عقولهم، فصوَّر لهم الحق باطلًا والباطل حقًّا، واقتادهم فسيَّرهم حيث شاء. وهكذا وطد سلطان الأمويين حتى مات في آخر أيام الوليد بن عبد الملك.
- بعد الحجاج: وظلت الخطابة بعد الحجاج كما كانت في عهده، واتخذوه مع زياد وعلي مثلًا أعلى
لإجادة القول والإتقان، فتحداهم من جاء بعدهم، ومن هذا التحدي تقرر بعض أصول
للخطابة.
ثم كثرت المقالات الدينية والسياسية وكثرت المناظرة، واستحالت الخطابة آخر عهد بني أمية فصارت أقرب إلى الخطابة السياسية، واشتد هذا الجدل حتى قام مقام الخطابة أيام العباسيين.
(٣) النثر الفني
لم يكن للجاهليين نثر فني بالمعنى الدقيق، إنما كانت لهم لغة غنية عذبة في آخر الجاهلية وأول الإسلام، وكانت كتاباتهم كحروف في أعمالهم التجارية، وربما كتبوا رسائل قصيرة في حاجاتهم، ولم تكن لغة التراسل إلا لغة التخاطب.
أما الكتابة فشاعت وعمَّت بعد هجرة النبي كما قلنا سابقًا. حث النبي على تعلم الكتابة، وصدرت عنه وعن أصحابه كتب مثلت فصاحتهم وطريقتهم الخاصة في التعبير، وما هي إلا لغة حديثهم الخاصة والعامة؛ أي إنه لم يكن فرق ظاهر بين لغة الكتابة ولغة الخطابة ولغة الحديث.
فكثرة المصالح واختلاف الآراء والتنافس بين الأحزاب، رقَّى الخطابة وطورها. وهذه الأسباب أيضًا جعلت حاجة الدولة إلى الكتابة قوية شديدة لبعد المسافات والحاجة إلى الاتصال بالولاة والعمال. على أن بين الخطابة والكتابة في هذا العصر فرقًا لا بد من ملاحظته.
فالخطابة عربية خالصة نشأةً وتطورًا في القرن الأول، أما الكتابة فظلت عربية خالصة حتى كثرت المصالح وتعقدت، وكانت الفتوح، فاضطر المسلمون إلى تنظيم الدولة ووضع الأصول والقواعد التي تجري عليها الإدارة وأمور الجيش، والخراج.
كان العرب يجهلون هذه الإدارات فاستعانوا بالأمم المغلوبة، واستعاروا لذلك نظمها بادئ بدء، فكان النظام فارسيًّا في العراق وفارس، ويونانيًّا أو قبطيًّا في الشام ومصر، حتى انقضى الجيل الأول، فعرف العرب اللغات الأجنبية وأحسن الأجانب اللغة العربية، فنقلت الدواوين إلى اللغة العربية في جميع أقطار الدولة.
بدأ ذلك في أيام عبد الملك وتم رويدًا رويدًا، وكان الأجانب الذين تعلموا اللغة العربية أكثر من العرب الذين تعلموا اللغات الأجنبية، فاستمر الخلفاء يستعينون بالكتَّاب والعمال من الموالي، وعني هؤلاء بكتابة الدواوين عناية عظمى، واتخذوها وسيلة يحفظون بها لأنفسهم شيئًا من المكانة ويرقون بها إلى استرضاء الخلفاء والولاة.
فإتقان هؤلاء الموالي صناعتهم الفنية، وخدمتهم اللغة العربية، ومعرفتهم بميل العرب وحرصهم على جودة القول والبراعة فيه؛ أظهرت في الأدب العربي هذه الظاهرة التي لا نجدها إلا قليلًا في تاريخ الأمم القديمة الأخرى، وهي: أن الرسائل الرسمية الفنية أصبحت مظهرًا للجمال الفني الأدبي، يجد قارئها لذة فيها كأنه يستمع لشاعر مجيد أو خطيب حاذق.
- سالم وعبد الحميد: وأول من تفوق في صناعة الكتابة الرسمية سالم مولى هشام بن عبد الملك وكاتبه، ثم
تلميذه عبد الحميد بن يحيى، كاتب مروان بن محمد آخر خلفاء الأمويين، الملقب بالحمار
لعظم جلده. وقد دعوه زعيم الكتَّاب؛ لأن من بعده اقتفى أثره حتى قالوا ساجعين كعاداتهم:
بدئت الكتابة بعبد الحميد، وختمت بابن العميد.
