الخطر الأعظم
بعد هذه التجربة المرعبة، لم يستطع أي منا أن يسترخي تمامًا. كانت الطريقة الوحيدة لضمان أننا في مأمن هي تطهير الجزيرة من المزيد من المخاطر. اصطحبت الأولاد وخرجنا للاستطلاع مرة أخرى. شرحت للأولاد أننا ربما نقضي أسابيع لأنني خططت لعبور الجزيرة واكتشاف كل المخاطر التي قد تكون موجودة، وإلى أن نعرف، لا يمكن أن يهنأ لنا بال، فربما كان هناك ما هو أشد ضراوة من الثعبان المتوحش. حزمنا أمتعتنا وتأهبنا للرحيل.
وفي يوم من الأيام أثناء رحلتنا، اصطحبت فرانز معي لأختبر مهاراته في الصيد، وارتاح بقية الأولاد، وبينما كنا نخوض في مستنقع، صادف ما ظنه خنزيرًا، فصوب نحوه، وعندما اقتربنا منه اكتشفنا أنه ليس خنزيرًا، وإنما خنزير الماء المعروف بالكابيبارا صاحب الهُلب والشعر الأصفر، فأخذناه معنا إلى مخيمنا، وتباهى فرانز بغنيمته.
عاد الباقون بكنوزهم أيضًا؛ فكانت هناك طيور للعشاء، وكان فريتز قد أحضر بعض التفاح الغريب الذي جعلنا نيبس يجربه أولًا. بدا أنه راق لنيبس لذا جربناه فوجدناه تفاحًا بلون القرفة كان شهيًّا للغاية. لم نعثر على أي ثعابين، وكنا على وشك الشعور بالمزيد من الاطمئنان، فنمنا جميعًا نومًا هنيئًا.
في اليوم التالي التقينا خنزيرًا بريًّا، أمسكناه وذبحناه وصنعنا منه لحمًا مدخنًا دخناه على مدار بضعة أيام. بعدها واصلنا بحثنا عن الأفاعي في تل الآمال فوجدناه معمورًا بالقردة أيضًا. كان المكان في حالة من الفوضى، ولم نستطع أن نصلحه حينها لأننا كنا مضطرين أن نواصل بحثنا.
مضينا قدمًا إلى أن وصلنا نهاية الساحل وتوقفنا هناك. نصبنا خيمة مرة أخرى، وفي اليوم التالي انطلقت أنا والأولاد لاستطلاع الأرض الجديدة. وفيما كنا نسير، إذ بنيبس يركض وهو يعوي. التفتنا لنرى ما الذي أزعجه، وخلنا أننا رأينا فرسانًا يتقدمون نحونا. وعندما اقتربوا تبين لنا أنها طيور نعام! وبعد أن اجتازتنا، اكتشفنا عشًّا مليئًا ببيضها. كانت كل بيضة كبيرة كرأس طفل، لذا لم نستطع أن نحمل معنا سوى اثنتين. ربطناهما بمنديل إلى عصا وحملناهما كالسلة. ومن هناك شققنا طريقنا إلى بئر ماء قريب وتفقدنا الطرق، فكانت هناك آثار لكل الحيوانات عدا الأفاعي. وفي طريق عودتنا إلى الخيمة، سمعنا الكلاب تنبح ورأينا إيرنست يركض نحونا بأقصى سرعة.
صرخ: «أبي، دببة! هناك دببة تطاردني!»
عندما وصل الدبان العملاقان البقعة الخالية من الأشجار طاردانا على أقدامهما الخلفية وهما يزمجران للهجوم علينا. أطلقنا النيران عليهما بأقصى سرعة لدينا فخرّ أحدهما صريعًا، وأردينا الثاني عندما همّ بالانقضاض على فريتز.
صرخت: «حمدًا لله! كان هذا أكبر خطر تعرضنا له حتى الآن. لم نعثر على أي أفاعٍ، لكن هذه الدببة لم تكن أقل منها خطرًا. لقد أحسنا اليوم.»
بعدها شرعنا في صنع بعض السجاجيد المصنوعة من جلد الدب الذي حملناه على ظهر حيواناتنا إلى المخيم. وفي اليوم التالي، انطلقنا إلى البقعة التي هاجمتنا عندها الدببة، وقطعنا لحمًا من الدبين اللذين قتلناهما لنتعشى به هذه الليلة، ودخنا الباقي في الحال كي نحفظه لوقت لاحق. وعندما كنا هناك، عثرت على نباتات عرفت أنها فلفل، فنقعناه وجففناه، وصنعنا لأنفسنا فلفلًا أسود وأبيض.
في تلك الأثناء، جعلت جاك، وفريتز، وفرانز يخرجون في مغامرتهم الخاصة. ومكثت أنا وإيرنست كي ننتهي من عملنا. هرع الأولاد إلى حيواناتهم وانطلقوا في لمح البصر. لقد ابتغيت أن يصيروا شجعانًا وأن يتعلموا كيف يعتنون بأنفسهم. وفي الوقت الذي ذهبوا فيه، وجدت أنا وإيرنست أن كهف الدببة مغطى بنوع من الأحجار يمكن النظر من خلالها عند شقها إلى رقائق، فأدركت حينها أنه يمكن أن أصنع منها زجاجًا للنوافذ، ستطير زوجتي فرحًا بهذا الاكتشاف.
عندما حل الليل سمعنا أصوات حوافر قادمة، فأدركنا أن زمرة المغامرين في طريق عودتهم. رأيناهم يقفزون من فوق حيواناتهم، وقد هرعوا جميعهم نحو المخيم. كانوا متحمسين، وبدت حقيبة فريتز متكتلة وغريبة.
قال جاك: «يحيا الصيد يا أبي! لقد قضينا وقتًا طيبًا للغاية!»
رد فرانز: «أجل، لقد عثرنا على ظبي، وأرانب، بل وجدنا أيضًا طائر الوقواق الذي أرانا أين نجد عسلًا!»
قلت لهم في سعادة: «أحسنتم! والأهم من كل هذا أنكم جميعًا عدتم سالمين. والآن أخبروني القصة كاملة.»
وهو ما فعلوه.