منزل في الأعالي
أخبرتنا زوجتي أثناء العشاء ما وقع أثناء غيابنا أنا وفريتز.
قالت زوجتي: «قررنا أن نجدّ في العمل مثلك إذا كان من المفترض أن نعيش هنا، واتفقنا على أن نذهب جميعنا في رحلة؛ فخرجت في معية جاك وفرانز وإيرنست، وأخذنا معنا مياهًا، وفأسًا، وبنادق. تبعنا تيرك الذي قادنا في الطريق التي سلكتموها قبلًا.»
ابتسمت وهي تحكي عن مغامراتها بصحبة بقية الصبيان ونحن في البحر.
قالت: «أدهشتنا الطيور المذهلة في كل مكان، وعثرنا على بعض الأشجار العملاقة، التي أوحت لي بفكرة عندما نظرت إليها؛ ماذا لو بنينا منزلًا فوق هذه الأشجار العملاقة؟ لقد بدت مثالية. وبعدئذ اتجهنا إلى الشاطئ وبحثنا عن أي شيء متبقٍّ من الحطام. وفيما التفتنا وجدنا الكلبين يأكلان شيئًا من بين الصخور …»
صاح جاك: «سرطان البحر!»
ردت زوجتي: «أجل، وقادتنا الكلاب أيضًا إلى بيض السلاحف الذي نتناوله الآن.»
قلت: «حسنًا. لا بد أن تريني قصر الأشجار الذي عثرتِ عليه، وعندئذ نقرر هل نستطيع أن نعيش هناك مثل الطيور!»
ردت: «لعله يصلح فحسب. ولسوف ينقذنا من كلاب ابن آوى. إذا تمكنا من بناء سلالم وأرضية جيدة، فسنكون في أمان ليلًا.»
قلت: «رائع، لنتفقده غدًا ونرى إن كان سيصلح.» وبعدئذ أوينا كلنا إلى الفراش ونمنا نومًا عميقًا.
استيقظت أنا وزوجتي في الصباح التالي وناقشنا خطتنا. اتفقنا على أنه إذا كان بمقدورنا بناء جسر عبر النهر والعثور على مكان آمن بأعلى بعيدًا عند الصخور من أجل تخزين الأشياء الخطيرة مثل البارود بعيدًا عن منزلنا، فقد ينجح الأمر.
أيقظنا الأطفال وشرعنا في بناء جسرنا. أبحرنا أنا وإيرنست وفريتز مرة أخرى إلى حطام سفينتنا لنأخذ منها الألواح الخشبية. وبعد قليل رأينا بعض الطيور تأكل سمكة عملاقة على إحدى الجزر فاقتربنا لنشاهد عن كثب.
ما إن اقتربنا، حتى صاح إيرنست قائلًا: «فريتز، إنها سمكة القرش التي أطلقت عليها النار. لابد وأنك أصبت رأسها!»
أجل كان القرش بالفعل؛ ونحن نقترب رأينا كم كان القرش وحشًا بحق له أسنان لامعة مخيفة. هبطنا على الجزيرة وقطعنا زعنفة السمكة غنيمةً لنا، ووجدنا أن الجزيرة مليئة بالألواح والعوارض الخشبية من حطام السفينة، فكانت هذه الألواح مثالية للجسر الذي نبتغي تشييده بالقرب من شاطئنا. حملنا هذه الأخشاب على قاربنا وعدنا أدراجنا.
عندما بلغنا شاطئنا، التقانا الأولاد وزوجتي الذين أرونا صررًا من جراد البحر الذي عثر عليه جاك وفرانز. ونحن نطهو جراد البحر، بدأنا نخطط لبناء جسرنا.
صنعت زوجتي حقيبة من أجل الحمار كي يحمل المعدات عبر النهر، وصنعت أنا بكرة تتدلى من الشجرة كي ننزل العوارض الخشبية من ضفة إلى أخرى. وما لبثنا أن أنزلنا جميع العوارض الخشبية اللازمة لتشييد جسر مسطح. ورقص الصبيان في النهر في جذل. وبانتهائنا من العمل، كنا منهكين للغاية وخلدنا إلى النوم ونحن سعداء بالإنجاز الذي حققناه.
في الصباح التالي قلت للجميع: «مع أننا سننتقل إلى العيش فوق الأشجار، فإننا لسنا في مأمن ولا نزال بحاجة إلى توخي الحذر. فمن عساه يعلم أي خطر كامن لنا؟»
بعد هذا التحذير، بدأنا ننقل كل ما نقتنيه في الحياة إلى موقع منزلنا الجديد. ركض الأطفال يجمعون الدجاج، والبط، والإوز، وامتطى فرانز الحمار عبر الجسر. ساعد بقية الصبيان في اقتياد الحيوانات عبر النهر، وما لبثنا أن صرنا جميعًا على الضفة الأخرى من النهر. وعندما وصلنا منزلنا المستقبلي، وجدنا أنه سيكون مكانًا رائعًا للعيش فيه.
لم يتوان أي من الصبيان عن المساعدة؛ عثر إيرنست على أحجار من أجل بناء مدفأة، فيما اكتشف فرانز أن الأشجار التي سنبني عليها منزلنا مليئة بالتين البري، فأخذ يطعم منه القرد الصغير الذي أطلق عليه الصبيان اسم «نيبس». اصطدنا أيضًا بعض الطيور وتمكنا أيضًا من الإمساك بطائر البشروش الذي قررنا أن نحتفظ به ونضمه إلى بقية طيورنا.
عندئذ تفقدنا الأشجار لنختار واحدة نراها الأفضل. وانطلقنا للعثور على خيزران لبناء منصات؛ لأن الخيزران قوي وسيصمد جيدًا في الأمطار. بعد أن بحثنا في المنطقة المجاورة، كنا محظوظين للغاية لأن نعثر على وفرة منه. قررنا أن نعيش على ارتفاع ثلاثين قدمًا فوق الشجرة. لذا بنيت سلمًا كي نصعد إلى أول منصة لنا.
ما إن انتهينا من صنع السلم، حتى نقلنا كل ما استطعنا نقله، وشرعنا في صنع أرجوحات شبكية مؤقتة حول أفرع الأشجار لننام فيها الليلة التالية. كنا منهكين للغاية من كل الأعمال التي نزاولها، لذا تناولنا العشاء وخلدنا إلى النوم بجانب النيران عند أعتاب منزلنا الجديد.
في الصباح التالي، بدأنا نجهز منزلنا من خلال قطع الأغصان التي تعترض الطريق، وبناء المِنصّات، وصنع الجدران من الألواح الخشبية والأشرعة. وسرعان ما أصبح لدينا مكان خاص بنا، وتناولنا وجبتنا الأولى وسط الأشجار تغمرنا السعادة والضحك بسبب القرد نيبس. وعندما سحبنا سلمنا لأعلى في هذه الليلة، شعرنا بالأمان والاطمئنان. كنا معًا في منزلنا الجديد في الأعالي بين فروع الأشجار.