فعبد الحميد هو أول من طوَّل الرسائل ونظمها، فجعل لها مقدمة وخاتمة وجعلها ذات تسلسل منطقي، واستعمل التحميدات وأضفى على رسائله روحًا دينية. ولعل تأثر ابن العميد به هو الذي حملهم على قول تلك السجعة الآنفة الذكر. وهذه رسالة من رسائله وجيزة جدًّا، ذكرناها لأن الكتَّاب بعدها تحدَّوها. وإليكها:
حقُّ موصل كتابي إليك عليك كحقه عليَّ إذ رآك موضعًا لأمله أهلًا لحاجته، وقد أنجزت الحاجة فصدق أمله.
ولا تظن أن جميع رسائله من هذا الطراز، فهناك رسائل أطول من يوم الجوع.
أنصح جميع الأدباء والمتأدبين أن يفتشوا عن رسالة عبد الحميد إلى الكتَّاب …
فهذا النوع، ظهر واضحًا جليًّا قويًّا في آخر العصر الأموي، ولم يبلغ أشده إلا حين تقدم القرن الثاني أيام بني العباس.
وهذا النثر وإن يكن عربي اللهجة والأسلوب، فللأجانب فيه يد طولى.
(٤) أسلوب كتابة هذا العصر
في عهد الخلفاء الراشدين كان الخليفة بنفسه يتولى أمر الرسائل إلى أن تعددت الشئون وكثرت، فاضطروا إلى الدواوين فدوَّنها عمر بن الخطاب، ثم عهد الخلفاء بعده إلى الكتَّاب من العرب والموالي والمستعربين، ثم على توالي الأيام أصبحت الكتابة آلة للوزراء؛ أي أصبح هؤلاء الكتاب يلقبون بالوزراء.
كانت الكتابة في الأقطار بلغة أهلها إلى أن أصبحت اللغة العربية لغة الدولة كلها، وذلك في عهد عبد الملك بن مروان وابنه الوليد.
أسلوب الكتابة ومميزاتها
-
(١)
الاقتصار في الأغراض على القدر الكافي لدولة عربية.
-
(٢)
الاقتصار في المعاني على الإلمام بالحقائق وتوضيحها بلا مبالغة ولا تهويل.
-
(٣)
استعمال الألفاظ الفحلة الفخمة والعبارات الجزلة والأساليب البليغة في مخاطبة العرب الفصحاء، كان البيان هدفهم يكتبون للرجل بقدر ما يسيغ.
-
(٤)
مراعاة الإيجاز حيث لا تدعو الحال إلى الإطناب.
-
(٥)
قلة التفنن في أنواع البدء والختام.
-
(٦)
استعمال الضمائر بما وضعت له في الأصل، إلى أن ولي الوليد ففخم المكاتبات.
(٥) العلوم
- الدينية: أقبل كثيرون من الصحابة على القرآن الكريم يتدارسونه ويتفهمونه، ومن أشهرهم عمر
وعلي وزيد بن ثابت وعائشة، ومن هؤلاء تفرق فريق في الأمصار، فأخذوا عنهم وعُرفوا
«بالتابعين».
ثم اشتغل في هذا العلم الموالي، وهؤلاء اشتغلوا على نمط قومهم، ومن أشهرم الحسن البصري ومحمد بن سيرين بالكوفة.
- التاريخية: بدأت الحركة التاريخية تمتد لأن الداخلين في الإسلام من الأجانب بدءوا يذكرون تاريخ أممهم بين المسلمين، فانتشرت أخبار اليهود والفرس، فعني المسلمون بالسيرة النبوية وصحابته، وفتوحات عمر وأبي بكر وأعمالهما، وغير ذلك مما كان أساسًا للتاريخ الذي كتب العصر العباسي.
- الفلسفة: بثتها المدارس السريانية المثقفة بالثقافة اليونانية، ومن هذه المدارس أكثر الأطباء
الذين كانوا في قصور بني أمية. وقد كانت الفلسفة متصلة كل الاتصال بالطب كما ظلت عليه
الحالة في الأندلس، ومن أشهر هؤلاء «ابن أثال» طبيب معاوية، وهو نصراني، وطبيب آخر
يهودي اسمه ماسرجويه طبيب عمر بن عبد العزيز.
كل هذه العلوم كانت ساذجة بسيطة في هذا العهد، ولم تنضج ولم يكثر التأليف فيها إلا في العصر العباسي.
(٦) التدوين والتصنيف
- (١)
القرآن الكريم، وذلك في عهد الخلفاء الراشدين.
- (٢)
النحو، في عهد الراشدين أيضًا. أول من كتب فيه أبو الأسود الدؤلي آخذًا عن علي، وعن نمط النحو السرياني.
- (٣)
الحديث الشريف، على عهد عمر بن عبد العزيز.
