فراق صديق
سأل فريتز: «لمَ لا نصنع كرسيًّا من الصفصاف لأمي كي تجلس عليه؟»
رد إيرنست: «أجل، بمقدورنا أن نصنعه ثم نضعه على العجل والبقرة!»
وسرعان ما علق الصبيان سلة كبيرة بين العجلين ستورم وجرامبل، وقفز كل من جاك وفريتز على كل حيوان منهما، وعندئذ قفز إيرنست إلى السلة ليجربها. ساروا رويدًا رويدًا وبدا أنها تعمل على نحو رائع.
قال إيرنست: «إنه رائع ولطيف، أسرع يا فريتز!» وعلى الفور أسرع الحيوانان وكان إيرنست يتحرك لأعلى وأسفل في السلة طوال الطريق فيما انفجر إخوته في الضحك.
لكن فرحتنا لم تدم طويلًا.
ففي اليوم نفسه، وبينما كنا نجلس في رواق الكهف، إذ بفريتز يصرخ وهو ينظر نحو الطريق.
قال فريتز: «أستطيع أن أرى شيئًا غريبًا ومزعجًا! إنه ينهض ثم ينبسط على الأرض كأنه سلك. إنه يزحف ملتويًا آتيًا باتجاه الجسر!»
وثبت ونظرت عبر التليسكوب.
صرخت: «هذا ما خشيته، إنه ثعبان ضخم من نوع ما، وهو قادم بهذا الاتجاه!»
صرخ فريتز: «لنهاجمه!»
أجبته: «إذا فعلنا هذا، فسيتعقبنا إلى هنا في ديارنا. لا بد أن نجد طريقة نهاجمه بها بعيدًا عن هنا. اذهب وأحضر البنادق وسوف نختبئ كلنا ونراقبه.»
شاهدت الأفعى تقترب وقد عبرت الجسر بالفعل رافعةً رأسها العملاق في الهواء مسافة عشرين قدمًا تقريبًا. لقد كانت تسعى لاقتناص فريسة. اختبأنا وهي تعبر الجسر واستعددنا لها؛ بنادقنا محشوة وقلوبنا تدق بقوة.
عندما اقتربت منا، توقفت وكأنها شمت رائحتنا. رفعت نفسها متحركة من جانب لآخر، ولم يستطع الصبيان المقاومة وأطلقوا النيران عليها، بل حتى زوجتي أطلقت النيران على الوحش. كل هذه الطلقات بلا جدوى، وببساطة انسلت إلى جانب كهفنا ثم إلى المستنقع. لقد تخلصنا منها حتى الآن، لكن القلق استبد بنا جميعًا.
قلت: «يا أولاد، هذه أفعى البوا العاصرة، وأعتقد أن طولها يزيد على ثلاثين قدمًا.»
منعت عائلتي منعًا باتًا من الخروج من المنزل إلى أن نقتل الوحش. عرفنا أنه على مقربة منا لأننا كنا نسمع البط والإوز يصدر أصواتًا تنم عن خوفه بالقرب من القصب. فجأة هرب كل البط والإوز بعيدًا ولم يتوقفوا إلى أن وصلوا جزيرة القرش. وإلى أن نستطيع أن نجتذب الثعبان إلى مكان فسيح بعيدًا عن منزلنا، كنا جميعنا محبوسين. وأخيرًا أنقذنا بطل غير متوقع: حمارنا.
لما كنا لا نستطيع أن نغادر كهفنا كي نطعم الحيوانات، أخرجتهم خارجًا عبر الجسر كي يعودوا إلى مرعاهم. لكن الحمار كان غاية في الفرح بسبب إطلاق سراحه فركض نحو المستنقع. وإذ بالحية تنتصب وتحرك لسانها بسرعة وتفغر فاها وتهجم على الحيوان المسكين الذي انتهى أمره في الحال.
صرخ الأولاد: «أبانا، أطلق النيران على الثعبان الآن!»
قلت لهم: «ليس بعد، أفضل فرصة لنا الآن هي أن ننتظر حتى يلتهم الثعبان فريسته وعندئذ نتمكن منه.»
فكرنا جميعًا في حياتنا وفي الثعبان القريب منا للغاية. لم تستطع زوجتي وفرانز المشاهدة ودخلوا إلى الكهف. وسرعان ما رقد الثعبان نائمًا تقريبًا إلى جانب النهر منتفخًا. فكانت فرصتنا الآن للانقضاض عليه.
خطونا في هدوء متسللين شاهرين بنادقنا. رقد الثعبان ساكنًا، ذيله يتحرك بسرعة، وعيناه متقدتان كاللهب. كلنا كنا مرعوبين ومتحمسين، وفي وقت واحد أطلقنا جميعًا النار على رأسه، ففارقت الحياة عينيه. وقفت العائلة بأكملها فوقه في ذهول.
قال فريتز: «دعونا نحنطه! يمكننا أن نضعه في متحفنا!»
سأل إيرنست: «ألا يمكننا أن نأكله؟»
أجابت زوجتي: «بالطبع لا. الثعابين سامة!»
قلت: «هذا ليس صحيحًا. في حقيقة الأمر، تأكل الناس الأفاعي بعد أن ينزعوا أنيابها السامة. بل يمكنك صنع الحساء منها.» ثم سألت إيرنست: «لكن يا إيرنست، هل يمكنك أن تفكر أولًا في بعض الكلمات لتقولها لحمارنا المسكين الذي ضحى بحياته من أجلنا؟»
قال إيرنست: «دعني أفكر.» فانتظرنا كلنا.
قال أخيرًا: «وجدتها. لكن لا تضحكوا.»
أجبته: «بالطبع لن نضحك.»
هللنا كلنا لقصيدته ودونتها أنا على حجر مسطح، حيث سندفن لاحقًا بطلنا.
بعد العشاء، جررنا الثعبان بعيدًا حيث نزعنا جلده، وحنطناه، وخيطناه حتى يتسنى للأولاد دراسته. وضعناه في المتحف فاغرًا فاه، ملتويًا حول عمود، فجعلنا منظره يبدو مرعبًا قدر الإمكان، بل وصنعنا لسانًا وزوج عيون من أحجار الشاطئ اللامعة حتى يبدو أكثر رعبًا.