كيف تمتطي نعامة؟
قال فريتز: «تمتعنا بركوبة رائعة، فعدونا طوال الطريق في الشمس. وعندما وصلنا إلى أحد التلال، رأينا الظباء، كنا ننوي أن نصطادها، لكننا فكرنا أنه يجدر بنا أن نحاول أن نقودها كقطيع!»
أكمل جاك قائلاً: «نزلنا التل صارخين صائحين، وقدناها مع الكلاب.»
قلت: «عمل عظيم يا أولاد! لقد قمتم بعمل مهم. لكن لا بد أن أحذركم من أن الأرانب التي اصطدتموها قد تمثل مشكلة. الآن وبعد أن حصلتم عليها، قد تكتشفون أنكم تبتغون التخلص منها، فسرعان ما ستنجب أعدادًا كبيرة!»
رد فريتز: «لهذا فكرنا في أنه يجدر بنا أن نضعها في جزيرة القرش يا أبي.»
قال جاك: «لقد أمسكت بها، وليتك رأيتني أنا وستورم وجرامبل والكلاب ونحن نطاردها! لقد كان ذلك رائعًا …»
ثم أردف في حماس: «وبعدها رأينا طائر الوقواق وتبعناه حيث حطّ بعيدًا. ظن فرانز أنه لا بد أن يكون أميرة مسحورة بتعويذة. أخبرنا فريتز أنه سوف يقودنا إلى مكان العسل، وقد كان محقًّا! وبالفعل قادنا إلى أحد أعشاش النحل الذي لا بد وأننا أرعبناه لأنه طار ولدغني في كل جسمي! قفزت في هياج شديد ووليت الأدبار لكنه تبعني طوال الطريق!»
ركض جاك لاهثًا ليتفقد أرانبه.
في اليوم التالي ذهبنا لنراقب النعام الذي وجدناه. ركض جاك وفرانز أمامنا، وفجأة وجدنا أنفسنا أمام الطيور العملاقة. هذه المرة وجدنا زوجًا من النعام وسط الأجمة، وبلا توانٍ حاولنا الإمساك به ونجحنا. ومرة أخرى نفعتنا الحبال.
وبينما كان جاك وفرانز يقودان النعام خارج الخيزران، أطلق فريتز نسره الذي أربك إحدى النعامات. وعندما هاجت النعامة، طاردها جاك حيث ألقى في جسارة حبله حول جناحيها وجسدها. سقطت النعامة وهرعنا إليها، غير أنها كانت ترفس بجنون. في آخر الأمر وضعت غطاءً حول عينيها كي أهدئها. وبات لدينا نعامة كي ندربها ونروضها.
قال جاك: «سأصنع سرجًا حتى يتسنى لي ركوبها!»
وعندئذ أخذ الأولاد يتجادلون حول من له الحق في ملكية الطائر.
قال فرانز: «أرى أنها لا بد أن تكون لي.» وكان لبقية الأولاد أسباب في الرغبة في امتلاك النعامة لأنفسهم. أخيرًا حللت المشكلة عندما أعلنت أن جاك هو من سيدربها، وأضفت: «وإذا استطاع أن يروضها ويركبها فستكون من نصيبه.»
وافق الأولاد وبدا جاك مستعدًّا للتحدي.
ألقينا النعامة على ظهر ستورم، وشرع الأولاد في أخذها إلى مخيمنا حيث سنستعد للعودة إلى منزلنا الشتوي كي نفرغ ما بحوزتنا من مؤن. في الصباح التالي شققنا طريقنا إلى المنزل ومعنا طائرنا الجديد السائر على قدميه.
ما لبثنا أن وصلنا فناء مزرعتنا لنجده في حالة جيدة، وكانت حيواناتنا بصحة جيدة، مما جعلنا نشتاق أكثر إلى رؤية منزلنا في الحصن الصخري. وكانت تتكاثر عائلات دجاجنا وخنازيرنا وماعزنا. وصادفنا أيضًا قطيع الظباء الذي كان قد ساقه فريتز وجاك إلى هنا. شاهدناها وهي تهرع بين القصب وتحدثنا عن مدى جمالها.
وعندما كنا في المزرعة، أصلحنا ما استطعنا إصلاحه، ثم شرعنا في الانطلاق إلى الحصن الصخري في الصباح التالي. بعدئذ شعرنا جميعًا بالسعادة لدى عودتنا وفتحنا الأبواب والنوافذ لتهوية المنزل. وفيما كان جاك منهمكًا في ترويض النعامة، حاولت أن أفرخ بيض النعام بأن دثرته في القطن ودفأته على الموقد.
في اليوم التالي، اتجهت أنا وفريتز إلى جزيرة القرش كي نبدأ مزرعة الأرانب وننقل زوجًا من الظباء، وبعدها حان الوقت لنلتفت إلى منزلنا ونركز على تخزين مؤننا.
تبين أن نعامة جاك صعبة التدريب وقد بدت ضعيفة وحزينة. أخيرًا تمكنا من إطعامها كرات من الدقيق الممزوجة بالزبد؛ فبدا أنها تأخذ في الانتعاش إذ بدأت تمد رقبتها الطويلة لتناول المزيد. وما لبثت أن عادت إلى كامل قوتها وصارت أليفة للغاية. أذهلنا أن نراها تأكل جميع أنواع الحبوب والفاكهة، وتلتقط معها بعض الحصى الصغير لتسهل عملية الهضم. بعد شهر من التدريب، كانت تسير وتخب امتثالًا لأوامرنا. لكن كيف يمكن أن نركب على نعامة؟ صنعت نوعًا من الغطاء به حبال يمكن الإمساك بها وثبت تحته سرجًا صغيرًا. وعندما كان الطائر مستعدًّا، قررنا أن نسميه «سيد إعصار» بسبب سرعته.
عندما جربنا أخيرًا ركوب النعامة، فوجئنا بسرعتها الرهيبة. أصبحنا نستطيع الانتقال بين الحصن الصخري، الذي سرعان ما أصبح بيتنا الدائم الذي نعيش فيه، وبين غابة الصقور في لمح البصر. كان الطائر سريعًا للغاية حتى إن الأولاد تجادلوا مرة أخرى حول من يملكه، فاضطررت أن أتدخل وأتخذ قرارًا.
قلت: «النعامة نعامة جاك، قد يمكننا جميعًا استخدامها عند الحاجة لكنها ملك لجاك.»
وهكذا أصبح لدى جاك سيد إعصار الخاص به ليمتطيه. نجحت رحلتنا وشعرنا كلنا بالأمان والطمأنينة لأن ندخل في بيات شتوي.