- الخلاصة: نشَّط الأمويون الآداب؛ وخصوصًا الشعر والخطابة، وراجت سوق الأدب في البصرة
والكوفة، وكثر الشعراء فنظموا في كل باب، وفقد كثير مما نظموه.
ففي العصر الأموي تكوَّن الفقه والتفسير والنحو وضبط الخط والإعجام والحركات.
وفيه رسخت اللغة العربية في المملكة الإسلامية بنقل الدواوين إليها، وفيه أيضًا نقلت بعض العلوم الطبيعية.
أما ما خلا الشعر والخطابة فلم يصلنا كتاب في علم من العلوم، وكل ما بين أيدينا من كتب ومؤلفات شرعية لسانية أدبية في التاريخ والجغرافيا، أو في علم من العلوم، إنما هو من ثمار العصر العباسي.
حتى إن الشعر الأموي وصل إلينا من رواة العصر العباسي.
- الرواة: هم عمدة العرب في جاهليتهم وصدر الإسلام، في ضبط علومهم وآدابهم. أما تدوين الكتاب
الحكيم والحديث فقد تقدم ذكره، وأما الشعر فبقي على ما كان عليه في الجاهلية، لكل شاعر
راوية، أو عدة رواة؛ فهدبة بن خشرم راوية الحطيئة، وجميل راوية هدبة، وكثيِّر راوية
جميل، وأبو شفقل وعبيد أخو ربيعة بن حنظلة راوية الفرزدق، ومربع راوية جرير والفرزدق
معًا … إلخ.
وظل الأمر كذلك حتى أواخر هذا العصر، فاشتغل العلماء بالرواية، وصار الراوية منهم يروي لمئات من الشعراء والشواعر.
ومع تشدد الناس في تصحيح الرواية سنَّة وأدبًا، حدث في الحديث والشعر والخطب كثير من التحريف والتصحيف والنقص والزيادة والانتحال.
حماد الراوية
-
سيرته: أبو ليلى حماد بن ميسرة، أعلم الناس بأيام العرب وأخبارها وأشعارها وأنسابها
ولغاتها.
كان في أول أمره لصًّا صعلوكًا، ترك ما كان عليه وانصرف إلى الأدب، وهو الذي جمع المعلقات السبع.
قرَّبه الأمويون وآثروه، وكثيرًا ما كانوا يستزيرونه، ويسألونه عن أيام العرب وعلومها ويجزلون صلته. أدرك العباسيين فلم يكن له كبير حظ عندهم.
يؤخذ عليه في روايته قلة الأمانة؛ فإنه كان ينحل من يروي لهم ما لم يقولوه فيفسد شعر القدماء.
دفعه إلى ذلك الطمع وميل العرب إلى التنافس بالمجد القديم، فاختلق لهم ما لم يقل لاسترضائهم، وطمعًا بجوائزهم. فألحق أناسًا بغير أنسابهم وأيَّد ذلك بأقوال انتحلها.
وكذا فعل خلف الأحمر، الراوية أيضًا، وقصته مع أبي نواس مشهورة.
(٧) القرآن الكريم وتأثيره
نزل القرآن على الرسول الكريم في أوقات مختلفة، ولم يكتب دفعة واحدة، بل كتب أولًا على سعف النخل ورقِّ الغزال والحجارة وألواح العظام.
- نزوله وجمعه: جمعه زيد بن ثابت بأمر أبي بكر ولم يحفظ إلا السورة التي يتفق على روايتها شاهدان،
فنتج عن ذلك أن سورًا عديدة لم تحفظ. فوقع خلاف بين مسلمي الأقطار البعيدة، فقام عثمان
وجمع السور كلها في كتاب واحد سمي «قانوني» وأتلف كل النسخ.
جمعه الحاضر صورة طبق الأصل عن جمع عثمان.
- تقسيمه: يقسم إلى سور «والسورة كلمة عبرانية معناها المدماك». أما سوره فعددها ١١٥، منها ٩٣
مكية و٢٢ مدنية. نسبت إلى المكان الذي نزلت فيه؛ أي مكة والمدينة.
أما ترتيبه فعلى نظام خارجي؛ أطول سورة في الأول وهلم جرًّا دون مراعاة المعنى والتاريخ، ما خلا سورة الفاتحة؛ لأنها فاتحة الكتاب.
أول ما نزل منه: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ إلخ، وآخر ما نزل منه: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي إلخ. - تركيب السور: تقسم إلى آيات يختلف عددها باختلاف السور، فبينا سورة البقرة ٢٨٦ آية نرى السورة
الأخيرة ٦ آيات، وسورة النصر ثلاث آيات فقط.
وقد قسِّم القرآن الكريم ٣٠ جزءًا.
