بريد الجزيرة
حطمت العاصفة أشياء عديدة وغرق كل شيء، وتحطم جسرنا وانفجرت أنابيبنا. بات لدينا الكثير من المهام لنفعلها. وبعد أيام من العمل، شعرت أن الملل أخذ يتسلل إلى نفس الأولاد. حان موعد القيام بمغامرة جديدة.
قرر إيرنست أن يمكث معي أنا ووالدته، في حين استعد بقية الأولاد للذهاب في رحلة إلى المزرعة، واصطحبوا معهم ستورم وجرامبل والكلاب. لاحظت أن جاك أخذ معه قفصًا مليئًا بالحمام، لكنني لم أعر الأمر اهتمامًا.
في الصباح التالي، وأنا وزوجتي وإيرنست نجلس في الشرفة، تطرقنا إلى الحديث عما يفعل الأولاد في مغامرتهم. طلب منا إيرنست أن ننتظر فحسب، وسنعرف كل شيء اليوم التالي. لكن عندئذ طارت حمامة إلى الحظيرة فهرع إليها إيرنست الذي عاد إلينا حاملًا قطعة ورق صغيرة في يده.
قال إيرنست: «إنه خطاب من مكتب بريد الحمام!»
ضحكنا من المفاجأة الرائعة.
قرأ إيرنست الخطاب على مسامعنا: «قتل ضبع أحد الخرفان وحملين، لكننا تولينا أمره. جميعنا بخير. نرسل حبنا للجميع. فريتز.»
ومنذ ذلك الحين ونحن نتسلم كل ليلة من حمامة خطابًا يُطلعنا على أخبار مغامرات الأولاد. بعد معركتهم مع الضبع، أخذ فريتز زورق الكياك من الشاطئ وأبحر في النهر، وأمسك الصبيان الموجودان على الشاطئ زوجًا من البجع الأسود. وحين كانوا هناك رأوا أيضًا حيوانًا رائعًا يركض خارجًا من الغابة. ومن خلال وصفهم له عرفت أنه كان حيوان التابير. وعندئذ عادوا إلى المزرعة ليجمعوا كل القطن والأرز الذي يستطيعون جمعه.
بعدها اتجهوا إلى تل الآمال الذي وجدوه محتلًّا من القردة أيضًا التي هاجمتهم عندما وصلوا هناك. وبعد درء هجمات القردة، قضوا ليلة طويلة وموحشة وحدهم.
كتب فريتز إلينا: «كنا خائفين لأننا سمعنا إبان الليل أصوات جلبة مرتفعة للغاية حتى إن كل الحيوانات فرت على إثرها. كان زئيرًا كصوت الفيل أو الأسد، حتى إن الكلاب ارتعدت. وانتشرت آثار أقدام عملاقة في كل مكان. تعال إلينا يا أبي، نحن سالمون، لكننا لسنا قادرين على الصمود لهذا الخطر!»
بعد قراءة هذه الرسالة الأخيرة التي جاءت بها الحمامة، وثبت من مكاني وهرعت إلى حماري، وطلبت من إيرنست أن يلحقني في الصباح التالي هو ووالدته ومعهما مؤن. سرت في الليل في ضوء القمر ووصلت لاهثًا إلى حيث الأولاد في الصباح. انفرجت أسارير الأولاد لدى رؤيتي، وذهبنا لتفقد آثار الأقدام. ظننتها تخص فيلًا، لكن كلما أمعنت النظر فيها، زاد ظني أنها لا بد أن تكون آثار أقدام قطيع بأكمله من الفيلة. ومع ذلك لم تكن موجودة في أي مكان حولنا كي نراها، فقضينا كلنا الليلة ملتفين حول النيران نقص حكايات في حماس كبير سرق من أعيننا النوم.
في الصباح التالي، وصلت زوجتي وإيرنست ومعهما النعامة إلى مخيمنا وسعدا برؤيتنا جميعًا سالمين. وقررنا أن نصنع جدارًا كي نبعد الفيلة عنا ثم قام الأولاد بالاستطلاع. أبحر فريتز في النهر بزورقه وعثر على موز ونباتات الكاكاو، وعندما عاد أخبرنا بما رآه.
قال فريتز: «رأيت ما بين خمسة عشر إلى عشرين فيلًا ترعى بجانب النهر وتغتسل في المستنقع، ورأيت نمر اليغور المرقط على ضفاف النهر! وأنا أقترب من الفيلة بدأت المياه تبقبق حول الزورق، فظننت أنني جدفت إلى ينبوع مياه، وعندئذ ظهر وحيد القرن إلى جانب زورقي مباشرة فارتعدت فرائصي! فاستدرت وجئت مسرعًا إليكم!»
كانت قصة رائعة وقد عرفتنا بطبيعة الأرض حولنا. أعطى فريتز أخاه جاك حقيبةً، وكانا يتكتمان على أمر ما. وترجاني فريتز أن يعود إلى منزلنا بالزورق فسمحت له.
شققنا طريق العودة، وحمل جاك الحقيبة على ظهر سيد إعصار. وعندما وصلنا الحصن الصخري، وضع حقيبته في المستنقع. في تلك الليلة جلسنا لنستمع إلى حكايات فريتز عن مغامراته في زورقه. وفجأة سمعنا صوت جلبة مرتفعًا وغريبًا يأتي من اتجاه المستنقع. قفز جاك وركض في الحال ووثب بقية الأولاد على أقدامهم. التفت لأرى فريتز يضحك وانتظرت حتى أرى ما سيحدث.
سرعان ما وصل جاك بحقيبته المبللة، التي فتحها تحت أقدامنا ومنها أسقط زوجًا من الضفادع العملاقة.
قال جاك: «أعرفكم بجريس وبيوتي.»
عندها انفجرنا كلنا في الضحك، ونقنق الضفدعان على نحو مضحك. كانت هذه عودة جديرة بالذكر، وأوينا كلنا إلى الفراش مبكرًا منهكين وخائري القوى.
في اليوم التالي عدنا كلنا إلى العمل، وبدأنا مشروعًا جديدًا لوضع صارٍ للعلم ومدفع في جزيرة القرش تحسبًا للمخاطر. كانت خطتنا أن نرفع علمًا أحمر رمزًا للخطر إذا اكتشفناه تحذيرًا للآخرين، وعلمًا أبيض في حالة الهدوء. وعندما انتهينا من المشروع تمامًا، جعلت الأولاد يحتفلون بإطلاق قذيفة مدوّية من المدفع رنت أصداؤها في أنحاء الجزيرة مما جعلهم يهللون فرحين.