وجبة غريبة
في الصباح التالي استيقظنا وقفز الأولاد في لهفة إلى مغامرة جديدة.
سأل الأولاد: «ماذا سنفعل الآن يا أبانا؟»
أجبتهم: «سنرتاح؛ إنه يوم الأحد.»
بعدها قررنا جميعنا أن نحظى بيوم من المتعة والاستجمام. بعد الإفطار صنعت أقواسًا وأسهمًا من أجل الصبيان، بل صنعت أيضًا مجموعة صغيرة من أجل فرانز. ما لبث الأولاد أن تعلموا كيفية استخدامها. وما إن انتهوا من التدريب عليها حتى تنامت إلى مسامعي أصوات طائرين يسقطان من الأغصان على يد إيرنست. فغمرته الفرحة لأنه أتى لنا بعشائنا.
قال إيرنست: «حسنًا، بعد أن أصبح الجسر جاهزًا للاستخدام، يبدو المكان وطنًا لنا، أليس كذلك؟»
أجاب جاك: «أجل، لكن ماذا سنطلق على كل هذه البقاع؟»
اقترح فريتز: «يجب أن نسميها بأنفسنا، كي تصبح مِلكنا.»
اقترح فريتز أن يطلق على البقعة التي رسونا بها «خليج الأمان». راق الاسم لنا جميعًا، وواصلنا لعبنا.
بعدها، قررنا أن نسمي البقعة التي أقمنا عندها مخيمنا الأول «أرض الخيمة»، وأطلقنا على جزيرتنا «جزيرة القرش»، وعلى المستنقع «مستنقع البشروش». واتفقنا على أن نسمي الشجرة التي أصبحت منزلنا الجديد «غابة الصقور»، والجزيرة التي نعيش عليها «سويسرا الجديدة».
في اليوم التالي اقترحت أن نتجه إلى أرض الخيمة، على أن نسلك دربًا مختلفًا كي نكتشف المزيد. سرنا جميعًا في صف بعضنا وراء بعض. بدا منظرنا لطيفًا بصحبة القرد ممتطيًا الكلب. وفجأة، إذ بإيرنست يصرخ فرحًا، فهرعنا جميعنا إليه.
صرخ إيرنست: «انظر، بطاطس! وفرة من البطاطس!»
وسرعان ما اكتشفنا حقلًا بأكمله من البطاطس، الأمر الذي طمأننا إلى أننا لن نتضور جوعًا أبدًا. انحنينا كلنا كي نقطف اكتشافنا الجديد. وقلدنا قردنا الظريف. وبعدما حملنا من البطاطس قدر طاقتنا، واصلنا السير في طريقنا الجديد. واكتشفنا أثناء سيرنا الكثير والكثير من الأشياء: نخيل، وورود، وصبار، وياسمين، وفانيليا، وبازلاء، وأناناس، جميعها ملقاة في طريقنا. وسعدت بالتعرف على بعض نباتات الكاراتا التي كانت مثالية لصنع الأحبال والخيوط. وأيضًا أريت زوجتي وأولادي كيف يستخدمون نواة النبات لإضرام النيران عن طريق ضربها بحجر. وكما هو متوقع، أصدرت شرارًا، وشعروا بالإثارة والمتعة لأنهم تعلموا طريقة عملها.
حاول جاك أن يلتقط بعض ثمار التين الشوكي، لكنه وجد أن الشوك يتطلب عناية شديدة، لكنه تمكن أخيرًا من ثقب واحدة باستخدام عصا. فتحنا التين الشوكي لنحصل على الثمرة التي بداخله وأكلناه في سعادة كوجبة خفيفة. وما لبثوا أن بدءوا يطرحون عليّ أسئلة عن كل نبات نمر به إلى أن أخبرتهم أخيرًا أن يتوقفوا.
اعترفت قائلًا: «يا أولادي، الحقيقة هي أنني لا أعرف بالفعل كل شيء عن كل هذه النباتات والحيوانات، لكن بمقدورنا أن نتعلم معًا الكثير عن جزيرتنا.»
أخيرًا وصلنا أرض الخيمة. بدأنا نجمع باقي أغراضنا المهمة، وشرعنا في الإمساك بالبط والإوز حيث استخدم إيرنست الجبن طُعمًا للإمساك بها. وما إن عدنا إلى منزلنا الجديد فوق الشجرة حتى استمتعنا بتناول البطاطس والزبد ولبن البقرة. وبعد أن وضعنا في منزل غابة الصقور المخزون الكافي، أوينا إلى الفراش.