- من حيث المعنى: ثلاثة أقسام:
- القسم الأول: يخاطَب به شعب غير مؤمن بالتوحيد والبعث. والقرآن كلام الله، الجنة
للصالحين والنار للهالكين. يدعو إلى عبادة الله الواحد، ويظهر قدرته الفائقة
ووحدانيته من النظر إلى مخلوقاته، والعالم والأجرام العظيمة … إلخ.
وتذكير بما حل بمن كفروا به، وفي أكثر هذه السور يتكلم الخالق، وهذا القسم من السور المكية القصيرة.
- القسم الثاني: يخاطب به شعب مؤمن ولكنه غير عارف بطرق العبادة؛ ففيها فرض الصلاة والصوم والحج والزكاة. ففي هذا القسم تنظيم طرق العبادة لله، وسور هذا القسم مكية ومدنية.
- القسم الثالث: الكلام موجه لشعب مؤمن يؤلف الهيئة الاجتماعية. ففيه تنظيم القضاء وسنُّ الشرائع المدنية من زواج وطلاق ومعاملات … إلخ. فلذلك طالت السور وتغيرت لهجتها.
- القسم الأول: يخاطَب به شعب غير مؤمن بالتوحيد والبعث. والقرآن كلام الله، الجنة
للصالحين والنار للهالكين. يدعو إلى عبادة الله الواحد، ويظهر قدرته الفائقة
ووحدانيته من النظر إلى مخلوقاته، والعالم والأجرام العظيمة … إلخ.
- أسلوبه: يخالف أساليب العرب في نظمها ونثرها: تأليف حسن، كلمات ملتئمة، إيجاز وجودة مقاطع،
انسجام، قصص، أمثال بديعة، موسيقى لا نهاية لها، سهولة في اللفظ مع شدة ارتباط في
التعبير. كل هذا جعله في أعلى درجات البلاغة، وجعل لأسلوبه من القوة ما يملأ النفس
روعة، فلا تمل ترديده وقراءته.
يسجع أحيانًا ولا يلتزم السجع، ويوازن ولا يلتزم الموازنة. ألفاظه سهلة، قلَّ أن تجد فيها غريبًا، وهي مع سهولتها جزلة عذبة، وهي بعضها مع بعض متشاكلة منسجمة لا نبو بينها. فإذا أضفت إلى ذلك سمو معانيه أدركت سر بلاغته وإعجازه (المجمل: لطه حسين ورفاقه).
هو في السور المدنية غيره في الغزوات، طويل الآيات هادئ المقاطع يفيض لينًا ورحمة.
- تأثيره: سحر العقول بيانه، فعكفوا عليه يحفظونه ويقتبسون منه ويحاكونه، ويتأثرون بألفاظه
وتركيبه.
فللقرآن أعظم فضل على اللغة في وحدتها وانتشارها، وإحداث علوم جديدة فيها، وتخليدها.
له في وحدة اللغة أثر بيِّن، بإحكام تركيبها وتهذيب عبارتها، ونشره إياها بانتشار الدين، وحفظه لها على فصاحتها الأولية. فمن حيث هو كتاب سماوي منزل ضمِنَ لها الحياة على مدى الأجيال، ما دام في الكون عربي متمسك بدينه، وصانها من كل ما يشوِّه خلقها، فأصبحت وهي اللغة الوحيدة الحية بين اللغات القديمة التي اختفت آثارها.
وقد أحدث القرآن علومًا شتى، وجمع كلمة العرب عمومًا والمسلمين خصوصًا حيث كانوا، وألف منهم عائلة واحدة على نمط واحد.
وتأثيره في النثر أكثر من تأثيره في الشعر؛ أي إن أثره في الخطابة واضح جلي. والخلاصة، مهما قلنا عن شدة تأثير القرآن في العقلية العربية فلا نغالي.
خلاصة
- (١)
ربط اللغة العربية وجعلها لهجة واحدة، فصارت اللغة السائدة في الجزيرة، وتحددت معاني الكلمات كما جاءت فيه.
- (٢)
توحيد العرب، بتوحيد اللغة توحدت الأمة، وبواسطة القرآن فُرضت على شعوب كثيرة فصارت لغتهم.
- (٣)
إدخال كلمات جديدة وتعابير خاصة، منها عربية فتغير معناها للدين، ومنها غير عربية كمنبر … إلخ. وبعض أسماء علم عرِّبت.
- (٤)
قواعد الوقف، وضبط الألفاظ، بسبب تعلمه غيبًا بالشكل الكامل.
- (٥)
النثر: أوصله إلينا وهو لم يكن موجودًا في الجاهلية — كما كان يحكى في ذلك العهد — فجعل العربية أقدم لغة حية.