في اليوم التالي قررت أنا وإيرنست أن نذهب إلى الشاطئ للعثور على الخشب الذي يجرفه التيار؛ لنصنع منه مزلجة خشبية تكون نافعة في نقل المؤن ذهابًا وإيابًا بين المكانين.
أخذنا حمارنا، وحمّلنا الخشب على ظهره، وعدنا إلى المخيم من أجل صنع مزلجتنا. عندما وصلنا، كان بقية الصبيان يصطادون المزيد من الطيور. واقترحت زوجتي أن يصنع الأولاد شراكًا من أجل صيد الطيور وليس قتلها. وشرحت زوجتي أننا قد نمكث هنا بعض الوقت؛ لذا يلزم أن نتأكد أننا نظمنا طعامنا من أجل المستقبل. انشغل الأطفال بهذه الفكرة ونحن نصنع مزلجتنا. الجميع كان مشغولًا ومبتهجًا.
حتى فرانز أصغر أبنائي، أراد أن يساعد أيضًا، فاقترح أنه يجدر بنا أن نزرع بارودًا في الأرض: «بذلك يمكننا أن نزرع شيئًا أكثر فائدة من الخضراوات.» ضحك كل الأولاد على فرانز المسكين وأخذت أشرح له كيفية صناعة البارود.
وما إن انتهينا من صنع المزلجة، حتى انطلقنا عائدين إلى أرض الخيمة، وحالما وصلنا جمعنا بعض المؤن أيضًا. وفي اللحظة التي كنا نهمُّ فيها بالرحيل ومعنا كل ما استطعنا أن نرصه على المزلجة، لاحظنا اختفاء الحيوانات. بحث إيرنست عنها، في حين ذهبت أنا كي أقطع المزيد من القصب، لكن عندما عدت وجدت إيرنست غارقًا في النوم.
قلت له وأنا أوقظه: «إيرنست، إذا كانت الحيوانات قد شقت طريقها إلى الجانب الآخر من النهر من خلال عبور الجسر، فلربما فقدناها إلى الأبد وسنندم على هذا بشدة!»
قال إيرنست: «لكن يا أبي، لقد نزعت واحدة من العوارض الخشبية في الجسر، ولا تستطيع الحيوانات أن تعبر إلى أن نضعها مرة أخرى.» ضحكت على فكرته وندمت على تعنيفه. وفيما كنت أعيد وضع العارضة الخشبية وأتفقد المزلجة المحملة، قرر إيرنست أن يجرب الصيد في النهر باستخدام غصن شجرة باعتباره العصا، وخيط وأحد الخطاطيف التي عثر عليها فرانز في السفينة. وما لبث أن ناداني بصوت مرتفع بعدها مباشرة تقريبًا، فهرعت إليه كي أرى أنه اصطاد سمكة عملاقة. وجدته مستلقيًا على العشب يحاول أن يشدها من النهر، ولاحظت أنها سمكة سلمون يبلغ وزنها نحو خمسة عشر رطلًا!
حضنته فرحًا فيما رجعنا إلى المزلجة. كنت فخورًا بولدي وارتحت لدى علمي بأن بمقدوره أن يتحمل الكثير من أعباء العائلة.
في طريق عودتنا إلى منزلنا أعلى الشجرة، إذا بنا نرى حيوانًا عملاقًا يقفز في الغابة! صوب إيرنست نحوه وأرداه قتيلًا. وعندما ركضنا كي ننظر إلى الحيوان عن كثب، وجدناه كبيرًا بحجم الخروف، له رأس كرأس الفأر، وذيل كذيل النمر، وأذن كأذن الأرنب. تفرسناه لوقت طويل، وظللنا مستغربين من منظره حتى صفقت بيدي فجأة.
قلت: «لا بد أنه كنجارو! وأنت أول من يعثر على أحدها في سويسرا الجديدة!»
وبطريقة ما وضعنا غنيمتنا الجديدة على مزلجتنا التي كانت محملة فوق طاقتها بالفعل واتجهنا إلى منزل غابة الصقور كي نُري الأولاد الآخرين ما عثرنا عليه. عدنا لنجدهم مرتدين ملابس عثروا عليها من حطام السفينة، فكان كل منهم يبدو كأنه قرصان صغير. بدا فريتز وحده منزعجًا من أن أخاه الصغير إيرنست نعم بمثل هذا الحظ الوافر في الصيد. فانفردت به وأخبرته كم يهمني دوره في الاعتناء بالأسرة، لكنه جعلني أقطع له وعدًا بأن أصحبه معي في المرة التالية.
في تلك الليلة نعمت الأسرة بأكملها والكلبان بوجبة شهية وغريبة ما كنت لأتخيل قط أن نتناولها في منزلنا القديم في سويسرا: بطاطس، وسلمون، وكنجارو.